أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعد هجرس - بشهادة محمد حسنين هيكل: ثورة .. إلا خمسة!















المزيد.....

بشهادة محمد حسنين هيكل: ثورة .. إلا خمسة!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1980 - 2007 / 7 / 18 - 11:25
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


فى أحد مشاهد مسرحية "القضية 2007"، أو "ما حدث لليهودى التائه مع المسيح المنتظر"، تأليف يسرى الجندى وإخراج حسن الوزير، يظهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على الشاشة فى لقطة لا تستغرق سوى جزء من الثانية.
وما ان ظهرت صورة عبد الناصر حتى ضجت القاعة بالتصفيق المدوى.
حدث هذا فى مسرح "الجمهورية" أثناء إعادة عرض المسرحية فى سياق مهرجان المسرح أوائل شهر يوليو 2007.
وتكرر نفس الموقف لدى عرض أفلام سينمائية وأعمال درامية مختلفة.. حيث يقابل جمال عبد الناصر بترحاب وحماس من المشاهدين، رغم أن الرجل رحل عن الحياة منذ ما يقرب من سبعة وثلاثين عاما، ورغم أنه تعرض لحملة من النقد الذى وصل إلى ما يشبه التجريح والتشويه والاغتيال المعنوى فى كثير من الأحيان!
هذه الظاهرة العجيبة تعكس جانبا من العلاقة "العاطفية" بين المصريين، حتى الأجيال الجديدة منهم، وبين ثورة 23 يوليو 1952 التى كان جمال عبد الناصر قائدها وزعيمها التاريخى.
فهى مازالت بعد مرور خمسة وخمسين عاما على انطلاقها حاضرة فى وجدان الناس حتى ولو كان هذا الحضور ينطوى على شكل من أشكال "النوستالجيا" أو الحنين للماضى، أو ينطوى على شكل من أشكال الرفض للحاضر ومشكلاته التى أصبحت أكثر من الهم على القلب.
ولكن ماذا أبعد من العواطف؟
ماذا تبقى من ثورة 23 يوليو بعد خمسة وخمسين عاما على قيامها؟
للإجابة على هذا السؤال تعالوا نراجع الأهداف التى قامت الثورة من أجلها.
المبدأ الأول:القضاء على الاستعمار.
المبدأ الثانى: القضاء على الإقطاع.
المبدأ الثالث: القضاء على سيطرة رأس المال.
المبدأ الرابع: تحقيق العدالة الاجتماعية بين طبقات الشعب.
المبدأ الخامس: بناء حياة ديموقراطية سليمة.
المبدأ السادس: بناء جيش وطنى.
وباستعراض الاوضاع الراهنة نجد أن الثورة نجحت فعلا فى القضاء على الاحتلال البريطانى، وأخرجت جيوش الاحتلال من البلاد.
ليس هذا فقط بل إن ثورة 23 يوليو لعبت دروا بارزا فى تدعيم حركات التحرر الوطنى فى سائر أنحاء العالم العربى وكثير من بلدان العالم الثالث فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
لكن تراجيديا الثورة أنها سقطت فى اختبار حرب 5 يونيه 1967 الكارثية، التى انتهت بسقوط جزء من ارض الوطن فى يد الاحتلال الإسرائيلي. وكانت هذه الهزيمة المروعة نقطة ارتكاز لعودة الاستعمار إلى المنطقة العربية بأسرها.
والمفارقة المذهلة أن المنطقة العربية التى انتزعت استقلالها، بمساعدة ثورة 23 يوليو ترزح الآن تحت احتلال أمريكى مباشر فى العراق واحتلال إسرائيلي كامل لكل التراب الفلسطينى، فضلا عن قواعد عسكرية أمريكية موجودة هنا وهناك فى العالم العربى بترحيب من حكومات عربية، بل وترحيب من نخب عربية أيضا، بعد ان كانت هذه القواعد وصمة عار تناضل البلاد العربية من اجل التخلص منها.
وبعد أن كانت إسرائيل محاصرة فى نصف فلسطين، ومنبوذة من المحيط العربى الذى يطوقها من كل جانب تمددت الدولة اليهودية وابتلعت كل فلسطين ومازالت تحت الجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية، والأخطر أن النظام العربى الرسمى يقدم لها غصن الزيتون ويعرض عليها" السلام" مقابل الانسحاب من الأرض التى احتلتها فى حرب 1967، بينما هى تطالب بـ "التطبيع" الآن وفورا ودون شروط مسبقة وترفض كل التماسات السلام العربية!
حتى القضية المركزية وهى القضية الفلسطينية، تعرضت لضربات كثيرة وخطيرة فى ظل تواطؤ وعجز النظام العربى الرسمى – وصلت إلى حد الاقتتال الفلسطينى – الفلسطينى وتقطيع أوصال الأرض الفلسطينية بين غزة والضفة الغربية فى ظل "حكومتين" وسياستين و"شعبين"!!
باختصار يبدو وضع القضية الوطنية الآن أسوأ كثيرا مما كان عليه عند قيام ثورة 23 يوليو 1952 .
أما بالنسبة للإقطاع وسيطرة رأس المال وتذويب الفوارق بين الطبقات، فانه حدثت بلا شك تطورات جوهرية ، خاصة مع تطبيق قوانين الإصلاح الزراعى، وتصنيع مصر، ونشر التعليم، وإقامة الجامعات، وغير ذلك من منجزات لا يمكن إنكارها، اقتصاديا واجتماعيا.
لكن سياسية "التأميم" انتهت إلى "الخصخصة"، والإقطاعيون القدامى وكبار الرأسماليين الذى حاربتهم الثورة حلت محلهم"أبقار سمان"، بعضهم خرج من ظهر رجال ثورة 23 يوليو، وعادت الرأسمالية بصورة أكثر بشاعة مما كانت عليه قبل الثورة، وزادت الهوة بين الأغنياء والفقراء أكثر مما كانت عليه فى العهد الملكى، وتعرضت الطبقة الوسطى – التى خرج منها معظم الضباط الأحرار – إلى الانهيار.
وأصبح باشوات وبكوات الماضى أشبه بالشحاذين اذا ما قورنوا ببارونات ما بعد الثورة!
أما بالنسبة لمبدأ "بناء حياة ديموقراطية سليمة".. فحدث ولا حرج.
لكن تعالوا نؤجل الحديث عن ذلك إلى وقت لاحق، لنرى تقييم أحد أهم مفكرى ثورة 23 يوليو لما آلت إليه هذه الثورة.
والمقصود هو الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل الذى لعب دوراً استثنائيا فى عصر الثورة وربطته بزعيمها جمال عبد الناصر علاقة خاصة جداً.
الاستاذ هيكل لديه "نظرية" عامة يطبقها على كل "الثورات" المصرية ابتداء من محمد على باشا حتى جمال عبد الناصر.
ووفق هذه النظرية فان "الثورات" المصرية، بما فيها ثورة 23 يوليو، لم تكتمل. وهو لهذا يطلق عليها وصفا عجيبا هو أنها "ثورة إلا خمسة"، والتشبيه هنا بين الثورة التى لا تصل إلى أهدافها وبين الساعة التى تدور وتدور لكنها تتوقف فجأة قبل ان تدق فى اللحظة المطلوبة.
ويتساءل الأستاذ هيكل: لماذا لا تكتمل الثورة فى مصر مثلما حدث فى العصر الحديث مع "ثورة محمد على" لتحديث مصر، ومع "الثورة الثقافية" للخديوى إسماعيل، ومع ثورة أحمد عرابى، ومع ثورة 1919 بزعامة سعد باشا زغلول، ثم مع ثورة يوليو 1952 بزعامة جمال عبد الناصر؟
لماذا لم تكتمل أى ثورة من هذه الثورات؟
السؤال للاستاذ هيكل، والاجابة التى يقدمها لسؤاله هى أن هناك عوامل لتوقف قطار الثورة قبل وصوله إلى محطة النهاية بـ "خمسة دقائق":
العامل الأول: هو طبيعة المجتمع الزراعى التى زرعت عند الشعب المصرى نوعا من الإيمان بالقدرية.
العامل الثانى: هو الطبيعة المتدينة للشعب المصرى، التى دفعت المصريين كثيرا إلى الخلط بين الإيمان والتواكل.
العامل الثالث: هو التآلف بين المصريين وبين الواقع القائم المشوب بنوع من أنواع الحنين إلى الماضى.
وفى ظل هذه العوامل الثلاثة جاءت ثورات المصريين ناقصة "إلا خمسة" وهذا النقصان هو الذى أدى إلى ظاهرة سلبية أخرى خطيرة هى انقطاع التراكم التاريخى للخبرات الثورية، خاصة مع ظاهرة أخرى هى أن كل نظام حكم جاء فى مصر منذ عصر الفراعنة جاء "ليكسر الذى قبله، وكل نظام جاء ألغى الذى قبله".
وربما يكون فى تفسير الاستاذ محمد حسنين هيكل جانب كبير من المنطقية.
لكن – فى رأيى المتواضع – أن كل هذه العوامل المهمة التى أشار إليها الأستاذ هيكل لم تكن لتفعل فعلها لولا وجود البنية الاستبدادية الاستثنائية للدولة المصرية منذ عهد الفراعنة حتى العصر الحديث.
خاصة وأن هذا الاستبداد أتخذ فى بلادنا طبعة مصرية جدا، حيث اقترن بغياب الملكية الخاصة للأرض. فلم تعرف مصر الملكية الخاصة للأرض إلا مع اللائحة السعيدية، أى فى عصر سعيد باشا، أى منذ خمسة دقائق فقط بحساب التاريخ العريق والطويل للدولة المصرية.
وبناء على ذلك أصبح الحاكم الفرعون، فى مصر إلها، أو على الأقل نصف إله، يملك الأرض وما عليها ومن عليها. وترتب على ذلك بالتالى عدم وجود أساس موضوعى" للمعارضة"، فلا مكان فى مثل هذه البنية المتكلسة سوى "الانشقاق" و"الانقلابات" و"مؤامرات البلاط". ولا مكان كذلك لـ "مثقفين" حيث لا حاجة إلا لـ "كهنة" ومصفقين ومداحين ومبررين".
وعندما قامت ثورة 23 يوليو 1952، ورغم أن أحد مبادئها أكد على ضرورة إقامة ديموقراطية "سليمة"، فإنها واصلت هذا النهج الفرعونى الاستبدادى، بل إنها عصفت بالقدر اليسير والمشوه من الديموقراطية الذى كان متاحا قبل قيام الثورة، وفى تقديرى أن تنكر ثورة 23 يوليو للديموقراطية وانتهاجها لسياسة دكتاتورية صريحة واحتكارها للسياسة، أدى الى قتل السياسة، وإغلاق الطريق بالضبة والمفتاح أمام أى مبادرات أهلية، وكان هذا النهج الاستبدادى هو "كعب أخيل"، أو مقتل الثورة.
صحيح أن ثورة 23 يوليه لها إنجازات اقتصادية واجتماعية لا ينكرها إلا جاحد أو جاهل..
وصحيح أن لها سجلا رائعا فى النضال ضد الإمبريالية والصهيونية ومناصرة حركات التحرر فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية..
لكن هذا كله، فى ظل غياب الديموقراطية، كان أشبه ببناء قصر شاهق على الرمال.
بحيث أنه عندما هبت عاصفة 5 يونيو 1967 فإنها عصفت بالاستقلال الوطنى وأعادت الاحتلال الذى قامت الثورة لاجتثاثه.
وبحيث أنه عندما مات زعيم الثورة، جمال عبد الناصر، استطاع خليفته، ونائبه، الرئيس أنور السادات أن يسير على خطاه بـ "ممحاة"، وأن ينتهج سياسات مناقضة تماما دون أن يقول له أحد "ثلث الثلاثة كم"؟!
فتم بيع القطاع العام – مفخرة ثورة 23 يوليو – دون أن يدافع عنه أحد.
وتم النكوص عن كل مكتسبات ثورة 23 يوليو دون أن يتصدى أحد بصورة فعالة ومؤثرة لمن انقضوا على هذه المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية.
وأحد الأسباب فى ذلك هو أن "الناس" لم يكونوا "شركاء" فى هذه التجربة، ولم يؤخذ رأيهم فيها، ولم يتم أصلا الاعتداد برأيهم فى أى شئ أو أى قضية.. فكان من السهل على من جاء لينقض على هذه المكتسبات أن يفعل فعلته بسهولة، لأن الناس تم إجبارهم منذ عقود طويلة على تقديم استقالتهم من الاهتمام بالشأن العام.
ربما تكون "ثورة إلا خمسة" كما يقول الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل .. لكن هذه "الخمسة دقائق" كانت كافية لاعداء ثورة 23 يوليو فى الانقضاض على كل منجزاتها وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء .. ربما وراء 23 يوليو 1952 ذاتها، ليعود المصريون إلى المربع رقم واحد!




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخطر شخصية سياسية أردنية .. يتحدث .. عدنان أبو عودة .. رئيس ...
- فنجان شاي مع السفير الأمريكي 1
- فنجان شاي مع السفير الأمريكي 2
- هل تكون مئوية جامعة القاهرة.. احتفالية سرية؟!
- أوراق شاب عاش من ألف عام
- بروتوكول تعاون -دولى- بين -زفتى- و-ميت غمر-!
- »شهادة« أبوالعلا ماضي: جماعات العنف وتأويلاتها للإسلام
- كامل زهيرى نقيب النقباء
- الخرز الملون الحديث: جزر صناعية مزروعة بالصواريخ!
- لماذا الإصرار علي القضايا الوهمية؟ .. سلمان رشدي.. تاني!
- جزر صناعية مزروعة بالصواريخ!
- هانى سرى الدين
- مفاجأة شرم الشيخ .. سارة هذه المرة
- فتوى البورصة
- كلمة السر هي زواج العلم والصناعة والمجتمع (2-2)
- جامعة النيل .. مؤسسة أكاديمية عصرية .. مجهولة!
- صدق أو لا تصدق:مصريون يعملون بروح الغريق!
- كلمة السر هي زواج العلم والصناعة والمجتمع
- صدق أو لا تصدق : عدد المستهلكين الغاضبين 65 فى عموم مصر!
- أكاديمية السادات.. الابن


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة طعنه وما دار بذهنه وسط ...
- مصر.. سجال علاء مبارك ومصطفى بكري حول الاستيلاء على 75 طن ذه ...
- ابنة صدام حسين تنشر فيديو من زيارة لوالدها بذكرى -انتصار- ال ...
- -وول ستريت جورنال-: الأمريكيون يرمون نحو 68 مليون دولار في ا ...
- الثلوج تتساقط على مرتفعات صربيا والبوسنة
- محكمة تونسية تصدر حكمها على صحفي بارز (صورة)
- -بوليتيكو-: كبار ضباط الجيش الأوكراني يعتقدون أن الجبهة قد ت ...
- متطور وخفيف الوزن.. هواوي تكشف عن أحد أفضل الحواسب (فيديو)
- رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية -لا يعرف- من يقصف محطة زا ...
- أردوغان يحاول استعادة صورة المدافع عن الفلسطينيين


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعد هجرس - بشهادة محمد حسنين هيكل: ثورة .. إلا خمسة!