أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عصام عبدالله - الجسد بين الثقافة والإعلام














المزيد.....

الجسد بين الثقافة والإعلام


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 1856 - 2007 / 3 / 16 - 14:27
المحور: الصحافة والاعلام
    


نكتسب الثقافة ممن حولنا‏,‏ ثم نمررها بدورنا إلي آخرين‏.‏ ويتم نقل الثقافة من خلال طريقين‏:‏ النقل الرأسي‏,‏ الذي يصف مرور المعلومات من الاباء إلي الابناء‏.‏ والنقل الافقي الذي يشمل كل السبل الاخري بين الافراد غير الاقارب‏.‏ والتطور الثقافي بطئ في النقل الرأسي‏,‏ الذي يشبه النقل الوراثي الجينات‏,‏ لأن وحدة الزمن فيه هي الجيل‏.‏ أما النقل الأفقي فيتم سريعا‏,‏ ويشبه ـ إلي حد كبير ـ العدوي‏,‏ وليس له علاقة بالمكان بقدر ماله علاقة باللحظة‏.‏
ويبدو أن انتشار هذا النوع الاخير من النقل الثقافي‏,‏ في عصر يزداد فيه العالم ترابطا وانكماشا في الوقت نفسه‏,‏ أثار جملة من التساؤلات والانتقادات في الفترة الاخيرة حول بعض الظواهر الجديدة في المجتمع‏.‏

واذا كانت الثقافة‏.‏ كما عرفها جودنف ـ هي صور الاشياء في عقول البشر‏,‏ وأنماطهم في ادراك الاشياء وعلاقاتها‏,‏ وتأويلاتهم لها‏,‏ فإن الاعلام اليوم من قنوات فضائية وأنترنت واتصالات عبر الاقمار الصناعية‏,‏ هو عصب عملية النقل الثقافي الافقي‏.‏ اذا أحضر العالم كله أمام مرمي ومشهد الجميع‏.‏ وحفز الشعوب والافراد علي مقارنة أوضاعهم وأحوالهم بأوضاع وأحوال الآخرين باستمرار وهو ما فتح الباب أمام الانسان ليحلم أحلاما تفوق قدراته‏,‏ ويحبط أحباطا يفوق احتماله‏.‏
من هنا يبرز الخيال وسعة الحيلة‏,‏ كوسيلة جديدة قديمة للتغلب علي التوترات والتناقضات والحواجز وتجاوزها‏,‏ كما تنشط المحاكاة كأحدي آليات الانسان الاساسية‏,‏ والتي عن طريقها يستطيع الفقير أن يعتقد أنه ند للغني‏,‏ والمهزوم ان يهزم الغالب‏....‏ لكن ذلك كله لم يلغ ماهو خاص لكل فرد‏:‏ البيئة والظروف الاجتماعية والاقتصادية والعادات والقاليد والحالة النفسية‏...‏ الخ‏.‏

والواقع أن المسافة بين الخيال والمواقع‏,‏ بين الرغبة وقلة الحيلة‏,‏ هي الميدان الذي تبرز فيه هذه الظواهر الجديدة‏...‏ وعلي سبيل المثال‏,‏ فقد عمم الإعلام‏,‏ من خلال الاعلانات والفيديو كليب وبرامج المنوعات‏,‏ صورة الاجسام النحيفة كفكرة طبيعية‏,‏ وهو ما ولد رغبة جامحة لدي شرائح عديدة من المجتمع لاستهلاك أنواع معينة من السلع‏.‏
أن ابتكار صور معينة‏,‏ تبتعد مسافة كافية عن صور الاجسام الحقيقية للمصريين‏,‏ والالحاح علي هذه الصور الهوليودية‏,‏ يضمن سوقا واسعة تتألف من مستهلكين يتنقلون علي الدوام من أحباط إلي أحباط‏.‏

من هنا وجدنا انتشارا لظاهرة نوادي الجيم في الاحياء الشعبية‏,‏ وصناعة الادوات الرياضية‏,‏ وأنواعا جديدة من أدوية التخفيف وليس التخسيس لأن التخسيس من الخسة ونفخ العضلات‏,‏ ومراكزجراحات التجميل وشفط الدهون‏,‏ ومراكز متعددة لتصميم الملابس التي تبرز مفاتن الجسد‏,‏ وأخري متخصصة في أخفاء كل ذلك وفي كل الاحوال‏,‏ أصبح الجسد هو محور اهتمام الجميع‏,‏ شاءوا أم أبوا‏,‏ لأنه يحقق الجذب والكسب‏,‏ وهو أداة التواصل بين البائع والزبون‏,‏ والمخرج والمشاهد‏,‏ المغني وجمهوره‏...‏
الظاهرة الثانية هي الميل المتنامي لالغاء الفروق بين الجنسين‏,‏ سواء في الزي أو في العري‏.‏

وهو تطور جديد لم يدرس بعد‏.‏ فالملابس كما قال هيجل هي اللحظة التي يصبح فيها المحسوس الجسد دالا‏,‏ وبالتالي حاملا لعلامات خاصة‏.‏ لذا ضربت الامثال تاريخيا في العلاقة بين الجسد والملبس‏:‏ فـ الملبس يصنع الانسان‏(‏ مثل يوناني‏).‏ في وطني أعرف باسمي وفي الخارج أعرف بملبسي‏(‏ عبري‏).‏ ومن نعرفه ننظر إلي فضائله‏,‏ ومن لانعرفه ننظر إلي ملابسه‏(‏ صيني‏).‏ لبس البوصة تبقي عروسه‏(‏ مصر‏).‏ ليس الراهب بثيابه‏(‏ فرنسي‏).‏ من ساء ملبسه ساءت سمعته‏(‏ ايطالي‏).‏
اليوم أصبح الجسد الملبس يفقد تمايزه‏,‏ نتيجة تحرر الجسد من الملبس فقد كانت وظيفة ربطة العنق الكرافت هي اخفاء العنق وهو ما أصبح قاصرا علي الرسميات والمناسبات والاماكن الخاصة‏.‏ لكن العنق يتحرر الأن وتنفتح القمصان الكاجوال‏.‏ وبالعودة إلي هيجل فإن هذا الغياب المقصود لمفهوم الملابس ودلالتها‏,‏ وايضا لتشابهها عند الجنسين‏,‏ فإن الجسد نفسه يصبح دالا‏,‏ لا ما يرتديه من الملابس‏.‏

أن الظواهر من هذا النوع يصعب معالجتها وفق تصورات ومفاهيم وأدوات النقل الرأسي‏,‏ كما أنه لايجدي التعامل معها في ضوء ثقافة التعتيم علي الجسد‏,‏ التي تخلط بين الجسد والجنس‏,‏ وهي الثقافة التي مورست طويلا وعمرت أكثر مما ينبغي‏.‏



#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دريدا وصديقه الياباني
- صداقة المفاهيم
- نظرات علي عالم اليوم
- شباب وأحزاب‏..‏ ولغة سرية وعولمة
- دعوة إلي كتاب الحوار المتمدن
- في الذكري الخمسين للعدوان الثلاثي علي مصر
- جدلية القمع والتخفي
- الارهاب يستعين بالمقدس... وقائع أوروبية


المزيد.....




- أفغانستان: حكومة طالبان تكافح الجفاف بانشاء قناة على نهر أمو ...
- إسرائيل - إيران: من الحرب المفتوحة إلى حرب الظل
- طهران تنفي العودة إلى محادثات جديدة مع واشنطن
- بعد ثلاثين عاما من الصراع : اتفاق سلام بين الكونغو الديمقراط ...
- نجل أحد الرماة السنغاليين يرفع دعوى قضائية ضد فرنسا بتهمة إخ ...
- بزشكيان يدعو لوقف -التساهل- مع إسرائيل
- الاتحاد الأوروبي: عنف المستوطنين بالضفة يجب أن يتوقف فورا
- حماس تطالب بتحقيق دولي في قتل المجوعين بعد تقرير هآرتس
- عاجل | كاتس: وجهت الجيش لإعداد خطة بشأن إيران تضمن الحفاظ عل ...
- شاهد لحظة إضرام رجل النار داخل مقصورة مترو أنفاق مزدحمة بالر ...


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عصام عبدالله - الجسد بين الثقافة والإعلام