أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أبو الكيا البغدادي - توريث السلطة وتوريث المظلومية















المزيد.....

توريث السلطة وتوريث المظلومية


أبو الكيا البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 2034 - 2007 / 9 / 10 - 07:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لست باحثا تاريخيا بالمعنى الحرفي الأكاديمي فاجزم متى وكيف ولماذا وأين أصبح الحكم وراثيا، لكنني اعلم أن مفهوم الملك وتوريث الملك قديم قد مفهوم الحضارة وربما تعداه في أعماق التاريخ إلى عصر ما قبل الحضارة في المستوطنات البشرية البدائية الأولى، كما إنني لا اعلم الدواعي المنطقية والعملية لظاهرة التوريث هذه.توريث السلطة هي الآلية التي تبنتها الإمبراطوريات العظمى التي سادت العالم قبل الميلاد وحتى بعده وما زالت تمسك بخيوط النسيج الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لكثير من الدول العصرية في الكثير من ممالك أوروبا واليابان، بعد أن غيرت آليات الحكم وقلصت دور الملك والعائلة المالكة فتعالت وترفعت عن ممارسة خدمة العامة من الناس تاركة هذه المهمة العسيرة والمعقدة إلى تكنوقراط علم السياسة والعلاقات العامة والمخابرات والاقتصاد والخدمات...الخ.وبموجب تمثيل العامة عبر انتخابات وبموجب دساتير تطورت فكريا وعمليا عبر الزمن.
وعند بروز الإسلام إلى ساحة السياسة في مستهل القرن السابع الميلادي برزت مشكلة الحكم والحاكمية هل هي لله أم للبشر؟ ومن هو المخول بحكم البشر ؟فكانت حادثة سقيفة بني ساعدة التي نتج عنها تولية أبي بكر على انه خليفة رسول الله في غياب ورفض من رفض لاحقا وسقوط مبدأ توريث السلطة باليات لا تستند إلى منطق واضح ،وصولا إلى آخر أيام ما عرف بحكومة الراشدين فتارة تؤخذ البيعة إلى فلان وتارة يقال أنها شورى وأخرى تفسر بالتعيين الإلهي لإضفاء الشرعية عليها...واختط فريق آخر من المسلمين فكرا آخر يقضى بإقرار نظرية تقول بالنص والتعيين الإلهي للإمام المعصوم مع اختلاف حول مبدأ توريث السلطة ضمن هذا الفكر ،وجرى ملا الفجوة النظرية لهذا الاعتقاد من خلال مباديء عقائدية أخرى إضافة إلى نظرية العصمة والإمامة من قبيل البداء والرجعة والولاية بأنواعها والانتظار...الخ ومن الطبيعي أن تجد السند الشرعي لجميع هذه العقائد في ما ورد من آيات القران وما رواه القوم على لسان وعمل النبي وإقراراته فيما عرف بالسنة النبوية ،وفي أيام خلافة الإمام علي أول الناس دخولا بالإسلام كان يجري تأسيس إمبراطورية على يد الصحابي معاوية بن أبي سفيان آخرهم إسلاما إبان فتح مكة .لقد تبنت هذه الإمبراطورية الحكم الملكي الوراثي للعائلتين السفيانية والمروانية.انتهى الحكم الملكي الأموي على يد العباسيين الذين تبنوا أيضا مبدأ توريث السلطة الملكية واستمر الأمر كذلك لغاية الفتح العثماني الذي تبنى هو الآخر نظرية توريث السلطة وصول إلى مستهل القرن الماضي الذي شهد تأسيس ممالك جديدة بعد فترة الاحتلال البريطاني والفرنسي لعواصم الشرق الأدنى الإسلامية في الحجاز ونجد و العراق ومصر والشام والمغرب الغربي وكل هذه الممالك تبنت توريث الحكم.أما في تركيا فقد تبنت نمطا آخر للحكم بعد خسارتها الحرب العالمية الأولى وانتهاء الخلافة الإسلامية الوراثية السلطانية فيها يقوم على هيمنة المؤسسة العسكرية تارة والعسكريين الأشخاص تارة أخرى ويتبنى واجهة نهجها ديمقراطية محدودة، تتمتع بديناميكية محافظة وبطيئة الحركة. الأمر الذي أسس لتجربة تركية خاصة في الحكم وتداول السلطات بموجب علمانية لمجتمع مسلم يحمل آخر الإرث السياسي للخلافة الإسلامية الوراثية.ومن خلال الاستعراض التاريخي لمبدأ تاريخ توريث السلطة في إمبراطوريات الشرق الأدنى الإسلامية نستنتج ما يأتي
1-أن سلطات تلك الإمبراطوريات هي سلطات ثيوقراطية مطلقة تدعي الإسلام منهجا ودستورا ولكنها غالبا ما استغلت مطاطية النصوص لمصلحتها في تصفية خصومها من السياسيين وحتى العامة من معتقدي العقائد الأخرى التي لا تتماشى مع توجهات الخليفة الملك والنخبة الحاكمة من أصحاب الحل والعقد.
2-أن هذه الحكومات كانت تقمع المعارضة الدينية والسياسية بتهم مختلفة ومتباينة من أهمها الزندقة والخروج والارتداد والرفض وغيرها وصنفت المعارضين المناوئين إلى زنادقة ورافضة وقرامطة وخوارج و مبتدعة و يكفي أن يحكم بالموت على شخص ما إذا قيل عنه انه يقول بخلق القران أو من أصحاب البدع...
3-لم يقدم منظرو تلك الممالك تبريرا مقنعا لآليات توريث السلطة ،فلا يعرف عن النبي أو الخلفاء الراشدين من بعده من دعا إلى بيعة وريثه من بعده أمام الناس إلا ما ورد في حادثة الغدير التي دعا فيها الرسول إلى بيعة بن عمه وصهره وحامل لوائه علي بن ابي طالب ،على رأي أتباع المنهج الآخر في تداول السلطة علما أن عليا لا يمكن أن يرث النبي بموجب الوراثة التقليدية الشرعية والحق انه دعا إلى بيعته نصا وتعيينا ليس بموجب كونه بن عمه أو زوج ابنته بل بموجب مقاييس أخرى لسنا في صدد التعرض اليها.اما تولي الامام الحسن بن علي الخلافة بعد مقتل أبيه فلا دليل أنها حصلت بامر علي أو رغبته بموجب الفقه السلطوي الإسلامي المتوفر انذاك والا كيف نفسر قيام الحسن بالتخلي عن السلطة بموجب هذا الشرع إلى معاوية بالذات فهل كان معاوية هو الخليفة أو الحاكم المفترض الطاعة شرعا وحقا وهل اطاعه الحسن والحسين وعملا بفقهه وصليا خلفه وهو الذي جعلها في ذريته ملكا للبلاد والعباد فكيف التوفيق بين هذا الأمر وذاك.
4-الخضوع الكلي للقضاء والمرجعيات الدينية للسلطة السياسية وما ترتبت على هذه الهيمنة من آثار.
ومن المفارقات التي تقفز إلى الذهن هنا أن كل هذه الإمبراطوريات التي حكمت العالم الإسلامي القديم والحديث لا تؤمن ولا تقر بتوريث السلطة وتطرح مبدأ العمل بالشورى كأداة للحكم في حين تتبنى توريث السلطة كآلية عملية.في حين تشير التجربة المحدودة للدول التي تبنت النهج النقيض الذي يقول بالنص والتعيين الإلهي والعصمة والإمامة إلى أنها لا تعمل بموجب نظرية التوريث هذه، على الرغم من أن أئمة أهل البيت المعصومين كلهم من آل علي وتنطبق نظرية التوريث عليهم إلا باستثناءات محدودة تمت معالجتها نظريا بالبداء أو من خلال السنة كما نوهنا..لكن نظرية توريث الإمامة من الناحية العملية شيء وتوريث السلطة شي آخر.ومن ابرز مصاديق هذا التحليل ما جرى إبان موت الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران والتي تبنى دستورها الفقه الأمامي الاثنا عشري والذي يقول بالنص و التعيين للإمام.الأمر الذي يدعونا إلى استخلاص الملاحظات الآتية:
1-أن نظرية النص والتعيين لا تنطبق على من هم دون الإمام المعصوم ولما كان الأئمة المعصومون معروفين وكلم قد توفوا إلا آخرهم فان النظرية لا تعمل من الناحية العملية وهذا ما دعا دعاة هذا الخط في فهم آليات تداول السلطة لاحقا لتبني النهج الديمقراطي وربما الليبرالي على استحياء وطبعا هنالك استثناءات لهذا الاستنتاج يمكن تفسير البعض منها بعدم امتلاك الجرأة الكافية لإعلان هذا الأمر من النواحي العملية، ويمكن الاستدلال على صحة هذا الرأي من خلال مواقف أحزاب الائتلاف الإسلامي الحاكم في العراق كحزب الدعوة والمجلس الأعلى وغيرهما من الدستور والانتخابات ومسالة تداول السلطة.
2- ظاهرة النفاق السياسي والأيديولوجي لدى أحزاب وسياسيي هذا الخط وسعيهم لتحقيق المكاسب السياسية الحزبية والشخصية بموجب كونهم راديكاليين إسلاميين لا يفرطون في قواعدهم الجماهيرية في الوقت الذي يدخلون العملية السياسية بما تتطلبه من فعل قد يتعارض مع طبيعة إيديولوجياتهم المعلنة.وسيأتي اليوم الذي سيعلن هؤلاء عن تخليهم عن هذه الأيديولوجيات ولكن ليس قبل تحقيق مزيدا من المكاسب.
3- قيام هؤلاء السياسيون بمغازلة المرجعيات الدينية وإقناعها بمباركة جهودهم في الحصول على المكاسب أو السكوت في أسوء تقدير ولحسن الحظ بالنسبة لهم فان السكوت هو ما يميز اغلب المرجعيات الدينية لهذا الخط.
لعل هذه المدرسة التي تقول بالتوريث، ولأسباب سياسية واجتماعية، كانت تعمل على مبدأ موازي لمبدأ توريث السلطة وهو مبدأ توريث المظلومية.أن الفترة الطويلة جدا من التهميش السياسي جعلت من قياديي أتباع مدرسة النص والتعيين في تولي السلطة يتلذذون بالبكاء والعويل وجلد الذات وخاصة عقب مقتل الحسين بن على الذي رفض بيعة يزيد بن معاوية الوراثية ودعوة أهل الكوفة له لتبني التغيير وخذلانه من قبل من دعاه في العراق.لقد أصبحت هذه الممارسات السياسية موروثا اجتماعيا ودينيا يؤثر في الأحداث السياسية اللاحقة والى يومنا الحاضر، كثيرا ما كان يستخدم سياسيا.أن مبدأ توريث المظلومية عمل على خلق حالة من التراكم في الظلم لدى المظلومين كانت تقود إلى الاحتقان والعصيان في معظم فترات حكم بني العباس وما تلاهم إلا أن هذه الحركات غالبا ما كانت تقمع لافتقارها إلى القيادات المتمرسة والأهداف الواضحة والآليات المحكمة لتقود التغيير.
ومن أهم مظاهر فعل المظلومية في العراق بعد التغيير الذي حصل للبنية السياسية العراقية بعد التاسع من نيسان عام 2003 هو المطالبة بمزيد من المكاسب السياسية لقيادات (المظلومين) ومحاولة تضمينها الدستور الجديد الذي لا أظن انه يصلح كثيرا لمراحل لاحقة من الحكم الديمقراطي في العراق.
هنا لابد من طرح السؤال الافتراضي التالي:ما الذي يحصل لو طالب زيد بما يزعم انه (حق) له عند عمرو، علما أن عمرو هذا قد ورث هذا (الحق) من أبيه وجده وجده....من جده قبل مئات السنين ؟هذا التبسيط الهائل للمشكلة السياسية لتداول السلطة يطرح أسئلة غاية في الأهمية:فهل صحيح أن ما بني على باطل فهو باطل وعلى الإطلاق؟ وما هي حدود العمل في حالة السلب أو الإيجاب؟هل يسقط الحق بالتقادم ؟وما هي المدة التي بعدها يسقط هذا الحق أو ذاك ولماذا وكيف؟ .
كان يتوجب على منظري الفكر السياسي السلطوي وهم قليلون لأسباب موضوعية أن يتبنوا آليات عقلا نية عملية للتعامل مع إشكاليات الحكم لما بعد التاسع من نيسان تتبنى ما ذكرناه من معطيات تاريخية سياسية وفكرية تتعلق بتوريث السلطة وتوريث المظلومية.



#أبو_الكيا_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوشيش الليبراليين وطيران العمائم الثيوقراطية
- الذباب الوهابي..من تنجيمات أبي معشر الفلكي إلى هلوسات أبي ال ...
- السيد مهدي قاسم... ما دام القاضي راضي
- طويل جدا يا أبي
- عذرا... للأغبياء فقط
- أخطاء كهربائية في وقائع تاريخية
- شيوخ مرفوعون وإمام منصوب وشيعة مجرورون
- السيد احمد العراقي :أصعب جنسية لأفقر مواطن
- الشيخ شلندخ مقاربة سايكوبولوتيكية جنوبية جدا جدا(2)
- الشيخ شلندخ مقاربة سايكوبولوتيكية جنوبية جدا جدا
- خلص...الحل مع حسنة ملص !


المزيد.....




- لماذا تهدد الضربة الإسرائيلية داخل إيران بدفع الشرق الأوسط إ ...
- تحديث مباشر.. إسرائيل تنفذ ضربة ضد إيران
- السعودية.. مدير الهيئة السابق في مكة يذكّر بحديث -لا يصح مرف ...
- توقيت الضربة الإسرائيلية ضد إيران بعد ساعات على تصريحات وزير ...
- بلدات شمال شرق نيجيريا تشكل وحدات حماية من الأهالي ضد العصاب ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود- على أهداف في العمق الإيراني و ...
- قنوات تلفزيونية تتحدث عن طبيعة دور الولايات المتحدة بالهجوم ...
- مقطع فيديو يوثق حال القاعدة الجوية والمنشأة النووية في أصفها ...
- الدفاع الروسية: تدمير 3 صواريخ ATACMS وعدد من القذائف والمسي ...
- ممثل البيت الأبيض يناقش مع شميغال ضرورة الإصلاحات في أوكراني ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أبو الكيا البغدادي - توريث السلطة وتوريث المظلومية