أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - موريس عايق - قتل الفلسطيني















المزيد.....

قتل الفلسطيني


موريس عايق

الحوار المتمدن-العدد: 1973 - 2007 / 7 / 11 - 10:53
المحور: القضية الفلسطينية
    


في لبنان تعرض الفلسطيني للقتل والتهجير وما يضاف إليها من معاملة غير إنسانية خلال المعارك التي يشنها الجيش اللبناني على محيم نهر البارد، وفي العراق يتعرض الفلسطينيون للقتل دونما سبب مباشر سوى فلسطينيتهم، والتي تحولت وبالا عليهم بسبب الحظوة التي تمتعوا بها سابقا في ظل النظام البعثي.
في غزة الوضع أسوأ بكثير حيث قتل الفلسطينيون إما عبر الاعتداءات الاسرائيلية أو اخيرا بأيدي فلسطينيين آخرين، قتل لم يتوقف حتى الآن برغم إنهاء وجود فتح في قطاع غزة.
بالتأكيد ليس الفلسطينيون وحدهم الذين يتعرضون الى القتل، فالعراقيون يقتلون بمعدل أكبر من الفلسطينيين، لكن مسألة قتل الفلسطيني تحمل معها معنى أكبر من قتل أي كان.
خلال عقود سابقة كانت فلسطين قضية العرب المركزية ومحور كافة الايديولوجيات الجماهيرية والقادة الشعبويين، مشكلة عصب الهوية العربية، وبمواجهة التحدي الاسرائيلي اتحد العرب وصعدت الايديولوجية القومية الى مقدمة المسرح السياسي وسعت لبناء وعي لذواتنا كأمة عربية.
وأمام الاحتلال تعرف الشعب الفلسطيني على نفسه كفلسطيني. هوية لم يكن لها وجود خارج تجربة المنفى والاحتلال الاسرائيلي.
خلال هذه العقود كان الفلسطيني مقدما أمام العربي- شريكه في الانتماء القومي- بما يحمله على كتفيه من تجربة الطرد والتهجير والمواجهة المباشرة مع عدو الامة. الفلسطيني لم يكن وحسب تمثيلا للعار القومي بل أمسى مقياسا للانتماء القومي، وعليه فإن موقف الانظمة العربية من المقاومة الفلسطينية –وليس وحسب من القضية الفلسطينية- أصبح مقياسا لوطنيتها والتزامها أو لخيانتها القومية. الانقسام اللبناني قبل وفي بداية الحرب الأهلية اختزل نفسه في الموقف من الفلسطيني. ما عرف الانعزاليين وقتها كرجعيين وعملاء ومناهضين للعروبة هو عدائهم للفلسطيني.
بهذا المعنى لم يكن الفلسطيني انسانا عاديا، انما تجسيدا للهوية العربية. التجسيد الذي سيزداد كثافة مع بداية الكفاح الفلسطيني المسلح . الفلسطيني المقاوم (الفدائي) كتجسيد للعربي الحقيقي، العربي الذي تجرأ على المواجهة مبتدءا واقعا للثورة العربية منذ معركة الكرامة.
مما سيجعل من الاعتداء على الفلسطيني اعتداء على العروبة، انحيازا أو انتقالا إلى صفوف الأعداء، بمعنى آخر خيانة الامة.
هذا ما جعل للدم الفلسطيي حرمة لا تقتصر على الفلسطينيين، بل وتمتد الى العرب الاخرين.
لايعني هذا انه لم يكن هناك اعتداء على الفلسطينيين، لكن ما حاولته الانظمة هو تفادي التعرض للفلسطيني بصفته هذه، أو الشبهة بها. ولهذا سعت دوما الى ايجاد المبررات والذرائع المختلفة لتبرير هذا الاعتداء، أما الهوية الفلسطينية فتبقى تابو.
الحالتان اللتان تعرّض فيهما الفلسطيني- كفلسطيني- للقتل ارتبطتا بموقف مناهض للمشروع القومي أو محاولة تامة للقطع مع العروبة كهوية وطنية.
ففي لبنان الحرب الأهلية اختزل الفلسطيني في شخصه الهوية العربية. المارونية السياسية جعلت من الفلسطيني أجنبيا وإرهابيا، تمثيلا للاحتلال العربي الذي يهدد وجود لبنان ذي الهوية الخاصة(غير العربية). رفض الفلسطيني هو تعبير آخر عن رفض العروبة.
هذا التصور ذاته ساد لدى الجانب الآخر، قبول الفلسطيني هو التزامنا بالعروبة. الموقف من عروبة لبنان اختزلها الموقف من الفلسطيني.
قتل الفلسطيني في لبنان استند من جهة أولى على هوية مضادة للعروبة- هوية ذات محتوى طائفي مسيحي بشكل أساسي- ومن جهة ثانية على محاولة تطييف الوجود الفلسطيني ذاته، أي تشويه البعد العربي لدى الفلسطيني لحساب بعد سني بشكل أساسي.
القتل اعتمد في الآن ذاته على تصعيد الهوية المذهبية بشكل كبير وتفريغ الهويات الوطنية والقومية.
في أيلول الأسود شن العرش الأردني الحرب على الفلسطينيين تحت ذريعة تهديدهم لأمن الدولة، وحل التناقض بين الدولة والتنظيمات الفدائية التي تتخذ من الاردن منطلقا، هذه التنظيمات التي بدت كما لو أنها دولة أخرى داخل الدولة الأردنية.
هذه الحرب لا يمكن فصمها عن التوجه السياسي الاردني باتجاه تسوية ما للقضية الفلسطينية، تسوية مع اسرائيل على حساب الفلسطينيين ولحساب المملكة الهاشمية، سيمثلها بشكل جلي ما ستسفر عنه المشاريع السياسية التي قدمها وقتها الملك حسين حتى تتوج نفسها في وادي عربة ختاما.
الحرب على الفلسطينيين لم تكن ممكنة دون الاعتماد على العشائرالتي شكلت عصب الجيش الاردني وقتها. فالعرش الهاشمي لم يسع الى توظيف المدينة – حيث يمكن للهوية الوطنية أو القومية أن تعبر عن نفسها- في المواجهة لانها ستخذله كما هو مرجح. النظام العشائري وحده كان القادر على خوض مواجهة مع الفلسطيني، عصبية غير عربية وغير وطنية هي الوحيدة التي كانت مؤهلة على هكذا مواجهة وهذه العصبية وجدت نفسها في النظام العشائري.
العصبية الطائفية في لبنان والعصبية العشائرية في الأردن وحدهما اللتان امتلكتا القدرة على قتل الفلسطيني، الفلسطيني الذي كان تجسيدا للوعي القومي .
اليوم لا يقتصر قتل الفلسطيني على حالة الحرب الاهلية أوعلى طارئ سياسي، إنما تحول الى مسألة يومية واعتيادية كما في العراق وغزة، وفي لبنان لم يعد يثير احتجاجا بل على العكس يستدعي تضامنا موسعا مع الجيش اللبناني فيما يفعله.
الحالة الأشد تكثيفا ليست قتل الفلسطيني على يد الأغيار إنما على يد الفلسطينيين أنفسهم. الاحتراب الداخلي في غزة بين من هم محسوبون على فتح أو على حماس، هذا القتل الذي تسنده عصبيات متنوعة لاتقتصر وحسب على العصبية التنظيمية وإنما أيضا العشائرية والعائلية، حيث تجد الكثير من الأسر الفرصة لتصفية ثاراتها عبر هذه المواجهات.
في مواجهات غزة بدا تماما انحلال الهوية الوطنية الفلسطينية، حماس لم تحارب فلسطينيين آخرين إنما قوى الردة والكفر، كما يقول نزار ريان القيادي في حماس "فاليوم المعركة إسلام وردة وستنتهي المعركة لنصرة هذا الدين"، أهل الاسلام بمواجهة أهل الشرك الذين يستوون في اختلافهم مع أيا كان عن"نا".
فتح سعت هي الأخرى الى تقديم عدوها عبر تشييعه، وهكذا تحولت حماس الى كيان غريب عن الجسم الفلسطيني.
كل من المتخاصمين سعى الى اختزال الهوية الفلسطينية فيه والنهاية كانت نفي الهوية الفلسطينية ذاتها، والتي أصبحت أهل الاسلام حماسيا، والعصبية الفتحاوية لدى فتح.
الهوية الفلسطينية بدت معطوبة بنيويا وكأنها بلا أساس. فالشيعي -كما بدا- لا يمكنه ان يكون فلسطينيا. سهولة هذه الممارسة ،تطيف العدو وجعله خارج الجسد الوطني، وانتشارها لا يشير وحسب إلى عقلية فئوية بقدر ما يشير الى خلل أساسي في الهوية الوطنية ذاتها.
ماسمح للقتل أن يكون ممكنا في حالة غزة كان هذا الانحدار للهوية الوطنية وإعادة دمجها بعصبيات عشائرية(التنظيمية في هذه الحال، حيث لا فرق كبير بين التنظيمات والعشائر في ممارسة الغزو والغنيمة كما الحماية والثأر) أو السعي لتأسيس عصبيات طائفية، وبرغم غياب حاملها الطائفي.
لا غرابة بعد هذا أن يكف الفلسطيني عن أن يكون رمزا لنفسه، فلثامه لم يعد رمزا للتحدي انما رمزا للبلطجة، كذلك صار حال السلاح الذي يحمله شبان الانتفاضة شاهدا على انعدام الأمن وسيطرة الميليشيات. القضية الفلسطينية نفسها تبدو وكأنها كفت عن أن تكون قضية كفاح وطني لتصبح قضايا متنوعة ومختلفة، قضية السلطة وامتيازاتها كما يمثلها رجالات فتح، أو قضية إسلامية ومقدسات كما تراها حماس والجهاد الاسلامي، أو مجرد قضية تأمين حياة يومية اعتيادية كما تراها فئة متزايدة من اهل غزة.
عندما تحدث أبو سليم الناطق باسم حركة فتح الاسلام عن القضية التي تناضل من أجلها حركته فإنه لم يتحدث عن أرض محتلة ولاجئين انما عن مقدسات اسلامية وعن يهود، كما عن حماية أهل السنة والجماعة في لبنان.
قضية فتح الاسلام ليست هي نفسها القضية الفلسطينية التي عرفها العالم وتضامن معها كقضية تحرر وطني لشعب لم يزل –وضدا من التاريخ- تحت احتلال عنصري. بل قضية تتم اعادة صياغتها بمفردات العصبية الطائفية والدينية، ولا يعود الأعداء فيها واضحين ومعروفين بل يمكن لهم أن يكون صليبيين أو يهود أو حتى أهل الشيعة الذين يهددون أهل السنة في لبنان.
فتح الاسلام ذاتها لا يمكن فصمها عن المناخ اللبناني ذاته، حيث الانقسام الطائفي وصل الى مداه خلال الفترة الاخيرة.
قتل الفلسطيني الحالي والذي أصبح أمرا عاديا وغير مستغربا يؤشر على نهايات عديدة. نهاية القومية العربية كما نهاية الوطنية الفلسطينية (وتاليا القضية الفلسطينية كقضية حركة تحرر وطني) نهاية البعد الوطني في رؤيتنا لأنفسنا.
بالمقابل فإنه يحمل معه بدايات جديدة، بداية لعصر من الهويات العشائرية والطائفية كتمثيلات وحيدة لهويتنا، هذه الهويات التي وحدها تستطيع –كما استطاعت – قتل الفلسطيني أو حتى دفعه إلى قتل ذاته



#موريس_عايق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن وصف الإرهاب
- المبادرة العربية ونظام الشرق الأوسط
- معوقات الدولة - لبنان نموذجا
- عروبتان
- سياسة بدون اقتصاد - سوريا
- مشكلة الاعتدال العربي
- صدمة حزب الله
- بين نصين
- الثوري الاشتراكي والثوري الديمقراطي
- ملاحظات سورية
- بيان ضد الشعب والتاريخ-2
- بيان ضد الشعب والتاريخ
- فرص الدولة بعد الحرب
- مسألة الدولة
- قليل من الجنون
- عيد وهذر المقال
- الاعتداء الاسرئيلي على لبنان
- الشذوذ السوري
- الطريق الثالث
- الديمقراطية والاجماع


المزيد.....




- من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين ...
- ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد ...
- بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد ...
- -قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول ...
- إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في ...
- ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى ...
- وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج ...
- الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
- النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
- كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - موريس عايق - قتل الفلسطيني