أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام عبدالله - ماذا بقي من الدولة ؟














المزيد.....

ماذا بقي من الدولة ؟


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 2056 - 2007 / 10 / 2 - 00:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الربع الأخير من القرن العشرين‏,‏ أختفت كلمة الدولة من قاموس الأكاديميين المحترفين في الغرب‏.‏ وراح المتخصصون في العلوم السياسية يكتبون عن الحكومات وجماعات المصالح والديمقراطية ...‏ وتقريبا عن كل شيء فيما عدا الدولة‏.‏ واليوم‏ يذهب كثيرون الي انه لم يعد ثمة وجود لاقتصاد قومي محض‏، ولا لثقافة قومية خالصة ،‏ أو قانون قومي‏، أو إعلام قومي‏، وحدها السلطة السياسية مازالت تحتفظ بطابعها القومي‏،‏ وسوف تخلي مكانها‏ قريبا.‏

والواقع ان مفهوم الدولة قد نشأ في الأصل كخيال قانوني‏.‏ روجته أجيال من فقهاء القانون وعلماء السياسة والإجتماع‏,‏ كرمز سياسي قوي لأغراض عملية من الناحية السياسية .‏ وينسب إلي الدولة الحديثة‏، التي يرجع معظم الباحثين تاريخها إلي معاهدة ويست فاليا‏ (1648)،‏ الفضل في التغلب علي التحديات الخارجية القائمة انذاك والمتمثلة في الكنيسة الكاثوليكية والامبراطورية الرومانيهة ،إلي جانب التحديات الداخلية المتمثلة في الإقطاع وأهدافه الانفصالية.‏ وهي تقوم في شكلها الحديث علي اقليم له حدود ثابتة نسبيا‏.‏ وهي مكلفة بالسكان الذين يقطنونها‏ ، وهي في النهاية ذات سيادة ، لا تخضع من حيث المبدأ لأي سلطة أعلي‏ ، وتعترف بها الدول الأخري بهذه الصفة‏.‏

ومنذ القرن السابع عشر جري مداد كثير حول تعريف معني السيادة ، والكلمه‏sovereignty‏ اشتقاقا جاءت من‏(super+regnum)‏ أي الحكم الأعلي أو الذي لا يعلي عليه‏.‏ وبالتدريج أضيف الي هذا المعني معني المطلق والأوحد في تعريف السيادة.‏ وهكذا ارتبطت الدولة الحديثة بمفهوم السيادة.‏

علي أن تفهم السيادة هنا بالمعني الزمني لا الروحي‏.‏ فالتحول التاريخي الذي صاحب ظهور الدولة في شكلها الحديث تمثل أساسا في تغير مفهوم‏ (‏ مصدر السيادة‏)‏ من الله إلي الإنسان في صورته الفردية أو الجماعية ، أو في صورته الأكثر تجريدا وهي الإنسانية ، وهذه السيادة تتأكد في الميدانيين الداخلي والخارجي معا وفي وقت واحد‏.‏

من هنا‏ ، فإن تاريخ نظام الدولة الحديثة‏ (‏ أي تاريخ السيادة‏)‏ ما هو إلا تاريخ المحاولات التي بذلت لإيجاد نوع من التوازن أو المساواة السيادية بين الدول‏.‏ ويبدو ان المشكلة تتمثل أساسا في‏(‏ المطابقة‏)‏ بين سيادة الدولة وبين قدرتها علي ان تفعل ما تشاء ‏، فالقول بان الدولة ذات سيادة لا يعني انها تستطيع ان تفعل ما يحلو لها ‏،‏ أو انها متحررة من تأثير الآخرين ،‏ تستطيع الحصول علي ما تريد‏.‏

فقد تكون الدولة ذات السيادة مضغوطة من كل الجوانب ، ومضطرة لان تتصرف بطرق كانت تود ان تتلافاها‏ ، ولا تستطيع بالكاد ان تفعل أي شيء بالضبط كما تريد‏.‏

ان سيادة الدولة لا تنطوي مطلقا علي انعزالها عن آثار أفعال الدول الأخري‏ ،‏ فليس هناك تناقض بين ان تكون الدولة ذات سياده وان تعتمد علي الآخرين في الوقت نفسه‏.‏ فنادرا ما تعيش الدولة ذات السيادة حياة حرة سهلة..‏ ان القول بان دولة ما ذات سيادة يعني فقط انها تقرر لنفسها كيف تعالج مشكلاتها الداخلية والخارجية‏.‏

اليوم يعتبر كثير من الباحثين والمنظرين السياسيين ان مبدأ السيادة ليس معاكسا لتطور النظام الدولي فحسب‏ ، بل انه مضلل ايضا‏ ، لان جميع الدول مخترقة بصورة أو بأخري‏ ،‏ ويجادلون بأن التطورات الاندماجية (‏ التكاملية‏)‏ مثل الاتحاد الأوروبي‏ ، والعملية برمتها المقترنة بالترابط والتداخل المعقد في ظل الكوكبية ، جعلت ممارسة السيادة ‏(‏ ان لم تكن الفكرة‏)‏ تنطوي علي مفارقة تاريخية أكثر تعقيدا‏.‏

أضف إلي ذلك ان المشكلات والأزمات والتحديات الجديدة في العالم تتطلب نظاما لا مركزيا عالميا يرتكز علي دوائر أو مستويات أوسع من حدود وقدرات الدولة القومية ذات السيادة ، بالنسبة إلي بعض الأمور‏ ، وأضيق من هذه الحدود والقدرات في أمور أخري‏,‏ او قل ان الدولة أضحت اليوم أصغر كثيرا من ان تقدر علي الأشياء الكبيرة ، وأكبر كثيرا من ان تقدر علي الأشياء الصغيرة‏.‏



#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آخر .. ما بعد الحداثة
- دين حقوق الإنسان
- العنف والحق الطبيعي (3)
- العنف والحق الطبيعي (2)
- العنف والحق الطبيعي (1)
- مشروعية العنف
- محور مفاهيم الحداثة
- دوامة العنف الكوني
- دين الفلاسفة
- هوبز المفتري عليه
- اللا مفكر فيه .. عربيا
- نقد التسامح الخالص
- قاضي العالم الأعلي
- أزمة الحداثة
- الأخلاق والدين
- الدين في النطاق العام
- ما قبل ويست فاليا .. بعدها
- خطوط الانفلات
- الدين في حدود العقل
- تحولات عميقة


المزيد.....




- بيونسيه تتجاوز لحظات حرجة خلال حفلها في هيوستن ضمن جولتها ال ...
- مصر.. طلبات استجواب للحكومة بعد مصرع 19 فتاة في حادث المنوفي ...
- أسرار -لغة اليد- التي تجعلك أكثر جاذبية وإقناعاً
- أرضنا، غذاؤنا، مناخنا – معا من أجل أنظمة غذائية تواجه تغيرات ...
- هآرتس: الجيش يؤيد اتفاق أسرى والحسم عند ترامب
- مشروع سميسمة السياحي.. تعرف على أحد أضخم المشاريع الترفيهية ...
- -ذهب أيلول- يحصد الجائزة الأولى في المهرجان العربي للإذاعة و ...
- كيف تواجه الأجهزة الأمنية انتشار العصابات المسلحة في غزة؟
- شاهد.. سرايا القدس تقصف قوات إسرائيلية وتغتنم عتادا عسكريا
- -قشور السيليوم- كنز الألياف في نظامك الغذائي


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام عبدالله - ماذا بقي من الدولة ؟