أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير دعيم - ما بين بيت لحم واورشليم














المزيد.....

ما بين بيت لحم واورشليم


زهير دعيم

الحوار المتمدن-العدد: 2125 - 2007 / 12 / 10 - 10:32
المحور: الادب والفن
    


المسافة بين بيت لحم واورشليم قصيرة, ولكنها في الواقع دربٌ طويل طويل, ابتدأ بالصرخة الأولى البريئة في المذود, وفرحة الابويْنِ الجذلى , وزغرودات أجواق الملائكة تنقلُ الخبر السّار الى كلّ المعمورة.
واستمرَّ صعوداً ونزولاً في وديان وجبال الجليل والجولان وصور وصيدا وطبريا واورشليم, جالَ فيها الربّ يداوي الأوجاع والاوصابَ ويزرعُ الاملَ في النفوس, استعدادا ًللفداء وتحضيراً للجلجثة, فالمذود ما كانَ الاّ الخطوة الاولى نحو الصليب , والانطلاقة المُثلى نحو الخُطّة الأزلية الفريدة , التي دبّرها الله الأب من اجل ابنائه العاصين : ألا وهي خُطّة الفداء , فالبشر كلّ البشر زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله, ولم يُسعفهم كثيراً الانبياء والرّسل , فاهتدوا لفترات وزاغوا وفسدوا فترات اخرى.
حدّثَ احدُ المُبشّرين مُفسّراً التجسّد الإلهي : " تخيّلوا معي ان ّرتلاً عظيماً من النمل يسير ويحثّ الخُطى بترتيبٍ مُنظّم ٍفي اتجاهٍ مُعيّن يؤدّي في النهاية الى الوقوع من على الصخرة الى الاسفل في نهرٍ جارٍ, فكلّ نملة تصل الى قمّة الصخرة تهوي في الماء وتموت , وتليها الثانية والثالثة وهكذا دواليك, وما من يُغيّر ويُبدّلُ ويُحذر.
حاول معي أيها الإنسان أنْ تردعَ هذا الرّتل من الاستمرار في طريقه, بحيث تحفظ حُريته وحرّية قراره, ..اصرخ , حَذّر ولوح بيديك , فلن تنجح أبدا في ثني هذه الانمال من متابعة المسير نحو الهلاك والهاوية إلا إذا بقدرة قادرٍ تحوّلتَ الى نملة وافهمتَ الانمال بما ينتظرهم من مخاطر!!.
وهكذا الانسان فهو يسير نحو الهاوية بخطىً ثابتة , ولطالما حاول الانبياء ثنيه وتحذيره , ولكن دون جدوى , فما كان ابداً بُدّا ًمن التجسّد , الله الابن يلبس جسداً بشرياً ويأتي هذه الارض, ويعيش الفقرَ والحِرمان والهوان والتواضع , فيمشي حافياً
يجوع مرّةً ويعطش أخرى, وتحرقه أشعة الشمس , كيف لا وليس عنده مكانٌ يسند اليه رأسه!!..ويصل الى الصخرة ويقف امام المُنتحرين الهالكين , ويُعلن لهم بلغتهم: دعوني أموت عنكم ...أنا ادفعُ فاتورة الحساب...انا اسدّدُ الدّيون واربط ما بين السماء والارض من خلال الصليب.
أموت وأنا احبّكم, أموت منكم ولاجلكم , لا فرقَ عندي بين ابيض واسود , وبين سيّد وعبد, ورجلٍ وامرأة ...أموت وأحيا فتحيّون بحياتي, فالرحمة عندي فوق القانون, والانسان جبلتي ولَذّتي وبهجتي!.
لا اريد معابدَ من حجارة , ولا هياكلَ من رُخامٍ, اريدُ قلوباً تدبّ فيها المحبّة والمسامحة والغُفران, اريد نفوساً ناصعةً بيضاءَ تسبّح وتُحبّ القريب والبعيد, وتسامح الاعداء وتقرِض الجاحدين, وتتألم مع المُعذّبين في الارض , وتشعر مع المظلومين.
اقبلوني فقط في ضمائركم, وأنا ازرع حياتكم بالامل والطمأنينة والازهار , واعدّ لكم في ملكوت ابي بيوتاً ولا احلى ولا اجمل!!
تعالوا اليّ جميعاً حتى انتم يا من تحسبون نفوسكم مُجرمين , فأنا ماحي خطاياكم .
قد يكون الدرب مُتعرّجاً , مملوءاً بالاشواك والخِيانة والنكران والالام والدموع , ولكنه يؤدّي الى حقلي, الحقل الخالي من المرض والحزن والجوع والدموع .تعالوا اليّ وسترفلون بثياب الهناءة والسلام الحقيقي.



#زهير_دعيم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوقت من ذَهَب
- الراعي الصالح
- قصص قصيرة جداً
- لا تبعدي
- ما احوجنا لامثاله
- مُخيّم وسنونو
- الو.....عاصي الرّحباني
- وديع الصّافي....نحبُّك
- وتأبى ان تُهاجر
- ما بين الغزل والتحرّش
- أباء
- المصلحة العامّة – يخدمونها أم يسرقونها ؟!
- سيل جارف في ادب الاطفال
- مبدعونا اولى بالتسمية
- كذا انا
- سقى الله تلك الايام
- غفران وعاصي
- نريدها نمنمات جليلي
- الزجل حضارة
- بين صلاة جبران واسلوب غاندي


المزيد.....




- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير دعيم - ما بين بيت لحم واورشليم