أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - إلهامي الميرغني - هل نبدا معركة تحرير النقابات العمالية؟















المزيد.....



هل نبدا معركة تحرير النقابات العمالية؟


إلهامي الميرغني

الحوار المتمدن-العدد: 1690 - 2006 / 10 / 1 - 10:49
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


تمهيد
مر أكثر من نصف قرن علي احتلال النقابات العمالية وإخضاعها بالقهر والضغط والمال، وبإعدام خميس والبقري وعمال كفر الدوار وسيطرة طعيمة والطحاوي من ضباط يوليو على الحركة النقابية وعسكرتها.
مر نصف قرن على عسكرة الحركة النقابية والعمالية حسب تعبير شيخ النقابيين اليساريين عمنا عطية الصيرفي. ولا تزال الانتخابات العمالية تجري داخل أماكن العمل وتحت ضغوط الإدارة، ولازالت الجهات الأمنية تقف ضد وصول النقابيين الشرفاء لمجرد الترشيح لعضوية اللجان النقابية في المصانع والمنشآت، وبدلاً من الصاغ طعمية أصبحت توجد مكاتب للعمال في الأمن القومي ومباحث أمن الدولة وأصبح لدينا ألف طعيمة وألف طحاوي يقفون للحركة العمالية بالمرصاد يقمعون تحركاتها من اجل الأجور وشروط العمل الأفضل ويناصرون أصحاب الأعمال من اجل المزيد من الاستغلال.
وكما فعلت هيئة التحرير بحفنة من عمال مصر وحولتهم إلي عملاء ضد طبقتهم وضد مصالحهم، يفعل ذلك الحزب الوطني الحاكم وأزلامه (حسب تعبير عم عطية) سواء في اتحاد العمال أو في وزارة القوي العاملة. ولا زال بعض النقابيين اليساريين يحلمون بصفقة مع الحكومة يتسرب من خلالها بعض أزلامهم لعضوية النقابات العامة ضمن مباريات اللعب مع الكبار التي تمرس عليها البعض.
يشكو البعض من آثار الخصخصة والمعاش المبكر على الحركة العمالية وكأن الحركة النقابية التي تمتد نضالاتها لأكثر من قرن لم تنتعش سوى في ظل رعاية الصاغ طعيمة، أسألوا عطية الصيرفي وسيد ندا ومحمد شعبان وفتح الله محروس كيف كانوا يبنون نقاباتهم في ظل سيطرة رأس المال الأجنبي والاستعمار الإنجليزي ، كيف تصدوا لسباهي وموتوسيان وكوتسيكا وطبقتهم من أصحاب المصانع الأجانب والمتمصرين والمصريين، وكيف كانت مجرد عضوية النقابة تهمة يمكن أن تلقي بصاحبها إلي محاكمة عسكرية، وكيف نجحوا في تكوين نقاباتهم والدفاع عن حقوق عمالهم في الأجور الأعلى وشروط العمل الأفضل.
ألا ينبغي علينا أن نعيد قراءة خبرتهم ونستمد منها المدد والعون؟!!! ألا ينبغي أن نعرف كيف كانت عضوية النقابة اختيارية وكيف كانوا يجمعون الاشتراكات ويستأجرون مقرات خارج أماكن العمل ويحولونها لنوادي ومراكز اجتماعية، كيف كانوا ينظمون دورات محو الأمية ويستضيفون محامي لتبني قضايا عمال النقابة، وطبيب يوقع الكشف الطبي على المرضي بسعر رمزي. كيف كانت حركتهم ونشاطهم قبل صدور التشريعات والقوانين المنظمة للنقابات العمالية؟!
لذلك رأيت أهمية إعادة قراءة التاريخ العمالي للتركيز على الجوانب المضيئة في تاريخ الطبقة العاملة وحركتها النضالية من أجل شرعية النقابات، بعد ذلك عرضت لظهور التشريعات المنظمة للنقابات العمالية وبداية التضييق على كفاح العمال ومنظمات الدفاع الاقتصادي والاجتماعي عن مصالحهم.
ثم عرضت للقانون رقم 35 لسنة 1976 وما تضمنه من ترسيخ للاستبداد النقابي.
تاريخنا مشرف ويجب إعادة قراءته
عندما تفتح وعينا الطبقي وبدأنا الاهتمام بقضايا الطبقة العاملة كنا متعطشين لمعرفة تاريخ هذه الطبقة من خلال كتابات أمين عز الدين وطه سعد عثمان والدكتور رءوف عباس وعبد المنعم الغزالي وغيرهم من مؤرخي النشأة العمالية. والآن أجد أننا والأجيال الشابة في اشد الحاجة إلي إعادة قراءة تاريخ الطبقة العاملة واستخلاص الخبرات والعبر. وإذا تأملنا تاريخ العمال الطويل يمكن أن نستخلص عدة دروس نذكر منها:
• هل يصدق أن مصر كان بها نقابة للحلاقين ونقابة للخياطين عام 1901 ونقابة لكتبة المحامين عام 1902 بينما لا توجد أي نقابات أو روابط لهذه الفئات بعد 105 سنة ؟ إلي أين تراجعنا؟!!!!
• هل نعلم أن البائعين بالمحلات التجارية كانت لهم نقابة وخاضوا إضراب شهير في سبتمبر 1909 في الإسكندرية مطالبين بعطلة أسبوعية يوم الأحد. هل فكرنا في تنظيم الشابات والشبان الذين يعملون لأكثر من 16 ساعة يومياً مقابل 150 و 200 جنيه، إضافة إلي التعرض للتحرش وخصم أسعار البضائع التالفة والمسروقة من رواتبهم الهزيلة.
• هل نعلم أن عمال المخابر المصريين أضربوا عن العمل عام 1910 من اجل رفض تشغيل العمال الأجانب وحقهم في العمل وألا يتم تشغيل أي عامل غير عضو في النقابة.
• تظاهر العمال العاطلين أكثر من ألف وخمسمائة عاطل في الإسكندرية يوم 31 أغسطس 1914 أمام دار المحافظة (طالبين عملاً أو قوتاً يسدون به جوعهم) وفي 3 سبتمبر تجمهر العمال العاطلين في القاهرة ونظموا مظاهرة صاخبة مرت بشوارع القاهرة. أين نحن من هذه الأيام وماذا فعلنا تجاه العاطلين؟!!!
• بدأ عمال السجاير في القاهرة محاولة لتأسيس نقابة وصندوق توفير واستأجروا قاعة ملهي ألف ليلة وليلة لعقد اجتماع تأسيس النقابة في صباح يوم 29 ديسمبر 1918 وحضر الاجتماع 500 عامل انضموا للنقابة. وفي 17 فبراير 1919 عقد عمال مطابع القاهرة اجتماع في دار مدرسة وادي النيل بالقاهرة لتأسيس نقابة لهم. وهكذا كانت النقابات تؤسس لمصلحة العمال في مكان يستأجر خارج مكان العمل وينتخبون مجلس إدارة ومحامي للنقابة. هؤلاء هم أسلافنا الذين نعتز بهم وبتاريخهم.
• كيف استطاع عمال ترام القاهرة في ابريل 1919 فرض اعتراف الشركة بالنقابة وأنها تقوم مقام العمال في جميع علاقاتها بها، وان تدفع الشركة الأجور للنقابة. هذا كانت تدار المفاوضات الجماعية في ظل سيطرة القطاع الخاص والشركات الأجنبية.
• إضرابات عمال الغاز والكهرباء (كانت شركة خاصة فرنسية) في 8 يناير 1920 من اجل الحصول على مكافأة شهر عن كل سنة خدمة (حيث لم تكن أنظمة المعاشات قد بدأت بعد) وأجازة سنوية 15 يوم بأجر كامل، وزيادة في الأجور تعادل 50%. لم تستجب الشركة فأضرب العمال عن العمل وتم وقف خمسة من قيادات العمال وتحويل عدد منهم لوظائف أخري واعتقال عدد آخر ورغم ذلك استمر الإضراب خمس أسابيع غرقت خلالها القاهرة في ظلام دامس ولم يتوقف الإضراب إلا بعد الاستجابة لكامل مطالب العمال. هؤلاء هم أسلافنا الذين نعتز بميراثهم النضالي ونعيش على المكاسب التي حققوها.
• إن مفهوم النقابات العامة في التاريخ القديم كانت تعتمد علي قيام نقابة على مستوي القطر المصري من عدة مهن مثل نقابة الصنائع اليدوية التي تأسست بدعم من الحزب الوطني في ظل قيادة الزعيم محمد فريد عام 1908. نقابة سائقي وعمال السيارات في القطر المصري التي احتجت على تعرض أحد السائقين من بني سويف للإهانة من الشرطة عندما طالب مخدومة بحقوقه ومما يعكس امتداد مظلة النقابة على مستوي مصر كلها. وكذلك نقابة الحكيمات التي تكونت عام 1920 وهي أول تجمع نقابي نسائي، وجمعية تضامن العمال بالقاهرة، ونقابة مستخدمي البنوك بالقاهرة، نقابة رؤساء ومعلمي المدارس الأولية بالقليوبية ونقابة عمال الخدمات البحرية ببورسعيد ونقابة طوائف المعمار بدمياط. فالهدف الأساسي من هذه النقابات العامة هو توحيد النضال العمالي على مستوي المدن أو الحرف بما يعطي قوة أكبر للحركة العمالية.
• كان لكل نقابة قانون خاص بها يحدد أغراضها ونظام عضويتها ومجلس إداراتها وتكوين الجمعية العمومية وقيمة الاشتراكات والامتيازات المقررة للأعضاء ونظام تعديل هذا القانون ونظام حل النقابة. هكذا كان تنظيم النقابات قبل صدور القوانين.
• كانت النقابة تضم عضوية عاملة من العمال وعضوية شرفية من المثقفين المصريين الذين كانوا يعاونون هذه النقابات في كفاحها، ويعملون بها كمستشارين أو محامين أو مراقبين.
• قاد الحزب الشيوعي المصري عام 1920 أول محاولة لإنشاء اتحاد عام للنقابات وفي عام 1921 تأسس الاتحاد وتجاوز عدد أعضائه ثلاثة ألاف عضو. وهناك ضرورة لتقيم ذلك الموقف لأن الأفضل لوحدة الطبقة العاملة هو استقلالية النقابات عن الأحزاب السياسية حتى لا تتفتت الحركة العمالية وتتمزق وفقاً للانتماءات السياسية والحزبية.
• بدأ اختراق الحركة النقابية علي يد حكومة الوفد عندما أسست الاتحاد العام لنقابات العمال بوادي النيل كمحاولة لفرض اتحاد حكومي على العمال بقيادة عبد الرحمن فهمي عام 1924. ولكن سرعان ما انهار هذا الاتحاد واختفي باعتقال عبد الرحمن فهمي في أعقاب اغتيال السير لي ستاك. وانهارت المحاولة الحكومية الأولي للسيطرة على الحركة النقابية. ثم حاول الوفد مرة أخري بقيادة عزيز ميرهم للاتحاد، كما أسس حزب الأحرار الدستوريين اتحاد للعمال بزعامة داود راتب ثم اتحاد النبيل عباس حليم في عام 1930.
• تحاول الرأسمالية دائماً الانقضاض على المكتسبات العمالية في وقت الأزمات فعندما اشتدت الأزمة الاقتصادية في الثلاثينات بحث إسماعيل صدقي مع معاونيه عدة مقترحات هي: خفض مرتبات الموظفين والمستخدمين، إلغاء العلاوة الدورية، وتم إصدار كادر 1931 ووقف العلاوات الدورية ثم تلي ذلك في عام 1932 منع التعيين في الوظائف الخالية. ألا تذكرنا هذه التغيرات بمشروع قانون العاملين المدنيين بالدولة الآن، وألا يذكرنا كادر إسماعيل صدقي بكادر الأطباء وكادر المعلمين، إنها الدورة تتكرر ولكن أين لنا في 2006 بوعي وكفاح عمال الثلاثينات.
• اضرب عدد من القادة النقابين بزعامة المرحوم محمد يوسف المدرك عن الطعام في 12 يونيو 1939 من أجل إصدار تشريعات العمل التي لم تصدر سوي عام 1942 حيث صدر أول قانون لتنظيم النقابات العمالية في 10 سبتمبر 1942. لذلك فإن جيلنا والأجيال القادمة مدينين لذكري محمد يوسف المدرك ولبيب تادرس ولبيب زكي وعلي المراكبي وجيلهم الذين اضربوا عن الطعام في ميدان العتبة من اجل التشريعات العمالية التي نتمتع بها الآن رغم كل ما يشوبها من ثغرات لن يتم سدها وتطوير هذه التشريعات سوي بالمزيد من النضال العمالي.
• لقد خاضت الطبقة العاملة المصرية نضالات كبيرة وإضرابات كثيرة من اجل تحسين الأجور ومواجهة الغلاء خلال الحرب العالمية حتى صدر الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 بصرف إعانة غلاء المعيشة لعمال المحال الصناعية والتجارية وإقرار حد ادني للأجور لم يكن موجوداً حتى ذلك التاريخ. ثم تبع ذلك صدور الأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 بزيادة إعانة غلاء المعيشة.
• تعاون الأخوان المسلمين مع البوليس السياسي عام 1945 لحل نقابة عمال النسيج الميكانيكي بالقاهرة وضواحيها، كما تعاونوا مع إسماعيل صدقي في صدامه مع اللجنة الوطنية للعمال والطلبة وشكلوا لجنه مناوئه باسم "اللجنة القومية" لتأييد معاهدة صدقي بيفن. (أمين عز الدين ـ تاريخ الطبقة العاملة المصرية منذ نشؤها حتى سنة 1970ـ صفحة 794).
• شهد عام 1946 حركة نشطة للعمال العاطلين واستخدم أسلوب العرائض والتجمهر والتظاهر، بل لقد ابتكر بعض العمال أسلوب الدخول لبعض المطاعم وتناول الطعام وعند طلب الحساب يرفضون ويعلنون أنهم عاطلين وكان يتم إخلاء سبيلهم من أقسام الشرطة وعدم تحويلهم للنيابة خوفاً من تفجر القضية أمام الرأي العام. وتكونت "جبهة العمال العاطلين" في الإسكندرية ودعوا إلي اجتماع في حديقة نوبار هاجمته الشرطة واعتقلت 400 عامل ورغم ذلك هرب الباقون وعقدوا اجتماعهم في مكان آخر وناشدوا فيه الطبقات الشعبية مناصرة قضيتهم وحملوا الحكومة مسئولية ما قد يقع منهم نتيجة إهمال قضيتهم.
• يذكر عمنا طه سعد عثمان رحمه الله أن العاطلين اقترحوا أن تشتري الحكومة مصانع ومؤسسات الجيش الإنجليزي والأمريكي لبناء النهضة الصناعية وتشغيل العمال، وتقرير إعانة بطالة لا تقل عن نصف الأجر الفعلي لكل متعطل، وإلغاء العمل الإضافي وخفض ساعات العمل إلي سبع ساعات مع الاحتفاظ بالأجور السارية، ومكافحة حركة غلق المصانع واستيلاء الحكومة عليها وتشغيلها لصالح العمال والبدء في مشروعات التوسع الصناعي بما يساعد على توفير فرص عمل منتج. هكذا كان يفكر أسلافنا العظماء في الأربعينات من القرن الماضي.
• بدأت حركة يوليو علاقتها بالطبقة العاملة بإعدام قادة إضراب كفر الدوار الذي حدث في 13 أغسطس وبعد أقل من شهر من الحركة وإعدام العاملين مصطفي خميس ومحمد البقري لتبدأ صفحة جديدة من التاريخ مخضبة بالدماء. كان عبد المنعم أمين رئيس المحكمة العسكرية أحد كوادر الأخوان المسلمين وكان مستشاره في ذلك الوقت سيد قطب القطب الإخواني الذي أعدم في الستينات. ثم تلي ذلك إرجاء عقد المؤتمر التأسيسي لاتحاد نقابات عمال مصر. لقد تحالف الأخوان مع ضباط يوليو وكان سفاح كفر الدوار عبد المنعم أمين أحد رموز العداء للطبقة العاملة. ويري أمين عز الدين أن أهم تبعات أحداث كفر الدوار إرساء أسلوب الردع ضمن مقومات التعامل مع الطبقة العاملة وجعله سياسة معتمدة.
• قرب نهاية عام 1953 أنشئت هيئة التحرير "مكتب للعمال" بقيادة الرائد احمد عبد الله طعيمة الذي فاجئ الحركة النقابية في نهاية عام 1953 بإعلان قيام "المؤتمر الدائم لنقابات عمال مصر" كأول محاولة من حركة الضباط لعسكرة الحركة النقابية.
• تم حل نقابتي المحاميين والصحفيين وتعيين بعض الموالين للثورة على رأس هذه النقابات بما يؤكد أن الحركة النقابية مهنية وعمالية كانت هدفاً للعسكرة النقابية.
• عندما تفجر الصراع بين الضباط الأحرار في مارس 1954 حول الديمقراطية وعودة الجيش إلي الثكنات استطاع بعض الضباط استقطاب احد قيادات نقابة عمال النقل المشترك هو صاوي احمد صاوي الذي قاد المظاهرات العمالية التي هتفت تسقط الديمقراطية وتعيش حركة الضباط وحين حاول محمود فرغلي وزملائه التصدي لذلك تعرض للضرب وكاد العمال أن يقتلوه. ودشنت هذه المظاهرات بتدخل مباشر من الأمن ممثلاً بالنقيب محمد وفاء حجازي أحد الضباط الأحرار والذي أنشئ تنظيم جديد باسم "نادي العمال" وظهور مجموعة من النقابيين الصفر عملاء الرأسمالية الذين ما زالوا قابضين على البنيان النقابي منذ مارس 1954 وحتى الآن في سبتمبر 2006، ومازالوا يحركون العمال دفاعاً عن الرأسمالية من عهد صاوي إلي عهد حسين مجاور رجل الأعمال ورجل الحكومة.
• بدء عبد الناصر المرحلة الجديدة بسلسلة زيارات للمواقع العمالية والتي استُقبل فيها استقبال الفاتحين في رابطة سائقي القطارات، وباستقبال وفود عمال المحلة وعمال الإسكندرية والسويس لتبدأ صفحات سوداء من تاريخ الاستبداد الديمقراطي كان العمال في طليعة من تصدوا له.
• عندما استقر الحكم للعسكر وتمكنوا من عسكرة الحركة النقابية التي تحول دور جزء منها للهتاف بالروح بالدم والذي مازال مستمراً حتى الآن. وبعد اعتقال دفعات متتالية من القادة النقابيين بتهمة الشيوعية، وبعد أن خلت الساحة إلا من ممثلي مكتب العمال ونادي العمال، أعلن في صباح الأربعاء 30 يناير 1957 قيام أول اتحاد عام لنقابات عمال مصر، الحلم الذي عاش من اجله يوسف المدرك وطه سعد عثمان ومحمود العسكري واحمد طه وسيد قنديل. وولد الاتحاد ولكنه ليس الاتحاد الذي كانت تناضل من اجله الحركة النقابية ولكنه هيكل للاستبداد وادعاء تمثيل العمال وجاء على رأسه أنور سلامة ونائبه أحمد فهيم.
• حدثت تغييرات في المواقع العسكرية للمسئولين عن النشاط العمالي في 1957 ومع بدايات تنظيم يوليو المعروف باسم الاتحاد القومي، وتم إقصاء طعيمة والطحاوي من مكتب العمال ليحل محلهم الرائد خالد فوزي، كما تم نقل محمد وفاء حجازي إلي وزارة الخارجية. وقد حاول خالد فوزي بناء تنظيمات موازية باسم الروابط العمالية ولكنها فشلت مثل التنظيمات السابقة.
• استطاعت المباحث العامة إقناع رجال المؤسسة العسكرية المسئولين عن العمال بأن سلامة الثورة تكمن في تفتيت الحركة العمالية، وأن البنيان النقابي القائم على قاعدة من نقابات المصانع والمنشآت خطر حقيقي يحتاج إلي استبداله بنقابات عامة لكل مهنة وصناعة.
• عندما بدأت السلطة الناصرية تفكر في بناء الاتحاد الاشتراكي وتنظيم اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني للقوي الشعبية وفي 27 نوفمبر عام 1961 عندما اتهمت الحركة النقابية بالرجعية من قبل بعض أساتذة الجامعات ورجال الأزهر، دافع أنور سلامة عن الوضع القائم قائلاً: "إن الانتخابات النقابية الأخيرة أدت إلي تصفية شاملة وجاءت بصفوة العمال الذين تقدموا لهذه القيادة العمالية" هكذا أكد أنور سلامة على فعالية بنيان العسكرة في الإتيان بالصفوة التي تتقدم للقيادة. ووافقت قيادات العمال على قانون العزل السياسي الذي طال العشرات من القيادات العمالية الحقيقة وحرمها من دخول الاتحاد الاشتراكي بدعوى الحفاظ على تجربة البناء الاشتراكي، وتوهم النظام الناصري وأجهزته أنهم سيبنون اشتراكية بدون اشتراكيين؟!!!!! وبدأت مع صدور الميثاق عام 1962 أكذوبة تمثيل 50% من العمال والفلاحين في المنظمات السياسية والتشريعية وهي البدعة المعمول بها حتى الآن والتي تجعل رجل أعمال مثل حسين مجاور رئيسا لاتحاد عمال مصر. لقد سقطت الاشتراكية وذهب عبد الناصر ولكن البنيان النقابي الاستبدادي لازال قائما، حافظ عليه السادات ويتمسك به مبارك وسيورثه لجمال ضمن باقي الهياكل الاستبدادية التي يعدونها منجزات حقيقية وحصيلة خبرات الأجهزة الأمنية.
• ابتدعت سلطة يوليو بدعة جديدة بمقتضي القرار الجمهوري رقم 8 لسنة 1958 والذي اشترط عضوية حزب الحكومة الأوحد (الاتحاد القومي ثم الاتحاد الاشتراكي بعد ذلك) للترشيح في أي منظمة نقابية. بل لقد اشترط الحصول على شهادة قيد في الاتحاد الاشتراكي كشرط للترشيح، وهو ما يضمن ألا يتم ترشيح سوي العملاء والمرضي عنهم من الإدارة والأمن.
• ابتدع نظام أنور السادات سلطة "المدعي الاشتراكي"، وأعطى له حق شطب المرشحين للنقابات، وقد قامت قيادة الاتحاد العام لنقابات العمال- بخلاف مجالس إدارات النقابات المهنية- بعرض أسماء المرشحين لمجالس إدارات اللجان النقابية في دورة 1979/1983 وتم شطب 54 مرشح كان أغلبهم من القيادات العمالية الثورية، وعرضها في دورة 1983/1987 وتم شطب 14 مرشحا كان أغلبهم أيضا من القيادات العمالية الثورية، ثم عاود عرض أسماء المرشحين لدورة 1987/1991 وتم شطب 5 من القيادات العمالية الثورية، وكان قد اسقط قانون المدعي الاشتراكي خلال الدورة الأخيرة، فلما جاءت دورة 1991/1996 نجحت كل القيادات العمالية الثورية التي ترشحت لعضوية مجالس إدارات اللجان النقابية، مما جعل السلطة تستحدث فكرة التزوير المباشر والشطب الإداري في الدورات التالية وحتى الآن.
• صدر قرار وزير القوي العاملة رقم 144 لسنة 2001 حيث عاد الأمن ليجدد لعبته القديمة ولكن بدلاً من شهادة عضوية الاتحاد الاشتراكي أصبح ضمن أوراق الترشيح مطلوب شهادة قيد في النقابة العامة. وكان العمال الراغبين في الترشيح يتوجهون لمقار النقابات العامة للحصول على الشهادة فيجدونها مغلقة أو الموظف غير موجود أو ختم النقابة العامة في حجرة مفتاحها غير موجود وهكذا حتى ينتهي وقت الترشيح بينما يكون النقابيين الصفر والعملاء والأتباع قد حصلوا على هذه الشهادات في وقت مبكر بما يتيح لهم تقديم أوراقهم كاملة ويحول دون الترشيح للعمال الشرفاء.
التشريع.. التنظيم.. التقييد
كانت الحركة النقابية والعمالية تتمتع بحرية كبيرة في الحركة قبل صدور التشريعات العمالية وعاشت العصر الذهبي لبناء وتطور الوعي النقابي العمالي. ولقد سعت الحركة النقابية إلي انتزاع شرعية قانونية بإصدار تشريع لتنظيم النقابات العمالية ولكن ما حدث هو أن التنظيم والتشريع حمل معه القيود والتضييق!!!!
توج نضال الحركة النقابية بصدور قانون النقابات رقم 85 لسنة 1942 ولكن بدلاً من اكتساب المزيد من الشرعية من خلال الاعتراف بالعمل النقابي بدأ التضييق الحكومي من خلال:
• إخضاع النشاط النقابي للسلطة الإدارية.
• الإلزام بالحصول علي الترخيص المسبق من الحكومة.
• تخويل الحكومة سلطة مطلقة في حل النقابات إدارياً.
• حرمان عمال الزراعة ونحو عشرة فئات أخري من حق التنظيم النقابي.
• حظر تشكيل اتحاد عام للعمال.
لقد تدخل القانون في إجراءات تشكيل النقابة وتحديد مجال عضويتها وصاغ لها أسلوب عقد جمعيتها العمومية وانتخاب مجلس إداراتها، وسلط عليها سيف الرقابة الممثل في مصلحة العمل ومفتشيها. وامتلكت وزارة الشئون الاجتماعية سلطة توقيع عقوبة الحل الإداري في حالة المخالفة وهو اعتداء واضح وصريح على حق الجمعية العمومية في ذلك باعتبارها صاحبة المصلحة الأصيلة في استمرار أو انتهاء النقابة، وقد كانت هذه أولى الضربات الموجهة للنقابات وجمعياتها العمومية.
لقد نشطت الحركة النقابية على مدي أكثر من نصف قرن دون أن يكون هناك قانون للنقابات ومع صدور القانون بدأت القيود وبدأت حقبة جديدة في تاريخ الحركة النقابية والعمالية في مصر. وتباطؤ تسجيل النقابات لدي مصلحة العمل. وحاول بعض القادة النقابيين الالتفاف على القانون الجديد من خلال تشكيل رابطة نقابات مدينة القاهرة، ومؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية، في محاولة لبلورة وحدة الحركة النقابية في مواجهة التفتيت الذي جاء به قانون حكومة الوفد.
وضعت حكومة يوليو الطبقة العاملة نصب عينيها مع استشارات الإخوان وفي ديسمبر 1952 أصدرت الحكومة ثلاث تشريعات عمالية ضمنها القانون رقم 319 لسنة 1952 بشان النقابات العمالية والذي اعترف لأول مرة بقيام اتحاد عام لنقابات عمال مصر. وسعي القانون الجديد في نفس الوقت لتفتيت وحدة الطبقة العاملة من خلال تكوين نقابات للعمال ونقابات للموظفين داخل نفس المنشأة، وإنشاء أكثر من نقابة في فروع الشركة مما دعم تفتيت الوحدة العمالية، وابتدع إجبارية الاشتراكات النقابية تثبيتاً للشمولية النقابية حسب تعبير عم عطية الصيرفي.
عند مطلع الخمسينات كان قد تم تسجيل 491 نقابة تضم في عضويتها أكثر من 149 ألف عامل. ومع تكوين أول اتحاد عام للعمال عام 1957 أصبح عدد النقابات 1.294 نقابة تضم 311 ألف عامل.
تمشياً مع رغبة ضباط المباحث العامة لإحكام السيطرة على الحركة العمالية وتأبيد التفتيت وإنهاء الوجود الحقيقي للنقابات العملية المصنعية مصدر المقاومة الحقيقية للاستغلال الرأسمالي تم تعديل قانون النقابات العمالية وصدور قانون جديد هو القانون 91 لسنة 1959 وهو قانون العمل الموحد والذي تضمن جزء خاص بالنقابات العمالية. وقد نصت المادة (162) من القانون علي أنه "لا يجوز تكوين أكثر من نقابة عامة واحدة لعمال ومستخدمي المهنة أو الصناعة الواحدة" ويصدر قرار من وزير الشئون الاجتماعية- الذي كانت تتبعه النقابات قبل استحداث وزارة العمل- بتحديد المهن والصناعات المتماثلة أو المرتبطة ببعضها والتي تشترك في إنتاج واحد.
الفكرة العبقرية الاستبدادية التي توصلت لها المباحث العامة وهي فكرة استبدال النقابات القاعدية في المصانع والمنشآت بالنقابات العامة، فكرة تعتمد علي المنظور الأمني ففي عام 1959 كان يوجد حوالي 1.400 نقابة، لكل نقابة مجلس إدارة من عشرة أعضاء على الأقل، أي أن الحكومة لكي تسيطر على هذه الحركة تحتاج إلي 14 ألف عميل تابعين لها وهي مشكلة لكنها استبدلتها بحوالي 59 نقابة صناعية عامة في البداية أسهل بكثير، كما أن عقد جمعيات عمومية سنوية ووجود مئات المقرات للجان النقابية يحتاج إلى استنزاف طاقات المخبرين وجهاز الأمن لكن استبدال هذه النقابات بنقابات عامة فوقية أمر سهل فتوفير 59 عميل أسهل كثيراً من توفير جيش جرار من الآلاف العملاء لإحكام السيطرة على الحركة النقابية، ثم اختزال هذه النقابات في سكرتارية ضيقة، واختيار ممثل لكل نقابة عامة في الاتحاد العام بما يضمن وجود مصفاة دقيقة لا يتسرب منها سوي العملاء الضالعين في العمالة لصالح الرأسمالية الحاكمة سواء البيروقراطية المتشحة ببعض الإصلاحات الاجتماعية أو رأسمالية الانفتاح والتبعية في المراحل التالية. بذلك دخلت الحركة النقابية المصرية بصدور القانون رقم 91 مرحلة من العسكرة لازالت مستمرة حتى الآن "بنيان نقابي فوقي معزول ومجموعة من عملاء الأجهزة يدعون تمثيل العمال".
ثم أعقب ذلك صدور القانون رقم 62 لسنة 1964 بإدماج عدد النقابات العامة إلي 27 نقابة عامة، وسمح لعمال الزراعة بتشكيل نقابات لهم وكذلك عمال الحكومة ولكن بعد إحكام السيطرة الكاملة على الحركة النقابية والعمالية. وجاء احمد فهيم كرئيس لاتحاد العمال في ظل القانون الجديد. خلال هذه المرحلة ارتفع عدد اللجان النقابية إلي 5.622 لجنة نقابية تضم أكثر من مليون عامل ولكن في ظل غياب الفاعلية النقابية.
لقد ظلت الحركة النقابية بدون إجراء انتخابات للنقابات العمالية منذ عام 1964 وحتى عام 1972 مما ساعد على نشر الفساد الفاحش بين النقابيين الصفر.
ولقد وصف عمنا عطية الصيرفي ذلك الوضع في كتابه الهام (عسكرة الحياة العمالية والنقابية في مصر) حين قال"بعد ظهور الارستقراطية العمالية المصرية التي لم يكن لديها أدمغة وفكر بل لديها كروش ونزوات مما جعل قيمها هابطة وأعرافها متدنية حيث الحشيش وتعاطيه ونهب الأموال النقابية والعمالة للإدارة والتبعية للمباحث وحيث التزلف والكيد والبحث عن المصالح الأنانية والخاصة. كل هذه الأمراض السلبية أصبحت لصيقة بالنقابيين الرسميين الأمر الذي أضطر السلطة المصرية إلي محاولة تطهيرهم بتأدية فريضة الحج المجانية التي يتم إشهارها سلطوياً بتنظيم موكب فخم كان يسمي موكب النور".
لقد ظلت الحركة النقابية والعمالية منذ نهاية الخمسينات وحتى نهاية الستينات تعاني الحصار والاعتقال والعزل السياسي، وللأسف نفتقد لوجود أدبيات تؤرخ لهذه المرحلة الهامة من تاريخنا الوطني. لكن بعد النكسة ومع محاكمة قادة سلاح الطيران وتحميلهم مسئولية النكسة خرج العمال والطلبة إلي الشوارع مرة أخري ليذكرونا بحركة الطلبة والعمال سنة 1946، مطالبين بمحاكمة المسئولين الحقيقيين عن هزيمة 1967 وتعبئة الاقتصاد الوطني من اجل المواجهة القادمة. وتمت محاولات التصحيح في بيان 30 مارس ثم مات احمد فهيم عام 1969 وجاء بدلاً منه عبد اللطيف بلطيه على رأس الاتحاد العام وقبل أن ينتهي العام 1970 رحل الرئيس عبد الناصر وجاء الرئيس السادات لتدخل مصر ومعها الحركة النقابية مرحلة جديدة رغم استمرار السادات في العمل بالقانون رقم 62 لمدة ست سنوات من حكمه.
ثم توالت التحركات العمالية وارتفعت وتيرة الإضرابات العمالية في مطلع السبعينات في مصانع الكوك والحديد والصلب في حلوان وفى الإسكندرية والمحلة الكبرى وشبرا الخيمة، وتكونت لجان المندوبين العماليين للعنابر والأقسام كمحاولة لإعادة الحياة في التنظيم النقابي من خلال انتخاب مندوبين عن كل عنبر إنتاج أو قسم بحسب عدد العمال ويعقد المندوبين مؤتمر سنوي كحلقة وصل بين الجمعية العمومية المفتقدة لنقابات المصانع والمنشآت وبين اللجان النقابية وكانت هناك تجارب مضيئة في مصانع الكوك والنقل الخفيف وعمال النسيج في الإسكندرية.
لذلك شعر السادات بالخطر بعد مظاهرات عمال حلوان في يناير 1975 ومظاهرات عمال المحلة في مارس 1975، لذلك عهد إلي الأجهزة الأمنية بدراسة أوضاع الحركة العمالية وصياغة قانون جديد للنقابات العمالية يزيد من القبضة الأمينة والسيطرة البوليسية على الحركة العمالية. فجاء القانون رقم 35 لسنة 1976 ليمثل حلقة جديدة من حلقات المزيد من عسكرة الحركة النقابية العمالية رغم كل شعارات الديمقراطية الزائفة التي كان يرفعها الرئيس السادات.
لقد وصف عم عطية ذلك بقوله "بسبب هذا الجو غير الديمقراطي تلاشت الحريات النقابية ومضمونها الاجتماعي. وكان ذلك بمثابة هدف الأهداف في مواصلة تخريب العلاقات الجديدة. حيث صفيت النقابات العمالية من أشرف قادتها ومن خيرة مناضليها. وصفيت أيضاً من طبعتها الطبقية والديمقراطية. بمعنى أنها لم تعد تنظيمات طبقية خالصة هدفها الدفاع عن العمال بسبب التحريف غير العلمي الذي قدمته لجنة المائة لمؤتمر القوي الوطنية. وقد تمت هذه التصفية برسملة ـ برجزة ـ النقابات العمالية لكي يتوقف نشاطها الثوري عموماً وينتهي دورها الفعال في العمل الوطني".
القانون 35 لسنة 1976
يشكل القانون 35 لسنة 1976 الخاص بتنظيم النقابات العمالية خلاصة الخبرة الأمنية لأكثر من 42 سنة (1954ـ 1976) ولذلك يتمسك به الرئيس مبارك ولم يسعى لتغيره كما فعل مع العديد من التشريعات الأخرى، ولكن هذا القانون يمثل خلاصة الخبرات الأمنية ووسيلة هامة لإفراغ الحركة النقابية من مضمونها وتحويلها إلي تابع لمكتب العمال بالحزب الوطني الذي يقوده طعيمة 2006.
وإذا تأملنا نصوص القانون 35 لسنة 1976 ووضع البنيان النقابي في ظل هذا القانون نجد الآتي:
 أصبحت العضوية إجبارية وليست اختيارية فمجرد تعيين الشخص في جهة ما بالحكومة أو قطاع الأعمال العام يصبح عضو بالنقابة العامة ويتم خصم الاشتراك منه بغض النظر عن رغبته في ذلك من عدمها، وهو ما حول العضوية النقابية إلي عضوية شكلية صورية غير فاعلة. وفي بعض المهن يضطر العامل لعضوية النقابة من أجل استخراج رخصة القيادة أو جواز السفر أو الاشتراك في التأمينات الاجتماعية كما يحدث مع نقابة عمال النقل البري ونقابة العاملين بالبناء والأخشاب والزراعة ذات العضويات الضخمة والعديمة الفاعلية .
 أصبح العامل عضو في النقابة العامة وليس في نقابة المصنع أو المنشأة وبالتالي انتهت فعليا مهمة النقابات القاعدية، حيث أنها لا تمارس أي دور في المفاوضة الجماعية أو الدفاع عن الحقوق العمالية. بل أن العامل عندما يفصل من نقابة المنشأة يصدر القرار من النقابة العامة.
 يسدد العامل الاشتراك الشهري للنقابة العامة التي تقتطع جزء لها وجزء للاتحاد العام والجزء الأصغر للجنة النقابية صاحبة الاشتراكات التي لا تجد الأموال الكافية لتغطية أنشطتها النقابية.
 اقتصر دور الجمعية العمومية على انتخاب اللجنة النقابية القاعدية دون مناقشة لميزانية النقابة ودون محاسبة لمجلس إدارة النقابة عن أدائهم خلال الدورة النقابية، وبدلاً من عقد الدورة سنوياً أصبحت الجمعية العمومية تعقد مرة كل خمس سنوات وتقتصر على التصويت في الانتخابات التي تتم داخل أماكن العمل وتحت ضغوط الإدارة والأمن مما أدي للمزيد من الانفضاض عن الحركة النقابية. كانت النقابات في الماضي تعقد اجتماع الجمعية العمومية في قاعة مسرح أو سينما أو مكان يتسع لحضور جميع الأعضاء أما الآن فقد اقتصر الأمر على التصويت فقط وربما في بعض الاستثناءات جمعيات شكلية بحضور ممثل وزارة القوي العاملة .
 تم اختصار مهام نقابة المصنع والمنشأة في النقابة العامة، وبالتالي أصبح البنيان النقابي هرم مقلوب بدون قاعدة وذلك حتى يتمكن الأمن من السيطرة على النقابات العامة وحركتها.
 تم سلب اللجان النقابية سلطة وضع النظام الأساسي واللوائح المالية والمقرات النقابية خارج مكان العمل والتي كانت مراكز إشعاع ثقافي واجتماعي في العهود الماضية.
 حرمت العمالة المؤقتة من عضوية المنظمات النقابية رغم انتشار هذا الشكل من علاقات العمل وهو ما يحرم الآلاف من العمال من عضوية اللجان النقابية.
 حرمان العاطلين عن العمل من عضوية المنظمات النقابية رغم أن تاريخ الحركة النقابية في مصر والعالم كان من أهدافه الرئيسية الدفاع عن العمال العاطلين.
كما قامت الحكومة بإدخال تعديل علي القانون لمزيد من التشدد والإفساد حيث مدت الدورة النقابية من 4 سنوات إلي 5 سنوات بما يؤدي لركود الحركة النقابية، وأجازت لممثل صاحب العمل أن يتقدم للترشيح ممثلاً للعمال، كما سمحت للمحالين إلي المعاش الاستمرار في تولي المواقع القيادية. كما أجازت لأعضاء النقابات العامة والاتحاد العام التقدم مباشرة للترشيح لهذه المستويات مباشرة دون خوض انتخابات في نقابة قاعدية وحتى تجنبهم التعرض الحقيقي لرأي واختيار العمال. كما استمرت في تقييد حق الإضراب وجعله في يد النقابة العامة وليس نقابة المنشأة والاستمرار في إلغاء الشخصية الاعتبارية لنقابة المنشأة القاعدة الحقيقية الفاعلة لأي تنظيم نقابي.
هذه هي أبرز البنود التي حولت الحركة النقابية العمالية إلي كيان هش عديم الفاعلية، ويناضل العمال الشرفاء من اجل إعادة بث الحياة في هذا البنيان الخرب من خلال:
• حرية إنشاء نقابات مستقلة دون ترخيص سابق، وإقرار مبدأ التعددية النقابية، وحق الانضمام الطوعي للنقابة أو الانسحاب منها.
• تحريم تدخل الدولة في شئون وأعمال النقابات أو في وضع لوائحها، وإلغاء قانون النقابات، وتحريم اضطهاد العمال خاصة فصلهم أو نقلهم بسبب أنشطتهم النقابية.
• استعادة نقابة المصنع لكامل شخصيتها الاعتبارية، فيكون لها حق التقاضي والتملك باسم العمال والمفاوضة الجماعية وإبرام عقود العمل المشتركة ، وتقرير الإضرابات، وإصدار المطبوعات، على أن تكون الجمعية العمومية للنقابة هي صاحبة الولاية عليها.
• تعميم نظام المندوبين النقابيين عن طريق الانتخاب من عمال العنابر والورش (مندوب عن كل 30-50 عامل) وذلك لتوسيع قاعدة القيادة النقابية وربط كل عامل بنقابته وتفعيل وتنشيط النقابات.
• إنشاء مقار نقابية داخل وخارج المصنع أو المنشأة.
• ضمان حرية ونزاهة الانتخابات النقابية العمالية وإخضاعها للأشراف القضائي الكامل الذي يشمل تلقي طلبات الترشيح وإعلان كشوف المرشحين وعمليات الاقتراع والفرز وإعلان النتائج.
• عدم أجراء الانتخابات العمالية داخل مكان العمل.
هذه هي مطالب العمال التي جاءت ضمن البرنامج الانتخابي المقترح من اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية لدورة 2006 ـ 2011.
الاستبداد النقابي.. والبنيان المهترئ
لقد أفضت سنوات من الاستبداد والقهر إلي تآكل البنيان النقابي القائم وتحوله إلي مجرد كيان إداري تابع للحكومة في شارع الجلاء بقلب مدينة القاهرة. وكما سبق أن أوضحنا في جزئية سابقة تحولت شهادة عضوية النقابة العامة إلي ميزة لا ينالها سوي المرضي عنهم، كما تلاعبت الحكومة ووزارة القوي العاملة في كشوف المرشحين واستبعاد القادة النقابيين الذين شاركوا في اى تحركات عمالية كما حدث مع خمسة من اللجنة النقابية لشركة المحولات الكهربائية (الماكو)، و 11 من اللجنة النقابية للدلتا للصلب بشبرا الخيمة، وما حدث مع الزميل أحمد الصياد أمين عام اللجنة النقابية لعمال شركة النصر للكاوتشوك ( ناروبين )، وحمدي حسين في المحلة وغيرهم من القيادات الشريفة في المواقع العمالية خلال الدورة الأخيرة.
لكي نعرف ما آلت إليه الحركة النقابية في ظل البنيان الاستبدادي نعرض للحقائق من خلال الجداول التالية.


















تطور عدد النقابات والعضوية فى الاتحاد العام لنقابات عمال مصر

الدورة عدد اللجان النقابية عدد النقابات العامة إجمالي العضوية
الدورة الأولي ( 57/61) 904 17 401.000
الدورة الثانية ( 61/64) 890 59 346.490
الدورة الثالثة ( 64/71) 5.778 27 1.290.810
الدورة الرابعة ( 71/73) 2.315 25 1.468.667
الدورة الخامسة ( 73/76) 1.800 16 1.560.000
الدورة السادسة ( 76/79) 1.259 21 1.873.157
الدورة السابعة ( 79/83) 1.793 21 2.334.583
الدورة الثامنة ( 83/87) 1.953 23 2.750.580
الدورة التاسعة ( 87/91) 2.021 23 3.101.395
الدورة العاشرة( 91/96) 1.641 23 3.313.068
الدورة الحادية عشر ( 96/2001) 1.822 23 3.610.000
الدورة الثانية عشر ( 2001/2006) 1.745 23 3.860.000*
المصدر: صابر بركات , خالد علي عمرـ نقابات بلا عمال وعمال بلا نقابات- اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية ـ الطبعة الأولي ـ 2003- القاهرة- صفحة 163.
• إن عدد العاملين بأجر أو إجمالي قوة العمل تتجاوز 29 مليون بينما عضوية النقابات العمالية لا تتجاوز 3.8 مليون أي أن التنظيم النقابي بوضعه الحالي لا يضم سوي 13% فقط من عمال مصر.
















نتائج انتخابات المرحلة الأولي أكتوبر 2001
النقابة العامة عدد اللجان بالتزكية بالانتخابات نسبة التزكية إلي عدد اللجان
الزراعة والري 240 129 111 54%
الغزل والنسيج 73 32 41 44%
التجارة 115 39 76 34%
البنوك والتامين 76 35 41 46%
السكك الحديدية 34 7 27 20%
الاتصالات 29 2 27 7%
المرافق العامة 101 32 69 29%
التعليم والبحث العلمي 107 68 39 63%
الخدمات الصحية 56 15 41 27%
الصناعات الغذائية 132 79 53 60%
الصناعات الهندسية 72 21 51 29%
البناء والأخشاب 114 71 43 62%
النقل البري 101 70 31 69%
النقل البحري 41 10 31 24%
النقل الجوي 14 7 7 50%
الكيماويات 65 24 41 40%
المناجم والمحاجر 18 12 6 67%
الصحافة والإعلام 40 7 33 18%
السياحة والفنادق 56 31 25 55%
الخدمات الإدارية 167 40 127 24%
الإنتاج الحربي 18 1 17 5%
البريد 29 6 23 21%
البترول 47 12 35 25%
الإجمالي 1.745 750 995 43%
المصدر: صابر بركات , خالد علي عمر ـ نقابات بلا عمال وعمال بلا نقابات ـ اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية ـ الطبعة الأولي ـ 2003 ـ القاهرة ـ صفحة 166ـ 167.

هكذا نجحت السياسة البوليسية وعسكرة الحركة النقابية في انفضاض العمال من حول نقابات غير مناضلة وغير كفاحية، انتهي 43% من لجانها القاعدية بالتزكية في الدورة الأخيرة مما عكس هزال البنيان النقابي. لو تمكنا من معرفة عدد المشاركين في الانتخابات من بين المقيدين في جداول الانتخاب سنجد نسبة ضئيلة هي التي شاركت بينما الغالبية لديها عزوف عن المشاركة لقناعتها بعدم جدوى النقابات في ظل بنيانها الحالي. ولو تابعنا حركة الاحتجاجات العمالية سنعرف إلي أي طرف تقف النقابات الحالية.
التعددية هي الحل
يري البعض وجود ظلام نقابي وغياب للطبقة العاملة وللنقابات العمالية رغم دورها الهام كأحد منظمات المجتمع المدني وفق المفاهيم الحديثة، وباعتبارها المدرسة الأولية لتعليم النضال الطبقي. لذلك تطرح العديد من الهيئات المهتمة بشئون الطبقة العاملة أهمية تفعيل وإحياء الفكر النقابي من خلال عودة الشخصية الاعتبارية لنقابات المصانع والمنشآت، وهو ما سبق عرضه من خلال برنامج اللجنة التنسيقية وكذلك برامج كافة المنظمات المهتمة بالشأن العمالي وبعض الأحزاب السياسية. ولكن للأسف هذه السياسة لم تعيد إحياء النقابات وظل الشطب وشهادات القيد سيف مسلط علي رقاب النقابيين الشرفاء لا يتجاوزه إلا القليل. إذن ما العمل؟!!! وهل حان الوقت لنبدأ معركة تحرير النقابات العمالية؟!!.
مع استكمال حلقات التبعية الرأسمالية وسيطرة الشركات المتعددة الجنسيات على الاقتصاد والخضوع لمنظمات التمويل الدولية وتحول مصر إلي الاقتصاد الريعي والطفيلي وإهمال القطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية، ومع استمرار سياسة الخصخصة وإهدار الأصول المملوكة للشعب والهجوم على الخدمات والمرافق لعرضها ببخس الأسعار، وتفجر موجات الغلاء وسقوط جموع من المصريين تحت خط الفقر وفق تقارير البنك الدولي، ومع تراكم البطالة وتآكل الطبقة العاملة، والهجوم المكثف على العاملين في الحكومة والاستعداد لخصخصة التأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي والتعليم. لا يصح أن نواجه هذه الهجمة دون تنظيم لقواتنا وطبقتنا، والنقابات هي أدني مراحل التنظيم في معركة المواجهة.
وإذا عجز الشرفاء عن دخول البنيان النقابي المحاصر إدارياً وامنياًُ، وإذا فشلت محاولات الشرفاء الجادة لإحياء النقابات المصنعية واستعادتها لشخصيتها الاعتبارية، فلا طريق أمامنا سوي إعلان قيام نقابات جديدة بعيداً عن سلطة الإدارة وسيطرة الرأسمالية التابعة وأجهزتها الأمنية.
إن التعددية النقابية واستقلال النقابات عن السلطة هو الخطوة الأولي على طريق المواجهة مع المخاطر التي تحاصرنا والوقوف في وجه الطوفان الذي يغرقنا، فليست لدينا وحدة نقابية نخشى عليها من التفتت، ولا نقابات فاعلة نحافظ عليها وندافع عنها، بل لدينا بنيان سلطوي عسكري علينا تشييد كيانات موازية له ديمقراطية وفاعلة. إن المقبرة الموجودة في شارع الجلاء والتي تطل منها رائحة الفساد والعفن هي كيان انتهي عمره الافتراضي منذ سنوات وبقي فقط أن نستخرج له شهادة الوفاة.
إن الدفاع عن الوحدة الشكلية في البنيان الميت هي دفاع عن الفساد والاستبداد، دفاع عن العضوية الورقية والنقابات غير الفاعلة، التي لا تمارس أي دور في المفاوضة الجماعية والدفاع عن حقوق العمال، ولنتابع كافة التحركات العمالية خلال العشرين سنة الأخيرة من هجوم الانفتاح الاقتصادي والانفتاح على الأسواق وإطلاق حريتها وإهدار حقوق العمال سنجد غالبيتها جاءت من خارج التنظيم النقابي بل وفى كثير من الحالات في مواجهة هذا التنظيم الذي وقف في صف أصحاب العمل ضد مصالح جموع العمال.
إن التعددية النقابية هي الخطوة الضرورية لاستعادة وحدة الصف العمالي واستعادة النقابات لدورها المفتقد. فالوحدة النقابية تحتاج لنقابات حرة وديمقراطية حتى تستطيع المفاوضة والدفاع عن مصالح العمال.
إن التعددية لا تعنى التبعية لحزب سياسي أو تيار سياسي ولكنها تعددية على أساس المصالح تضم ممثلي العمال على اختلاف انتمائهم بهدف واحد هو الدفاع عن المصالح المشتركة للطبقة العاملة وجموع العمال. وكما كتب عم عطية الصيرفي (في البدء كان التعدد) فتعدد المراكز النقابية كان سائداً في كافة المجتمعات الحديثة بما فيها المجتمع المصري ويستشهد بالتعددية التي كانت قائمة حتى يوليو 1952. ويقول "أن التعدد النقابي قد أثمر الوحدة النقابية حيث أسسوا اتحاداتهم المهنية مثل اتحاد عمال النقل المشترك واتحاد عمال السكر ثم توجهوا إلي وحدتهم العضوية والعامة بتشكيل اللجنة التحضيرية للاتحاد العام للعمال المصريين في سنة 1951".

إن التعددية النقابية لا تعنى الانسحاب من النقابات الحالية بل الإصرار على تحريرها وتطويرها ولكن من خلال المراكز الضاغطة المستقلة من خارج التنظيم النقابي الحالي، والتأكيد على استقلالية الحركة النقابية وعدم خضوعها لأي قوانين سوي إرادة أعضائها المستقلة.
إن النقابات المستقلة ستضم في عضويتها العمالة المؤقتة والعاطلين عن العمل مما يمكن أن يشكل دفعه هامة للعمل النقابي من خلال تبني مطالب هذه الفئات المحرومة من التنظيم في ظل الوضع القائم.
التعددية النقابية في المواثيق الدولية وأحكام القضاء
 جاء ضمن المادة 23 البند الرابع من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الموقع عام 1948 "لكل شخص حق إنشاء النقابات مع آخرين والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه".
 كما جاء ضمن العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الموقع عام 1966 ما يلي:
المادة 8: تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة ما يلي:
( أ ) حق كل شخص في تكوين النقابات بالاشتراك مع آخرين وفي الانضمام إلي النقابة التي يختارها، دونما قيد سوي قواعد المنظمة المعنية، علي قصد تعزيز مصالحه الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها، ولا يجوز إخضاع ممارسة هذا الحق لأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
(ب) حق النقابات في إنشاء اتحادات أو اتحادات حلافية قومية، وحق هذه الاتحادات في تكوين منظمات نقابية دولية أو الانضمام إليها.
(ج) حق الإضراب، شريطة ممارسته وفقاً لقوانين البلد المعني.
 الاتفاقية (رقم 87) الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي والتي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 9 يوليه 1948، في دورته الحادية والثلاثين.
المادة 2: للعمال وأصحاب العمل، دون تمييز من أي نوع، الحق في إنشاء ما يختارونه هم أنفسهم من منظمات، ولهم كذلك، دون أن يرتهن ذلك بغير قواعد المنظمة المعنية، الحق في الانضمام إلي تلك المنظمات، وذلك دون ترخيص مسبق.
المادة 3:
1. لمنظمات العمال وأصحاب العمل حق وضع دساتيرها وأنظمتها، وانتخاب ممثليها في حرية تامة، وتنظيم إدارتها ووجوه نشاطها، وصياغة برامجها.
2. تمتنع السلطات العامة عن أي تدخل من شأنه أن يحد من هذه الحقوق أو يحول دون ممارستها المشروعة.
المادة 4: لا تخضع منظمات العمال وأصحاب العمل لقرارات الحل أو وقف العمل التي تتخذها سلطة إدارية.
المادة 5: لمنظمات العمال وأصحاب العمل حق تكوين اتحادات واتحادات حلافية والانضمام إليها، كما أن لكل منظمة أو اتحاد أو اتحاد حلافي من هذا النوع حق الانتساب إلي منظمات دولية للعمال وأصحاب العمل.
المادة 6: تنطبق أحكام المواد 2 و 3 و 4 من هذه الاتفاقية علي اتحادات منظمات العمال وأصحاب العمل واتحاداتها الحلافية.
المادة 7: لا يجوز إخضاع اكتساب منظمات العمال وأصحاب العمل واتحاداتها الحلافية للشخصية القانونية لشروط يكون من شأنها الحد من تطبيق أحكام المواد 2 و 3 و 4 من هذه الاتفاقية.
المادة 8:
1. علي العمال وأصحاب العمل، ومنظمات أولئك وهؤلاء، في ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذه الاتفاقية أن يحترموا القانون الوطني، شأنهم في ذلك شأن غيرهم من الأشخاص والجماعات المنظمة.
2. لا يجوز للقانون الوطني، ولا للأسلوب الذي يطبق به، انتقاص الضمانات المنصوص عليها في هذه الاتفاقية.
هكذا جاءت التعددية واستقلال النقابات ضمن كافة العهود والمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر وبالتالي فهي ملزمة للحكومة.
 كما جاءت الاتفاقية العربية رقم (8) لعام 1977 بشأن الحريات والحقوق النقابيةً تنص على أن:
المادة الأولى:- (لكل من العمال وأصحاب الأعمال...أن يكونوا دون إذن مسبق فيما بينهم منظمات وأن ينضموا إليها......) .
المادة الثالثة:- (تقتصر إجراءات تكوين منظمة العمال أو منظمة أصحاب الأعمال على إيداع أوراق تكوينها لدى الجهة المختصة ويحدد القانون الجهة المختصة وطريقة الإيداع بما لا يتضمن أية معوقات).
المادة الرابعة:- (تمارس منظمات العمل... نشاطها بمجرد إيداع أوراق تكوينها).
المادة السادسة:- (يضع العمال... المؤسسين للمنظمة نظامها الأساسي... دون تدخل أو تأثير من أي جهة كانت ولا يجوز إلزام منظمات العمال بأية لوائح أو أنظمة خاصة بتنظيم العمل بها وممارستها لنشاطها تضعها أية جهة).
هكذا كانت التعددية هي الأصل في كافة المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر ، كما جاءت المادة 56 من الدستور تنص على أن (إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي يكفله القانون).
 كذلك فقد أرست المحكمة الدستورية العليا العديد من المبادئ في شان حرية الانضمام والانسحاب وعدم الانضمام للتنظيم النقابي ومن خلال هذه المبادئ التي تضمنتها أحكامها وضعت إطارا دستورياً للحريات النقابية فاستقرت أحكامها علي:
"إن تكوين التنظيم النقابي لابد وأن يكون تصرفاً إرادياً حراً لا تهيمن عليه السلطة العامة بل يستقل عنها ليظل بعيداً عن سيطرتها ومن ثم تتمحص الحرية النقابية عن قاعدة أولية في التنظيم النقابي تمنحها بعض الدول قيمة دستورية في ذاتها لتكفل بمقتضاها حق كل عامل في الانضمام إلي المنظمة النقابية التي يطمئن إليها وفى انتقاء واحدة أو أكثر من بينها عند تعددها ليكون عضوا فيها وفي أن ينعزل عنها جميعاً فلا يلج أبوابها وكذلك في أن يعدل عن البقاء فيها منهياً عضويته بها وهذه الحقوق التي تتفرع عن الحرية النقابية تعد من ركائزها ويتعين ضمانها لمواجهة كل أخلال بها وبوجه خاص لرد خطرين عنها لا يتعادلان في آثارهما ويأتيان من مصدرين مختلفين ذلك أن المنظمة النقابية ذاتها قد تباشر ضغوطها في مواجهة العمال غير المنضمين إليها لجذبهم لدائرة نشاطها توصيلا لأحكام قبضتها علي تجمعاتهم وقد يتدخل رجال الصناعة والتجارة في أوضاع الاستخدام في منشآتهم أو بالتهديد بفصل عمالهم أو بمسائلتهم تأديبياً أو بإرجاء ترقياتهم لضمان انصرافهم النقابي أو لحملهم علي التخلي عن عضويتهم فيه. (القضية رقم 6 لسنة 15 قضائية دستورية جلسة 15/4/199) .(الأستاذ وليد سيد حبيب- الحقوق والحريات النقابية والعمالية- صفحة 19)
بذلك وقعت مصر على المواثيق الدولية المؤيدة لتعدد المراكز النقابية، وجاءت الأحكام القضائية لتدعم ذلك الحق، وكتب العديد من القادة النقابيين حول أهمية التعددية النقابية في استعادة الفاعلية المفقودة وروح العمل الجماعي.
التعددية هي الطريق لتحرير النقابات
يخشى البعض من التعددية النقابية بل لقد اعتبرها الأستاذ عبد الرحمن خير عضو مجلس الشورى وأحد قيادات حزب التجمع جريمة في حق الطبقة العاملة والوطن (جريدة الأهالي- 20 سبتمبر 2006) من حق الأخ خير باعتباره أحد المستفيدين من البنيان القائم أن يدافع عن مصالحه ومن حقنا أيضاً أن ندافع عن مصالحنا.
يتحدث مقال الأهالي علي أن نتائج التعددية لم تسر عدو ولا حبيب وبدورنا نتساءل هل الوضع النقابي الحالي يرضى أي شريف وحر في هذا الوطن، هل يدافع عن بنيان اللصوص والفسدة ورجال الأعمال أم أنه نتيجة حصوله على مقعد في النقابة العامة عبر منه إلي مجلس الشورى يري أنه يعمل ضمن بنيان ديمقراطي؟!! أين كان حزب التجمع عندما شطب القادة النقابيين في الدورة الأخيرة ألم يكونوا مشغولين بالصفقات مع سيد راشد وما أدراك من هو سيد راشد!!! هل عقدت صفقة جديدة هذا العام يلقي من خلالها مجاور ببعض الفتات لكي يدافعوا عن البنيان الاستبدادي المتهرئ الفاسد.
لقد اعتبر مقال الأهالي التعددية خطيئة وهي حقاً خطيئة لأنها تناهض البنيان الاستبدادي الذي يعيش فيه ويرتقي درجاته، وتسعي لبناء نقابات حرة وديمقراطية من المؤكد أنها ستأتي برموز محترمة يخشى منهم الأخ خير وأمثاله من المستفيدين والمنتفعين من الوضع القائم وأصحاب الصفقات مع الحكومة من عهد أنور سلامة وحتى عهد حسين مجاور.
وإذا كان بعض العمال المعادين للتعددية يخشون من تبعية النقابات للأحزاب القائمة وتفتيت الحركة العمالية فإننا نؤكد معهم علي أن التعددية لا تعني تبعية النقابات لأي أحزاب يمينية أو يسارية بل نقابات عمالية تعمل وفق أجندة عمالية وعضويتها فردية ولا علاقة لها بأي أحزاب سياسية. إن النقابات المتعددة تضم في عضويتها الشيوعيين والإخوان وكافة التيارات باعتبارهم عمال فقط يخلعون انتماءاتهم السياسية خارج النقابة ويجتمعون معاً للنضال من أجل الأجور الأعلى وشروط العمل الأفضل. فالسياسة والعمل السياسي مكانها الأحزاب بينما النضال النقابي مكانه النقابات الحرة المتعددة التي يخشى منها المستفيدين من الخراب الحالي.
لم يقل لنا الأخ خير لماذا ينفض العمال من حول هذا البنيان ولماذا هتف العمال في عدة إضرابات تسقط النقابة وحملوا نعوش تمثل النقابات الميتة التي يدافع عنها خير، ولماذا شطب المئات من النقابيين الشرفاء، ولماذا رفض اتحاد العمال تنفيذ الأحكام القضائية القاضية ببطلان الانتخابات النقابية، ولماذا لا تشارك جموع العمال في الانتخابات النقابية، وماذا تري جموع العمال في أعضاء الاتحاد المعادين لمصالح العمال، وكم مرة وقفت النقابات التي يدافع عنها خير ضد مصالح العمال ومع مصالح الإدارة وأصحاب الأعمال من إضراب سائقي القطارات في الثمانينات وحتى إضراب عمال غزل المحلة خلال الأيام الماضية وموقف النقابة العامة منهم. وأين ذهبت أموال بنك العمال المتراكم من اشتراكات العمال؟ّ! لذلك من حقه أن يدافع عن مكاسبه ومن حقنا أن نبحث عن مصالحنا.
لقد دافع المفكرين الشرفاء عن التعددية النقابية بل لقد اعتبرها قديس اليسار الأستاذ أحمد نبيل الهلالي قضية حياة أو موت. ولقد كتب الأستاذ الهلالي في ورقته الهامة التي طرحها أمام المؤتمر الأول للجنة التنسيقية في مايو 2004 يقول:
"خيار التعددية النقابية أو الأحادية النقابية، خيار تحسمه إرادة الطبقة العاملة الحرة وحدها، فمن غير الجائز ولا المقبول فرض التعددية النقابية أو الأحادية النقابية بقرار من أعلى يصدر عن السلطة أو بإرادة المشرع.. سواء كان مشرعاً رأسمالياً أو مشرعاً اشتراكياً، وفى مصر فإن الطبقة العاملة أسيرة تنظيم نقابي حكومي واحد لا شريك له ومفروض على الطبقة العاملة بإرادة الحاكم حيث تم فرض وحدانية التنظيم النقابي في مصر بتشريع يفتقد لأي شرعية لأنه ينطوي على مخالفة الدستور وانتهاك الاتفاقيات الدولية والعربية، ويتناقض مع المعايير الدولية للحرية النقابية.
فالمادة 56 من الدستور تنص على أن (إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي يكفله القانون) وفسرت المحكمة الدستورية العليا في قضائها هذا النص بأن قالت: (أن دستور جمهورية مصر العربية كفل بنص المادة 56 فيه جوهر الأحكام التي نظمتها الاتفاقيتان الدوليتان التي تعتبر مصر طرفا فيهما بتصديقها عليهما) أي الاتفاقية 87 لسنة 1948 الخاصة بالحرية النقابية، والاتفاقية الخاصة بتطبيق مبادئ حق التنظيم والمفاوضة الجماعية لعام 1949.
وبهذا الحكم رفعت المحكمة الدستورية العليا نصوص الاتفاقيات الدولية الخاصة بالحرية النقابية إلى مرتبة النصوص الدستورية وأكدت المحكمة في حكم آخر: (إن تكوين التنظيم النقابي لابد أن يكون تصرفاً إرادياً حراً لا تتدخل فيه السلطة العامة، بل يستقل عنها ليظل بعيداً عن سيطرتها) .
وبذلك اعتبرت المحكمة الدستورية العليا التنظيم النقابي هو سيد قانونه وهو وحده صاحب الحق في وضعه أو تعديله، وعلى ضوء تفسير المحكمة الدستورية العليا للمادة 56 من الدستور يصبح قانون النقابات العمالية 35 لسنة 1976 وتعديلاته برمته مدموغاً بعدم الدستورية، لأن المشرع بموجبه دس أنفه في أخص شئون التنظيم النقابي ووضع في القانون قواعد تفصيلية تحكم النقابات إلى الحد الذي يهدم من الأساس ديمقراطية التنظيم النقابي.
ويقول الأستاذ نبيل الهلالي إن التعددية النقابية ضرورة نضالية، والحديث عنها ليس ترفا فكريا، والطبقة العاملة المصرية في مسيس الحاجة إلى نقابات من نوع جديد. أولاً: عمال مصر يواجهون زحف الرأسمالية العالمية على اقتصاد مصر.. تحت عباءة الخصخصة، والتنظيم النقابي الحكومي بدلا من أن يقود النضال العمالي الاقتصادي ضد هذه السياسة، ارتضى لنفسه أن يتحول إلى أداه لتنفيذ وتمرير سياسات الانفتاح الاقتصادي.
ومنذ بدأت معركة الخصخصة في بلادنا.. اختار التنظيم النقابي الحكومي موقعه الثابت داخل خندق حكومة رأس المال والرأسمالية العالمية والمحلية أي الخندق المعادي للطبقة العاملة المصرية.
ومنذ وقت مبكر في الثمانينات أصدرت قيادات اتحاد العمال بيانا مشتركا مع رجال الأعمال المصريين رحبوا به بحرارة بسياسة الانفتاح.. وبشروا بثمارها وتبنوا وجهة نظر صندوق النقد الدولي في الإصلاح الاقتصادي في مصر، ولم يتورع البيان المشترك وهو يتطرق لإصلاح القطاع العام عن المطالبة بإسقاط ضمانات العاملين ضد الفصل، إذ أكد البيان أن إصلاح القطاع العام يتطلب: (إعطاء الشركات قسطا أكبر من حرية الحركة بالنسبة لشئون العاملين فيها يتعلق بالثواب والجزاء).
وعندما بدأ وضع سياسات الخصخصة في التطبيق.. أغمض التنظيم النقابي الواحد عينيه عن حملات الفصل الجماعي بل حاول تسهيل مهمة حكومة رأس المال لتسويق خدمة المعاش المبكر. وراح يرقص على أنغام الأكذوبة الكبرى في حين يقول (لن يضار عامل من بيع القطاع العام).
وفى حديث للدكتور عاطف عبيد المصفى العام للقطاع العام إلى جريدة الأهرام في 20/5/1996 راح الدكتور يتغزل في القيادات النقابية الحكومية وخضوعها قائلا:
(إن أسهل المجموعات في التعامل مع قضية الخصخصة هم العمال ورئيس الاتحاد العام، وأنا في شدة الإعجاب بهم لأنهم غير متشددين هم يريدون أن يبحثوا عن حل... ومستعدين أن يقبلوا القليل وهذا ما يرفع الروح المعنوية). وهو يقصد بالطبع الروح المعنوية للمفرطين في القطاع العام.. وليس الروح المعنوية للطبقة العاملة المصرية.
ولم تكتفي القيادات النقابية الحكومية بذلك.. بل سخرت نفسها لاستكمال دور أجهزة الأمن في محاربة القيادات العمالية المخلصة التي تصدت للخصخصة، والقيام بدور البوليس الاجتماعي، فما أن بدأت بعض اللجان النقابية في المواقع الإنتاجية التي اكتوت بنار الخصخصة. في فضح مآسي وخبايا وفضائح الخصخصة من خلال تصريحات للصحافة حتى انتفض الاتحاد العام الهمام وانبرى لتكميم الأفواه. هذا هو الدور الذي يدافع عنه عبد الرحمن خير وجماعته.
كما أن الباحثة الاجتماعية الدكتورة هويدا عدلي طرحت ورقة أمام نفس المؤتمر قالت فيها: إن استمرارية هذا التنظيم القانوني للحركة النقابية على الرغم من تغير الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تغيراً كبيراً. فطبيعة العلاقة بين العمال والدولة اختلفت جذرياً في الوقت الراهن عن حالتها أثناء الحقبة الناصرية. فقد قامت العلاقة بين النظام الناصري والحركة العمالية على أساس عقد اجتماعي ضمني بمقتضاه منح الطرف الأول الطرف الثاني عديد من المزايا والحقوق الاقتصادية في مقابل تنازل الطرف الثاني عن حقه في الحركة السياسية المستقلة. وبالفعل تم استخدام عديد من الآليات القانونية والسياسية والاقتصادية لتحقيق سيطرة الدولة على الحركة العمالية، حيث تم إرساء لبنات الواحدية النقابية والتي حلت محل التعددية النقابية التي كانت سائدة قبل 1952. فضلاً عن منح وزير العمل والتنظيم السياسي الواحد العديد من الصلاحيات على التنظيم النقابي وغيرها من الآليات التي حولت هذا التنظيم إلى مؤسسة شبه رسمية وتابعة للدولة تبعية كاملة.
وتقول الدكتورة هويدا : فمن غير المنطقي في إطار أوضاع التنظيم النقابي الراهنة ، وفي إطار ما تتعرض له الطبقة العاملة المصرية من ضغوط قاسية تطيح بأبسط حقوقها أن نتمسك بالواحدية النقابية استناداً إلى حجة واهية وهي الحرص على وحدة الحركة النقابية. أين هذه الحركة النقابية التي عجزت عن الدفاع عن أبسط حقوق عمالها؟
إن الإصرار على مبدأ الواحدية النقابية معناها احتكار فئة معينة (مصرح لها من قبل الدولة) تنظيم فئات معينة في المجتمع (الطبقة العاملة) وحرمان العمال من اختيار من يمثلهم ويعبر عنهم تعبيراً حقيقياً وحراً.
إن مبدأ الواحدية النقابية يتنافى تماماً مع مبدأ الحرية النقابية الذي يسمح بإقامة تعددية نقابية، أي عدد من النقابات المتنافسة ذات العضوية الاختيارية والتي تمثل فئة معينة أو طبقة معينة. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه في مقابل الحجج التي تحذر من خطورة التعددية النقابية على وحدة الحركة النقابية، هناك مبررات قوية لهذه التعددية، منها أن حق التنظيم النقابي وحق التجمع من حقوق الإنسان الأساسية لأنها تتعلق بحق المواطنين في إنشاء أشكالهم التنظيمية المختلفة التي من خلالها يتمكنوا من الدفاع عن مصالحهم والتعبير عن آرائهم، ومن ناحية ثانية فإن الإصرار على الواحدية النقابية يتناقض تناقضاً صريحاً مع الاتفاقيات الدولية التي وافقت عليها مصر والتي تقرر الحرية النقابية ومن ضمن أركانها التعددية النقابية. كما أن مبدأ الواحدية النقابية يخالف مفهوم العمل النقابي ذاته الذي يقوم على فكرة التجمع الاختياري لمجموعة من العمال للدفاع عن مصالحهم. حقيقة أن التعددية النقابية هي الحل الوحيد الذي يضمن إنهاء السيطرة الحكومية على النقابات العمالية. فالتعدد من حيث المبدأ يمثل جوهر العمل الاختياري والطوعي في المجتمع المدني. فضلاً عن ذلك فإن رفض هذه التعددية النقابية يضعف من قدرة المجتمع المدني على توليد كوادر ونخب جديدة.
ويفند الزميل مدحت الزاهد أسباب انعدام الفاعلية النقابية والتي تعود إلي: أن فكرة التنظيم النقابي بأسره تعود إلي موروثات العهد الناصري "وحدة كل قوى الشعب العامل" وهي الوحدة القسرية التي تم ترجمتها إلي تنظيم سياسي واحد لكل الشعب (جبهة التحرير ثم الاتحاد القومي ثم الاتحاد الاشتراكي) ونقابات تجمع العامل وصاحب العمل ولا تعترف بالشخصية الاعتبارية لأصل التنظيم النقابي ( لجنة المنشأة ) وإنكار حقها في التفاوض الجماعي وإبرام عقود العمل الجماعية ومراقبة علاقات العمل وتنظيم أشكال الاحتجاج حيث يسحب القانون كل هذه الصلاحيات ليهديها للنقابة العامة والاتحاد العام.
ويقول الزاهد إن أي توجه يستهدف تحقيق مبادئ المشاركة في العمل النقابي وينتصر لمبادئ الحريات النقابية لابد أن ينهض علي أسس جوهرية تتصل بالقيادة الرشيدة، كما رسمتها المواثيق الدولية والعهدين الدوليين للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمبادئ الموجهة لمنظمة العمل الدولية.. ومن أهم هذه المبادئ:
ـ حرية وتعددية التنظيم النقابي وفي القلب منه نقابة المنشأة وتمتعها بكل حقوق الشخصية الاعتبارية للعاملين.
ـ حق أعضاء النقابات في إعداد وتعديل اللوائح التي تحكم العمل النقابي دون تدخل جهة الإدارة.
ـ العضوية الاختيارية والاتحاد الطوعي دون قيود تتعلق بشكل التنظيم.
ـ التمييز بين النقابات والاتحادات المهنية، وذلك منعاً لتضارب المصالح، فالأصل في النقابة هي الدفاع عن مصالح أعضائها في مواجهة صاحب العمل، أما الاتحاد المهني المعنى بتطوير المهنة فيمكن أن يجمع أطراف عديدة بينها صاحب العمل.
ـ إعلان الميزانية ونشر قرارات مجالس النقابات علي الأعضاء وتحقيق مشاركتهم في كل الأمور المتعلقة بالنقابة، من خلال الجمعيات العمومية، والاجتماعات المصغرة، واللجان النوعية الخاصة، والنشرات وكل ما من شانه إتاحة المعلومات للأعضاء ضماناً لمشاركتهم في صنع السياسات. ( مدحت الزاهد ـ النقابات وإشكالية المشاركة)
لقد قال الأستاذ الهلالي إن الطبقة العاملة المصرية تفتقد قيادات نقابية مخلصة.. تمثل الطبقة العاملة، ولا تمثل بالطبقة العاملة. وهي حكمة نتمسك بها في مواجهة كافة المدافعين عن البنيان الاستبدادي المتهرئ. وقال: ما أن أخذ شعار التعددية النقابية يتحول بشكل متزايد إلى مطلب ملح للطبقة العاملة، حتى استشعرت القيادات النقابية الصفراء الخطر على مواقعها ومغانمها وراحت تتباكى على (وحدة الطبقة العاملة) المهددة بما سوف تفضي إليه التعددية النقابية من تفتيت للحركة النقابية في الوقت الذي يتوحد فيه رأس المال العالمي في صيغة الشركات متعددة الجنسيات، إن التباكي على وحدة الطبقة العاملة صيحة حق يراد بها باطل وهو الدفاع عن احتكار التنظيم النقابي الحكومي لساحة العمل النقابي، وواقع الحال أنه لا تناقض بين التعددية النقابية ووحدة الطبقة العاملة، والتعددية النقابية لا تحول دون النضال المشترك للنقابات المتعددة، بحيث تتحقق وحدة كفاحية طوعية في ظل التعددية التنظيمية، وفى المقابل.. فالتنظيم النقابي الواحد لا يمثل عنصر قوة للطبقة العاملة في مواجهة الرأسمالية بل هو كيان طارد، وتشير الإحصائيات أن أقلية ضئيلة من الطبقة العاملة المصرية هي التي تنخرط في صفوف التنظيم النقابي الحكومي.
وتاريخ الطبقة العاملة العالمية قد دلل على أن التنظيم النقابي الرسمي الواحد حيثما فرضته الدولة وأيا كانت طبيعة الدولة الطبقية تجعل من هذا التنظيم مجرد الذراع العمالي للسلطة سواء كانت سلطة البرجوازية أو سلطة البيروقراطية الاشتراكية، ويشهد تاريخ مصر على أنه:
في ظل التعددية النقابية ومن خلالها ظهرت الطبقة العاملة المصرية كقوة فاعلة بارزة في ثورة 1919 ثم في النضال الوطني ضد الاحتلال، والصراع الاجتماعي في سبيل حقوق العمال، وفى قيادة النضال الوطني في 1946 من خلال اللجنة الوطنية للعمال والطلبة.
العصر الذهبي للحركة النقابية في مصر هو الفترة التي سادت فيها التعددية النقابية، ففي رحم التعددية النقابية بدأ تبلور جنين وحدة الطبقة العاملة الطوعية متمثلا في اللجنة التحضيرية للاتحاد العام التي تشكلت عام 1952 قبل حريق القاهرة وضمت أكثر من مائة نقابة، وتحدد لعقد مؤتمر التأسيس 27/1/1952 ولولا مؤامرة حريق القاهرة لولد هذا الاتحاد في هذا اليوم ليجسد وحدة نقابية تنظيمية طوعية مفروضة من أسفل.
هكذا أوضح العديد من المفكرين المخلصين طبيعة البنيان القائم والمدافعين عنه، وكيف نبني بإرادتنا الحرة نقابتنا المستقلة دون وصاية أو تدخل من أي جهة.
لنجعل معركة النقابات العمالية في عام 2006 بداية لمعركة تحرير النقابات العمالية واستعادة تاريخها النضالي في الدفاع عن الأجور الأعلى وشروط العمل الأفضل.
لنبدأ منذ الآن في الإعلان عن تعدد المراكز النقابية كخطوة على طريق تحرير النقابات. فمن هنا نبدأ.
لنبدأ معركة شاملة من أجل انتزاع استقلالية الحركة النقابية، ومن أجل إسقاط قانون النقابات بأكمله والشروع في تكوين التنظيمات النقابية المستقلة.
ولنردد الشعار الذي رفعه الأستاذ نبيل الهلالي
(فليبنى عمال مصر بسواعدهم نقاباتهم المستقلة)



#إلهامي_الميرغني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول موقف اليسار المصري من بعض القضايا الاقتصادية والاجتماعية
- اليسار المصري بين التحليل الطبقي وطق الحنك
- يريد الشعب حزباً من نوع جديد
- القديس يصعد إلي السماء
- نيران الغلاء تحرق أصحاب المعاشات
- يوم ترجل فارس جيل السبعينات
- أمثال يوسف درويش لا يموتون
- تأملات في أوضاع الطبقة العاملة المصرية 2006
- الفقراء يدفعون الضرائب والأغنياء يتحايلون
- المعاش المبكر والتخبط الحكومي
- كل عام والحوار المتمدن بخير كل عام واليسار العربي بخير
- تمزيق وتدمير الوطن ولى وطن آليت ألا أبيعه ولا أرى غيري له ال ...
- تمزيق وتدمير الوطن
- إعادة صياغة الوعي في زمن العولمة المتوحشة
- اللحم الرخيص
- ملاحظات حول ورقة من أجل حزب اشتراكي جديد
- لماذا وأين نتظاهر؟
- تحرير الأسواق كطريق للتنمية
- كلام أبو لبدة
- الإصلاح الاقتصادي في مصر


المزيد.....




- شاهد: فرق الإطفاء تستمر في إخماد حريق اندلع بمأوى للمشردين ف ...
- خمسة أيام!! إجازة شم النسيم للقطاع الخاص والحكومي 2024 .. مد ...
- الأول من أيار رمز المواجهة بين الطبقة العاملة ورأس المال
- الوكالة الوطنية للتشغيل.. التسجيل في منحة البطالة بالجزائر 2 ...
- هي دي الاخبار ولا بلاش.. الحكومة العراقية تقرر زيادة رواتب ا ...
- خبر سار.. زيادة رواتب المتقاعدين بالجزائر في شهر مايو 2024 ت ...
- راتبك بزيادة 100,000 دينار..وزارة المالية تعلن بعد التعديل س ...
- لندن تستدعي سفير روسيا احتجاجا على -نشاط خبيث- على أراضيها
- “مصرف الرافدين” 25,000,000 دينار سلفة للموظفين والمتقاعدين ب ...
- رابط التسجيل في دعم العمالة الكويتية 2024 بالرقم الوطني عبر ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - إلهامي الميرغني - هل نبدا معركة تحرير النقابات العمالية؟