أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ييلماز جاويد - ألغازُ نِفطِ العراق















المزيد.....

ألغازُ نِفطِ العراق


ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)


الحوار المتمدن-العدد: 1970 - 2007 / 7 / 8 - 09:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذُ إكتشاف النفط في العراق في القرن الماضي تلفّ قضيته ألغازٌ كثيرة متنوّعة ، الغرض الأساس منها كلها التعمية على الشعب ما لهذه الثروة من قوة لتغيير حياته ورفع مستواه إلى مصاف الشعوب الغنية والمتطورة في العالم .

تمكنت مجموعة من الشركات العالمية في عشرينات القرن الماضي بواسطة الوسيط ( كولبنكيان ) من الحصول على إمتياز التنقيب لإستكشاف النفط في عموم القطر والحفر وإستخراج وتسويق النفط . وكانت نتيجة هذه الصفقة تأسيس ثلاث شركات تحمل أسماءً عراقية صرفة ومملوكة إلىجهات غير عراقية ، حيث كانت الشركات بأسماء شركة نفط العراق وشركة نفط البصرة وشركة نفط الموصل ، وكانت مملوكة إلى مجموعة من الشركات بحصص 23.25% أمريكية ومثلها بريطانية ومثلها فرنسية ومثلها هولندية ومنحت حصة 5% إلى كولبنكيان جزاء جهوده في التوسط للوصول إلى عقد الإمتياز . وقد كانت مجموعة الشركات المذكورة المسيطرة على كل الواردات النفطية وفي نفس الوقت كنتيجة مباشرة لهذه الحالة المسيطرة على زمام الأمور في توجيه سياسة العراق طوال فترة العهد الملكي المباد . لقد كانت حصة العراق من العوائد النفطية طوال تلك العقود ما كان يسمى بضريبة الدخل على أرباح الشركات النفطية العراقية الثلاث ، تلك الأرباح التي كانت تظهرها حسابات الشركات إياها والتي كان إعدادها يتم بواسطة مجموعة الشركات المالكة .

بدأت المفاوضات بين الحكومة العراقية ومجموعة الشركات لأوّل مرة بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 بغرض إستعادة العراق حقه في نفطه ، وقد إستغرقت المفاوضات مدة طويلة كانت الشركات المالكة تتقصّد في إطالتها لإنهاك العراق ماليّاً ودفعه للقبول بشروطها ، ولكن صبر الحكومة العراقية وزعيمها عبد الكريم قاسم كان قد نفد فكان أن صدر القانون رقم 80 الذي بموجبه تمّ تحديد مناطق الإمتياز الممنوحة إلى الشركات وحصرها فقط بالمناطق التي بوشر التنقيب والإنتاج فيها ، حيث بصدور هذا القانون قد تمّ تقليص المساحات التي كانت مشمولة بالإمتياز إلى 20% منها فقط لأنّ الشركات لم تكن قد باشرت بالتنقيب بما يساوي 80% من المساحات المشمولة . ولقد كان صدور القانون 80 أول ضربة قوية إلى الشركات البترولية العالمية . ولكن الحكومة العراقية لم تكتفِ بإصدار القانون 80 بل بدأت التهيّؤ لإتخاذ خطوة جريئة جديدة ، وحيث أن الظروف المحلية لم تكن مؤاتية لعدم وجود الخبرة العراقية في مجال إدارة العمليات الإنتاجية النفطية من جهة وإنشغال الحكومة من جهة ثانية لمواجهة المؤامرات التي كانت تحاك ضدها بإستخدام التيارات القومية العربية من قبل دول الجوار ومن ورائها الدول الإستعمارية ، وكذلك قيام الحركة المسلحة الكردية والعزلة الدولية للعراق بسبب المطالبة بالكويت جزءاً من العراق . كل ذلك قد أخّر في إتخاذ الخطوة التالية لصدور قانون رقم 80 .

كانت الدراسات قيد الإعداد لتأسيس شركة النفط الوطنية لتتولّى التنقيب وإستخراج وتسويق النفط ، وعند إكمال الدراسات كانت الظروف السياسية في العراق قد وصلت مداها ، ولذلك فقد نُقل عن عبد الكريم قاسم أنه في يوم الثامن من شباط 1963 يوم تنفيذ الإنقلاب العسكري ضدّ حكمه أنه طلب قانون شركة النفط الوطنية وأجرى إمضاءه عليه قائلاً أنه بهذا التوقيع قد صادق على عقوبة الإعدام ضدّ نفسه لأنّ أعداء العراق لا يريدون لهذا القانون أن يرى النور ، فبتوقيعه صدر القانون وأعتبر نافذا بصورة شرعية .

جاءت حكومة البعث الأولى بعد إنقلاب الثامن من شباط 1963 ولكنها لم تدُم أكثر من تسعة شهور كانت مشغولة بتركيز نفسها في دست الحكم وتصفية التناقضات التي هيأت مجيئها للسلطة ، ولكن الإنقلاب العسكري الذي قاده عبد السلام عارف في الثامن عشر من تشرين الثاني 1963 أزاح حكم البعث الأول وتسلمت السلطة التيارات القومية التي كانت تنادي بالوحدة العربية زوراً . كان هَمّ القوميين الذين جاءوا إلى السلطة حل التناقضات بين التيارات المتباينة ، فمنهم من يريد الوحدة الفورية ومنهم من يريد البقاء في السلطة أطول مدّة ممكنة ، فكان للضغوط التي تواجهها الحكومة الأثر في دفعها في إتجاه الإلتفاف على القانون رقم 80 وقانون شركة النفط الوطنية ، وتحت ذريعة عدم توفر الخبرة العلمية والعملية في الصناعة النفطية فقد تم التفاوض مع مجموعة من الشركات النفطية الفرنسية وتم منحها الصلاحيات في تنفيذ العمليات التي كان المفروض أن تنفذها شركة النفط الوطنية ، وفعلاً تم تأسيس شركة عراقية فرنسية مشتركة تحت إسم ( إيراب ) ، التي لم تتمكن من المباشرة بأعمالها جدياً ، إذ أزيل نظام القوميين بواسطة إنقلاب عسكري جديد في السابع عشر والثلاثين من تموز 1968 حيث جاء البعث إلى الحكم ثانيةً .

ما جاء البعث إلى الحكم في كلا المرتين إستجابة لرغبة الشعب العراقي ولتلبية حاجاته ، بل أن التاريخ وتصريحاتُ قادته فيها الشهادة أن البعث جاء لتنفيذ مخطط إستعماري شامل في المنطقة ككل . فمن تمزيق الصف العربي وتأجيج العنصرية ، وهيمنة دكتاتورية بوليسية رهيبة ، إلى سياسات إقتصادية مرسومة لدفع المنطقة ككل إلى الحروب والنزاعات المسلحة . أما في حقل السياسة النفطية فإنه مهما بلغت الحملة الإعلامية التي روّجت لتأميم النفط العراقي مُسبقاً أو لاحقاً وتصوير التأميم كمكسب وطني وشعبي كبير ، إلاّ أنّ هذه الحملة كانت عاجزة عن إدامة الدخان الكثيف الذي أثارته في تلك الفترة ، وما أن تكشفت الحقائق وزال الدخان الذي غشى على العيون حتى بانت الحقيقة أن تأميم النفط العراقي ليس إلاّ مسرحية من مسرحيات الصراع الدولي بين الدول الإستعمارية للإستحواذ على ثروات الأمم . فالتأميم الذي كان ظاهره إستعادة الحق العراقي من مجموعة الشركات الأجنبية بينما كانت حقيقته إحلال النفوذ الأمريكي محل نفوذ كافة الدول التي كانت تمتلك حصصاً في الشركات النفطية العاملة في العراق ، إذ بالتأميم فقدت كلّ من بريطانيا وفرنسا وهولندا حصتها في الشركات المؤممة وذهبت حصة ال5% العائدة لكولبنكيان إلى خزينة حزب البعث العربي الإشتراكي ، وإستمرّ ضخّ النفط العراقي بأسعار خاصة إلى الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وإستخدام الأموال المتأتية من واردات النفط لتنفيذ المشاريع التي تخدم تهيئة المنطقة للحروب من شق الطرق لأغراض عسكرية وبناء القواعد والمطارات العسكرية وبناء الجيش وتسليحه حتى أصبح في مصاف أكبر الجيوش في العالم ، وكل ذلك بشراء معظم الأسلحة من الشركات الأمريكية . و بعد حربي الخليج اللذين أشعل نيرانيهما الطاغية أصبح العراق كله وليس النفط فقط رهينة تحت رحمة الولايات المتحدة وأصدقائها من دول المنطقة لضخامة الديون التي ترتبت عليه من جراء تكاليف الحروب والتعويضات التي فُرضت عليه .

لقد كانت نهاية حكم البعث في العراق مرتبطة بمصالح الولايات المتحدة التي تغير شكلها وأسلوب تفكير السياسيين فيها بعد سقوط الإتحاد السوفييتي ومآل توازن القوى الدولي لصالح القطب الواحد والذي تزامن مع إنتهاء حرب الخليج الثانية . في هذه الحقبة من التأريخ أعلن الرئيس الأمريكي كلنتون ( وهو من الحزب الديمقراطي ) ما سمي في حينه بمبادئ النظام العالمي الجديد والإعلان عن مبادئ العولمة والتجارة الدولية الحرّة . إن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت سيدة العالم بدون منازع وباشرت سياسةً إستعمارية جديدة تعتمد أسلوباً مخالفاً للمألوف سابقاً وبذلك أصبح من المسلّم به ضرورة تغيير وجوه بعض السياسيين في كثير من دول العالم ، وكان العراق واحداً منها . ولذلك رأينا كيف تغيّرت العلاقات الأمريكية العراقية ، ومواقف الولايات المتحدة في المحافل الدولية تجاه نظام البعث بعد أن كانت حليفاً له في سنوات الحرب العراقية الإيرانية ومصدراً للسلاح والعتاد والخبرات العسكرية .

كانت المعارضة العراقية ، على تشتتها في بقاع العالم وعدم وجود قاعدة واسعة لها في الداخل ، المفتاح لولوج الولايات المتحدة العراق ، وتمّ خلق المبررات ، وحُبكت السيناريوهات لتهيئة الأرضية للتدخل السياسي ومن ثمّ العسكري لتغيير نظام حكم البعث . وهكذا دخل الفصيل الأول من المعارضة إلى العراق على دبابات أمريكية في الوقت الذي كان الجيش والشعب ينتظر ساعة الخلاص من النظام الدكتاتوري البوليسي بأي ثمن ، فلم تكن هناك أية مقاومة لقوات الغزو وهي تتقدم نحو بغداد لإسقاط النظام .

كان الشلّة الأولى من المعارضة قد دخلت طوعاً وبإرادة كاملة في عقد مقاولة مع الولايات المتحدة تقوم الولايات المتحدة بموجبه بإسقاط النظام وإيصال الشلّة إلى دست الحكم ، وتقوم الشلّة بتسديد أجور إنجاز المقاولة بالنفط ، بمسح كل آثار القانون رقم 80 وقانون شركة النفط الوطنية وقانون تأميم عمليات شركات النفط العاملة في العراق . كانت صفقة رابحة لكلا الطرفين . وقد كانت من العجائب أن تتحول شريحة من تلك الشلة بعد إسقاط النظام ضد تنفيذ العقد وهي جزءٌ من الطرفين المتعاقدين ، حيث رفعت شعارات كاذبة بإسم الوطنية مطالبة بمغادرة القوات العسكرية الأمريكية بدون أن تستوفي أجورها المتفق عليها . ولكن هذه الشريحة رغم متاجرتها بالشعارات الوطنية إلاّ أنها مفضوحة لدى الشعب بأنها تمثل قوى الظلام التي لا همّ لها سوى التطفل على قوت الشعب المظلوم ونهب خيراته بدل تطمين الأمن والسلام والحياة الحرة الكريمة له .

إنّ إصدار قانون النفط والغاز في هذه المرحلة بالذات هو بالضبط الوجه الثاني من العملة ، الصفحة الثانية من العقد ، صفحة دفع أجور المقاول الذي نفّذ الصفحة الخاصة به بإزالة النظام السابق وتنصيب من إتفق معهم في سدة الحكم ، فما بقي شيئٌ غير إستيفاء الأجور ، وها نحن نرى خطوات تسريع إنجاز صدور القانون بدون مراعاة الخطوات الدستورية التي تجمع شمل العراقيين في وحدة وطنية شاملة بل التعجيل في خطوات غير ناضجة يظهر آخرها بجلاء في تصريح رئيس الوزراء عندما تفاخر قائلاً أن القانون صودق عليه في مجلس الوزراء بالإجماع بينما الشعب والقوى السياسية تعرف أن وزراء جبهة التوافق والكتلة الصدرية قد قاطعوا إجتماعات مجلس الوزراء وإنسحبوا منه . فأي إجماع يمكن الكلام عنه ياترى ؟



#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)       Yelimaz_Jawid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خَبَرٌ وتَعليق
- إلى قادة حزب الدعوة
- رسالةٌ على المكشوف
- آخرُ الدواءِ الكيّ
- دورُ الحركات الدينية بعد الحركات القومية
- الإستعمار بين الديمقراطي والجمهوري
- عقوبةُ الإعدام
- رثاءٌ وعزاءٌ
- كُحلة لعيونكم
- الذكرى الرابعة
- اليوم والبارحة
- نداءان
- لتعش ذكرى الحادي عشر من آذار
- نمور ورقية
- ! ! . . . مبدأ التوافق
- مبادئُ الإنسانيةِ أوّلاً
- الكَذب .. والإفلاسُ السياسي
- الأسوَدُ والأبيضُ فَحَسب
- صدّامٌ ... أشهر شخصية في العالم
- البحثُ عن الشرعيّة


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ييلماز جاويد - ألغازُ نِفطِ العراق