أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - موريس عايق - مسألة الدولة















المزيد.....

مسألة الدولة


موريس عايق

الحوار المتمدن-العدد: 1652 - 2006 / 8 / 24 - 09:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد ان انتهى العدوان الاسرائيلي على لبنان ربما يحق لنا ان ننظر الى المشهد العربي بهدوء. وما ساحاوله هو وضع جملة من الاحداث التي حصلت خلال الفترة الاخيرة, وهي ليست بمجملها احداث سياسية انما احداث دالة, ومن ثم استخلاص ما أراه المسألة الاهم , وتحديدا بعد نهاية العدوان على لبنان والذي يمكن اعتباره نصرا للعرب قياسا على ما سبقه من معارك العرب واسرائيل.
اظهر الغزو الامريكي للعراق هشاشة المجتمع العراقي والذي لم يتعرف على نفسه كعراقي انما عبر طوائفه وعشائره. الدولة العراقية هزمت بسهولة مفرطة, وحتى المقاومة في ام القصر واماكن اخرى كانت من انجازات المقاتلين العرب وليست من اعمال الجيش العراقي. الدولة العراقية لم تكن دولة انما جهاز قمع, وأحد المتصارعين.
بعد الاحتلال ظهر هذا الواقع بشكله الأسوأ. فالمقاومة والتي انطلقت على أرضية طائفية لم تستطع ان تتجاوز هذا الواقع, بل انزلقت لتكون مقاومة تعبر عن مصالح الطائفة, التي تنتمي اليها. الوعي السياسي للعراقيين لم يكن ضمن أفق الدولة, بل ضمن أفق الطائفة( أو الجماعة التي ينتمي اليها). عدوه ليس الامريكي المحتل انما الآخرون الذين يسعون الى انقاص نصيبه من السلطة والثروة. الحزب الاسلامي والعلماء المسلمون أبدوا استعدادهم للمشاركة االسياسية وحسب عندما نالوا ضمانات بصدد نصيبهم وكذلك كان الحال مع البقية. لم تنجح أية حركة بالانتقال الى الافق الوطني وحتى حركة الصدر والتي أعطت في بداياتها اشارات على هكذا اتجاه, فانه أجهض تماما في سياق التطورات والتي حصلت فيما بعد.
اليوم يتجه الوضع ليكون أسوأ مع الحديث المتزايد عن خطر الحرب الأهلية. الواقع الذي يراه المرء هو ان لا شعب عراقي انما شعوب وقبائل تنازع بعضها البعض. مفهوم الدولة معدوم تماما وما نراه, تحت مسمى الدولة, هو جهاز لادارة العلاقات بين الجماعات. عندها لن يكون هناك معنى للداخل والخارج من ناحية ومن ناحية أخرى نهاية المشروع الديمقراطي(1), بمعنى احالة القرار السياسي الى الشعب. فالدولة, والتي هي جهاز علاقات عامة, لن تملك من السلطة الا بقدر ما تتركه لها الجماعات المشكلة لها. وهولاء لن يتم التعبير السياسي عنهم الا عبر ممثليهم, اي رجال الدين وكبار شيوخ العشائر.
الديمقراطية ستعني عندها أن هولاء سيتحدثون بحرية مع بعضهم البعض وقد يتركون حيزا (قابل للتعديل) للآخرين للحديث ولكن الامر لن يتعدى هذا.
شكل الفاعل السياسي سيحصر الممارسة السياسية ضمن الطبقة التي تمتلك المعنى الرمزي للطائفة ولن يكون هناك امكانية لتعميم الممارسة السياسية واخراجها من نطاقهم الا عبر الغاء هذا الشكل للفعل السياسي و لا يوجد حاليا ما يدل على هكذا توجه..
بعداغتيال الحريري حصل انشقاق ضمن النخبة الحاكمة في لبنان وتحديدا انشقاق الرأسمال السني الكبير( ممثلا بتيار المستقبل) عن سوريا والتي لم يعد هناك من حاجة اليها -من منظور هذا التيار- وبالتالي لا معنى لاستمرار مشاركتها في عملية النهب(أو الادارة المالية). لكن خلال المظاهرتين واللتين عبرتا عن الانقسام السياسي اللبناني ظهرت أمور أخرى.
أهمها هو غياب الشعب اللبناني وحضور الطوائف اللبنانية. كان هناك الشيعة وعلى الجهة المقابلة كان هناك المسيحيون والدروز والسنة. وجميع المحاولات لكسر هذا الشكل الطاغي للكائفية السياسية انتهى للفشل وهولاء بقوا على الهامش.
بعد الخروج السوري تمت الادارة السياسية للدولة اللبنانية عبر التدخلات الخارجية الكثيفة. فالسفارات كانت أحد أهم المؤثرين على التطورات السياسية. معنى الوطن اختلف فلم يكن هناك وطن لبناني انما أوطان لبنانية ولم يكن هناك داخل أو خارج بل أكثر من داخل وخارج. المستوى العالي لقدرة الآخرين من سوريين وامريكيين وفرنسيين وغيرهم على التأثير على الداخل اللبناني دلت على ضعف معنى الوطن والمصلحة الوطنية. مرة أخرى كانت الدولة الفاعل الأضعف. الدولة لم تكن قادرة على تمثيل المصلحة الوطنية (الأمة بمجموعها) وهذا مبرر وجود الدولة ومعناها الأولي. فهي تجريد للأمة ولكن عندما لاتوجد أمة فلا معنى للدولة وعندها سنعدم أية وسيلة للفصل بين الداخل والخارج.
وخلال الفترة الاخيرة حصلت في مصر مرة أخرى, وبعد أخريات كثر, أحداث طائفية وهذه الاحداث أصبحت لازمة دائمة ولكنها تثير أكثر وأكثر شرخا في البنية المصرية. فالأقباط والذين اضطهدوا أو همشوا لزمن طويل أصبحوا أكثر قدرة على نقل ظلمهم الى الخارج في مواجهة ضعف الدولة (وفعليا تواطؤها) في مواجهة الظلم الذي يتعرضون له. الشرخ الطائفي في المجتمع المصري هو شرخ ثانوي ( يشكل الاقباط قرابة 10% من الشعب المصري) لكنه يظهر غياب الامة وايضا خارجية الدولة بالنسبة للمجتمع.
ما يستطيع المرء ادراكه هو أن الدولة في المجتمع العربي غير موجودة, ما هو موجود هو جهاز سلطة وهو بهذا الشكل أحد المتصارعين. غياب الدولة لا يدل الا على غياب الامة.
لكن ما الذي لدينا بعد العدولن الاسراتيلي؟
في البدء يمكن أن نقول أن الدرس الأكثر أهمية هو أن العرب أقوياء ان أرادوا, ان قاتلوا. ونحن لم نقاتل منذ 1948. الذي حارب هي الدولة ةعندما حارب جزء صغير (حزب الله) انتصر أو على الاقل حقق ما لم تستطع الجيوش العربية كلها أن تحققه.
من الناحية الأخرى أظهرت توحدا لبنانيا وان بشكل نسبي. فمن الناحية الأولى اندفع اللبنانيون بشكل عام لدعم اخوتهم الجنوبيين (الشيعة) والى ررية الاعتداء هو اعتداء عليهم -الاسرائيليون اكدوا تماما على وحدة اللينانيين بعدوانهم على الجميع- لكن هذا لم يعني بالمقابل توحد وطني ناجز. فالتضامن لم يحيل الى الشعب والوطن. بل ان البعض حاول استغلال تطورات الوضع العسكري والسياسي على حساب الآخرين. خلال الحرب ظهر ان لكل طرف مصلحة وطنية.
بالمقابل اظهرت اسرائيل وخلال عدوانها انها الكيان الوحيد الذي يستحق اسم الدولة في هذا الشرق. فالمصلحة القومية واضحة ومستندة الى ارادة عامة. حتى عندما خرج المعترضون على الحرب وتظاهروا فانهم استندوا الى وعي سياسي حديث يعتمد في اساسه على الامة, والتي ليست كائن عضوي لا يحتوي على اختلاف ومتجانس بشكل مطلق, بل كائن سياسي يجد تجريده في الدولة, العقل العام الذي يمثلها.
اختلاف الاسرائيلين لم يتحول الى انقسام طوائف وشعوب. انما اختلاف وجهات نظر في نطاق الدولة. احد لم يخرج على الدولة باعتبارها ممثلة للأمة مهما كان سلوكها مخجل ومخزي. اعتراضاتهم كانت على سلوك الدولة وليس على الدولة نفسها.
الحدث الدال على هذا هو رفض الغالبية المطلقة من النواب الاسرائيلين وبضمنهم ايهود اولمرت لتصريحات ليبرمان المعادية للنواب العرب في الكنيست الاسرائيلي. وبعد نهاية العدوان طالب الاسرائيليبون بمحاسبة الجيش والمسؤوليين السياسيين على تقصيرهم وليس على جرائمهم. لا تشكيك بالدولة انما بالذين لا يؤدون وظائفهم بالشكل الصحيح والذي على اساسه تم انتخابهم.
بينما على الضفة الاخرى فانه ما ان وضعت المعركة أوزارها حتى بدأ التناطح السياسي وتحديدا على الدولة ومن خارجها. محاولة استغلال كل تحرك دولي أو اقليمي ضد أحد الأطراف ونصر سياسي يبدو انه لن يأتي بعد النصر العسكري.
ما نستطيع ان ندركه هو نقصان الدولة وليس وجودها المفرط, وهذا الغياب لا يمكن تفسيره الا على انه شكل غياب الامة من وعينا. بالمقابل فان نصر حزب الله لا يعني ان الوضع ليس سيئا انما ليس بالسوء الذي افترضناه. حزب الله يمنع الهزيمة لكنه لن يحقق في النهاية النصر.
الدولة الحالية ليست الا سلطة خارجية بالنسبة للمجتمع, تتسيد عليه. من هنا لن يكون هناك فائدة من دمقرطتها. النموذج الوحيد للديمقراطية الممكن لهذه الدولة هو ديمقراطية المكونات, وهذه ليست من الديمقراطية في شيء الا الاسم.
الذي سيكون لدينا عندها, مع ديمقراطية تقوم على صناديق الاقتراع وحرية التعبير, هو دولة تشبه الأمم المتحدة لا تملك من السلطة الا ما تسمح به هذه الجماعات. بالمقابل فالديمقراطية ستكون داخل هذه الجماعات معدومة وهذا سيكون مقبولا من الغالبية داخل كل جماعة. فشكل الفعل السياسي يحيل الى الجماعة العضوية ولا معنى لأي خروج عنها, فماهية الفرد من ماهية الجماعة.
ان الديمقراطية التي تطالب بالاقتراع وحرية الفرد وتهمل أس الديمقراطية وهو الشعب والوعي القومي كبنية أساسية للوعي السياسي الحديث لن تنتج في النهاية الا بنية مشوهة. فلا معنى للسياسة خارج الشعب-الأمة. الفردالخالص ليس كائن سياسي. الديمقراطية هي الشكل السياسي لعلاقة الشعب بالدولة.
من هنا تتقدم مسألة انجاز الشعب وهي أصلا لا تنفصل عن الديمقراطية, انما تشكل بنيتها التحتية وهذه المسألة اليوم هي المسألة الغائبة.
المهمة الأولية, كما اعتقد, هي كيف يمكننا أن ننتقل الى حالة الشعب,الى الارادة العامة وتحقيق دنيوية الفعل السياسي. هذه المسألة هي معنى الحداثة السياسية حاليا وتتقدم على مسألة الفرد والطبقة(2).
لنكن شعبا ثم نفكر بأمور أخرى.


1- بالتأكيد لن يكون هناك امكانية لنحقيق الديمقراطية تحت الاحتلال الامريكي بمعزل عن اي شرط آخر.
2-طبعا لا يعني هذا ابعاد للطبقة من التليل فالشعب هو مجموع طبقات محددة. الشعب الفرنسي خلال الثورة كان وحسب الطبقة الثالثة ضد طبقتي النبلاء والاكليروس. اليوم سيكون الشعب هو الآخر تحالف طبقي ضد آخر ولكن المسألة أن أولوية مفهوم الشعب تتقدم على الطبقة. و هذا ما سنراه في أعمال الياس مرقص الأخيرة والتي غاب فيها مفهوم الطبقة لصالح الشعب وبهذا المعنى ستتقدم مسألة الديمقراطية والعلمانية عنده كما عند ياسين الحافظ على أية مسألة أخرى. والديمقراطية هنا لن تحيل الى المجال الليبرالي انما الى مجال آخر معاير ومضاد له.



#موريس_عايق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قليل من الجنون
- عيد وهذر المقال
- الاعتداء الاسرئيلي على لبنان
- الشذوذ السوري
- الطريق الثالث
- الديمقراطية والاجماع
- تعقيب على مقالة نحو جامعة متقدمة ووطنية - ياسين حاج صالح
- على هامش الشيوعية العربية
- ازمة اليسار العربي
- العداء للسامية
- أزمة العمل السياسي بين الشباب أم ازمة السؤال
- من أبو غريب الى الضاحية الجنوبية


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - موريس عايق - مسألة الدولة