هشام بن الشاوي
الحوار المتمدن-العدد: 2155 - 2008 / 1 / 9 - 11:04
المحور:
كتابات ساخرة
تعب كلها الحياة
* شيخوخة:
انتبه (الباطرون) إلى أنه صار يتذرع كثيرا برغبته في الخروج .. أثناء العمل . راودته فكرة أن يتبعه ..
لمحه مستلقيا على جنبه فوق كومة الحصى ، شارد الذهن ، مبلبل الفكر..
يرفع حصاة ، ويضربها أرضا مكلما نفسه : جيب الدقيق ، جيب هاذي ، جيب هذيك .. عيت والله إلا عيت ، أنا فين غادي نعطي براسي !
و قال لنفسه متحسرا :لوكان له أبناء يعيلونه وزوجته ...
حاول العامل العجوز أن ينهض مرتبكا حين لمح رب العمل ، فأشار إليه بيده أن يبقى كما كان قائلا :
- حين ترغب في الخروج ،اذهب دون أن تخبرني!
* إفطار:
استقبلته زوجته متهللة مثل عروس ، وراحت تحضر ما لذ وطاب فرحة بعودته .
العطار يغيب عن بيته متجولا بين الدواوير برفقة حماره وبضاعته ..
صباحا ، كانت متجهمة مثل فراشها المعطل ..
وصبت جام غضبها في كل ما اعترض طريقها من حيوانات ودواجن .
طالبها بإحضار وجبة الإفطار ..
غابت دقائق ، ووضعت أمامه علافة الحمار .
*استراحة :
تمدد فوق ألواح طلبا للراحة ، فكر في أن يضحي بفترة الغذاء .. إلحاح زميليه في أن يأكل معهما جعل النوم يخاصم جفنيه .. بنبرة ندم تكلم كبيرهما سنا عن حياتهم التي لا معنى لها، والعذاب الذي ينتظرهم لأنهم لا يصلون ..
فكر في معادلة العذاب في الدنيا والآخرة .. هذا العمل الشاق والذي لا تكفي نقوده ليسدد كل حاجياته . ربما هناك خلل ما ، ويستحسن ألا يفكر في الأمر طويلا .
أعاد طرح السؤال عليه : حين كنا في الجوهرة لم تكن صلاة الجمعة تفوتني .. أنت واعي و متعلم ، فلم لا تصلي ؟؟
- الله يرحم ابّاك إلا ما هنينا ...
- أش غادي تقول ليه مين يدفنوك ويجي عندك ؟..
- غاذي نقول ليه الله يرحم باك إلا ما هنينا .. جيتي حتى انت .. سير خلينا نتسراحوا .
أغرقوا في الضحك ، وصوت خطيب الجمعة يتناهى إليهم من بعيد معلنا في وقار :ومن لغا فلا جمعة له .
#هشام_بن_الشاوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟