أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أبو الكيا البغدادي - الجمل وحرب النجوم..حكاية علم العراق















المزيد.....

الجمل وحرب النجوم..حكاية علم العراق


أبو الكيا البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 2110 - 2007 / 11 / 25 - 11:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


زار احد المثقفين العراقيين حديقة الحيوان في فينا وسجل انطباعاته ومشاعره قائلا :تأثرت جدا لوجود جمل في الحديقة ،لقد أثارني كثيرا منظر هذا المخلوق الهائل والمسالم والخدوم ،حيث وضعوه في قفصه الأنيق ليكون فرجة للناس من مختلف أنحاء الدنيا ،وهو ذلك الحيوان الذي تضيق به الصحراء على اتساعها ،ويضيف قائلا :لا اعرف لماذا أحسست بأنه غير مرتاح رغم كل وسائل الراحة التي وفرتها إدارة الحديقة له ولغيره من الحيوانات ،ثم إنني أحسست بوشيجة من نوع ما تجاهه ،لقد أحسست حينها إن كلانا من بيئة واحدة وأننا غرباء نسباء في ارض باردة خضراء.
أخذت عائلتي لزيارة حديقة الحيوان في متنزه الزوراء ببغداد.كان ذلك قبل أكثر من عقدين من السنين.لا اعرف لم كان معظم الناس يزدحمون أمام الأسد أو النمر ،وكانت مفاجأة كبيرة لي عندما صرخت ابنتي وهي تتطلع إلى الجمل :بابا شوف الديناصور!.
كان الجمل يجوب بعض شوارع أحياء بغداد الشعبية وكان مطيعا جدا لصاحبه حاملا على سنامه كيس ملح كبير ومكيال أو أكثر وربما مستلزمات صنعة بائع الملح في خمسينات وستينات القرن الماضي، لقد كان يرسل قوائمه الكبيرة بهدوء لتستقر حوافره على الأرض الترابية في الشوارع غير المعبدة،لقد كان الأطفال يهرولون وراءه في موكب فرح غامر...ينطلق الطفل المشاغب حمودي بحركة سريعة مثبتا خنصر يده اليسرى عموديا على موقع حافر الجمل وابهامها متجه إلى الأعلى تحت خنصر يده اليمنى التي يكون ابهامها في فمه ..يبدأ حمودى مص إصبعه ليعلن لسائر الأطفال انه شرب الحليب بإصبعه من موضع حافر الجمل.يا لسعادة حمودي ويا لخيبة من لا يحصل على الحليب. الكل يدعي انه شرب الحليب بطريقة حمودي ،أما من لا ينال الحليب فهو جاهل أو كاذب أو يرضى بالمقام الأدنى!!.
لم يكن الجمل حيوانا شائع الوجود في بعض مناطق العراق كالمناطق الشرقية ومناطق الاهوار الجنوبية. .لكن البقر والجاموس هي الحيوانات وكذلك الأغنام هي الحيوانات المحلية كما يشيع وجود الماعز والبغال والأغنام في مناطق شمال العراق..ولما كانت هذه المقالة لا تهدف للكلام عن توزيع الثروة الحيوانية في بلاد الرافدين فقط يجدر بنا التذكير إلى أن العرب لم يكونوا أوفياء حتى لحيوانهم الوطني ورمزمهم الذي خصهم به الله قبل غيره فأشار إلى أية خلقه فلا استخدموه في رمز أو علم أو مناسبة باستثناء مشاركة الكويتيين في إحدى مسابقات كرة القدم العالمية وهي الوحيدة على ما أظن مما يحسب للعرب والكويتيين والجمل.كنت أتمنى أن يكون العراق كالكويت أو كالسعودية أو أية دولة عربية شعبها من لون واحد لأدعو مسؤوليها أن ينصفوا الجمل كما أنصف الاستراليون كنغرهم ،رغم إنني سعيد من تنوع ألوان البساط العراقي ..أقول إن ما لدينا نحن العراقيون من رموز طبيعية ودينية وتاريخية ما يجعلنا نحار في اختيار رمزنا الوطني.لقد رفض الكثير من العراقيين تصميما جديدا للعلم العراقي قدمه السيد رفعت الجادرجي ،والجادرجي بما عرف عنه من أعمال إبداعية من المؤكد انه لم يخطأ في ذلك التصميم إنما هي الفترة الزمنية ،وإنني اعتقد أن ذلك التصميم لو قدم هذه الأيام لمر بسهوله من رؤوس الذين عارضوه من البرلمانيين والحكوميين والشخصيات الأخرى ،ذلك لأنه اتخذ من الرافدين رمزا وموضوعا لتصميمه.أشير إلى أن العلم العراقي الحالي لا يمت للكل العراقي بأية صلة وان من يصرون على بقائه إن كانوا حسنوا النوايا فلا مناص من التفكير بعلم جديد للعراق.فعلم العراق الحالي هو علم مستورد رمزا و لونا وفكرا، والحق انه فقد رمزيته من خلال عدة دلالات أهمها:
1-إن حكومة صدام نفسها حاولت ذات مرة تبنت مشروعا لتغييره إلا أن ذلك الأمر لم يتم لأسباب سياسية داخلية وخارجية ،ثم قيل إن المجلس الوطني قد رفض التغيير بدعوى أن آلاف الشهداء قد لفوا به أثناء حروب النظام التي كان يعدها مقدسة ،والكل يعلم إن ذلك المجلس كان قد اخبر بشن الحرب بعد قيامها ليصفق للسيد الرئيس.فأنى له أن يتبنى موضوعا وطنيا كموضوع العلم.
2-إن هذا العلم هو علم الجمهورية العربية المتحدة التي أقيمت سنة 1958بزعامة الرئيس جمال عبد الناصر من الإقليم الجنوبي (الإقليم المصري)،والإقليم الشمالي(الإقليم السوري)بنجمتين واحدة لكل إقليم ،وبعد انهيار دولة الوحدة التي لم تعش طويلا أكثر من 3 سنوات فقد انتهت فترة نفاذ ذلك العلم من الناحية الواقعية لتلاشي الدولة التي كان يمثلها ومع ذلك فقد استمر علما للجمهورية العربية المتحدة التي كانت مصر تمثلها لوحدها، ثم تغير اسم الدولة وعلمها لاحقا في فترة حكم الرئيس أنور السادات ،الأمر الذي انهي رمزية ودلالة هذا العلم من الناحية الرسمية والواقعية والوطنية.
3-وفي 17 نيسان 1963 وبعد انهيار الجمهورية العربية المتحدة ،قام في العراق انقلاب شباط الدموي الذي انهي الحكم الوطني العراقي بزعامة الشهيد عبد الكريم قاسم مؤسس الجمهورية العراقية،وقيام انقلاب آذار من نفس العام في سوريا على يد البعثيين أيضا كانت هنالك محاولة لإعادة العمل بدولة الوحدة المنهارة وبانضمام العراق إليها هذه المرة ،فأضيفت نجمة ثالثة في إشارة لانضمام العراق إلى هذه الدولة التي لم تشهد النور مطلقا لا سباب لسنا بصددها،وبعد الخلافات الشديدة بين البعثيين وجمال عبد النار وتنافسهم الشديد حول أحقية قيادة المشروع العربي ،انتهى الأمر بان تنأى سورية بقيادة أمين الحافظ ثم حافظ الأسد بنفسها بعيدا عن المخططات المصرية لقيادة الأمة العربية!فجرى التخلي عن النجمات الثلاث في سوريا والعودة به إلى سابق عهده بنجمتين، أي أن الأمر انتهى إلى حذف نجمة العراق وبهذا سقطت مرة أخرى رمزية العلم.أما في مصر فقد تم إلغاء كل النجمات واستبدلت بشعار النسر الذي ادخل إلى العلم المصري.
4-لا ادري لماذا تمسك العراقيون بعلم ليس علمهم أصلا فقد كل أسباب رمزيته من خلال تخلى من اقترحوه عنه لأوطانهم.رغم إنني أظن أن كل الأسباب ممكنه للتمسك به إلا وفاء حكامه أو شعبه فالسياسيون ليسوا رومانسيين كما أن الشعوب ليس لها رأي ولا تطاع ولا رأي لمن لا يطاع.لقد ادخل صدام حسين عبارة الله اكبر على العلم وبخط يده.إنني اعتقد أن لفظ الجلالة يجب كتابتها بألف وليس بالهمز، وعلى كل فذلك أمر متروك للغويين ،لقد صدر قرار مجلس قيادة الثورة يشرع لهذا العلم الجديد ،وأراد صدام حسين أن يحمل العلم رمزية جديدة هي صفته الذاتية الاسلاموية وليس صفة الدولة باعتباره قائد الجمع المؤمن الذي يتصدى للعدوان العالمي والذي يستهدف مشروعه المناهض للامبريالية العالمية بكفرها وفسوقها وبإيمانه وشجاعته.
5- في مناهج التربية الوطنية للمرحلة الابتدائية ورد أن علم العراق بنجماته الثلاث، حيث ترمز إلى مبادئ الحزب: الوحدة والحرية والاشتراكية، وهذه مفارقة غريبة لم يحصل لها مثيل في تغيير الرمزية من الدولة إلى الحزب.على أن تغيير الدلالة الرمزية بالأساس هو موضوع غير قائم أصلا مهما تقادم الزمن، فلا احد من السابقين واللاحقين يدعي إن ألوان العلم العراقي الحالي الأحمر والأبيض والأسود والأخضر مثلا ترمز الحب للأحمر والدولة الأموية للأبيض والعلويين للأسود العباسيين للأخضر ،على الرغم من أن هذه الدلالات الرمزية صحيحة تماما،إنما ترمز هذه الألوان كما هو شائع إلى الوقائع الحمراء والمرابع الخضراء والصنائع البيضاء التي وردت في بيت الشاعر صفي الدين الحلي ...هذا إذا ما لم يتم تغييرها، فكما أسلفنا فان العرب لا يحترمون إنسانهم ولا رموزهم ولا جمالهم.
أدعو المثقفين العراقيين إلى تبني مشروع علم وطني عراقي جديد يليق بهم جميعا رمزا وشكلا ومعنى ،وعليهم أن لا يتناسوا علم الجمهورية العراقية الأولى وشعارها كفكر استقلالي عراقي ،كما ادعوا أيضا إلى العودة باسم البلاد إلى الجمهورية العراقية وفاءً لمؤسس جمهوريتنا ،ولا أظن إن هنالك مبررا مقنعا اوغير مقنع استند عليه صدام في تغيير اسم الدولة إلا انه تذكره بمؤسسها ،ومن لا يرى ذلك فعساه أن يعمل بمقولة سيده الرئيس (من البعير إذنه ) فلربما توصل المساومون على إلى أذن البعير أو سنامه أو إحدى قوائمه فذلك أكثر عدلا من نجمة لنا رفعوها هم وتمسكنا بها نحن، فتارة نغير دلالتها وأخرى نحصر جلال الله بينها وبين نجمات جرى التخلي عنها.فحرب النجوم لا تشبه حرب البسوس ولا حرب داحس والغبراء ولا كل أيام العرب والكرد والتركمان والاثوريين والكلدانيين والسريان والازيديين والشبك والصابئة والأرمن وغيرهم من العراقيين الذين حاربوا بثلاث نجوم كما أرادوا لهم.
مما لا شك فبه إن علم العراق بشكله الحالي ودلالاته الرمزية والشكلية والتاريخية التي استعرضنا بعضا من ملامحها لا يمثل موضع التقاء أو مساحة يشترك فيها اغلب العراقيين إن لم نقل كلهم ،ومن أهم وظائف العلم الوطني (وكذلك الشعار الوطني) أن يوحد ولا يفرق وان يجمع ولا يمنع ،يقرب ولا يباعد...إن العراقيين هم أحوج ما يكونون إلى علم جديد يجمعهم تحت شعار ورمزية الوطنية العراقية التي تكون فيها الغلبة للمواطن وليس للحاكم، للحياة وليس للأرض للحاضر وليس للماضي..وبعد هذا فيجب عليهم جميعا احترام هذه الرمزية وترصينها لأنها ستمثل وحدتهم واستقلالهم الوطني في وقت غابت فيه مقومات هذه الوحدة وهذا الاستقلال.فليس مهما أن نتفق على جمل أو بقرة أو حتى شوكة عاقول،لكن المهم أن نتفق ونحترم ما اتفقنا عليه ولأجله.وفيما عدى ذلك فان العلم لا يعدو كونه خرقة التفت بها أجساد المومسات في ملاهي إمارات الخليج والقتلة والمجرمون ومن سواهم ،فهل يليق بنا كل ذلك.



#أبو_الكيا_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المصطلح الطائفي والتأسيس المذهبي
- انتحار التاريخ
- غابة الجوراسك
- أحداث نصفها لم يقع
- صاية (أبو خضير) ودرنفيس النائب في الزمن الكردي وحكاية الذل ا ...
- بين نانسي عجرم والذباح في أيام الخير
- جمهورية العراق الاتحادية و دولة الحمر الطرشانية
- فوضى مشروعة لقلوب مشلوعة!
- ثلاثة مطابخ لأكلة ليست شهية
- بعثيون وان لم ينتموا(4)
- بعثيون وان لم ينتموا(5)
- بعثيون وان لم ينتموا (3)
- بعثيون وان لم ينتموا(2)
- بعثيون وان لم ينتموا
- حلاق المنفلوطي وثرثرة فوق الثرثار
- انفجار الضفادع وتصاغر البقر
- دور البغاء في بغداد
- توريث السلطة وتوريث المظلومية(2)
- توريث السلطة وتوريث المظلومية
- دوشيش الليبراليين وطيران العمائم الثيوقراطية


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أبو الكيا البغدادي - الجمل وحرب النجوم..حكاية علم العراق