أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - سعد هجرس - جامعة النيل .. مؤسسة أكاديمية عصرية .. مجهولة!















المزيد.....

جامعة النيل .. مؤسسة أكاديمية عصرية .. مجهولة!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1959 - 2007 / 6 / 27 - 12:18
المحور: الطب , والعلوم
    


حسب المعايير العالمية يجب أن يكون لكل مليون شخص جامعة. اى ان مصر – وفقاً لهذه المعايير تحتاج إلى 75 جامعة، أى أنها بحسابات "الكم" متأخرة جداً فى هذا المضمار وتحتاج إلى أكثر من خمسين جامعة الآن .. وفوراً.
وبحسابات "الكيف" فإن هذه الجامعات يجب أن تتوفر لها شروط الجودة بالمعنى العلمى والتكنولوجى ومناهج البحث والحرية الأكاديمية والاتصال بالمؤسسات الاكاديمية العالمية والانفتاح على أحدث منجزات البحث العلمى.
أى أننا – باختصار ودون لف أو دوران – نعانى من أزمة حقيقية، بحسابات الكم والكيف، فيما يتعلق بتعليمنا الجامعى. وليس إلا أحد تجليات هذه الأزمة عدم وجود جامعة مصربية واحدة ضمن قائمة أفضل خمسمائة جامعة فى العالم، بينما توجد لإسرائيل – التى لا يمكن مقارنة نشأتها المصطنعة منذ نصف قرن بتاريخنا العريق وحضارتنا العظيمة – سبع جامعات ضمن هذه القائمة. وعندما تم إقحام اسم إحدى جامعاتنا فى هذه القائمة مؤخراً فإنما جاء ذلك استناداً إلى أن اثنين من خريجها حصلا على جائزة نوبل، هما نجيب محفوظ ومحمد البرادعى. وهذه الجامعة بأوضاعها الحالية ليس لها فضل فى ذلك لأنهما تخرجا منها عندما كانت جامعة بالمعنى الصحيح فى الأيام الخوالى ولم تعد كذلك الآن باى حال من الأحوال.
وكاتب هذه السطور من أولئك الذين يؤمنون إيمانا راسخاً بأن التعليم الجيد والديموقراطية هما سر النهضة، وبدونهما لا امل فى أى اصلاحات ولا جدوى من أى سياسات لا تقوم على هاتين الركيزتين.
وليس من العجيب أنه رغم الحديث الذى لا أول له ولا آخر عن الاصلاح حالياً فإن مؤسسة الخرافة تبقى أقوى مؤسسات المجتمع، والسبب الرئيسى لذلك هو تدهور التعليم بشقيه الجامعى وما قبل الجامعى، ناهيك عن انسداد شرايين عملية التطور الديموقراطى.
ولذلك فان بصيص الأمل فى غد أفضل لا يتراءى لنا إلا مع ظهور بوادر جدية على تحسن حقيقى فى أحوال المؤسسة التعليمية والأكاديمية كما وكيفاً.
وقد تراءى لى – بالفعل – شعاع من الأمل أثناء مرافقتى للبعثة المصرية الكبيرة التى رأسها وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور طارق كامل إلى كندا بالتنسيق مع مجلس الأعمال المصرى الكندى برئاسة المهندس معتز رسلان، ثم إلى العاصمة الأمريكية واشنطن بالتنسيق مع غرفة التجارة الأمريكية فى مصر برئاسة عمر مهنا.
ورغم أن لغة "البيزنس" كانت هى اللغة الغالبة والمسيطرة على حركات وسكنات هذه البعثة فى كل من تورنتو واوتاوا ومونتريال ثم فى واشنطن..
ورغم ان رجال الأعمال كانوا هم الأكثر تصدراً للمشهد..
ورغم أن الحديث عن الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات قد استولى حتى علىالأثير..
رغم ذلك كله .. فان أكثر ما شد انتباهى أثنان من كبار علمائنا وهما يحاولان جذب الاهتمام إلى صرح اكاديمى أشبه بالحلم اسمه "جامعة النيل"، ويبذلان جهوداً مستميتة فى محاولة اقناع المصريين والأجانب على حد سواء بأهمية مساندة تحويل هذا الحلم إلى حقيقة.
العالمان الجليلان هما الدكتور طارق خليل القائم بعمل رئيس هذه الجامعة وهو أستاذ له سجل حافل فى التعليم الجامعى على مدار أكثر من أربعين عاماً فى عدة جامعات، منها جامعة تكساس التكنولوجية، وجامعة فلوريدا، وجامعة ميامى. كما قام بالتدريس فى جامعات أخرى فى فرنسا، وشارك فى تكوين برامج علمية فى بلاد مختلفة كأستاذ فى الهندسة الصناعية وأستاذ فى الهندسة الطبية، وحاصل على الاستاذية فى كلية الطب فى الاحصاء والصحة العامة، والأستاذية فى جراحة الأعصاب. كما رأس قسم الهندسة الصناعية فى جامعة ميامى وتبوأ منصب عميد كلية الدراسات العليا فى جامعة ميامى. وبعد هذا السجل الحافل حصل على اجازة بدون مرتب من جامعة ميامى وجاء إلى مصر للمساهمة فى إنشاء جامعة النيل.
والثانى هو الدكتور أسامة مصيلحى نائب رئيس هذه الجامعة الوليدة وهو أستاذ بجامعة كونكورديا بمونتريال، وعمل أربعة وثلاثين عاماً فى كندا فى التعليم والصناعة معا. وعمل مدتين متتاليتين رئيساً لقسم الهندسة المدنية وهندسة البناء والبيئة فى جامعة كونكورديا. وتخصصه الدقيق هو هندسة التشييد وإدارة المشروعات. وحاضر فى جامعات مختلفة منها جامعة ملبورن فى أستراليا وثلاث جامعات فى انجلترا، كما عمل استاذا زائراً فى الجامعة الأمريكية، وجامعة العين بالإمارات، وساهم فى برنامج هندسة التشييد وإدارة المشروعات فى كلية الهندسة بجامعة القاهرة. وعمل استشارياً للكود المصرى فى التشييد وإدارة المشروعات، وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه، وعمل كذلك لمدة أربع سنوات فى تصميم المفاعلات الذرية الكندية مع شركة عملاقة زارها وقتها المهندس ماهر أباظة عندما كان وزيراً للكهرباء فى أواخر ثمانينات القرن الماضى.
كما أنه عضو فى هيئة استشارية خاصة مع هايدور كيبيك لعمل دراسة احتمالات المخاطر فى المفاعل الذرى الحالى G2.
ويحسب للدكتور طارق كامل أنه لم يفعل مثل الكثير من المسئولين الذين يحبون احتكار الأضواء والحديث عن كل كبيرة وصغيرة فى مجال مسئوليتهم وحتى خارجها، وإنما اصطحب معه عدداً من مساعديه فى تخصصات مختلفة، وأعطاهم الفرصة للحديث كل فيما يفهم فيه.
وكان من الممكن أن يتحدث عن جامعة النيل التى تدعمها وزارته وترعاها، لكنه حسنا فعل باصطحابه لهذين العالمين الجليلين اللذان تحدثا فى المدن الأربعة عن جامعتهما الأمل والحلم بتواضع وثقة.
وكانت صحبتى لهما فى كندا ثم فى واشنطن متعة لى، ومن خلال حوار بدأ فى تورنتو وانتهى فى مقهى بواشنطن فى يوم مشمس جميل توفرت لى معلومات كثيرة عن هذه الجامعة التى لم أسمع بها – للأسف – قبل سفرى من القاهرة رغم أنها أنشئت رسمياً فى يناير 2007، لكنها بدأت بأفكار راودت كثيرين منذ سنوات طويلة، لأن الجامعات الحكومية – كما يقول الدكتور طارق خليل – لا تعطى الخدمة الكافية للمجتمع، ولا تحقق هدف ربط العلم باحتياجات الناس.
وكان هناك دائماً حلم بأن تكون هناك تكنولوجيا فى مصر، لأن التكنولوجيا تعبر عن قوة المجتمع .. وعلى سبيل المثال فان ما جعل الفراعنة عظماء هو تكنولوجيا الزراعة والطب والبناء فاستطاعوا بهذه التكنولوجيا المتقدمة وقتها بناء إمبراطورية عظمى. وهو نفس حال كل الشعوب التى بنت امبراطوريات مثل الأغريق والرومان والفرس.
ورغم أن مصر كانت سباقة رائدة فى احتضان التكنولوجيا إبان عصرها الذهبى، فإنها لم تدخل عصر التكنولوجيا الحديث.
لماذا ؟!
كانت هناك فى السنوات الأخيرة ضغوط كثيرة على مصر، كما أن هناك من لم يكن لهم مصلحة فى تقدم مصر. وتزامن ذلك مع الحروب وانشغالنا فى أمور أخرى غير تحسين العلم والتكنولوجيا، بينما الدول التى تقدمت دخلت من هذا الباب ونجحت.
ويضيف الدكتور خليل والدكتور مصيلحى أن مصر فكرت وحاولت .. وضمن هذه المحاولات العديدة جاءت محاولة دخول الحكومة هذه الثورة من باب تكنولوجيا المعلومات. وهذا أدى إلى خلق مجموعة من الشباب منهم الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء وطارق كامل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وزملاءهما الذين وجدوا مدخلاً إلى التكنولوجيا.
وتبلورت بالتدريج فكرة خلاصتها ضرورة خلق بؤرة للتكنولوجيا. ويقول الدكتور طارق خليل أنه حضر اجتماعات بهذا الصدد فى أروقة مصرية متعددة فى سبعينيات القرن الماضى. لكن لم يأخذ أحد زمام المبادرة.
وظهرت بعدها فكرة الجامعات الخاصة كمخرج من أزمة التعليم الجامعى. لكنها للأسف اللشديد ظلت جامعات تستهدف الربح فى المقام الأول.
وينسب الدكتور خليل والدكتور مصيلحى الفضل للدكتور أحمد نظيف – عندما كان وزيرا للاتصالات – فى تحريك هذه الأفكار عام 2001، 2002، ثم الدكتور طارق كامل عندما خلف نظيف فى الوزارة .
وبدأت الفكرة تتبلور رويداً رويداً، وملامحها الرئيسية هى أن التكنولوجيا هى العلم التطبيقى الموجه لحل مشاكل المجتمع والسوق، ومع انحطاط مستوى التعليم وغياب البحث العلمى بصورة فعلية، بدأ التفكير فى البحث عن مخرج جديد يساهم فى حل المشكلة وإيجاد أحد الحلول البديلة.
وظهرت فكرة إنشاء جامعة، لا تكون جامعة "عامة"، وإنما تكون "متخصصة"، ويكون لها تأثير على النمو الاقتصادى، بما يوفر عمالة ماهرة تحصل على أجور محترمة.
وحدث مسح شامل لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وزيارات ميدانية واستقصاءات لآراء رجال الصناعة والشركات لمدة سنة.
وأثبتت الدراسات ضعف القيادات الوسيطة، وعدم وجود خريج جامعى يصلح لإدارة البيزنس، وهو الأمر الذى لا يمكن أن يتحقق دون زواج الهندسة والبيزنس.
فظهرت فكرة "التكنوبوليس" أو المدينة التكنولوجية، على غرار وادى السيلكون فى كاليفورنيا، وبوسطن كوريدور، وصوفيا دى بوليس فى فرنسا وغيرها. وكلها قائمة على زواج العلم والصناعة والمجتمع مع مساعدة الحكومات أو الحكومة المحلية بحيث يحدث تفاعل بين أطراف هذا المثلث.
وفكرة القرية الذكية المصرية تحقق جزء من هذه المعادلة، لكن ينقصها الجزء التعليمى.
ومن هنا نشأت فكرة جامعة النيل من أجل حل مشكلة الحلقة المفقودة.
سألت العالمين الجليلين عن تفرد هذه الجامعة الذى يميزها عن باقى الجامعات.
أجابا بأربع أفكار وليست فكرة واحدة:
1- لا تهدف جامعة النيل إلى الربح، بل تهدف إلى تحسين التعليم.
2- تعتمد أساسا على الجاليات المصرية فى الخارج باعتبارها "الرافعة" التى تجذب الكفاءات الاكاديمية المصرية الموجودة فى الخارج إلى جامعة النيل.
3- ترتبط ارتباطا عضويا بالصناعة والقطاع الخاص، وأرقام المساهمات المالية فى الصدد شهادة بالغة الدلالة.
4- تتداخل فيها الفروع والتخصصات بصورة أساسية وعلى سبيل المثال فإن كليات الهندسة وكليات التجارة فى الجامعات "العادية" متخاصمة، ومعزولة عن بعضها البعض، وممنوع التداخل بين تخصصات هذه وتلك عملياً وقانونياً. وهذه مسألة غريبة ولا وجود لها فى أى مكان فى العالم لأن العلوم التقدمية تقوم على تداخل التخصصات المختلفة. حتى فى الكلية الواحدة، مثل كلية الهندسة، لابد من تداخل التخصصات وهو ما لا يحدث فى مصر.
سألتهما من معايير اختيار الطلاب وهل يختلف من المعايير الشائعة؟
قالا أن هناك أربعة شروط:
1- تمتع الطالب المتقدم للالتحاق بالجامعة بانجاز أكاديمى جيد، والتحقق من ذلك من خلال مقابلة شخصية لا تقل عن ساعة مع كل طالب. وهذه المقابلة الشخصية أساسية لأن الجامعة تهدف إلى تخريج "قيادات" فى المقام الأول، وهذا يعنى تكامل الشخصية.
2- لأن الدراسة بالجامعة ستكون باللغة الإنجليزية فإن الطالب يجب أن تكون لديه معرفة جيدة بالإنجليزية. ويمكن أن نساعده فى تحسين اللغة إذا كان مستواه العلمى ممتازاً.
3- النجاح فى امتحانين أحدهما Graduate record examination والثانى Graduate Managment admission test وفق المعايير المعمول بها فى الجامعات المحترمة مثل هارفارد وستانفورد.
4- من يستوفى هذه الشروط السابقة تتم مقابلة شخصية موسعة ومدققة معه لأن الاستاذ يريد طالبا يتجاوب معه.
لكن ماذا عن الرسوم؟!
ستون ألف جنيه تقريباً فى السنة (أى مثل الجامعة الأمريكية) .
هل هذا يعنى أنها للأغنياء فقط؟
يمكن أن تكون للأذكياء غير القادرين أيضاً عن طريق المنح الدراسية.
وماذا عن التخصصات والكليات؟
تصميم الجامعة أن يكون لها ثلاث كليات للهندسة
1- كلية لهندسة الاتصالات
2- كلية لهندسة البترول والتعدين
3- كلية للعوم التطبيقية والهندسة.
وان يكون بها كلية لإدارة الأعمال
والتخصصات الحالية هى كلية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (مع التركيز على هندسة البرمجيات) ويدرس بها حالياً 13 طالباً.
وكلية إدارة الاعمال التنفيذية التى تمنح درجة الماجستير فى إدارة الاعمال للمديرين التنفيذيين. ويدرس بها حالياً 30 طالباً.
وكلية إدارة التكنولوجيا. وهذا تخصص مهم جداً وجديد فى مصر ويدرس به 19 طالباً.
لكن من الذى يقوم بالتدريس لهؤلاء الطلبة؟
يقول الدكتور خليل والدكتور مصيلحى: لا نريد أن نفعل مثل الجامعات الخاصة، التى تستعين بما يسمى بـ "الأستاذ القشاش" الذى يقوم بالتدريس فى أكثر من جامعة فى نفس الوقت. ولذلك نعتمد على إبرام اتفاقات مع جامعات أجنبية واجتذاب الخبرات الأكاديمية المصرية الموجودة بالخارج.
وكم ستعطونهم كمرتبات؟
نفس مستوى الجامعة الأمريكية تقريباً. اى أن بداية المدرس لن تقل عن 15 ألف جنيه، تزيد مع الاستاذ المساعد، ثم الأستاذ، وهكذا دواليك.
سألتهما: لماذا لم يسمع معظم المصريين شيئاً عن هذه الجامعة؟
قالاً: فضلنا أن نعمل أولاً .. ويكون هناك شئ واقعى يتحدث عن نفسه.
باختصار .. الصورة التى رسم خطوطها العريضة الدكتور طارق خليل والدكتور على مصيلحى عبر حوار طويل بدأ فى كندا وانتهى فى واشنطن، صورة مثيرةً وتبعث على الأمل فى وجود جامعة حقيقية، خاصة وأنها لم تعد فكرة وإنما بدأت العمل فعلاً على مستوى الدراسات العليا، وخصصت لها الحكومة 126 فداناً فى مدينة الشيخ زايد، وجارى حالياً تشييد مبانى الجامعة وتم إنفاق ثلث مليار جنيه حتى الآن على هذه الإنشاءات، كما أن هناك مؤسسة تابعة للمجتمع المدنى، هى المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجى ، ترعى هذه الجامعة. وكان أول رئيس لهذه المؤسسة هو العالم الجليل الدكتور إبراهيم بدران، ورئيسها الحالى هو المهندس عقيل بشير رئيس الشركة المصرية للاتصالات، وتضم كوكبة من سيدات ورجال الأعمال والصناعة يقومون حالياً بعمل مجلس أمناء الجامعة، وهى حسب القرار الجمهورى لإنشائها جامعة مستقلة تدير أموالها بنفسها.
ولأن من لسعته الشوربة ينفخ فى الزبادى كما يقول المثل المصرى، فإن هناك تخوفات مشروعة رغم هذه الصورة الوردية.
وقبل مكاشفة رئيس جامعة النيل ونائبه بهذه المخاوف سألتهما: لماذا عدتما إلىمصر وأنتما تحققان نجاحا كبيراً خارجها؟
قال الدكتور طارق خليل: لم يعد هناك ما أريد اثباته فى الخارج. فقد أنجزت 300 ورقة بحثية؟ وماذا بعد؟!
ثم أنى رأيت لأول مرة أن هناك شيئاً جدياً فى مصر يمكننى المشاركة فيه، وقد جئت إلى مصر فى الثمانينات ولى خلفية فى أعمال كثيرة حدثت فى مصر لكنى لم أر شيئاً بجدية هذا المشروع.
الدكتور مصيلحى إجابته قريبة من ذلك وأضاف إليها بعداً آخر هو "متعة العطاء"، فالدافع فى قبول هذه الوظيفة ليس المال.. لأن المال فى الخارج أكثر وأيسر.
لكن ماذا عن التخوفات؟
التخوفات كثيرة أولها وأهمها البيروقراطية المصرية القاتلة، وأبسط صورها المتوقعة أن المجلس الأعلى للجامعات لن يقبل ببساطة فكرة تداخل الاختصاصات المشار إليها وسيعتبر هذا التداخل "بدعة" مرفوضة.
فاذا ما تم رفض هذا التوجه فان هذا سيهدم منطق الجامعة الجديدة من أساسه.
التخوف الثانى أن هذه البيروقراطية هى نفسها التى جعلت الدكتور أحمد زويل يلعن اليوم الذى فكر فيه فى بناء جامعة علمية وتكنولوجية فى مصر، وبالمناسبة فان نفس الأرض التى يقام عليها الحرم الجامعى لجامعة النيل هى نفس الأرض التى تم تخصيصها من قبل لجامعة الدكتور زويل. (ولو أن الدكتور خليل والدكتور مصيلحى يريان أسباب أخرى لفشل مبادرة زويل، منها أن الطرفين – أى الحكومة وزويل- كانت توقعاتهما مبالغ فيها، وأن زويل عالم والعلم مختلف عن التكنولوجيا، ففى المؤسسة العلمية تنفق على العلم كثيراً وتحصد الثمار متأخراً، أما جامعة النيل فتقوم على التكنولوجيا أكثر، والثورة التى حققها بيل جيتس مثلا لم تكن نتيجة بحث علمى بقدر ما كانت تكنولوجياً. ولهذه متطلبات ولتلك متطلبات أخر).
التخوف الثالث هو أن الجامعة الجيدة ليست تخصصات جيدة وحديثة فقط وإنما هى أيضاً روح أكاديمية، والروح الأكاديمية لا توجد إلا بوجود الحرية الأكاديمية، وبالاستقلال الحقيقى للجامعة. فإلى أى مدى يمكن ان تحقق هذه الجامعة الحرية الاكاديمية والاستقلال الحقيقى اللذان لا نكاد نجد لهما أثراً فى المؤسسات الجامعية القائمة؟!
التخوف الرابع هو أن هذه الجامعة ظهرت إلى حيز الوجود فى عهد الدكتور نظيف وبفضل تشجيع فريق تكنولوجيا المعلومات وثيق الصلة به. فماذا سيحدث لها بعد أن ينتهى تاريخ صلاحية حكومة نظيف فى يوم سيأتى عاجلاً أو آجلاً؟ (خاصة وان الخبرة المصرية تقول لنا أنه ما من حكومة حافظت على مشروع كبير بدأته الحكومة السابقة عليها رغم أن كلها حكومات الحزب الوطنى؟!)
لكن رغم هذه التخوفات .. دعونا نأمل أن تكون جامعة النيل إضافة نوعية إلى التعليم الجامعى المثقل بالهموم والسلبيات، وأن تكون هذه الجامعة الجديدة بمثابة إعادة اعتبار لمفهوم الجامعة الأهلية، المرتبط بمفهوم النهضة، وأن يشعر كل مصرى يضع جنيها أو بضعة جنيهات فى هذه الجامعة بأنه يشارك فى بناء نهضة مصر.




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدق أو لا تصدق:مصريون يعملون بروح الغريق!
- كلمة السر هي زواج العلم والصناعة والمجتمع
- صدق أو لا تصدق : عدد المستهلكين الغاضبين 65 فى عموم مصر!
- أكاديمية السادات.. الابن
- دولة -القانون -.. وإمارة - الفتوى -
- الحكومة تخالف القانون مع سبق الإصرار والترصد
- بكوات .. وهوانم جاردن سيتى 2
- نقش معاصر علي جدارية عريقة
- بكوات و.. هوانم جاردن سيتى (1)
- محنة المسيرى
- القطن المصرى .. عزيز قوم ذل!
- كربلاء المصريين!
- تعليق أخير على الثقافة المحاصرة
- من الأوّلى بالدفاع: ثقافة مصر .. أم وزير الثقافة؟!
- الجبهة الديموقراطية.. أمل جديد
- حتى لا تكون حماية المستهلك مجرد شعار
- العِبَارة .. فى العبَّارة!
- انتبهوا أيها السادة: مؤامرة لاغتيال عقل مصر!
- تعارض المصالح .. للمرة الألف
- البيئة .. والسياسة


المزيد.....




- سلي أطفالك ونزليها ..  تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 على ا ...
- كيف تظهر صور الأقمار الصناعية آثار الضربات المتبادلة بين إير ...
- طلاب معهد العلوم السياسية بباريس ينددون بالحرب الإسرائيلية ع ...
- «شاهد توم وجيري» استقبل الآن تردد قناة سبيس تون الجديد على ا ...
- «وحش الهواتف الذكية»….تعرف على مواصفات ومميزات هاتف vivo X10 ...
- -كلنا فلسطينيون-.. هتافات مؤيدة لغزة تصدح في أعرق جامعات فرن ...
- رابط التقديم في شركة المياه الوطنية 2024 لحملة الثانوية العا ...
- لأول مرة منذ 56 عاما.. قطار روسي يشق الصحراء عابرا إلى سيناء ...
- الصين تستأنف عملها في الفضاء بإرسال دفعة جديدة لمحطتها الفضا ...
- تعرض اليوم..الآن تابع الحلقة 156 مسلسل قيامة عثمان .. تردد ق ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - سعد هجرس - جامعة النيل .. مؤسسة أكاديمية عصرية .. مجهولة!