أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - موريس عايق - سياسة بدون اقتصاد - سوريا















المزيد.....

سياسة بدون اقتصاد - سوريا


موريس عايق

الحوار المتمدن-العدد: 1786 - 2007 / 1 / 5 - 12:38
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


يستغرب المرء احيانا عند متابعة أدبيات المعارضة لغياب الاقتصاد عنها، ان كان كنقد أو تحليل للبنية الاقتصادية وما يستتبعها من تحليل اجتماعي، على الرغم من انحدار أغلبية من المعارضين من أصول ماركسية أو يسارية مطعمة بها.
لا يقتصر هذا الغياب على المعارضة التي تنتسب الى مشروع ديمقراطي سياسيا انما يمتد الى المعارضة اليسارية والماركسية. لا يحضر الاقتصاد عند قطبي المعارضة الا عبر السياسة وتلبية لاحتياجات النقد السياسي، فعند المعارضة الديمقراطية لا يتم التعامل مع الوضع الاقتصادي الا عبر "مكافحة الفساد" و هو مسألة سياسية كما يقدم، سلطة استبداداية لا امكانية لمحاسبتها وتتعاطى مع المجتمع كما لو انه ملكية لها، والقطاع العام كما لو انها ورثته وتديره كاحدى شركاتها. الفساد هنا هو فساد سياسي وغالبا ما يكون الفساد مرتبطا بالنخبة العليا للحكم "اللصقراطية كما يقول د. عبد الرزاق عيد". نقد الفساد هو مكمل للنقد السياسي لنظام الحكم ولهذا فان مكافحة الفساد والاصلاح الاقتصادي رهن بالاصلاح السياسي لنظام الحكم، ولا يكون الفساد عندها جزءا بنيويا من بنية الانتاج بهذه الحالة.
خارج قضية مكافحة الفساد لا يبدو أن هناك رأيا بأية مسألة أخرى، كالخصخصة واصلاح القطاع العام، اما التحليل الاقتصادي ل "تعيين الطبقات" فهومسألة خارج التعاطي.
على الجهة الاخرى والممثلة بالمعارضة اليسارية يبدو الاقتصاد أكثر حضورا ولكنه أيضا يختصر بمقولات بسيطة، يمكن اختزالها في مكافحة الخصخصة والطبقات الشعبية
فهم ضد الخصخصة (والمرتبطة غالبا بمسألة الفساد) ومع دور محوري للدولة عبر قطاعها العام وأداء واجبها الاجتماعي تجاه مواطنيها، وهنا كذلك تكون قضية القطاع العام مسألة فساد سياسي يرتهن اصلاحه بالاصلاح سياسي عبر مشاركة المسبفيدين من القطاع العام في مشاركته وادارته، وهولاء هم الطبقات الشعبية.
اما من هم الذين يندرجون تحت مقولة "الطبقات الشعبية" فهم كثر(1)، ف"الطبقات الشعبية" لا تحدد واقعا اقتصاديا انما سياسيا من هم خارج السلطة ويعيشون بمستوى متوسط أو أدنى، وهكذا يستند التعريف نفسه الى واقع توزيع السلطة السياسية والفقر وليس عبر واقع الحياة الاقتصادية ونمط الانتاج.
يمكن للمرء من هنا أن يلاحظ ما يلي
1- مركزية السياسة في الواقع الاجتماعي، فالقرب من السلطة السياسية هو الذي يحدد الموقع الطبقي وليس العكس، والسياسة تأخذ مكان الاقتصاد لدى ماركس
2- طبيعة المعارضة وتغييب وعي المجتمع: وهذا التغييب ليس ناتجا عن عدم المعرفة، انما هو موقف واعي يأتي كتتويج لمحورية السياسة. فتوزيع السلطة السياسية هو بسيط على العموم، هناك من يملكون السلطة (ضباط الامن والجيش، نخبة الحزب، الطغمة اللصقراطية..الخ) ومن هم خارجها، وهؤلاء هم عموم الشعب. ولكن ما نخسره بالمقابل هو تحديد الشعب، فهو ليس وحدة انما أناس متناقضون ومختلفون ولديهم مواقع متناقضة، ولكن التقسيم السياسي يغفل هذا كله لمصلحة "مجتمع مدني" أو "طبقات شعبية" كمقولات سياسية، هذا الاغفال من ناحية هو انعكاس لما تتمع به السياسة من ثقل، ومن ناحية أخرى يدل على طبيعة المعارضة نفسها، واقعة تكونها من مثقفين، أو منشقين انحدروا من تلك الطبقات الوسطى التي ارتبط صعودها بصعود نجم الدولة. الطبيعة النخبوية هي ما يدفع- ربما- لبلورة خطاب معارض ثقافي، يصيغ تناقضاته على مستوى السياسة، وبالتالي كجزء من الثقافة، وليس على مستوى الطبقات وكجزء من الاقتصاد
هذا الشكل من رواية الصراع هو كاشف لطبيعة الفعل المعارض من حيث هو فعل ثقافي بالدرجة الاولى، ولا يعني هذا أن الآخرون غير معارضين، انما انهم لم يتكلموا حتى الآن، او اننا لم نسمعهم
3- لهذا ربما نسمع أحيانا بفكرة وجود برنامج للتغيير الاجتماعي ولكن العجز هو بغياب الحامل الاجتماعي، هذا لا يعني أن كتاب البرنامج أناس خياليون (وربما قسم كبير منهم هو كذلك) ، فبرنامج التغيير الديمقراطي عموما هو برنامج له أنصار كثر وتتبناه أحزاب متنوعة، ولكنه يعبر عن نخبة ثقافية لا تستند الى قوى أخرى، والتي لاتبد كبير اهتماما بهذا البرنامج
ربما هذا ما يستدعي نظرة لأسباب قوة السياسة
كانت الدولة هي محور كل ايديولوجيات التنمية بعد الحرب العالمية الثانية وهي أداة التنمية والتوازن الاقتصادي لا يختلف بهذا اشتراكي مع رأسمالي. وهكذا استند البرنامج الى خطوات عمل مشتركة تقوم على التاميم وتوسيع القطاع العمل، المكلف بعملية التراكم البدائي واطلاق عملية التصنيع، والاصلاح الزراعي والتخطيط. هذا المخطط استند على قوة الطبقات الوسطى الحديثة والصاعدة بقوة حيث تضاعفت أعدادا المتعلمين والموظفين وتوسعت مؤسسة الجيش ضمن النظام القديم. وتم تنفيذه بعد الاستيلاء على السلطة حيث نقلت كافة الموارد الى يد الدولة، مما سمح لها بالاستقلال عن مجتمعها ولتكون العلاقة بينهما مقلوبة، فالدولة أصبحت الاصل والواهب والمجتمع هو الفرع والموهوب.
فشلت الدولة في انجاز التنمية- لأسباب متنوعة ولسنا في ورادها- ولكنها بالمقابل ثبتت نفسها كمحور اعادة انتاج الحياة المادية في مجتمعها عبر مواردها الهائلة، وربما هذا ما دفع البعض ليرى أن الافتراق في ممارسة البعث العراقي والبعث السوري يستند على حجم الموارد التي امتلكتها الدولة العراقية عبر النفط مقارنة بالدولة السورية مما مكنها أن تتحرك باستقلال أكبر تجاه مجتمعها، استقلالية لم تحظ بها الدولة السورية.
ما يضاف الى هذا هو ضعف مقولة "الطبقة" كما استخدمتها الماركسية العربية عموما(2) من ناحية التحليل واستخدامها كأداة سياسية، فهي بقيت صماء أمام التناقض الطائفي والاثني وتناقضات التي تقوم على شكل الحياة الخاصة( هذا ماعبرعنه الاستاذ ياسين الحاج صالح بصدد الماركسية- الحوار المتمدن 1677)، فلم تستطع الطبقة فهم الطائفة وهي المكونة من طبقات متنوعة، والتي مع هذا شكلت وحدة فعل سياسية
من هنا يبدو أن التناقض الذي تصيغه المعارضة هو تناقض مع الدولة، وبالتالي تناقض سياسي. الديمقراطيون يريدون توسيع هوامش الحراك السياسي خارج الدولة، بالمقابل فان اليساريين يريدون تداخلا متزايدا يسمح للمجتمع بالتاثير المتعاظم على الدولة، ولكن في كلتي الحالتين لايتم النظر الى الدولة كجزء من بنية الانتاج انما كواقعة سياسية، وهكذا يخاض التناقض عبر الوعي الذي أنتجته الدولة ذاتها. وهكذا لا يستدعى المجتمع الا كمقولة عامة، لاتحيل على مضمون متعين.
وكل من الخطابين ينتهي الى مفارقاته الخاصة، فالديمقراطيون ينتهون الى صياغة للتناقض تختزل المسألة باشكالية السلطة السياسية، وبالتالي لا تستطيع تجاوز انغراسها في بيئة مثقفين
اما المعارضة اليسارية فتنتهي الى استعادة البرنامج التنموي القديم مع دمقرطته، مهملة في هذا السياق العالمي من ناحية، ودون تقديم أية اجابة عن كيفية دمقرطة وصيانة هذه الديمقراطية لجهاز دولة متضخم وقادر على الاستقلال دوما. او الوصول الى صياغة جدية لمشاكل الطبقات الشعبية كما ترى هذا الطبقات مشاكلها
في كلتي الحالتين يبقى المجتمع المدني" أو "الطبقات الشعبية" خارج هذا الصراع الذي يدور باسميهما.
موقع الدولة سيكون هو مركز هذا الصراع كما كان منذ الخمسينيات ولكن باختلاف موقع الطبقة الوسطى بين الواقعين، في الاول طبقة صاعدة وحديثة في اطار توزيع غير عادل، ولكن هنا طبقة وسطى تنحدر سريعا بدون مستقبل أمامها، طبقة لا تستطيع أن تحيا خارج الدولة حتى الآن. الحالتان هما شرط للايدلولوجيا راديكالية، ولكن أي الأجزاء من الطبقة الوسطى تمثل المعارضة؟
في النهاية يبدو أن المرء يتذكر ما قاله ماركس مرة عن الأهمية الخاصة للكاثوليكية في القرون الوسطى مقارنة بالصراع الطبقي، ان دراسة واقع انتاج الحياة المادية سيكشف عن علة هذه الاهمية ولدينا نحن ربما دراسة واقع انتاج الحياة المادية سيكشف عن علة قوة السياسة ومحوريتها، حيث لا يخاض الصراع الا كصراع طائفي أو سياسي


1-برنامج الطبقات الشعبية هو ما يسمعه المرء عادة، ولكن هذه الطبقات الشعبية تتضمن مثلا مزارعي الدولة والذين يريدون مثلا توزيع أراضي عليهم كملكية خاصة مع ضمان شرائها لمحاصيلهم، بالمقابل هناك عمال بعض شركات الدولة والذين لا يتلقون رواتبهم احيانا لعدة شهور متواصلة، او عمال القطاع الخاص، او العاطلين عن العمل أو الموظفين الذين يستفيدون من مواقعهم الوظيفية ضمن الفساد الصغير او بقضاء وقت الوظيفة في أعمال أخرى وهكذا. وهؤلاء من الصعب وضعهم جميعا في خانة محددة والقول عنهم طبقات شعبية لها مصلحة موحدة، ربما يشتركون بأمور مختلفة ولكن التحليل المباشر هو الذي سيحدد ما هو مشترك وماهي مصالحهم الفعلية

2-هذه المشكلة تقتصر على الماركسية السياسية عموما والعربية منها خاصة، بالمقابل تحظى هذه المسألة بتحليلات مفيدة عبر الماركسية الاكاديمية، وحتى عربيا لم يكون هناك دوما تصنيم لمقولة الطبقة وربما النموذج الابرز في هذا المضمار هو الياس مرقص



#موريس_عايق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشكلة الاعتدال العربي
- صدمة حزب الله
- بين نصين
- الثوري الاشتراكي والثوري الديمقراطي
- ملاحظات سورية
- بيان ضد الشعب والتاريخ-2
- بيان ضد الشعب والتاريخ
- فرص الدولة بعد الحرب
- مسألة الدولة
- قليل من الجنون
- عيد وهذر المقال
- الاعتداء الاسرئيلي على لبنان
- الشذوذ السوري
- الطريق الثالث
- الديمقراطية والاجماع
- تعقيب على مقالة نحو جامعة متقدمة ووطنية - ياسين حاج صالح
- على هامش الشيوعية العربية
- ازمة اليسار العربي
- العداء للسامية
- أزمة العمل السياسي بين الشباب أم ازمة السؤال


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - موريس عايق - سياسة بدون اقتصاد - سوريا