أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - أوصياء وكهنة... يبحثون عن وظيفة














المزيد.....

أوصياء وكهنة... يبحثون عن وظيفة


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1985 - 2007 / 7 / 23 - 11:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كأنهم كانوا ينتظرون إعادة نشر قصيدة حلمي سالم في شرفة ليلي مراد لكي يفتحوا النيران الكثيفة مرة أخري علي حرية الإبداع.
ففي وقت واحد انطلقت من أماكن متباعدة ومنتديات ومحافل متعددة نفس الدعوة إلي ضرورة وضع ضوابط علي حرية الإبداع بصورة تجعل المرء يتوجس من تربص مع سبق الإصرار والترصد.
وبعيدا عن إدمان نظرية المؤامرة فإن وقاع الحال يقول إن هناك تربصا بالفعل بحرية الإبداع خصوصا والحريات عموما.
لكن الملفت للنظر أن هذه الصيحات التحذيرية من ترك حرية الإبداع بلا ضباط أو رابط تجعل المرء يتصور أن المشكلة التي تعاني منها مصر هي »تخمة« حريات.
وهذا أمر لا أساس له من الصحة، لأن حرية الإبداع وكل أشكال الحريات عموما ـ ورغم التقدم النسبي الذي طرأ عليها في السنوات الأخيرة مازالت تعاني الضغوط والتحديات.
ولعل أحدث دليل علي ذلك هو قيام مجمع البحوث الإسلامية بمصادرة سيرة أصولي مصري: »الدنيا أجمل من الجنة«.
تأليف خالد البري التي يحكي خلالها قصته وذكرياته مع إحدي الجماعات الأصولية وكيف تحول من مراهق يتبني أفكارا بريئة عن الحياة والسياسة إلي »مؤمن بحتمية المواجهة العسكرية للقضاء علي النظام العلماني الكافر«.
وسبق ذلك إلقاء القبض علي أحد المدونين وجرجرته إلي المحاكم والحكم عليه بالسجن لأنه تجاسر وعبر عن آرائه في بعض القضايا بصورة تختلف مع الآراء السائدة.
وغير ذلك الكثير والكثير من الأمثلة التي تبين أننا نعاني من نقص في الحريات وليس إفراطا فيها كما يروج المتربصون ورغم التقدم النسبي الذي طرأ علي الحريات فإن مقولة الأديب الكبير الدكتور يوسف إدريس إن الحريات الموجودة في العالم العربي من المحيط إلي الخليج لا تكفي لأديب واحد هذه المقولة ماتزال صحيحة إلي حد بعيد.
وعموما فإن لجنة الحريات بنقابة الصحفيين التي يرأسها الزميل محمد عبدالقدوس قد التقطت هذا الخيط وأقامت للمرة الثانية في غضون بضعة أسابيع ندوة عن حرية الإبداع ودعت إليها عددا من الأكاديميين والكتاب والنقاد من مدارس فكرية مختلفة، وفوجئت بأنه لم يحضر اللقاء سوي الزميلة الكاتبة والناقدة فريدة النقاش وكاتب هذه السطور بينما تخلف الباقون عن الحضور رغم إبدائهم موافقتهم علي المشاركة، بل إنهم حتي لم يكلفوا أنفسهم عناء الاعتذار.
وفي هذه الندوة التي أدارتها الزميلة الكاتبة والأديبة والناقد غادة نبيل قدمت فريدة النقاش ورقة بديعة عن حال حرية الإبداع في مصر، والقيود المتعددة الأشكال والألوان المفروضة عليها. وهي ورقة تستحق النشر بنصها الكامل نظرا لأهميتها ورصانتها وانتصارها للحرية.
أما كاتب هذه السطور فقد طرح المسألة من زاوية الإشكاليات التي تنطوي عليها الدعوة إلي وضع ضوابط علي الإبداع. فمن هو صاحب الحق في وضع هذه الضوابط؟ وما صفته؟ ومن أعطاه هذا التفويض؟ وأي سلطة ينتمي إليها؟ هل هي السلطة السياسية؟ أم السلطة الدينية؟ أم ماذا؟
وإذا كانت السلطة الدينية مثلا.. فهل تكون المؤسسة الدينية الرسمية الإسلامية كالأزهر، أم تكون جماعة الإخوان المسلمين، أم تكون الجماعات الإسلامية المناوئة لها، أم يكون أسامة بن لادن والظواهري وفقهاء تنظيم »القاعدة«؟!
وما سقف الإبداع المسموح به في كل فرع من فروع الفنون والآداب والمعرفة؟
وما المعايير التي يتم بموجبها رفع أو خفض هذا السقف؟!
وهل هذه »السقوف« دائمة أم مؤقتة. فإذا كانت دائمة فما مصير أي جديد أم أن الجمود سيظل هو قدرنا؟
وإذا كانت مؤقتة فمن الذي يحدد عمرها الافتراضي وتاريخ انتهاء صلاحيتها وعلي أي أساس؟
هذه الأسئلة التفصيلية تبين عبثية وضع قيود و»ضوابط« لحرية الإبداع، خاصة أن الأفكار المقبولة والسائدة في عصر ما يمكن أن تكون مرفوضة تماما في عصر آخر.
خذ علي سبيل المثال الموقف من ظاهرة مثل العبودية.
لقد كانت هذه الظاهرة مقبولة »أخلاقيا« في عصور طويلة وسنجد أن مفكرين كبارا كانوا ينظرون إلي هذه الظاهرة علي أنها أمر »طبيعي«. الآن.. لا يمكن أن يقبل العبودية شخص عاقل.
هل معني هذا أن أي »كلام فارغ« يصدر عن أي شخص يزعم أنه أديب أو فنان أو فيلسوف يعتبر إبداعا؟
بالطبع لا.. فهناك بين الأفكار الجديدة كثير من اللغو الذي لا يستحق ثمن الحبر الذي كتب به، وكثير من التخريف وكثير من الغثاثة والقرف. لكن محاربة هذا النوع من »الإبداع« لا تكون بإصدار »كتالوج« يحدد »مواصفات« الإنتاج الثقافي الجيد، ويصنف باقي المنتجات الثقافية علي أنها »فرز ثاني« أو »فرز ثالث«، وإنما يكون بتعزيز مناخ الحرية، وتشجيع مناخ التسامح الفكري، وتوسيع قنوات الحوار، وتربية ملكة التفكير النقدي. فمثل هذا المناخ هو القادر علي وضع الغثاثة في مكانها الهامشي ووضع الكلام الجاد والنافع في الموقع الذي يستحقه.
بعبارة أخري.. مناخ الحرية هو القادر علي تصحيح أخطاء الممارسة، وإذا كان للحرية أخطاء فإن علاج هذه الأخطاء يكون بمزيد من الحرية وليس بوضع أقفال من حديد علي أفواه البلاد والعباد.
فنحن لا ينقصنا أوصياء.. أو كهنة.




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بشهادة محمد حسنين هيكل: ثورة .. إلا خمسة!
- أخطر شخصية سياسية أردنية .. يتحدث .. عدنان أبو عودة .. رئيس ...
- فنجان شاي مع السفير الأمريكي 1
- فنجان شاي مع السفير الأمريكي 2
- هل تكون مئوية جامعة القاهرة.. احتفالية سرية؟!
- أوراق شاب عاش من ألف عام
- بروتوكول تعاون -دولى- بين -زفتى- و-ميت غمر-!
- »شهادة« أبوالعلا ماضي: جماعات العنف وتأويلاتها للإسلام
- كامل زهيرى نقيب النقباء
- الخرز الملون الحديث: جزر صناعية مزروعة بالصواريخ!
- لماذا الإصرار علي القضايا الوهمية؟ .. سلمان رشدي.. تاني!
- جزر صناعية مزروعة بالصواريخ!
- هانى سرى الدين
- مفاجأة شرم الشيخ .. سارة هذه المرة
- فتوى البورصة
- كلمة السر هي زواج العلم والصناعة والمجتمع (2-2)
- جامعة النيل .. مؤسسة أكاديمية عصرية .. مجهولة!
- صدق أو لا تصدق:مصريون يعملون بروح الغريق!
- كلمة السر هي زواج العلم والصناعة والمجتمع
- صدق أو لا تصدق : عدد المستهلكين الغاضبين 65 فى عموم مصر!


المزيد.....




- معلومة قد تذهلك.. كيف يمكن لاستخدام الليزر أن يصبح -جريمة جن ...
- عاصفة تغرق نيويورك: فيضانات في مترو الأنفاق وانقطاع كهرباء و ...
- هيركي عائلتي الكبيرة
- نحو ربع مليون ضحية في 2024 .. رقم قياسي للعنف المنزلي في ألم ...
- غضب واسع بعد صفع راكب مسلم على متن طائرة هندية
- دراسة: أكثر من 10 آلاف نوع مهدد بالانقراض بشدة
- بين الصمت والتواطؤ.. الموقف التشيكي من حرب غزة يثير الجدل
- تركا ابنهما خلفهما بالمطار لأجل ألا يخسرا تذاكر السفر
- في تقرير لافت.. الاستخبارات التركية توصي ببناء ملاجئ وأنظمة ...
- لماذا أُثيرت قضية “خور عبد الله” الآن؟ ومن يقف وراءها؟


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - أوصياء وكهنة... يبحثون عن وظيفة