فتوى البورصة

سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1965 - 2007 / 7 / 3 - 13:01
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية أفتى بان "البورصة نوع من القمار المحرم شرعاً".
هكذا نقلت الصحف عن فضيلته مكررة تصريحاته التى أدلى بها لقناة "أوربت" الفضائية يوم الاربعاء الماضى .
لا.. " لا يمكن القول بتحريم البورصة" .
هذا أيضا ما نقلته الصحف عن فضيلته من خلال تصريحات أدلى بها إلى جريدة "المصرى اليوم" فى اليوم التالى ليشرح فيها ما التبس على الناس فى فهم تصريحات اليوم الأسبق.
والى جانب هذا التناقض فيما ينقل عن المفتى من آراء ، نشرت " روزاليوسف " أمس خبراً خلاصته ان مفتى الجمهورية بعث رسالة الى صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى ورئيس المجلس الأعلى للصحافة يطلب فيها عمل دورة تدريبية للصحفيين المهتمين بالصفحات الدينية فى الصحف المصرية.
ومغزى الخبر الأخير هو ان فضيلة المفتى يرجع التناقضات التى حيرت المصريين فيما يتعلق بالفتاوى الصادرة عنه، أو غيره من المراجع الدينية، إلى نقص تدريب الصحفيين وليس إلى تضارب فتاوى المشايخ الأفاضل .
ورغم أنني من المطالبين بـ "ثورة مهنية" فى بلاط صاحبة الجلالة التى فقدت ريادتها فى العقود الأخيرة لأسباب كثيرة ليس هذا مجال الخوض فيها، فاننى لا أرى تعليق كل العيوب والأخطاء فى رقبة الصحفيين واتهامهم بالجهل وسوء الفهم وقلة التدريب.
فهل كان الصحفيون هم الذين اختلقوا فتوى رضاع الكبير، أو بول النبى عليه الصلاة والسلام، أو تحويل عقد عمل المربية الآسيوية إلى عقد ملكية باعتبارها "ملك اليمين" ، أو غير ذلك من الآراء المنافية للعقل والمنطق، بل والمسيئة إلى الجوهر العقلانى والحضارى للدين الاسلامى؟
لا .. لم يكن نقص تدريب الصحفيين هو السبب فى الصدمة التى أصابت المسلمين فى الداخل، أو السبب فى إحراجنا والإساءة إلى حضارتنا الإسلامية والعربية فى الخارج، وانما كانت هذه الفتاوى هى السبب .
لذلك.. فانه ليس المهم ان يكون ما قاله فضيلة المفتى فى " أوربت" هو المعبر عن موقفه من التعامل فى البورصة، أو ان يكون الشرح اللاحق فى "المصرى اليوم" هو الأكثر تعبيراً.
فكلا الموقفين المتناقضين إقحام متعسف لمفهوم "الحلال و "الحرام" فى أمور دنيوية تحكمها "المصلحة" .
وليس خطأ المفتى ان يكون له رأى ، أو حتى آراء متناقضة أو تبدو متناقضة، فيما يتعلق بالتعاملات فى البورصة.
الخطأ هو خطأ المجتمع الذى يخلق هذا "الطلب" على الفتوى فى أمور دنيوية بحتة ، وبالتالى فان " الإفتاء" فيها يكون لإسباغ صيغة دينية على اجتهادات دنيوية بتحريم تعاملات معينة وتحليل تعاملات أخرى .
وغنى عن البيان أن الدولة المدنية الحديثة ظاهرة شديدة التعقيد، ولا تضم اتباع ديانة واحدة فقط، ولا تقتصر تعاملاتها على داخل حدودها الوطنية فقط وانما كل الاقتصادات تتبادل التأثر والتأثير والمنافع وتعتمد على بعضها البعض ، بصرف النظر عن ديانة هؤلاء او أولئك ، ولذلك فانها تقوم على مبدأ المواطنة وعلى فكرة القانون ، بينما الدولة الدينية التقليدية ، والتى كانت قائمة على " الملة " وليس على " الأمة " فهى التى كانت قائمة على " الفتوى" .
ولان البورصة - على سبيل المثال- إحدى مؤسسات الدولة المدنية الحديثة فان الذي يحكمها هو القانون وليس الفتوى، مع الاحترام لفضيلة مفتى الديار المصرية.

#سعد_هجرس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات