امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2156 - 2008 / 1 / 10 - 03:55
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
ان يتحول المناضل السياسي وداعية التحرر ورئيس الدولة الى معلم ، فتلك اعلى درجات التقدير التي يستحقها فعلا . وفرق كبير ان تطلب من احدهم ان يحذو حذو عمر بن عبد العزيز ، او الحلاج ، او هوشي منه ، حيث سيجيبك بأن الازمان والظروف الموضوعية مختلفة ، وبين ان تطالبه بأن يتعلم شيئا من مَثَلٍ حيْ يعيش بيننا في هذه القرية المعولمة .
دروس مانديلا ليست مجانية بل هي باهظة التكاليف لمن يريد الاستفادة منها ، بقاءه في السجن لأكثر من ربع قرن مبرهنا بصموده بأنه حر أكثر من سجانيه ، رافضا الخروج مقابل تنازلات ، معطيا بذلك درسا في النضال والصمود والثبات . عّلَمَ البيْض العنصريين درسا لن ينسوه لا في بلده ولا في كل العالم ، اثبت انه اكثر منهم تحضرا ورقيا وانسانية ، من خلال تسامحه معهم بعد صعوده الى السلطة . الدولة التركية قدمت اعلى وسام الى نيلسون مانديلا في منتصف التسعينيات تقديرا له ودعته لزيارة تركيا لغرض تقليده الوسام . ماذا فعل المعلم ؟ لم يتردد لحظة واحدة ، رفض التكريم !! قائلا : لايشرفني وسام من دولة تضطهد شعبا هو الشعب الكردي . كم من الكرد في تركيا والدول الاخرى يعرفون شيئا عن مانديلا ؟ هل فّكر برلمان كردستان العراق ان يمنح مانديلا وساما تقديريا ، او على الاقل دعوته لزيارة كردستان وتكريمه شخصيا ؟
حصل مانديلا على نسبة أكثر من سبعين في المئة في انتخابات حقيقية نزيهة وقاد بلاده وسط ظروف صعبة ومعقدة للغاية نحو بر الامان . رغم المظاهرات العارمة التي كانت تطالب ببقائه في سدة الحكم بعد انتهاء فترة رئاسته ، الا انه رفض ذلك رفضا قاطعا فاسحا المجال لغيره ، ليعطي درسا بليغا في تداول السلطة واحترام القانون . وآخر درس والذي مازال مستمرا حتى اليوم ، هو انه رغم حياته الصعبة والمشاق التي مرت عليه والسنين التي أثقلت كاهله ، فأنه مقبل على الحياة ، يحضر الحفلات الموسيقية ، مباريات كرة القدم ، المساعي الحميدة في داخل بلده والخارج ، حملات التبرع الخيرية ، هذا الاسود الجميل رمز عصرنا . انه المعلم الرمز حقا . مربط الفرس هو انني لا ادعي بأن رؤساءنا وزعماءنا وقادتنا يستطيعون ان يفعلوا كل ما فعل مانديلا ، ولكن درسا مهما من دروسه ينبغي ان يقتدى به على الاقل ، وهو التنحي الطوعي عن السلطة او القيادة بعد سنين من ممارستها ، وعدم اعتبارها اقطاعا شخصيا يمتد مدى العمر مع تهيئة الابن او الاخ كوريث ، بحيث اصبحنا فرجة للعالم واصبحوا يسموننا جمهوريات ملكية !
الايمان بالديمقراطية وتداول السلطة على طريقة مانديلا هو الدرس الاول الذي يجب فهمه وحفظه من قبل جميع الساسة الذين يحكموننا ، والذي لايفهم الدرس ولايحفظه جيدا سوف يرسب حتما في امتحان الشعوب !
#امين_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟