أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليث عبد الكريم الربيعي - فيلم (رجل العصابات الأمريكي) ...يكشف فساد المؤسسة العسكرية والأمنية الأمريكية















المزيد.....

فيلم (رجل العصابات الأمريكي) ...يكشف فساد المؤسسة العسكرية والأمنية الأمريكية


ليث عبد الكريم الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 2137 - 2007 / 12 / 22 - 12:22
المحور: الادب والفن
    


مهما تعددت أعمال الفنان أو المفكر فهناك أفكارا رئيسة تظل أثيرةً لديه تمثل نقطة الارتكاز التي تدور حولها أعماله، ويحاول جاهدا تجسيدها على مدى مشواره العملي، والمخرج السينمائي المتميز قادر على ترك بصمته على مجمل أعماله، أمثال (ستانلي كوبريك، وانغمار بيرغمان، وفيدريكو فيلليني.. وحتى ستيفن سبيلبرغ، وجيمس كاميرون...وآخرين).
ومن هؤلاء أيضا المخرج السينمائي (ريدلي سكوت) الذي ولد في نورثمبرلاند في إنكلترا عام 1937، عرف عنه عشقه للأفلام منذ طفولته حيث صور مع أخيه الصغير فيلما بسيطا عنوانه (الولد القصير على الدراجة)، ثم التحق بتلفزيون البي بي سي كمصمم إنتاج عام 1966، بعد خمس سَنَواتِ قدم فيلمه الأول (المبارزون-1971) الذي عُد تقليدا لفيلم ستانلي كوبريك (باري لندون)، وبعد أربع سنوات اَنتقلُ إلى طليعةِ منتجي الأفلام المُعاصرينِ بفيلمه الثاني (الغريب- 1975) الذي فتح الآفاق أمامه حتى قدم الفيلم الأبرز في تاريخه السينمائي (عدّاء نصلِ-1982) استنادا على رواية الخيال العلمي للكاتب فيليب كي ديك، يركز الفيلم على الصيّاد (هاريسون فورد) الذي تتبعه عصابة من الأناس الآليين.
بفيلم (الأسطورةِ- 1985) المخيب للآمال تَعثّرَ سكوت بشكل سيئ, وحاول أن يعوض إخفاقه فقدم عام 1978 فيلم (شخص ما لحِراسَتي) قصة مثيرة ورومانسيةِ تذكرنا بأسلوب هتشكوك.
على أية حال، عاد سكوت بفيلم (المطر الأسود- 1989) ليحرز النجاح الأكبر منذ فيلمه (الغريب)،عن قصة فسادِ رجال شرطةِ مدينة نيويورك.
في التسعينياتِ، قدم (ثيلما ولويز-1991) حيث رشح لاوسكار أفضل مخرج، وليقدم مباشرة فيلمه (1492: غزو الجنةِ -1992) ذو الميزانية الضخمة جدا، إلا انه لم يحقق شيئا.
ظل سكوت بعيدا عن الأضواء أربع سَنَواتَ، حتى قدم فيلمه (العاصفة البيضاء-1996)، واتبعه بفيلم (جي. آي . جين - 1997)، مَع ديمي مور بدور مُجنّدُة بحرية، وأخيرا وَجدَ سكوت المزيج الصحيح مَع فيلم (المصارعِ-200) عودة إلى ملاحمِ أواخر الخمسيناتِ وأوائِل الستّيناتِ.
بعد هذا النجاح أكمل الفيلم الفائز بالأوسكار (صمت الحملانِ-1991) بجزء ثان عنوانه (هانيبال-2001)، وعالج بعده موضوع جدلي آخر بفيلم (سقوط الصقر الأسود -2001) الذي فدم أحداثَ مهمّة إنسانية أمريكية في الصومال أودت بحياة عِدّة جنود أمريكيون ومائة مِنْ الصوماليين، وبه نال ترشّيحه الثاني لاوسكار أفضل مخرِج.
اخرج بعدها سكوت فيلم (رجل عود الثقاب-2003)، ثم قدم الدراما التاريخية الملحمية (مملكة السماءِ-2005)،عن الهدنةِ التجريبيةِ بين المسلمين والمسيحيين في القرن الثاني عشر.
وقدم أخيرا فيلمه (رجل العصابات الأمريكي- 2007 American Gangster) الذي ينتمي إلى أفلام الترقب والإثارة التي من المفترض أن تشد اهتمام المشاهد من لحظاته الأولى إلى النهاية المثيرة، إلا إن إيقاعه البطيء وترهل مشاهده الفضفاضة جعله بعيدا عن اهتمام المشاهد.
بنيت إحداث الفيلم على سيناريو لـ ستيفن زيليان استنادا على مقالةِ (عودة سوبيرفلي ) لـمارك جاكوبسون المبنية على وقائع حقيقية، شهدتها مدينة نيويورك أوائل السبعينيات من القرن الماضي وتحديداً خلال حرب فيتنام حين أخذت المخدّرات الانتشار بشكل مثير في حي هارلم احد ضواحي مدينة نيويورك.
يبدأ الفيلم باستدعاء بابمبي جونسون رجل العصابة الكلاسيكي العجوز بعد إصابته بذبحة قلبية لفرانك لوكاس (دينزل واشنطن) سائقه الأمين لعدّة سنوات، فيشتكي إليه بمرارة من الخلاعة وانعدام الكرامة والانضباط الذاتي لمجرمي جيل اليوم، وهناك يتّّصل فرانك بمعارفه ليحفظ مكاناً له في سوق تجارة المخدّرات بعد أن حانت نهاية رئيسه، لكنّ حظوظه تكون ضئيلة مع وجود عصابات أخرى ومافيا تحاول التخلّص منه، وتفادياً لوقوعه في مأزق ما يسافر فرانك بسرعة إلى بانكوك ويتعامل مباشرة مع منتجي المخدّرات من دون الحاجة إلى وسيط ويستعين بابن عمه ضابط الجيش في جنوب شرق آسيا، والذي ينقل التجهيزات والرجال إلى فيتنام ولينقل بالتالي المخدّرات إلى الولايات المتّحدة. يتمكّن فرانك بذلك من الحصول على أفضل نوعيّة من الهيروين ويبيعها بأسعار أرخص من منافسيه مما يدفع مافيوسو دومينيك كاتانو (ارماند اسانتي) للعمل لصالحه.
في هذا الوقت يصبح الشرطي ريتشي روبرتس (راسل كرو) منبوذاً لأنّه قبض مليون دولا كانت مخبأة في ظهر سيارة كاديلاك كان من المفترض أن تكون مرتبات لرجال الشرطة، فيتمّ تحويله لتشكيل فرقة لمكافحة المخدّرات وعليه أن يختار رجاله بنفسه بهدف القبض على أكبر تجّار المخدّرات فتتوجه إليه مهمة الإطاحة بملك الهيروين في هارلم - فرانك، لكنه يعاني في سبيل الخلاص من عدوه الأول إدارة شرطة نيويورك الفاسدة، من ناحية أخرى يواجه ريتشي مشاكل في العمل وفي حياته الشخصيّة، فزوجته السابقة تريد الوصاية على ابنها، كما أنّ زملائه لا يحترمونه ونظيره في مدينة نيويورك المحقّق تروبو يسرق المال.
يحاول المخرج ريدلي سكوت، ومن خلال سيناريو ستيفن زيليان المحبوك أن يتحكم بقصة البطلين ببراعة، وإن كانا محدودين بمشاهد متساوية في التوقيت، إلا إنهما لا يعرفان بعضهما الآخر حتى النصف الثاني من الفيلم - شأنهما في ذلك شأن العديد من أفلام العصابات السابقة- حيث لا تتم المواجهة إلا في آخر 20 دقيقة.
كذلك فان سيناريو الفيلم وبفضل المخرج سكوت جعل من المشاهد يمر بشعور مضطرب تجاه البطلين، فتارة يصور فرانك (الرجل السيئ)، وتارة أخرى ريتشي، إذ إننا لا نريد رؤية فرانك مدمرا وإنما نود رؤيته تحت قيد ريتشي بطريقة تتحكم في روحه وتنقذها وتدمر العدو الحقيقي، كما إننا نريد نهاية سعيدة وسط عالم من الفوضى والطمع والطموح الذي يميز طابع العصابات.
كان لاختيار الممثلين الرئيسيين دينزل واشنطن وراسل كرو الأثر الأبرز في نجاح الفيلم، ويعود لهما الفضل في رفع مستواه، فشخصية فرانك في الفيلم ساحرة، فهو لطيف ويحب زوجته ووالدته ويتمتّع بكاريزما رائعة وهي صفة موجودة في الغالب عند تجار المخدرات في السينما، لكنّه عدوانيّ في بعض الأحيان - كما في المشهد الذي يقتل فيه عدوّه بوحشيّة في وضح النهار ووسط السوق.
أمّا ريتشي فسخيف وغير مثير للاهتمام، يعاني الكثير من الاضطراب والمشاكل العائلية- كما في مشهد المحكمة إذ يتنازل عن حق وصايته على طفله بعد صراع طويل مع زوجته، وهذا ليس بخطأ في أداء كرو بل من متطلبات الدور.
فالمخرج ريدلي سكوت أراد بناء قصّة متكاملة عن طريق التعارض بين ريتشي وفرانك من خلال الخلاف الذي يقع بينهما، لكن الأمر لم يكن كما أراده المخرج إذ جاء الخلاف بينهما متقطّعا وتنقصه القوّة والحيويّة، كما أنه ما من سبب واضح يجعلهما متخاصمين، وما يحسب للفيلم ومخرجه التفاصيل المؤثرة في عملية صناعة المخدرات وتصديرها عبر سلسلة من المشاهد التوثيقية، كذلك أمعان سكوت في ربط عالم الجريمة بالسياسة، ليس فقط من خلال مرحلة حرب فيتنام، وإدانة المؤسسة العسكرية الأمريكية عبر تقديم صورة للجيش الأمريكي الذي يحارب وفي الوقت نفسه يسهّل بل ويساهم في تهريب المخدرات من فيتنام إلى أمريكا في طائراته العسكرية، وفي توابيت جنوده الذين يعادون إلى بلادهم قتلى، ليس خلال مراحل الحرب فقط، بل ووصولا إلى لحظة عودة العسكريين الأمريكيين مهزومين لآخر مرة إلى بلادهم من فيتنام، وإدانة المؤسسة الأمنية عبر تقديم صورة الفساد في سلك الشرطة التي يسهل رجالها توزيع المخدرات التي هربها إلى البلاد رجال المؤسسة العسكرية، رغم محاولة سكوت خلق هذا الربط بين عالم الجريمة وفساد السياسة، إلاّ أن البنية الأساسية لفيلم (رجل العصابات الأمريكي) لا تشذ عن أفلام المافيا التقليدية التي قدمتها السينما الأمريكية بوفرة، سواء في تصويرها لعالم الجريمة - توزيع وترويج المخدرات هنا-، أم في تقديمها لحال تشكّل العائلة المافيوية، أو في ملامستها للوجوه المتعددة لشخصية الزعيم أو العراب -القاسية في العمل، والحنونة في المنزل-، أو أخيرا في تصويرها لعلاقة المطاردة التقليدية بين المجرم والشرطي.
في الختام فان الفيلم يعد تجربة جيدة لمخرجه ريدلي سكوت يكشف فيها بوضوح عن قدرته الإخراجية ومهاراته في إدارة ممثليه، وبالوقت نفسه يسجل نقطة أخرى في سجل السيناريست ستيفن زيليان مقدم أفلام ( كل رجال الملك، والمترجم، وعصابات نيويورك، وسقوط الصقر الأسود، واميستاد، قائمة شندلر) ويثبت بجدارة بأنه احد أهم كتبة السيناريو في الوقت الحالي.



#ليث_عبد_الكريم_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (قريب).. عندما تنقلب مشاعر الحب الى الخيانة
- ستانلي كوبريك: المخرج المجدد
- في الثقافة السينمائية
- السينما العراقية ..قبل وبعد سقوط الصنم
- النهر الباطن... عن علاقة الإنسان بما حوله، وإدانة السلوك الإ ...
- الواقعية في السينما
- النسيان - ...صراع بين شخصيتين لا تطيقان الحياة
- السيد والسيدة سميث....بين الإثارة والتشويق
- العار الإنساني - .سلوك الإنسان في مجتمع فقد قيمه الإنسانية
- الخطيئة الأصلية... دراما مشوقة من الطراز الرفيع
- السترة - ...قصة غريبة وغير منطقية على خلفية عاصفة الصحراء
- البحث عن نيفرلاند- ...الأطفال عندما يلهمون الكبار
- التألق الأبدي: افتراضات منطقية لعملية رصف الذكريات
- أسرار البنات... على المجتمع السلام
- آرارات... عمل يكشف مأساة الأرمن
- فيلم مركب، يغوص في المشاعر الإنسانية
- قراءة متأنية في تاريخ السينما العراقية 3-3
- في النقد البنيوي: تحليل مشهد من فيلم الشرف
- قراءة متأنية في تاريخ السينما العراقية 2-3
- قراءة متأنية في تاريخ السينما العراقية 1-3


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليث عبد الكريم الربيعي - فيلم (رجل العصابات الأمريكي) ...يكشف فساد المؤسسة العسكرية والأمنية الأمريكية