زهير دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 2074 - 2007 / 10 / 20 - 11:55
المحور:
الادب والفن
الطفولة كلّ الطفولة , عرس الحياة على شفاه المستقبل, وحلم الآتي يُزهر على مفرق الأيام وهضبات التاريخ, فتأتي صفحاته ورديّة مُضمّخة بشذا البراءة البتول واريج التحدّي.
الطفولة , كلّ الطفولة المُعذّبة منها والهانئة ,تشدّنا إليها ببسمة هنا ودمعة هناك وحِرمان يُطّل من عيون باكية وخدود ذابلة مضّها الجوع وبرّحها العَوَز.
الهي !!يتفطّر قلبي حزناً كلما رأيت ُ عبر شاشات التلفزة اطفال العالم الجياع بضمورهم الصّارخ , يلهثون خلف حبّات الأرز ورغيف الخبز...مشهد يهُزّ القليلين منّا!!!
كنت من مدّة في عمّان , وعمّان القديمة ملأى بالأطفال الجياع المقهورين , أو قل كما يسمّيهم توفيق يوسف عوّاد في إحدى قصصه "بصقة على الرصيف".
هؤلاء الأطفال الذين يبيعون البضائع الخفيفة , لا يتركونك لحظة واحدة تستمتع بما حولك بل يروحون يشدّون أثوابك ويستجدون بألف لسان ولغة أن تشتريَ منهم.
وكان ان أوقفني وزوجتي واحد منهم , طفل حِنطيّ البشرة , في التاسعة من عمره و يبيع امشاطاً, والحّ عليَّ وعلى زوجتي أن نشتريَ مِشطاً, فما عرناه كثير اهتمام , وتابعنا سيرنا.
وبعد بضع خطوات "لكزتني " زوجتي قائلةً:"انظر انّه يبكي بكاءً مُرّاً".فناديته قائلاً: لماذا تبكي يا صغيري ؟!
فقال والدموع السّخيّة تسِحّ على وجنتيه, لا يشترون منّي ...لا يشترون منّي ....
وحرّك هذا الصغير مكامن ضميري وتساءلت : يا الهي ايّة قصة تختفي خلف هذا الوجه الصغير الحزين؟ بل ايّة مأساة؟!.
وأخرجت من جيبي ديناراً- وهذا ثمن المشط- وناولته إيّاه
وقلت : خذ يا صغيري هذا الدينار ودع المشط لك فلا حاجة لي به
ونظرتُ الى عينيه فإذا بالإباء يشِعّ منهما , في حين ارتدّ رويداّ إلى الوراء واصبعة تُلوّح بأنَفَة في الهواء :"لا يا سيّدي أنا لستُ شحّاذاً ...لستُ شحّاذاً".
وكَبِر َفي عيوننا ...وانطلق يعدو والبسمة المضيئة تُزيّن ثغره.
وما زال المِشط يُزيّن غرفة نومي!
#زهير_دعيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟