أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام عبدالله - الدين في حدود العقل














المزيد.....

الدين في حدود العقل


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 1961 - 2007 / 6 / 29 - 11:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تحتفل الأوساط الفلسفية في ألمانيا هذه الأيام بمرور 220 سنة علي صدور كتاب " نقد العقل الخالص " لكانط عام 1787. ويبدو أن تاريخ الفلسفة الألمانية ابتداء من " كانط " وكتابه العمدة ، وكأنه محاكمة تتم فيها مناقشة العلاقة الملتبسة بين الدين والفلسفة. إذ أن " تهلين المسيحية " - على حد تعبير هابرماس – أي جعلها هيلينية أو يونانية، أدى إلى اقتران الدين والميتافيزيقا.
ولم يحل هذا الاقتران مجددا إلا مع كانط الذي وضع حدا واضحا بين الإيمان الأخلاقي الخاص بدين العقل والأيمان الوضعي بالوحي، هذا الإيمان الذي ساهم في تحسين النفوس، لكنه أصبح " بما ألحق به وبقوانينه في النهاية،" قيدا " حسب تعبير " كانط " نفسه .
والواقع ان معظم الثورات اللاهوتية في الغرب تبنت شعار "كانط" : "الدين ضمن حدود العقل فقط"، وكان "كانط" نفسه قد قام بأهم ثورة في مجال الميتافيزيقا واللاهوت أيضاً، شبيهة بثورة كوبرنيكوس في مجال الفلك، وإن كانت أخطر في رأينا لأنها نزعت الوهم العقلاني بإمتلاك الحقيقة المطلقة، وكشفت عن حدود "العقل" ومحدوديته، مما كان له أبلغ الأثر في مسيرة الفكر الفلسفي من جهة، وفى بلورة مفهوم التسامح فلسفيا من جهة أخرى .
فقد أعرب "كانط"، في نهاية القرن الثامن عشر بوضوح في مقاله "جواب عن سؤال : ما التنوير ؟ "، المنشور عام 1784، عن العداء الذي يكنه التنوير للميتافيزيقا، ومن ثم دعا إلى الانصراف نهائياً عن الأسس التأملية لمفهوم المطلق أو "الله" إذ أننا لا نستطيع معرفته ، لأن معرفتنا مقصورة على العالم المحسوس وظواهره .وقد أدى انهيار الأساس الميتافيزيقي للاهوت إلى تجريد الفكر الديني من وظيفة تحديد أصل الوجود، وبالتالي من خصائص الفكرة التقليدية "لله".
ولا تتضح هذه المحاولة الجسورة من خلال تاريخ الفلسفة فحسب وإنما من خلال تاريخ الأفكار أيضا ، ذلك لأن انهيار الأساس الميتافيزيقى للاهوت، كان أكبر إنجاز حققه العقل الغربي منذ عصر النهضة الأوربية ، فطوال الفترة الممتدة بين القرن السادس عشر وحتي القرن الثامن عشر كان العقل الغربي يناضل من أجل فك هذا الارتباط بين الميتافيزيقا واللاهوت، والذي دمج منذ دخول العقيدة المسيحية في أوروبا العصور الوسطى.
ومن ثم مثلت محاولة كانط ضربة مزدوجة للميتافيزيقا واللاهوت في آن واحد، وكانت الشكوك التي أثارها في كتابه "نقد العقل الخالص" ، تصيب بشكل مباشر مشروعية "المطلق " أساسا . ففي تصدير الطبعة الأولي يقول: "إن للعقل خاصية متميزة في أنه محكوم بمواجهة مسائل ليس في الإمكان تفاديها، إذ هي مسائل مفروضة عليه بحكم طبيعته. بيد أن العقل عاجز عن الإجابة عنها، لأنها تتخطى كلية قدرة العقل البشرى. وهذه المسائل تدور حول مفهوم "المطلق" سواء وصفته بأنه "الله" أو الدولة.".
وتبعاً لنظرية كانط في "المعرفة" أصبح "الله" غير معروف نظرياً، بل أصبحت معرفته تخرج عن حدود وقدرات العقل الخالص، من ثم، لم تعد الفلسفة أو العلم قادرين على التعريف بـ "الله" كما حدث على عهد ديكارت ونيوتن. فالعقل النظري أصبح عاجزاً عن إثبات وجود الله، ولا مناص من أن تعجز الطبيعة عن كشفه. ولا غرو إذا سُمّي كانط "محطم الكل" أي محطم اللاهوت الطبيعي.
واليوم يطور هابرماس التقليد الكانطي ، فلا يستحق من الأديان صفة "العاقل" - برأيه - إلا الدين الذي يتخلى ، بسبب تعقله الذاتي ، عن الفرض القسري لما يؤمن به من قناعات ، وعن الإجبار القسري للضمير الذي يمارس تجاه المنتمين إليه ، وبالدرجة الأولى عن استخدامهم للقيام بعمليات ارهابية تجاه الآخرين أو القتل بإسم الله .
هذه الفكرة تدين بوجودها لتأمل ثلاثي الأضلاع يقوم به المؤمنون، متأملين موقفهم في مجتمع كوكبي تعددي، يتعولم بإطراد . فعلي الوعي الديني أن يعالج أولا :اللقاء المختلف معرفيا مع مذاهب أخرى وأديان أخري. ويجب عليه ثانيا: أن يقبل سلطة العلوم التي تمتلك في مجتمع اليوم حق احتكار معرفة العالم. ويجب عليه أخيرا: أن يتقبل المقدمات المنطقية الخاصة بالدولة الدستورية، وهي مقدمات تنبثق من أخلاق غير دينية .
و بدون هذا "الدفع التأملي"، برأيه، سوف تفجر الأديان التوحيدية طاقة هدامة . ومعني "الدفع التأملي": التأمل والتفكر والتدبر والنقد المزدوج ، وهو من خصائص المجتمعات الحديثة ، منذ عصر النهضة الأوربية وحتي كتابة هذه السطور .
عصام عبدالله
أستاذ الفلسفة جامعة عين شمس
[email protected]
بريمين - ألمانيا





#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحولات عميقة
- عنف لا أحد
- الصمت بين الكلمات
- دريدا والإله تحوت
- إعادة محاكمة سقراط
- ثقافة الانتقام
- التعصب وسنينه
- تفكيك الأصولية والهوس الديني
- الأصولية .. هنا وهناك
- الهوس الديني والفتن الطائفية
- الإيمان والعلم
- موت الحداثة في مصر
- اختفاء البكوش
- الفعل التواصلي
- جزيرة العقلاء
- يوتوبيا ما بعد الحداثة
- لا وعي اليوتوبيا الباطن
- اليوتوبيا ويوتوبيا الضد
- الانتماء - ما قبل - الوطني
- العولمة والهوية الثقافية


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام عبدالله - الدين في حدود العقل