|
رسالة أخيرة
هشام بن الشاوي
الحوار المتمدن-العدد: 2048 - 2007 / 9 / 24 - 13:21
المحور:
الادب والفن
ملاكي الحارس : أكتب إليك يا سيدة القلب والأحزان.. مفعما بالحنين والنشيج .. "منتظرا انكساري التالي" . بالأمس ، كنت منهارا نفسانيا حين أبلغني أحد الأصدقاء الأصفياء رفض ترشيح ديواني لإحدى الجوائز العربية .. كنت أحلم بحفنة دولارات لأرمم أطلال دواخلي وأرتق أسمال أيامي .. أعرف أني صرت أفكر - لا شعوريا - في الماديات . لعل حبي للحياة بطريقتي الخاصة يجعل الجانب الإنساني في داخلي يموت ببطء .. ببطء.
أحسست بقلقك ولكن ... كنت أحتاج إلى أن اكون وحيدا . لم أتحمل حتى نفسي وأنت تلحين في السؤال علي .. هي لحظات انكسار لاغير. بعد أن غادرت وصديقي الحانة ، لمحت فتية يقيسون بنظراتهم خلفيات العابرات المتهاديات أمامهم على الكورنيش، مصرحات بمفاتنهن ، سمعت أحدهم ينوه بعجيزة التي غادرت الشاطئ للتو .. لم يعنني ذلك أبدا ، رغم أنها كانت مدوخة .. كنت محطما ، أحاول أن أتمالك أعصابي حتى لا أغرق في بحر دموعي ... وكل شيء من حولي بهيج وضاج بالحياة ، و الشباب يتباهون بسياراتهم الفارهة ذات الترقيم الأوربي ... لم يكن يعيني في شيء أني أهمل أناقة ملبسي ، و لا أحلق شوك وجهي إلا كل أسبوع ... مذ بلغت سن الثلاثين لم يعد هناك ما يشدني إلى هذا الموت المجاني ،البطئ ،المسمى مجازا: حياة ... لم تهمني في شيء دردشتك عن الشاب المعطل الذي يتوق إلى العمل ك"زبال" بشهاداته العليا !! سألتني شابة جميلة ، أثناء انتظارنا للحافلة ، عن الساعة . لم أبال بالرد عليها .. فقط كنت أصغي إلى ضجيج رجل قريب منا ... تقولين :إني أقصيك من تفكيري في لحظات توتري. لكني لا أحب أن ترينني منكسرا .. دامع القلب والعين ، هو درس قديم تعلمته منذ زمن بعيد ،عن الخيط الرفيع ما بين الحب أو الحنان و الشفقة ... ليتك تتصورين طعم المرارة حين أجالس أصدقاء شعراء ،ويؤدون ثمن مشروبي .. ياااااه !! قد أكون حالما أكثر مما ينبغي أن أطمح . و غير راض على حياة أحتملها ولا أعيشها. تحت مطر الحزن ، وممتلئا بالنشيج .. انهمرأول الغيث ، فأخرجت قلمي ، ودونت على قصاصة ورق : " أيتها الحياة :امنحيني بعض الفرح أستعيره لخراب دواخلي حتى أحبك وأعدك بقصائد غزل لم تكتب بعد ! " . هذا الصباح ،انتشلت رسالتك الرائعة من مخبئها ،حيث أخفيها عن الجميع ، تلمست غلاف الرواية ، كما لو كان خد امرأة مثيرة .. رواية مجرد قراءة ثمنها ... يرعبني من باولو كويلو!! تفحصت منديلك ، تشممت بكل مودة عطرك الباريسي الفاخر ، وبكيت بلا دموع ، وأنت بعيدة قريبة . في مكتب البريد ، لمحوا القبلة التي طبعتها بأحمر شفاهك .. وأحسست بالمهانة وهو يخاطبني أو يخاطب زميله : " فلتأخذك معها " . قبل أيام ، التقيت وصديقين مبدعين .. كنا ثلاثة بؤساء نتسكع في شارع الحب مثل غجر . وبكثير من الأسى، تحدثنا عن زمن البدايات وألقها ، تحسرنا على عمر ضاع في الهباء ، وجدنا " التعاسة تنتظرنا في آخر المطاف " .. اقتنعنا بضرورة البحث عن مستقبلنا بعيدا عن هراء الكتابة .
صرت أحب الليل من أجلك ، فقط لأننا نختلي بأنفسنا بعيدا عن الأعين والمنغصات ، ونحلم بتحطيم كل الحواجز التاريخية والجغرافية و.. و... تعرفين تلك ال.... والتي كنت تغضبين كلما قرأت إميلاتها ومسجاتها .. وهي تطاردني هنا وهناك . كنت الوحيد الذي انتقد - بشدة - هشاشة تجربتها الإبداعية ونفاق من يتوددون إليها . قد تكون غنية ، وربما رائعة الجمال .. لكني لم أفكر في يوم أن .... كنت الوحيد الفظ معها . لعل هذا سبب ملاحقتها لي ... كان صوتها يتدفق فرحا وهي تكلمني ،وكأن لا شيء حدث بيننا .. كما لو كنت حبيبا غيبته سنوات الشوق والبعد . حددت لها الملتقى ، وأغلقت الخط ، وبكيت كما لم أبك من قبل .. أحسست بالمهانة وأن لا جدوى من وجودي .. وصوتك حلو النبرات، يغمر رأسي المخمورة ، وأنت تجهشين في البكاء ذات شجن : " أنا أحبك ،ومجرد التفكير في أنك قد تهجرني - ذات نزوة - يقتلني كمدا ..." . استدرت بسرعة ، حين أقبلت سيارتها .. كفكفت دمعي الحار، بادرتها بقبلة ، وأنا ألف ذراعي حول كتفها ... عندما غادرت الحمام ، وجدت ظرفا فوق ثيابي ... اندفعت إلى الخارج ، هائما على وجهي ، وقلبي ينوح .. تحاشيت أن أنظر إلى وجهها بمجرد الانتهاء منها ، كما تعودت أن أفعل مع بائعات الهوى . لن تصدقي أني رميت رزمة المال في إحدى البالوعات ... و... وها أنذا أكتب إليك هذه الرسالة الأخيرة .. وحيدا ... مع كأسي ، حزني الخرافي وقلبك البكر المخضب بحبك الجنوني الذي لا يستحقه رجل قذر مثلي .. وداعااااا
#هشام_بن_الشاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النصف الأخر (8)
-
النصف الآخر (7)
-
النصف الآخر 6
-
النصف الآخر (4-5)
-
النصف الآخر (3)
-
النصف الآخر
-
مثقل بنشيج الروح ..
-
أعلنت عليكم الحب بطريقتي
-
سوتيان _ مشاهد من حياة مخبولة جدا
-
قصتان قصيرتان جدا
-
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
-
ق.ق.ج
-
بيت لا تفتح نوافذه …
-
الشياطين تخدع أحيانا
-
!أسعدت حزنا.. أيها القلب
-
روتانا سينما... وهلوسات أخرى !
-
عاشق من زمن الحب
-
الضحايا ..جديد هشام بن الشاوي - مع كل الحب
-
الخطيئة الأولى
-
هذيان رجل وحيد
المزيد.....
-
ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|