أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عصام عبدالله - اليوتوبيا ويوتوبيا الضد














المزيد.....

اليوتوبيا ويوتوبيا الضد


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 1883 - 2007 / 4 / 12 - 04:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حتى العقدين الأخيرين من القرن العشرين، كانت " اليوتوبيا" في نظر الكثيرين قد لفظت أنفاسها الأخيرة، وأسدل عليها الستار بلا رجعة، ودعمت هذه النظرة مجموعة من العوامل والأحداث، فقد شهد هذا القرن حربين عالميتين (1914-1945) وحروبا أهلية لا حصر لها وخيبة الآمال في الثورات الكبيرة والوعود العظيمة التي بشر بها عصر التنوير والحداثة الغربية، وضرب مفهوم " التقدم" تحديداً في مقتل أو في الصميم، مما جعله أقل القرون ثراء في حقل " اليوتوبيا" - وحسب تعبير "برتراند راسل" " فإن عصرنا لا يعرف الإيمان بأحلام "اليوتوبيين" وحتى المجتمعات المثالية التي يطفح بها خيالنا لا تعمل إلا على إعادة إنتاج الشرور المعتادين عليها في حياتنا اليومية"، في إشارة منه لليوتوبيات المضادة التي رسمت صورة قاتمة للمستقبل.
لقد كانت " الاشتراكية" هي آخر ما ظهر من "يوتوبيات" حتى اليوم وليس ثمة رؤية اجتماعية شاملة أخرى قد ظهرت لتكون منافساً أو بديلاً لها، ولعل هذا هو ما أحدث لدى "كارل مانهايم" شعوراً بالخوف والذعر " من أن يكون المجتمع الغربي قد دنا من حال يكون فيه العصر اليوتوبي، قد أجهز على نفسه بالكامل"
يقول مانهايم: "إن زوال العصر اليوتوبي زوالاً تاماً من الفكر والعقل البشريين سوف يعني أن الطبيعة البشرية والتطور الإنساني سيتخذان طابعاً جديداً كل الجدة؛ إن اختفاء اليوتوبيا سيخلق وضعاً ساكناً جامداً، لا يكون الإنسان فيه أكثر من "شيء" وستواجهنا حينذاك (أكبر) ظاهرة متناقضة تخطر على البال أو في الخيال، وهى: أن الإنسان الذي فاز بأكبر سيطرة فكرية على الوجود، يصبح، حين يترك بلا مثل عليا، مجرد مخلوق عشوائي نزوائي.!!
وإذا تخلي الإنسان عن اليوتوبيات، فإنه يضيع إرادته في صنع التاريخ، ويضيع معها قدرته على فهم التاريخ"
أما فيلسوف الأمل (أرنست بلوخ) Bloch (1885-1977) الذي وهب حياته لليوتوبيا، فقد طرح هذا السؤال (الصدمة): هل يمكن أن يخيب الأمل في الأمل؟! وذلك في محاضرته الافتتاحية التي بدأ بها التدريس في جامعة "توبنجن" عام 1961 لقد مات "بلوخ" أكبر فلاسفة اليوتوبيا وأشهرهم في القرن العشرين في العام1977، ولم يشهد بعينه انهيار المعسكر الاشتراكي أواخر عام 1989، إلا أنه استشعر بداية النهاية، ولم تحجب عنه نزعته التفاؤلية المغرقة في الأمل رؤية الواقع الفعلي المرير مما دفعه إلى طرح هذا السؤال في وقت مبكر!
وبعد سجال طويل مع الفكر اليوتوبي وتاريخه، رأى بلوخ أن اليوتوبيات السابقة على " الماركسية" عبرت عن أمل يوتوبي غير دنيوي، وذلك باستثناء بعض اليوتوبيات التي نظرت إلى الواقع وانطلقت منه، ولكنها كانت غير ناضجة، إذ صورت العالم الأفضل بشكل مجرد وأقامت نسقاً من التوقعات في عقول مبدعيها فقط. إن المارسكية - حسب بلوخ - هي وحدها التي قهرت هذا التجريد، وإن تحسين الأوضاع في العالم، لا يأتى بالتأمل بل بالفعل، بالنظرة الجدلية إلى الواقع، ومع مراعاة قوانين العالم الموضوعي - حتى تتحول اليوتوبيا من تأملية مجردة إلى يوتوبيا عينية ذات نزعة اشتراكية". ولا عجب بعد ذلك أن ينتهي الفيلسوف الاشتراكي إلى أن تاريخ اليوتوبيا، ما هو إلا تطوراً تدريجياً لهذه النزعة التي اكتملت في الماركسية".
" لقد جسد ماركس بشكل مادي توقعات اليوتوبيا بوسائل اقتصادية عندما بحث في جدل الإنتاج وفائض القيمة، وبذلك وضع الأسس المادية لجدل التاريخ، وألف الثنائية بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون، بين الممارسة التجريبية واليوتوبيا من أجل إعادة تنظيم المجتمع بشكل ثوري، ولذلك أغفل كل اليوتوبيات السابقة من أجل نزعة واقعية مفعمة بالمستقبل، المستقبل الذي استنار بعوامل مادية تاريخية من الماضي والحاضر تعمل باستمرار لتصب في المستقبل، ففى الماركسية يزداد الحلم العيني وضوحاً، ويتطور مضمونه ليصبح حلماً متحققاً تحقيقاً فعلياً"
والواقع أن هناك تزامناً بين أفول اليوتوبيا وانحطاط شأنها، وبين ظهور اليوتوبيات المضادة - Anti - Utopia، فهذه اليوتوبيات لم تسيطر على زمانها الخاص فحسب بل واصلت جذبها لمتابعة واهتمام بالغين في زماننا وعصرنا الحالي، ومع ذلك فإن هاكسلي واورويل قد أشارا إلى أن اليوتوبيات المضادة قد تعرضت هي الأخرى للتردد والترنح! فمنذ رواية أورويل (العالم سنة 1984) لم يقدر ليوتوبيا مضادة أن تخلب الألباب أو أن تحظى باهتمام يذكر أو حتى تتعرض لأخذ ورد محدود، إذ انه - حسب كومار - " في غياب قدرة اليوتوبيا على أن توحي "الأمل" وتبعثه برؤيتها لملكوت السماء على الأرض، فإن اليوتوبيا المضادة تخسر عملها المقابل بوصفها الساخر والمستخف بهذه الآمال، والعدو المناوئ لتلك النظرة أو الرؤية عن طريق تحريكها لوجدانات وذكريات العذاب والخراب على الأرض"
صحيح أن اليوتوبيا ظلت حية بين جيوب أو فلول صغيرة من أصحاب الرسالات اليوتوبية، إلا أنهم - في الغالب - قد ألقوا بمواعظهم في آذان صماء. فما من عمل من أعمال اليوتوبي على مدى القرن ظهر، وأخذ بمجامع الخيال العام للناس كما فعلت يوتوبيات: بيللامي - Bellamy "نظرة إلى الخلف"، ووليم موريس - morris " أنباء عن اللامكان" أو " هـ. ج. ويلز" في يوتوبياه مثلا..
بيد أن " هـ. ج. ويلز" أصر في شجاعة على الإمساك براية اليوتوبيا والإبقاء عليها مرفوعة عالياً - خاصة دعوته لـ " نظام عالمي جديد" "في ظل حكومة عالمية واحدة".
ففي عام 1940 قام ويلز بالعمل مع فريق من رجال العلم والفكر على وضع إطار لـ "إعلان حقوق الإنسان" غير أن الأجل لم يمتد به ليري تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة لهذا الإعلان في عام 1948، فكان ذلك واحداً من أعظم المنجزات اليوتوبية.



#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتماء - ما قبل - الوطني
- العولمة والهوية الثقافية
- اللعب في الثقافة
- الجسد بين الثقافة والإعلام
- دريدا وصديقه الياباني
- صداقة المفاهيم
- نظرات علي عالم اليوم
- شباب وأحزاب‏..‏ ولغة سرية وعولمة
- دعوة إلي كتاب الحوار المتمدن
- في الذكري الخمسين للعدوان الثلاثي علي مصر
- جدلية القمع والتخفي
- الارهاب يستعين بالمقدس... وقائع أوروبية


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عصام عبدالله - اليوتوبيا ويوتوبيا الضد