أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسام محمود فهمي - هل تصبحُ مصرُ خليجيةً؟














المزيد.....

هل تصبحُ مصرُ خليجيةً؟


حسام محمود فهمي

الحوار المتمدن-العدد: 2156 - 2008 / 1 / 10 - 03:48
المحور: المجتمع المدني
    


أزياءٌ جدَت، لونُها أسودٌ قاتمٌ، رمادي كالحٌ، بني داكنٌ، ولو في عز الحر؛ سراويلٌ قصيرةٌ واسعةٌ تعلوها قمصانٌ تطولُ الركبةِ، طواقي أشكالُها جافةٌ، لحي كثةٌ، شباشبٌ وصنادلٌ ولو في عز البرد. نظراتٌ متربصةٌ متحفزةٌ، شفاهٌ ممطوطةٌ مضمومةٌ، أصواتٌ زاعقةٌ صارخةٌ، عروقٌ نافرةٌ متصلبةٌ. مصرُ ليست مصرَ.
مصرُ اليومَ، يغيبُ عنها التنوعُ والتعددُ، الألوانُ والألحانُ، التسامحُ والتآخي والتآلفُ. ماذا حدث؟ لماذا؟ الاجتهادُ واجبٌ، حتي لا يكون ما يُخشي مفاجئاَ، حتي يكون المجهولُ معلوماً واضحاً بيناً.
قلةُ العيشِ دفعت الكثيرين إلي دولٍ خليجيةٍ لها طباعُها وعاداتُها، صحاري ولو ارتفعت فيها ناطحاتُ السحابِ وعُبِدت الطرقُ، بداوةٌ تتسابقُ فيها السياراتُ الفارهةُ مع قطعانِ الجمالِ، الفاظٌ جافةٌ وتعاملاتٌ خشنةٌ تماماً كقيظِ أجوائها وخشونتِها. إعلامٌ اشتري الفضائياتِ وصحافةَ الورقِ والإنترنتِ، يقدسُ حاكمَه، لا تعددَ آراءٍ فيه إلا عما وراءَ حدودِه، رفضٌ واحتقارٌ للغيرِ، انكارٌ لفضلِ حضارةٍ غربيةٍ رفعتهم، بها يعيشون، وأيضاً يلعنون ويُخَطِئون. ماذا يستطيعُ غريبٌ جائعٌ ضعيفٌ في مجتمعٍ كهذا اشتراه، بعقودِ عملٍ هي الرقِ والعبوديةِ؟ماذا يمكنُه إلا الانصياعَ والانقيادَ في المظهرِ، الكلامِ، العاداتِ؟ ينجرفُ فيما توهمَ أنه الصوابُ، يتناسي أنهم بالمالِ اشتروه، ينقلبُ علي بلدِه الذي لم يقدم له الرخاءَ، لم يقدرُه؛ لما لا يجربُ نهجاً أخراً، نهجُ من بأموالِهم سبوه؟ لماذا لا ينتقمُ من بلدِه الذي إلي المذلةِ رماه؟
وضعٌ طبيعي، عجزُ الدولةِ عن زرعِ الأملِ في مواطنيها يدفعُهم للانقلابِ، استمرارُ سلطةٍ مع قلةِ حيلتِها يدفعُ للهروبِ الجماعي، لخارجِ الحدودِ، للبحارِ، أياً كانت العواقبُ، من ينجو يتحولُ لكارِهٍ حاقدٍ علي من أجبروه علي بيعِ نفسِه لكفيلٍ لا يرحمُ ولسمسارِ إغراقٍ في أعماقِ بحارٍ أو أغوارِ حياةٍ شظفُها عجزَ بلدُه عن تحقيقِه.
مصرُ ليست مصرَ، مهزومةٌ، من الداخلِ، بالفقرِ، بالجوعِ، بالعطشِ، بالظلمِ، بالقهرِ، بانعدامِ الخياراتِ والفرصِ والبدائلِ، المهزومُ تابعٌ، في المظهرِ، في العاداتِ، في الفكرِ، لا شخصيةَ له. كان الاستعمارُ يعيدُ صياغةََ الشعوبِ المحتلةِ، الآن الفعلُ للغضبِ، لرفضِ الحالِ مع العجزِ عن تغييرِه. مصرُ ترتمي في أحضانِ الماضي، الوهمِ، لعلها تجدُ الخلاصَ؛ خداعٌ للذاتِ ضاعَت فيه الحقيقةُ، عظاتُ التاريخِ. لكلِ مجتمعٍ عاداتُه، لكلِ عصرٍ أدواتُه، يستحيلُ نقلُ حياةِ القيظِِ والجفافِ إلي مجتمعٍ له جذورُه، الثمنُ لا بدَ وأن يكونَ انفصاماً في الشخصيةِ مآلُه الانهيارُ، التفتتُ.
مصرُ ليست مصرَ، إنها تتخبطُ، يستحيلُ أن تكونَ خليجيةً، إلا إذا أرادت الانتحارَ، وقتها سيجفُ الخليجُ، أيضاً،،



#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدير الزغنن
- مُغتصَبةٌ جانيةٌ .. وإعلامٌ خائبٌ
- عندما يُحرَضُ الطالبُ علي المؤسسةِ التعليميةِ
- لجان الترقيات بالجامعات..جولة جديدة؟!
- الجودة في التعليم .. الصراحة راحة وأمانة
- الحق في الميليشيات
- شركات تخريب الجامعات
- كركر يكسب
- الدينُ للهِ
- من القاتلُ؟
- رؤساءُ أقسامٍ معينون .. الحكايةُ من الأخِرِ
- ورجعَ الطاقمُ الطبي البلغاري
- عروضٌ عسكريةٌ
- غزو بريطانيا العظمي
- كياناتٌ هشةٌ
- عندما يهرِمُ النظامُ
- هل تُعيدُ حماسُ طالبان؟
- هل تنجسُ المرآةُ المسبحَ؟
- مرضُ انعدامِ المناعةِ من الفتنِ
- اِزدراءُ الأديانِ


المزيد.....




- فرنسا: نشر أربعة آلاف عنصر أمن في -عملية تفتيش وطنية- لاعتقا ...
- خزانة ذكية تساعد المكفوفين على اختيار ملابسهم
- -الأونروا-: 45? من المستلزمات الأساسية في قطاع غزة نفدت
- الشرطة السلوفاكية تبدأ موجة تحقيقات واعتقالات عدة مسؤولين بس ...
- -ليس لديكم سُلطة!-.. شاهد لحظة اعتقال المرشح لمنصب عمدة نيوي ...
- الأونروا: نفاد الوقود يُهدد سير العمليات الإنسانية في غزة
- -الإحصاء-: 5.9 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الأونروا
- الاحتلال يحوّل الطفلة هناء حمّاد من الخليل إلى الاعتقال الإد ...
- شاهد.. اعتقال لاعب خلال مباراة فريقه بتهمة الشروع بجريمة قتل ...
- مركز حقوقي: محكمة إسرائيلية تجيز هدم جماعي للمنازل بمخيم جني ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسام محمود فهمي - هل تصبحُ مصرُ خليجيةً؟