أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام عبدالله - تحولات عميقة














المزيد.....

تحولات عميقة


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 1951 - 2007 / 6 / 19 - 11:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في العام 1993 أصدر الاتحاد الأوروبي كتابا يحمل عنوان " نمو وتنافسية " ، يحدد قواعد اللعبة الاقتصادية والاجتماعية ، أما الكتاب الثاني المعنون " تعليم وتعلم " سنة 1995 فأشار إلي بروز مجتمع " معرفي " تقوم بنيته حول رهانات كبري هي العولمة والتسارع الكبير الذي تشهده الفتوحات العلمية والتقنية .
والملاحظة الأولية في هذين الكتابين كانت تتعلق بالمعرفة ذاتها ، وهي أن ما ينتج اليوم من معارف يتجاوز بكثير ما يستطيع الفرد استيعابه . وهي ظاهرة حديثة نسبيا في تاريخ البشرية ، وإن كانت تطورت بسرعة جعلت الوعي بآثارها يبدو وكأنه يجئ متثاقلا متأخر .
لذا ففي العام 1994 تبنت نخبة من الفلاسفة والعلماء والأدباء والفنانين في العالم ، في مقدمتهم أدونيس ، ميثاقًا جديدا بعنوان " اجتياز المناهجية " ، يعتبراليوم المكافئ الفكري والروحي لإعلان حقوق الإنسان والمواطن في عصر الثورة الفرنسية 1789 ، الهدف منه إعطاء توجه مشترك للمناهج والمعارف ، وتمركزها حول حاجات الإنسان وتطلعاته، عن طريق ابتكار وتطوير رؤية جديدة للواقع ستصبح قاعدة للعمل الإنساني، في سبيل التحول التدريجي نحو أنموذج جديد - Paradigm ينطوي على مفاهيم وقيم جديدة.
وتتلخص هذه المفاهيم في التحول عن العقلانية المفرطة إلى الحدس والكشف، عن التحليل إلى التركيب، عن الاختزال إلى التكامل، عن التفكير الخطي إلى التفكير اللولبي، عن الإمعان في التخصص إلى اجتياز المناهجية، وعن مراكمة المعلومات إلى المعرفة كوظيفة وجودية.
وليس القصد استبدال مفهوم جديد بمفهوم قديم، بقدر ما هو التحول عن التشديد المفرط على أحد المفهومين إلى توازن أعظم بينهما. إذ أن التنامي غير المسبوق للمعارف في عصرنا يمنح شرعية لمسألة تطويع العقول لهذه المعارف. كما ان التناغم بين العقول وبين المعارف يفترض سلفًا أن تكون هذه المعارف معقولة وقابلة للفهم.
ان البشرية – حسب تعبير بسراب نيكولسكو - مرغمة على تشييد "جسدها الخاص" من أجل استعادة التناغم المفقود بين العقل الإنساني وتكامل المعرفة ووحدتها. وهي محاولة لمواكبة الثقافة الإنسانية الكوكبية - Globalization الصاعدة، في جوهرها، من خلال إيجاد "معابر" بين مختلف مناهج المعرفة الإنسانية، وصولاً إلى معرفة كلية تتعدى المناهج وتشملها جميعًا، وبذلك تسهم في فتح آفاق جديدة للوعي.
وأحد جوانب الأزمة الراهنة للمعرفة من وجهة نظر هذه النخبة ، هو أننا مازلنا نقر ونعمل مفاهيم وقيم أنموذج - Paradigm (قديم) لم يعد صالحًا للتعامل مع قضايا وإشكاليات عالمنا المعاصر الذي يتميز بالترابط والتعقيد والتشبيك. أننا نعيش أزمة تنطوي على مفارقة - Paradox هي: التباعد المتزايد بين نضج العقلية الإنسانية التي تتعامل مع الواقع ومشكلاته، والكتلة المعرفية المتراكمة التي تطورت بسرعة مذهلة في الربع الأخير من القرن العشرين.


ولعل أهم من عبر عن ذلك في المجال الاقتصادي هو «جورج سوروس» - Soros في كتابه : «حول العولمة» عام 2002، وهو ينتقد العولمة ليس من أجل القضاء عليها أو محاربتها، وإنما من أجل تحسينها وتطويرها. وأهمية نقده أنه يتحدث من داخل العولمة الرأسمالية وليس من خارجها، إذ أنه أحد أكبر المستفيدين منها. فضلاً عن أنه الشخصية النموذجية للعولمة، وهو ثمرة هوياته المتعددة: يهودي من أصل مجري يحمل الجنسية الأمريكية ورجل مالي ومحسن منهمك في تمويل بلدان الشرق.
ففي مقدمته التي تحمل عنوان «نواقص العولمة الرأسمالية» يعرف العولمة بقوله: «أقصد بها بكل بساطة السماح للرأسمال بالتنقل بشكل حر بين بلدان العالم، ثم التزايد المستمر لهيمنة الأسواق المصرفية العالمية والشركات المتعدية للجنسيات على الاقتصادات القومية للدول»
هذا التعريف لا ينفي - على حد قوله - بأن العولمة الرأسمالية مجحفة أو ظالمة أو غير متوازنة. وسبب ذلك يعود إلى أن «تطور مؤسساتنا الدولية لم يعد يتناسب من حيث الإيقاع والسرعة مع تطور الأسواق المصرفية العالمية. يضاف إلى ذلك أن التدابير السياسية التي اتخذناها كانت بطيئة ومتخلفة عن السرعة التي تمت بها العولمة الاقتصادية. بمعنى آخر فإن العولمة السياسية لم تتحقق حتى الآن لكي تتساوق مع العولمة الاقتصادية التي قطعت شوطًا كبيرًا في التحقق.»
على أن أهم ما يطرحه كتاب سوروس ، قوله: لقد لاحظت مؤخرًا حصول تحالف غير مألوف بين أصولي السوق الحرة في جهة أقصى اليمين والمنظمات المضادة للعولمة في أقصى اليسار. هناك تحالف موضوعي غريب الشكل بين هاتين الجهتين العدوتين ، وهو تحالف يهدف إلى تدمير المؤسسات الدولية التي نملكها حاليًا.
ومن ثم لابد من تشكيل تحالف آخر يعمل من أجل إصلاح المؤسسات المصرفية والاقتصادية الدولية وتقويتها لا تدميرها. والسعي الي إنشاء مؤسسات جديدة إلي جانب صندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي. وإذا نجحنا في إصلاح هذه المؤسسات القديمة وتغيير أساليب عملها وإنشاء مؤسسات جديدة إلى جانبها، فإن العولمة الرأسمالية سوف تصبح أكثر توازنًا وأقل ظلمًا ... فما الذي تحقق بعد خمس سنوات من كتاب سوروس ؟ .
عصام عبدالله



#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنف لا أحد
- الصمت بين الكلمات
- دريدا والإله تحوت
- إعادة محاكمة سقراط
- ثقافة الانتقام
- التعصب وسنينه
- تفكيك الأصولية والهوس الديني
- الأصولية .. هنا وهناك
- الهوس الديني والفتن الطائفية
- الإيمان والعلم
- موت الحداثة في مصر
- اختفاء البكوش
- الفعل التواصلي
- جزيرة العقلاء
- يوتوبيا ما بعد الحداثة
- لا وعي اليوتوبيا الباطن
- اليوتوبيا ويوتوبيا الضد
- الانتماء - ما قبل - الوطني
- العولمة والهوية الثقافية
- اللعب في الثقافة


المزيد.....




- تحديث مباشر.. ترامب يصافح بوتين في ألاسكا وبدء الاجتماع بينه ...
- شاهد لحظة لقاء ترامب ومصافحته بوتين قبيل توجههما لعقد قمة أل ...
- -80 ألف جندي قيد العلاج-.. انتحار نقيب إسرائيلي يكشف -أزمة ص ...
- دعوة إلى الرفيقات و الرفاق للمشاركة ب”: “أسطول الصمود العالم ...
- لحظة لقاء ترامب وبوتين ألاسكا قبل قمة تاريخية حول أوكرانيا
- 8 مزايا يمنحها تمرين -البلانك- لجسمك في شهر واحد فقط
- انطلاق قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين على وقع مخاوف أوكرانية أو ...
- رويترز: جنوب السودان يناقش مع إسرائيل تهجير فلسطينيين إلى أر ...
- دكاترة تونس.. مسيرة علمية طويلة تنتهي على قارعة الطريق
- -هدد بالمغادرة-.. أبرز تصريحات ترامب قبل قمة ألاسكا مع بوتين ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام عبدالله - تحولات عميقة