أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام عبدالله - في الذكري الخمسين للعدوان الثلاثي علي مصر















المزيد.....


في الذكري الخمسين للعدوان الثلاثي علي مصر


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 1796 - 2007 / 1 / 15 - 08:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أفردت الصحافة المصرية ملفات خاصة للذكرى الخمسين للعدوان الثلاثي على مصرعام 1956والذي قادته فرنسا وبريطانيا واسرائيل. وتناولت الاقلام هذه الذكرى بتفصيلات مكثفة من النواحي التاريخية في الصراع العربي -الاسرائيلي ومراكز الاستعمار التقليدية، والحرب الشعبية في بورسعيد ، فضلا عن دور الكتاب والصحافيين في هذا المنعطف الخطير، مع إبراز الأجواء التي سبقت وواكبت هذا العدوان . وكتب الدكتور فتحي عبدالفتاح في مجلة الهلال المصرية ، عدد ديسمبر 2006 ، تحت عنوان" الصحفيون والكتاب على خط النار" : حين استدعى جمال عبدالناصر زميله وصديقه خالد محيي الدين الذي كان مغضوبا عليه في ذلك الوقت، ومنفيا في جنيف في اعقاب احداث مارس 1954، ومع ازدياد حدة الأزمة الدولية بعد تأميم مصر لقناة السويس 1956، كانت جريدة المساء جزءا من الاتفاق الذي جرى بين الرجلين، لتكون صحيفة تقدمية تعبر عن طبيعة المرحلة التي كان يمر بها النضال المصري في ذلك الوقت، وحشد الجماهير ضد صيحات الحرب والعدوان من جانب الدول الاستعمارية ضد مصر، مع اعطائها هامشا واسعا من الحرية. وبدأ الإعداد لصدور الجريدة منذ يوليو سنة 1956، وتحول ذلك المبنى الصغير المكون من ثلاثة طوابق مع البدروم الى خلية نحل حقيقية تمتلىء صباح مساء بالمحررين والعمال، وكتيبة العمل التي تم اختيارها بعناية من لجنة شكلها خالد محيي الدين رئيس التحرير، وعاونه فيها محمد عبدالقادر حمزة مدير التحرير ومحمد نجيب مساعد مدير التحرير.

كانت الاحداث والتداعيات للقرار الذي اعلنه جمال عبدالناصر في خطابه في الاسكندرية بتأميم قناة السويس تتصاعد يوما بعد يوم، وفي نفس الوقت كان الاعداد في اصدار البروفات الاولى يواكب سخونة الاحداث، وذلك الصيف الجاف، وخرجت المساء في 6 اكتوبر سنة 1956 لتعبر عن الخط الوطني الديمقراطي المعادي للاستعمار والاستقلال، وفي اتون الاحداث الملتهبة التي امتلأ بها الجو العالمي بعد فشل مؤتمر لندن، الذي دعت اليه انجلترا وفرنسا لمناقشة قرار التأميم الذي اتخذته مصر.

كان من الطبيعي والأمر كذلك ان يستعين خالد محيي الدين بعدد من الكتاب والصحفيين اليساريين لوضع خطة للصحيفة الجديدة، وكان هناك في ذلك الوقت «أخبار اليوم» التي يصدرها الاخوان مصطفى وعلي امين، ومعهما مجموعة من الصحفيين المحترفين الذين شكلوا مدرسة كانت لها سماتها الخاصة، حيث كانت تلك المدرسة في ذلك الوقت تولي اهتماما أكبر بما يجري في كواليس الحكم والحكام، سواء في القصر الملكي أو بعد ذلك في مجلس قيادة الثورة، أكبر من اهتمامها بقضايا المجتمع وهمومه.

وكانت هناك «الأهرام» التي كان يحكمها الخط الذي وضعه «أبناء تقلا» منذ تأسيسها في أواخر القرن التاسع عشر، وهو خط فاتر بعيد عن الانغماس في المشاكل الواقعية للمجتمع المصري، مع اتباع سياسة حيادية خادعة من القوى والمنظمات السياسية المختلفة، وكان هناك أيضا جريدة «القاهرة» المسائية التي يرأس تحريرها حافظ محمود، وتمولها إحدى الدول العربية البترولية، ولم يكن لها في الواقع وجود حقيقي في الشارع.

أما «الجمهورية» وهي الجريدة التي أنشأها عبدالناصر، وكان صاحب امتيازها كما رأس تحريرها وإدارتها أنور السادات، وبالرغم من خطها الوطني الذي برز من اللحظة الأولى، إلا أن صفة الرسمية التي اصطبغت بها من البداية كانت تتيح الفرصة للصحف الأخرى للنيل منها، خاصة بعد توقف جريدة «المصري» في أعقاب أحداث مارس سنة 1954، والتي كانت وبحق الجريدة الأولى في مصر.

مدرسة جديدة

وهكذا كان صدور جريدة «المساء» هو في الواقع تقديما لمدرسة جديدة في الصحافة المصرية، وأفردت الصحيفة وابتداء من العدد الأول (6 أكتوبر 1956) صفحاتها الواسعة للهجوم على الاستعمار والمصالح الاستعمارية، وإلقاء الأضواء بشكل خاص على الموقف المتشنج الذي اتخذته الدول الاستعمارية مثل انجلترا وفرنسا، إزاء قرار مصر بتأميم قناة السويس.

وعني الصحفيون والكتاب بتأصيل مبادىء كانت جديدة في القاموس السياسي الدولي، مثل التأميم والتمصير، والتجارب التي مرت بها بلدان أخرى.

لقد كان من الطبيعي أن تجتذب الصحيفة عناصر كثيرة من المثقفين من الاتجاهات الوطنية واليسارية، فقد كان هناك عدد من الكتاب والمفكرين الذين يعملون في الصحيفة، ويساهمون في تحريرها مثل عبدالعظيم أنيس ولطفي الخولي وعلي الشلقاني وسعد التائه وإسماعيل صبري عبدالله وأديب ديمتري، وعلي الراعي وشهدي عطية وعبدالعزيز فهمي ومحمود العالم وأنور عبدالملك وعبدالرازق حسن وحسن كمال الدين.
فقد نشر علي الشلقاني مقالا في جريدة المساء ،الجمعة 19 اكتوبر 1956 ، ص3 ، تحت عنوان " أزمة الأردن موجهة ضد مصر" .. مشكلة القناة لم تنته بعد ، الخطر مازال قائما . بلور فيه ببراعة أجواء هذا المنعطف التاريخي بعلاقاته الدولية والإقليمية المعقدة ، واستشرف فيه سيناريوهات هذا العدوان ، ففي ليلة التاسع والعشرين من أكتوبر عام ألف وتسعمائة وستة وخمسين، إسرائيل تضرب في سيناء. ويوم الخامس من نوفمبر تداهم القوات البريطانية بور سعيد، وفي اليوم ذاته تتعرض بور فؤاد لهجوم القوات الفرنسية. هكذا تشكل العدوان الثلاثي، والسؤال هو: ما الذي شرَّع العدوان في نظر القوات المغيرة؟! هل هي الدولة الناشئة في مصر مع الثورة ودعمها لحركة التحرر في العالم؟ هل هو تجاوز احتكار السلاح –من قبل الغرب- بالتوجه للاتحاد السوفيتي؟! هل هو انهيار المفاوضات حول التمويل الغربي لمشروع بناء السد العالي بأسوان؟! هل هو قرار الرئيس المصري جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، أم هي كل هذه الأسباب مجتمعة؟!! ثم فيم تجلت مظاهر الأزمة؟ وفيم تمثل دور كل من أطرافها؟ وأخيراً.. كيف بدا المشهد السياسي عقب أزمة السويس؟!
لنترك الإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها لمقال علي الشلقاني الذي كان في الحدث، وعاصره عن مقربة، وتنبأ بمجرياته وتداعياته .

.........................................................................


" الأسبوع القادم أسبوع حاسم للأردن ، ولكثير من البلاد العربية... وتحدد يوم الاحد لاجراء الانتخابات التى بذل الاستعمار فى سبيل تعطيلها كل ما يملك من مؤامرات ودسائس .
ومازالت الاردن مسرحاً للمؤامرات التى تدبر ضد مصر والشرق الأوسط.. ومن الخطأ أن نعتقد أن أزمة الأردن قد انتهت بسلام.. ان اسرائيل تلعب دورا خطيرا مع الاستعمار لفرض الصلح مع العرب ، وكل فشل أصاب هذه المؤامرات ليس معناه عدول الاستعمار عن مؤامرات جديدة لتنفيذ خططه...
ان الاستعمار محكوم عليه بالفشل ، ولكن على الشعوب العربية ان تستمر يقظة للمحاولات القادمة.
تهدف أزمة الأردن الى فتح الطريق أمام القوات الغربية للتدخل فى الشرق العربى . وهو خطر قائم بالرغم من أن الملك حسين رفض دخول القوات العراقية الى الأردن للمرة الثانية. فإن الإحتمال الأغلب أن تتكرر الاعتداءات الاسرائيلية ، وعندئذ قد تتدخل القوات العراقية ، وتبدأ بذلك أولى خطوات المناورة للتدخل ضد مصر.
.

كتبت جريدة الحياة البيروتية ، وهى معروفة بصلاتها الوثيقة بحلف بغداد ، كتبت فى 17/10 تقول : .. الآن وقد انتهت محادثات عمان دون أن يدخل الجيش العراقى الأراضى الأردنية ، فلا يعنى ذلك حتما ذهاب الجهود سدى ، وانا لنقدر أن المحادثات الأردنية العراقية قد أدت على الأقل الى استكمال الأردن أسباب طلب المساعدة الفعلية من العراق ، واستكمال العراقيين استعدادهم لانجاد الأردن متى تعرض لهجوم يقتضى طلباً اردنياً للمساعدة العسكرية.
وكتبت جريدة التايمس اللندنية فى 17/10 ، أى بعد رفض الاردن دخول قوات العراق للمرة الثانية- كتبت تقول: الأسبوع القادم أسبوع حاسم للأردن ولكثير من أقطار الشرق الأوسط" .
ان كل الدلائل تشير الى أن الاستعمار الغربى يستعد لجولة ثالثة بعد ان فشل فى الجولتين الأولى والثانية.
ومن الخطأ كل الخطأ أن نعتقد أن أزمة الأردن التى هى ايضا أزمة مصر قد انتهت بسلام.
والسؤال هو كيف أراد الاستعمار أن يستغل أزمة الأردن كوسيلة لاحتلال القناة.
ولنبدأ ببعض الحقائف الغريبة التى جرت أخيرا فى الشرق العربى.
لقد أنذرت بريطانيا اسرائيل بأنها سوف تلجأ الى استخدام قواتها العسكرية دفاعا عن الأردن اذا تعرضت الأردن للهجوم.
وفى كلمات أخرى ،ان القوات البريطانية التى حشدت فى قبرص بقصد التدخل العسكرى ضد مصر ، سوف تستعمل لا ضد مصر ، ولكن دفاعا عن الأردن حليف مصر.
انه قلب تام للأوضاع ، أقل ما يوصف به أنه عجيب .
ولذلك دهشت جريدة كومبا الفرنسية لهذا الوضع وتساءلت عن السر فى هذا التغير المفاجئ فى موقف بريطانيا ، ثم لم تستطع أن تجد الجواب.
قالت كومبا فى 16/10:
" سوف تنزل القوات البريطانية المرابطة فى قبرص فى نهاية الأمر على الشاطئ الافريقى ، ليس لمقاتلة المصريين الذين استولوا على القناة ، بل على العكس من ذلك ، للدفاع عن حلفاء المصريين"
وهذه هى أول حقيقة غريبة وعجيبة فى الشرق العربى اخيرا.
ولكن هناك حقيقة اخرى لا تقل عنها غرابة.
• ان اسرائيل ربيبة الاستعمار
• اسرائيل صديقة حلف بغداد
• اسرائيل هذه تهاجم بشدة وعنف ، نورى السعيد صديق الاستعمار وأحد أعمدة حلف بغداد فى الشرق العربى ، وتهاجمه هجوما عنيفا مركزا ومستمرا.

وهكذا يتجدد السؤال:
لماذا انقلب الاستعمار البريطانى فجأة الى صديق للعرب وحام لهم ؟.
لماذا إنقلبت إسرائيل فجأة إلى عدوة لدودة لنورى السعيد؟

ان موقف الاستعمار البريطانى وموقف اسرائيل يناقض كل فهم سياسى سليم عن دور الاستعمار البريطانى ودور اسرائيل فى الشرق العربى. فهل نلغى كل الخبرة التاريخية السابقة ، أم نقول إن الأمر خدعة.
ولكن ، ما هى الخدعة؟ .. وكيف أريد بها أن تخدم أغراض الاستعمار وأغراض اسرائيل المعادية لمصر وللأردن وللعرب؟
. . .
لنعد الى بعض الحقائق الأخرى التى لا تحتمل الجدل ، والتى اعترفت بها جميع الصحف العربية والغربية.
الحقيقة الأولى:
إن أزمة الأردن ضربة ضد مصر .
كتبت النيوز كرونيكل الانجليزية فى 15/10 تقول :
" والواقع أن دخول القوات العراقية الأردن أثناء انشغال مصر تماما بمسألة قناة السويس يفسر على أنه تحد متعمد ضد عبد الناصر " .
وكتبت جريدة الافنورماسيون الفرنسية فى 15/10 تقول:
" يقولون فى لندن ان تعضيد بريطانيا العظمى للأردن ، ليس موجها ضد اسرائيل بل ضد مصر".
الحقيقة الثانية
ان اسرائيل هاجمت بشدة دخول الجيش العراقى الى الأردن وهاجمته بشكل واسع النطاق ومتكرر : أذاعت وزيرة الخارجية الاسرائيلية البيان تلو البيان . ودعت وزيرة الخارجية جميع رؤساء البعثات الأجنبية فى اسرائيل ليتسلموا مذكرة احتجاج من اسرائيل.
وكتبت الصحف الأسرائيلية عن الموضوع بإفاضة مثيرة للرأى العام الأسرائيلى .
ووقف بن جوريون أخيرا فى البرلمان الاسرائيلى ليقول : إنه ليس بين اسرائيل والعراق اتفاق للهدنة . وان اتفاقية الهدنة الأردنية تمنع دخول القوات العراقية الى الأردن . وان دخول القوات العراقية معناه الغاء اتفاقيات الهدنة ومعناه أيضا اختلال توازن القوى فى الشرق العربى.
ومن ثم فإن دخول القوات العراقية الى الأردن يطلق يد اسرائيل من كل التزامات الهدنة.
وفى كلمات أخرى أعلن بن جوريون أن دخول القوات العراقية الى الأردن يعنى الحرب.
هذه هى الحقيقة الثانية التى ظهرت بوضوح.
ولكن هل معنى ذلك ان اسرائيل قد انقلبت حليفة لمصر؟مستحيل.
واذن ، فهذه الحرب التى يهدد بها بن جوريون ، ضد من ستكون؟ انها لن تكون ضد الأردن. ولن تكون ضد العراق. ولكنها ستكون ضد مصر .وهذا هو بيت القصيد ..
ولنعد قليلا الى الوراء .. ولنواجه بعض الحقائق الأخيرة عن الموقف السياسى فى الشرق الأوسط.
1- لقد فشلت بريطانيا فى التدخل العسكرى المباشر ضد مصر ، بسبب أزمة القناة. وانتصر جمال عبد الناصر فى هذه المعركة انتصارا رائعا..
ولكن : ان بريطانيا قد تورطت سياسيا ،وكذلك تورط رئيس الوزراء البريطانى .بل ان مستقبل المستر ايدن ومستقبل حزب المحافظين أصبحا معلقين فى الميزان. فاذا استمر فشل المستر ايدن فهذه هى نهايته السياسية ونهاية حزب المحافظين لسنوات طويلة..
واذن فلابد من عمل سياسى خطير ضد جمال عبد الناصر ،أى ضد الحركة الوطنية فى الشرق العربى لانقاذ مستقبل المستر ايدن وحزب المحافظين . وما يقال عن موقف الحكومة البريطانية ،يقال عن موقف الحكومة الفرنسية المسيو موليه والمسيو بينو ...
2- ومن جهة أخرى ان انشغال مصر بقضية قناة السويس هى فرصة اسرائيل للهجوم على العرب ، وللضغط من أجل فرض الصلح عليهم.
كتبت نشرة فليت ستريت فى 13/10 تقول:
" المعتقد أن كبار الضباط الاسرائيليين قد أوضحوا لحكومتهم نقطة هامة، وهى ان الجيش المصرى أعيد توزيع مراكزه ، لامكان مواجهة احتمال وقوع هجوم فرنسى بريطانى ، لاعادة احتلال منطقة القناة بالاستعانة بقوات البراشوت .
ومعنى ذلك أن الفرصة مواتية لاسرائيل – فى ظنها – للهجوم على قطاع غزة ".
ومن مجموع الحقائق السابقة بدأت المؤامرة.
. . .
المؤامرة للتدخل ضد مصر .
المؤامرة لاستعادة القناة.
المؤامرة لفرض الصلح بين العرب واسرائيل..
وكانت الخطوة الأولى وهى حوادث الحدود :
والغريب أن هذه الحوادث بدأت دائما بمتسللين هاجموا بعض السكان الاسرائيليين.
وقد انكرت الأردن دائما مسئوليتها عن هؤلاء المتسللين.
وذكرت صراحة أنهم مجهولون منها ، وليست لها أية علاقة بهم.
والمهم أن تحقيقات لجنة مراقبة الهدنة لهيئة الأمم المتحدة ، أيدت ما قالت به الأردن ، من أنه ليس للأردن أية علاقة بهؤلاء المتسللين.
ولكن رد فعل اسرائيل كان جزءا من المؤامرة. فقد انسحبت من لجان الهدنة لهيئة الأمم المتحدة ، حتى لا تعترف بما وصلت اليه اللجنه من نتائج خاصة بمسئولية الأردن.
ثم قامت اسرائيل بهجمات انتقامية .هجمات لا تتناسب أصلا مع الضرر الذى أصابها من جراء التسلل. كانت هجمات واسعة قاسية بقوات كبيرة ومعدة من قبل.
وتكررت أعمال المتسللين "المجهولين" . وتكررت الهجمات الاسرائيلية الواسعة النطاق.
وانطلقت الدعاية الاسرائيلية تؤلب الرأى العام الاسرائيلى وتعده للحرب.
وكان لابد للأردن من أن يطلب المساعدة للرد على اسرائيل.
وكانت هذه هى النتيجة الأولى المطلوبة.
وجاءت الخطوة الثانية:
والخطوة الثانية هى دخول القوات العراقية الأردن.
ورتب الأمر من الجانبين : من جانب حلف بغداد ومن جانب اسرائيل أما حلف بغداد فكان عليه أن يحصل من الأردن على أكبر قسط ممكن من الشروط المواتية منتهزا الضغط الاسرائيلى، ورفض الأردن مرة ثم مرة وبدأ العراق يتساءل.
أما اسرائيل فكان عليها أن تعتبر دخول الجيش العراقى الى الأردن ،أكبر خطر يهددها منذ حرب فلسطين.
وظهرت اللعبة المزدوجة: أمام الرأى العام العربى يقال ان دخول الجيش العراقى هو دفاع عن الأردن ضد اسرائيل . وأمام اسرائيل تقول أمريكا وبريطانيا أن دخول الجيش لا يهددها ، وانما المقصود به استقرار الوضع الداخلى فى الأردن.
ولكن اذا أظهرت اسرائيل اقتناعها بهذه الحقيقة انكشفت اللعبة وفشلت المؤامرة.
وكان لابد اذن من أن ترفض اسرائيل الاقتناع ، وأن تتمسك أمام الرأى العام الاسرائيلى والعالمى بأنها مهددة من جيش العراق الذى يتبع حلف بغداد وأسلحة وذخيرة حلف بغداد ، حلف بغداد حامى اسرائيل وتصر اسرائيل على أنها مهددة من العراق .لماذا؟ لأن هذا الاصرار هو العذر الوحيد أمام الرأى العام الاسرائيلى والعالمى لانتهاك اتفاقية الهدنة بمجرد دخول الجيش العراقى الى الأردن .
والخطوة الثالثة
وكانت الخطوة الثالثة بعد دخول جيش العراق هو هجوم اسرائيل- " دفاعا عن نفسها بالطبع " – هجوم اسرائيل ضد قطاع غزة وفى اتجاه القناة.
وقد كشفت عن هذه الخطوة الثالثة، الخلاف الذى نشب أخيرا بين فرنسا وانجلترا حول دخول القوات العراقية الى الأردن.
ففرنسا تخشى أن يؤدى ابتلاع الأردن الى ابتلاع سوريا .. ويتحقق المشروع البريطانى القديم مشروع الهلال الخصيب الذى يقضى على البقية الباقية من النفوذ الفرنسى فى سوريا ولبنان.
وعارضت فرنسا المشروع ،فكان رد بريطانيا أن المقصود ليس هو احتلال سوريا ، ولكن اطلاق يد اسرائيل ضد مصر.
قالت نشرة فليت ستريت فى 13/10 :
" جاءت أنباء المحادثات العسكرية بين العراق والأردن كمظهر جديد من مظاهر سوء الفهم والخلاف فى السياسة بين كل من وزارتى الخارجية البريطانية والفرنسية. فقد عبرت الحكومة الفرنسية للانجليز عن مخاوفها من أن تؤدى هذه المحادثات بين بلدين حليفين لبريطانيا الى احياء" الهلال الخصيب" ،أو مشروع سوريا الكبرى الذى يوحد الأردن والعراق ويضم أو يستوعب سوريا والأردن.
وعلى العكس من هذا التفكير الفرنسى، يعتقد المسئولون فى وزارة الخارجية البريطانية أن هناك احتمالا لأن تجد اسرائيل نفسها حرة فى التصرف ضد مصر.
وهم يشيرون فى هذا الصدد الى تحذيرات اسرائيل بأن أى تحرك من جانب الجيش العراقى الى الأردن سوف يغير الموقف الاستراتيجى ، ويطلق يد اسرائيل فى التحرر من التعهد باحترام خطوط الهدنة ،التى يضمنها التصريح الثلاثى".

والخطوة الرابعة والأخيرة
وكانت الخطوة الرابعة والأخيرة هى نزول القوات البريطانية الى القناة دفاعا عن الأردن وعن مصر ضد اسرائيل
وهذا الفهم للمؤامرة الاستعمارية هو الوحيد الذى يفسر الكثير من الحوادث التى تبدو متفرقة، بل وتبدو أحيانا متعارضة.
ومن ذلك : الربط القومى فى الصحافة الاسرائيلية بين منع مصر مرور السفن الاسرائيلية فى القناة ومشكلة الاردن .
وتصريح دالاس الأخير ان منع مصر لبعض سفن معينة من المرور فى القناة قد يبرر اتخاذ عقوبات اقتصادية وعملية ضد مصر.
وتصريحات الساسة الفرنسيين أخيرا بأن استعداد مصر للسماح للسفن الاسرائيلية بالمرور فى القناة هو المحك لامكان الاتفاق مع مصر حول القناة.
وأخيرا كتابات الصحف البريطانية فى الأيام الأخيرة، ومن أخطرها ما قالت به الديلى ميل تصف الموقف فى الشرق الأوسط واحتمال الحرب قالت الجريدة فى 17-10 :
وقد أصبح الجو قابلا للانفجار الشديد . ويجب ألا ندخر جهدا فى سبيل صون السلام ، لأنه اذا كان لا يليق ببريطانيا أن تستخدم القوة للدفاع عن مصالحها الخاصة، فأى شئ يبرر الحرب من أجل مصالح الآخرين.
وفى كلمات أخرى، ان بريطانيا لا تزال تسعى إلى التدخل المسلح فى القناة، ولكن تحت ستار الدفاع عن مصالح مصر والاردن.
غير أن قوات العراق لم تدخل الأردن. وفشلت المؤامرة الاستعمارية الاسرائيلية الى الآن.
فشلت بفضل الشعب الأردنى، وهو ما اعترفت به الوكالات الغربية فقالت رويتر نقلا عن الأوساط السياسية فى عمان " ان قرار تأجيل دخول القوات العراقية الى الاردن جاء نتيجة خشية قيام الاردنيين بالمظاهرات والاضطرابات".
لقد انتصر الشعب . ولكن الاستعمار قد أجل المؤامرة ولم يعدل عنها..
وقد أعلن عبد الحكيم عامر أن الجيش المصرى سيتدخل بكل ما لديه من بأس وقوة.
ان الاستعمار محكوم عليه بالفشل. ولكن على الشعوب العربية أن تستمر يقظة للمحاولات القادمة.



#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية القمع والتخفي
- الارهاب يستعين بالمقدس... وقائع أوروبية


المزيد.....




- كتائب القسام تقصف مدينة بئر السبع برشقة صاروخية
- باستخدام العصي..الشرطة الهولندية تفض اعتصام جامعة أمستردام ...
- حريق في منطقة سكنية بخاركيف إثر غارة روسية على أوكرانيا
- ألمانيا تعد بالتغلب على ظاهرة التشرد بحلول 2030.. هل هذا ممك ...
- في ألمانيا الغنية.. نحو نصف مليون مُشّرد بعضهم يفترش الشارع! ...
- -الدوما- الروسي يقبل إعادة تنصيب ميخائيل ميشوستين رئيسا للوز ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 4 جنود إضافيين في صفوفه
- مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي يقرر توسيع هجوم الجيش على رفح
- امنحوا الحرب فرصة في السودان
- فورين أفيرز: الرهان على تشظي المجتمع الروسي غير مُجدٍ


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام عبدالله - في الذكري الخمسين للعدوان الثلاثي علي مصر