أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى السماوي - شاهدة قبر من دموع الكلمات - الى روح أمي طيّب الله ثراها -














المزيد.....

شاهدة قبر من دموع الكلمات - الى روح أمي طيّب الله ثراها -


يحيى السماوي

الحوار المتمدن-العدد: 2012 - 2007 / 8 / 19 - 05:50
المحور: الادب والفن
    



(1)

ليَ الآنَ

سـَبَبٌ آخر يمنعني من خيانة ِ وطني :

لحافُ ترابِه ِ السـميك

الذي تـَـدَثـَّرَتْ به أمي

في قبرها أمس !



(2)


وحدُهُ فأسُ الموتِ

يقتلعُ الأشجارَ من جذورها

بضربة ٍ واحدة


(3)

قبل فراقها

كنتُ حيّا ًً محكوما ً بالموت ِ ..

بعد فراقها

صرتُ مَـيْتا ً محكوما ً بالحياة


(4)

لماذا رحلت ِ

قبل أنْ تلديني يا أمي ؟

أما من سلالمَ أخرى غير الموت ِ

للصعود نحو الملكوت ؟


(5)

في أسواق " أديلايد "

وَجَـدَ أصدقائي الطيبون

كل مستلزمات مجلس العزاء :

قماش أسود .. آيات قرآنية للجدران ..

قهوة عربية .. دِلالٌ وفناجين ..

بخورٌ ومِـسْـك ٌ ..

باستثناء شيء ٍ واحد ٍ :

كوبٌ من الدمع ـ حتى ولو بالإيجار

أعيد به الرطوبة َ

إلى طين عينيَّ الموشكتين على َ الجَـفاف !


(6)

لم تحملْ نعـشـَها عربة ُ مدفع

ولم يُعزف لها مارش ٌ جنائزي ..

أمي القروية لا تـُحِبُّ سماعَ دويِّ المدافع ِ

ليس لأنه يُفزِع ُ العصافير َ فحسب ..

إنما

ولأنه ُ يـُذكـِّرُها بـ " خطابات القادة " ..

الذين أضاعوا الوطن .. وشـَرَّدوني ..

نعشـُها حَـمَلـَتـْهُ سيارة ُ أجرة ٍ

وشـَّيعَتـْها عيونُ الفقراء ِ

والعصافيرُ

والكثيرُ من اليتامى

يتقدمهم شقيقي بطرفهِ الإصطناعية

وشقيقتان أرملتان


(7)


كيفَ أغفو ؟

سَــوادُ الليل ِ يُـذكـِّرُني بعباءتها ..

وبياض النهار ِ يـُذكـِّرني بالكفن ..

يا للحياة من تابوت ٍ مفتوح !

أحيانا ً

أعتقدُ أنَّ الحَـيَّ ميتٌ يتنفـَّسُ..

والمـَيْتَ حيٌّ لا يتنفـَّس..


(8)


الأحياءُ ينامون فوق الأرض..

الموتى تحتها ..

الفرقُ بينهم : مكانُ الســرير ِ

ونوع الوسائد والأغطية !


(9)


آخرُ أمانيها :

أنْ أكونَ مَـنْ يـُغمضُ أجفان قبرِها ..

آخرُ أمنياتي

أن تُغمِضَ أجفاني بيديها ..

كلانا فشلَ في تحقيق أمنية ٍ متواضعة


(10)


أيها العابرُ : لحظة ً من فضلك ..

هلا التـَقـَطـْتَ لي صورة تذكارية ً مع الهواء ؟

وثانية ً مع نفسي ؟

وثالثة ً جماعية ً

مع الحزن والوحشة ِ

وأمي النائمة في قلبي ؟


(11)

سـُبحانك يا رب !!

أحـقـّا ً إنَّ عذابَ جهـنمَ

أشـَــدُّ قسـْوة ًمـن عَذابي

حين تـَعَـذرَ عليّ توديع ُ أمي ؟

آه ٍ ... لو أنَّ ساعي بريد ِ الآخرة ِ

قد وضعَ الرسالة َ في صندوق عمري

لا على وسادة أمي ..


(12)


أشـقـّائي غـطـّوها بلحاف ٍ سـَمـيك ٍ من التراب ..

ربما

كي لا تـَسـْمعَ نحيبي

وأنا أصرخ في البريّة ِمثلَ طفل ٍ ملدوغ ٍ : أريد أمي

فتبكي ..


(13)


لسـْت ُ ثـَمِـلا ً ..

فلماذا تنـظرون َ إليَّ بازدراء ٍ

حين سـقـَطـْتُ على الرصيف ؟

مـَنْ منكم لا ينزلقُ مـُتـَدَحْـرِجا ً

حين تتعثـَّرُ قدماه بورقة ٍ أو قطـرة ِ ماء ٍ

إذا كان يحملُ الوطنَ على ظـهْـره ِ

وعلى رأسـِْه ِ تابوتُ أُمِّــه ؟


(14)


يا كلَّ الذين أغضـْبْتـُهم يوما

من أصدقاء طيبين .. ومجانين .. وباعة خضروات ..

وطلبة ٍ .. وزملاء ِ طباشيرَ وأرصفةِ منفى :

إبعثوا إليَّ بأرقام هواتفكم ..

فأنا أريدُ أن أعتذر َ منكم

قبل ذهابي للنوم ِ

في حضن ِ أمي

(15)


وأنتم أيها الهمجيون

من متحزِّمين بالديناميت .. وسائقي سيارات مفخخة ٍ ..

وحَـمَلـَة ِ سواطيرَ وخناجرَ :

كفى دويَّ انفجارات ٍ وصخبا ً ..

إنَّ أمي لا تحبُّ الضجيج ..

الطيبة أمي ما عادت تخاف من الموت ..

لكنها

تخاف على العصافير من الشظايا ..

وعلى بخور المحراب من دخان الحرائق


(16)


حين أزور أمي

سأنثر على قبرها قمحا كثيرا ..

أمي تحب العصافير ..

كل فجر ٍ :

تستيقظ على سـقسـقاتها ..

ومن ماء وضوئها : كانت أمي

تملأ الإناء الفخاري َّ تحت نخلة البيت

وتنثر قمحا وذرة صفراء


(17)


في صِـغـَري

تأخذني معها إلى السـوق ..وبيوت جيراننا ..

وإلى الأئمة

حين تزور الأضرحة َمحملة ً بالنذور الشحيحة ..

حتى وأنا في مقتبل الحزن

لا تسـافرُ إلآ وأنها معها ..

لماذا إذن سافرت وحدها نحو الملكوت ؟

ربما

تستحي من ذنوبي ..

آه ٍ

من أين لي بأم ٍ مثلها

تسـاعدني في غسـل ِ ذنوبي

بكوثر دعائها حين تفترش سجادة الصلاة ؟


(18)


يا أحبّـائي الطيبين

لا تسـألوا الله أن يملأ صحني بخبز العافية ..

وكوزي بنمير الإنتشاء ..

فأنا الان بحاجة إلى :

صـَبْر رمال الصحراء على العطش ..

وتجَـلـُّد ِ بغل ٍ جبليٍّ ..

وبلادة خروف ..

***

16 ـ 8 ـ 2007
استراليا



#يحيى_السماوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا كافرا بعذابات الملايين الى عبد الرزاق عبد الواحد
- دفعا للإلتباس
- حين أصبح شقيقي شبه الأميّ مفكرا ودكتوراه فلسفة
- حيرة المتسائل
- يا ولاة أمرنا : إتخذوا من منتخبنا لكرة القدم قدوة لكم
- هل هذه بغداد ؟
- روضة ٌ من قُبل
- صراخ خفيّ
- كفى عتبا*
- حكاية في ليل بهيّ
- ليالينا عقيمات ... ولكن
- توغّل
- مهاتفة من امرأة مجهولة
- شبيه الياسمين يدا وخدا
- نتوءات
- حطام ..
- بَدَدٌ على بددِ
- متاهة الغد العراقي
- مِسبَحَة ٌ من خَرَز ِ الكلمات
- القتلى لا يحييهم الاعتذار


المزيد.....




- مصر.. إصابة الفنان أحمد سعد في ظهرة ومنطقة الفقرات بحادث سير ...
- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- لقاء خاص مع الممثل المصري حسين فهمي مدير مهرجان القاهرة السي ...
- الممثل جيمس فان دير بيك يعرض مقتنياته بمزاد علني لتغطية تكال ...
- ميرا ناير.. مرشحة الأوسكار ووالدة أول عمدة مسلم في نيويورك
- لا خلاص للبنان الا بدولة وثقافة موحدة قائمة على المواطنة
- مهرجان الفيلم الدولي بمراكش يكشف عن قائمة السينمائيين المشار ...
- جائزة الغونكور الفرنسية: كيف تصنع عشرة يوروهات مجدا أدبيا وم ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى السماوي - شاهدة قبر من دموع الكلمات - الى روح أمي طيّب الله ثراها -