أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام عبدالله - أزمة الحداثة














المزيد.....

أزمة الحداثة


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 1991 - 2007 / 7 / 29 - 13:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعتبر هابرماس أكبر فلاسفة ألمانيا المعاصرين وأهم فيلسوف في أوروبا والغرب كله. وهو ليس من الفلاسفة الذين يسكنون الأبرج العاجية وإنما هو منخرط حتى النخاع في هموم عصره وقضاياه. منشغل بالشؤون السياسية والإنسانية والأخلاقية، لا يكف عن كتابة المقالات الصحفية والأدلاء بالأحاديث من حين لآخر. وقد اتخذ عدة مواقف في تاريخ ألمانيا النازي، و من توحيد أوروبا والدستور الأوروبي، و من العولمة الرأسمالية المتوحشة، و من قضايا الإرهاب والأصولية، الخ.
خاض أشهر معركة فلسفية في الربع الأخير من القرن العشرين مع فلاسفة الاختلاف في فرنسا، ورموز ما بعد الحداثة، رافعا شعار " أن الحداثة مشروع لم يكتمل بعد ". ويري أنهم لا يأخذون من التراث الألماني إلا الفكر اللاعقلاني على طريقة نيتشه. أما هو فيتعلق بفلسفة كانط وهيجل التي تمثل التيار العقلاني في الفكر الحديث، ويحارب بكل قوة فلسفة نيتشه وهيدجر التي اتهمت بتغذية الحركات الفاشية في أوروبا في فترة ما بين الحربين العالميتين.
وبالتالي فإن المعركة الفكرية الحقيقية هي في الواقع بين العقلانيين واللاعقلانيين، أو بين الكانطيين والنيتشويين. وقد اختار هابرماس معسكره، وهو ليس مستعداً للتفاوض على مواقعه الفلسفية والسياسية.
 وبما أنه ألماني وملاحق بعقدة النازية فإنه يحاول دائماً الابتعاد عن نيتشه وهيدجر بل ويحذر من خطورة فكرهما على الحداثة. وقد اتهم هيدجر مباشرة بأنه عدو للتنوير، وعلى هذا النحو راح الرجل يدافع عن الحضارة الأوروبية والعقلانية وفكرة التقدم في التاريخ
ويعتقد العديد من مؤرخي الفلسفة أن فلسفته النقدية قد مرت بثلاث مراحل : أنشغل في المرحلة الأولي بنقد شامل للفكر الوضعي الذي ساد في الغرب مع تطور ونضج النظام الرأسمالي ومع تطور منجزات علوم الطبيعة والبحوث التطبيقية والتكنولوجية المتقدمة واستغلال هذا الفكر لعقلانية حركة التنوير ونزوعها لتحقيق الحرية والعدل.
وأهتم في المرحلة الثانية ببناء نظرية اجتماعية قائمة على تأسيس حركة تنوير جديدة وصياغة عقلانية تسترشد بالمنجزات العصرية لعلوم الطبيعة والعلوم الاجتماعية خاصة السوسيولوجية وعلوم اللغة والاتصال وعلم النفس التربوي التطوري بهدف تحقيق حلم الخلاص, أو الحرية والعدل الذي راود فلاسفة التنوير, وهو الحلم الذي فشل بسبب سقوطه فريسة لاستغلال الرأسمالية للعلم وتحول العلم من أداة معرفة, وبالتالي لتحقيق الخلاص أو الحرية بفضل ارتباطه بالفلسفة النقدية, إلى أداة للبحث التطبيقي وللتكنولوجيا وبالتالي للتجارة والكسب الاقتصادي أو لانتاج الأسلحة والحرب. ولم يفكر هابرماس في أن هذا الحلم المطلق ينفي توظيف العلم لمحاربة المرض والجوع وفي أهداف مهمة أخرى.
أما المرحلة الثالثة, التي بدأت منذ عام 1985، فقد أخذ هابرماس بمرحلة جديدة في نقد الحداثة التاريخية, إلى الحداثة كما حدثت بالفعل, لا الفلسفية وما بعد الحداثة. وواضح كيف أدى اختلال التوازن بين القيمة المعنوية والقيمة المادية إلى تحول العقلانية, عقلانية التنوير، إلى حالة مرضية, وتلك هي الحال التي يصف بها تصور فرانسوا ليوتار ثم جان بودريار لما بعد الحداثة.
ولأن هابرماس يعول كثيرا على النقد بحكم كونه المفهوم الذي مثل محور حركية الفكر منذ كانط حتى اليوم , فإنه يعود أدراجه المرة تلو الأخرى إلى استبيان العلاقة بين العقل وسائر أنشطة الحضارة الإنسانية.
من هنا طور هابرماس النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت في محاولة لوضع أسس لنظرية نقدية تواصلية تضع حلولا عقلانية لمواجهة التحديات التي يواجهها المجتمع الحديث، وفي مقدمتها إعادة بناء «مشروع الحداثة الذي لم يكتمل» أو هو في طريق مسدود.
وإذا كان رواد مدرسة فرانكفورت قد اعتبروا الاشتراكية مرحلة تاريخية هامة في التاريخ الأوربي، وأن النظام الاقتصادي القائم على التسلط والقمع لا يمكن إصلاحه، كما أن دمقرطة النظام الرأسمالي هي مجرد حل ظاهري للتناقضات الاجتماعية، فإن هذا التشخيص من وجهة نظر هابرماس ينطلق من افتراض يؤكد على أن البنية الفوقية ما هي إلا انعكاس لعلاقات الإنتاج الاقتصادية، وهو ما عارضه رواد مدرسة فرانكفورت، منطلقين من أن علاقات الإنتاج الاقتصادية لا تتطابق دوما مع الحياة الاجتماعية. ففي المجتمعات الديمقراطية تنمو اليوم محاولات حرة تتفتح فيها طاقات الفرد وتمكنه من تحقيق مشاركة سياسية في الحياة العامة وتساعده على تحسين ظروفه وتوسيع إمكانيات المشاركة العلنية عن طريق نقد المعوقات التي تقف في طريقه نقدا عقلانيا رشيدا.
إن إعادة بناء النظرية النقدية يعني عند هابرماس نقد الآثار السلبية التي أفرزتها الفلسفة الوضعية والعلموية التي تحولت إلى تبرير أيديولوجي للعقلانية الأداتية الخاصة بالنظام الرأسمالي، التي تقوم على الضبط العقلاني والسيطرة على رأس المال وتراكمه، وهو ما قاد إلى أزمة الحداثة ونكوصها عن تحقيق ما وعدت به.



#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأخلاق والدين
- الدين في النطاق العام
- ما قبل ويست فاليا .. بعدها
- خطوط الانفلات
- الدين في حدود العقل
- تحولات عميقة
- عنف لا أحد
- الصمت بين الكلمات
- دريدا والإله تحوت
- إعادة محاكمة سقراط
- ثقافة الانتقام
- التعصب وسنينه
- تفكيك الأصولية والهوس الديني
- الأصولية .. هنا وهناك
- الهوس الديني والفتن الطائفية
- الإيمان والعلم
- موت الحداثة في مصر
- اختفاء البكوش
- الفعل التواصلي
- جزيرة العقلاء


المزيد.....




- باكستان: مقتل 16 جنديا في هجوم انتحاري غرب البلاد وإصابة مدن ...
- بوريل: لم يعد بإمكان الاتحاد الأوروبي -البقاء على هامش- الصر ...
- -الله وحده أنقذ إسرائيل من إيران- – مقال في جيروزاليم بوست
- عشرات الإسرائيليين يهاجمون جنوداً في الجيش الإسرائيلي في الض ...
- أوكرانيا.. مقتل وإصابة 16 شخصاً بهجمات روسية على مبنى سكني ف ...
- خبير عسكري: الاحتلال يزيد ضغط عملياته بغزة مع احتمالية الذها ...
- موجة حر شديدة تضرب أجزاء من أوروبا وتحذيرات من حرائق
- مكالمة مسربة تثير غضب التايلنديين من رئيسة وزرائهم
- رئيس جامعة فيرجينيا يستقيل بعد ضغوط من إدارة ترامب
- عشرات القتلى في فيضانات بباكستان


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام عبدالله - أزمة الحداثة