أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليث عبد الكريم الربيعي - البحث عن نيفرلاند- ...الأطفال عندما يلهمون الكبار















المزيد.....

البحث عن نيفرلاند- ...الأطفال عندما يلهمون الكبار


ليث عبد الكريم الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1457 - 2006 / 2 / 10 - 10:38
المحور: الادب والفن
    


هناك بعض الأفلام تثيرك منذ اللحظة الأولى لمشاهدتها، بسبب قصتها أو معالجتها الدرامية أو أداء ممثليها...أو غير ذلك من إمكانات الفيلم السينمائية الذاتية. ويبدو أن هناك اتجاها سائدا في هوليود يركز على صدم المشاهد وكسبه لصالح الفيلم، وهذا الصدم قد يفكر فيه أولا قبل عرض الفيلم بالبحث عن النجوم المناسبين لاداء أدوار البطولة، وشن الحملات الإعلانية والدعائية ..الخ، والتي من شانها إبراز الإمكانات الكامنة في داخل الفيلم كالقصة المثيرة أو المونتاج أو الإخراج والى ما هنالك، قبل إطلاقه للجمهور...وهذه الإمكانات كلها تعد وسائل تشويق تزيد من احتمالية مشاهدة الفيلم والإقبال عليه، وهو مقصد المنتجين.
ولنأخذ مثالا على ذلك فيلم (البحث عن نيفرلاند-2004)، فعلى الرغم من إن الفيلم ينتمي إلى نمط أفلام السيرة الذاتية، حيث يدور حول فترة من حياة الكاتب المسرحي الإسكتلندي الشهير جيمس ماثيو جي. أم بارى، إلا انه ومنذ اللحظة الأولى يسلبك لمشاهدته، فعلى صعيد القصة نجد إن الفيلم يكشف حقيقة قصة بيتر بان وكيف واتت بارى فكرة هذه المسرحية بعد لقائه الذي ترك في وجدانه أثرا عميقا بأرملة شابة وأطفالها الأربعة، وقراره بأن يهرب من خلال صحبتهم من حياته الزوجية الخالية من المشاعر الدافئة، ومن إخفاقاته في حياته العملية ككاتب مسرحي.
أما على صعيد المعالجة الدرامية فان الفيلم يتخذ من موقف لقاء باري بالأرملة وأطفالها الأربعة وسيلة لسرد القصة، فيبدأ الفيلم في عام 1903 على أحد مسارح لندن حيث العرض الأول لإحدى مسرحيات بارى الذي يترك زوجته الجميلة والممثلة السابقة المشغولة بالوجاهة الاجتماعية لكي تجلس بين الجمهور الراقي، بينما يذهب إلى خلفية المسرح ليراقب من وراء الستار ردود أفعال المتفرجين الذين يبدون عدم إعجابهم بالمسرحية، إن هذا الإخفاق يدفع منتج الفرقة تشارلز فرومان (داستين هوفمان) إلى أن يطلب من بارى الإسراع بتأليف مسرحية جديدة قد يعوض بها خسارته، غير أن بارى يعانى من عقدة النضوب الإبداعي، فيذهب إلى إحدى حدائق لندن مع كلبه الضخم طلبا لتغيير الأجواء، فيقابل هناك بالصدفة الأرملة الشابة الجميلة سيلفيا وأطفالها الأربعة الصغار، وبينما هو يراقب الأطفال في لعبهم ولهوهم البريء، يدرك أن شيئا خاصا ما يربطه بعالم هذه الأسرة، ويصبح صديقا لهم وتتعدد لقاءاته بهم مما يثير في مراحل لاحقة الكثير من الشائعات حول ظلال جنسية -سوية أو منحرفة- تربطه بالأرملة أو الأطفال، لكن الفيلم ينفى تلك الظلال نفيا قاطعا ليحافظ على جوهر فكرته التي تدور حول علاقة أفلاطونية أصبحت مصدرا للإلهام والخيال في الفن.
وهكذا نكتشف أن الخيال الذي ينبثق أحيانا داخل وجدان المبدع قادرا على تحويل الحقيقة إلى وهم جميل، ولتتأمل في المشاهد الأولى كيف أن بارى يحقق انتقامه من متفرجى المسرح بأن يتخيل أن السماء تمطر فوق رؤوسهم داخل قاعة العرض، وهو الخيال الذي نراه متجسدا على الشاشة عندما يؤدى بارى -في محاولة لإسعاد الأطفال- رقصة في الحديقة مع كلبه الضخم كأنه دب كبير، وبالفعل يتحول المشهد إلى ساحة سيرك حقيقية، وكذا في باقي المشاهد، إن الخيال هنا يخلق واقعا لا وجود له لكن الواقع قد يساعد بدوره على خلق العوالم الخيالية الأخرى.
في هذه المعالجة السينمائية المرهفة يوجد مفهوم جديد عن الطفولة وعن مصدر الوحي الحقيقي للشخصية الخيالية بيتر بان، فللوهلة الأولى سوف نتصور أن الطفل الأصغر بيتر (فريدى هايمور)، هو نفسه بيتر بان الذي لا يريد أن يكبر أو أن يتجاوز مرحلة الطفولة، لكن الأمر على العكس تماما: إن بيتر يريد أن يكبر بسرعة -وهو الذي أصابته صدمة عميقة بوفاة أبيه- لأنه يتخيل أن الكبار والناضجين لا يشعرون بنفس القدر من الآلام العاطفية التي يعانى منها الأطفال، ومن ناحية أخرى سنكتشف أن بارى هو الذي يريد أن يعود إلى الطفولة -باحثا عن الأرض المستحيلة- لأنه لم يعش طفولته بسبب موت أخيه الأكبر مما اضطر بارى الطفل أن يعوض أمه عنه ويكبر قبل الأوان، العودة إلى الطفولة كأنها الفردوس الضائع، فهي جوهر فيلم(البحث عن نيفرلاند) ذلك البحث الذي قد نعود إليه بين الحين والآخر في أمنية مستحيلة نسعى فيها إلى أن نعود إلى بكارة وبراءة الطفولة الأولى.
إن تلك الفكرة لا يقدمها الفيلم على نحو شاعري بسيط، حتى أن الفيلم ودلالاته سوف تتجاوز إدراكات الأطفال، والحقيقة انه فيلم للكبار الباحثين عن الطفولة بداخلهم، لكن الفيلم لا يذهب أيضا إلى آخر الشوط في التحليل الذهني لهذه الفكرة ويفضل بدلا من ذلك أن يندفع إلى نزعة عاطفية مفرطة في ذلك المشهد الذي سوف يجعل اغلب المتفجرين ينخرطون في البكاء؛ فالأرملة سيلفيا تصاب بسرطان الثدي مما يمنعها عن الذهاب إلى المسرح لمشاهدة المسرحية، ليقرر بارى أن يقدم لها عرضا خاصا في حديقة المنزل، وهنا يكون الكل ملء الإحساس والذكاء، في تقديم خيالا متدفقا يتسق تماما مع خيال باري.
قام بأداء الأدوار الرئيسة إلى جانب الأطفال الأربعة، النجم (جوني ديب) الشهير بإمكانياته الادائية العالية، فهو أحد الممثلين الذين لديهم قدرة فائقة وخاصة في عملية تقمص الشخصية، ومن أدواره التي لا تنسى (قراصنة الكاريبي-2003) و(النافذة السرية-2004)، وقبلهما أداءه الراقي في(البوابة التاسعة-2000) و(جوني داركو-1997)، والى جانبه الممثلة الرقيقة (كيت وينسلت) المشهود لها إتقانها لادوارها، وهي واحدة من اشهر نجمات الزمن الحالي، وخير دليل على براعتها ترشحها لأوسكار افضل ممثلة عن فيلم(التألق الأبدي لعقل مشرق) وهو أحد فيلميها المقدمين هذا العام إلى جانب (البحث عن نيفرلاند).. وأخرجه (مارك فورستر) بأسلوب هادئ ينم عن فهم حقيقي للنص الذي كتبه( ديفيد ماجي) عن مسرحية ألان ني (الرجل الذي كان بيتر بان)، ويحسب للمخرج فورستر التزامه بروح النص المكتوب، فنراه كثيرا ما يجنح نحو الخيال لتجسيد أحداث مشاهده، فكم المشاهد الخيالية الكثير ابرز وبصورة واضحة شخصية باري الحقيقة الحالمة.
عموما فان (البحث عن نيفرلاند) فيلما غاية في الروعة، يقدم للصغار وللكبار، بأسلوب السهل الممتنع، فهو بسيط ممكن إدراك أحداثه وتتابعها، إلا انه عصي على التحليل الدرامي، فقصدية المخرج في اختيار الزوايا واللقطات مع الموسيقى والديكور، كان له عظيم الأثر في تقديم فيلما جميلا وهادفا من الطراز الرفيع.



#ليث_عبد_الكريم_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التألق الأبدي: افتراضات منطقية لعملية رصف الذكريات
- أسرار البنات... على المجتمع السلام
- آرارات... عمل يكشف مأساة الأرمن
- فيلم مركب، يغوص في المشاعر الإنسانية
- قراءة متأنية في تاريخ السينما العراقية 3-3
- في النقد البنيوي: تحليل مشهد من فيلم الشرف
- قراءة متأنية في تاريخ السينما العراقية 2-3
- قراءة متأنية في تاريخ السينما العراقية 1-3
- عازف البيانو....موسيقى من قلب المأساة
- لغة السرد في الفيلم المعاصر
- العِلاّقة بين الرواية العربيةِ الجديدة والفيلمِ العربي
- السينما الإيرانية تكسر حاجز الصمت وتثير أسئلة قلقةمن (سعيد) ...
- مشروع شامل للتكفل بقطاع السينما
- وقوف على أطلال السينما العراقية


المزيد.....




- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليث عبد الكريم الربيعي - البحث عن نيفرلاند- ...الأطفال عندما يلهمون الكبار