الآلهة التي دمَّرت مصر (2/2)


ياسين المصري
الحوار المتمدن - العدد: 7700 - 2023 / 8 / 11 - 20:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

دائما عندما تفرض نفسها منظومة سياسية غير عادية على المجتمع في دولة ما، ويجري ترتيبها وتنظيمها والدفاع المستميت والمميت عنها، لا تنهي إلا بكارثة أو بمعجزة، إذ تزرع بذور الخوف منها المجتمع، مما يجعل أعداد غفيرة من المواطنين ينضوون تحت لوائها، فتبدو للمواطن العادي وكانها فريدة من نوعها، وهي الوحيدة التي ستنقذه من معاناة الحياة، وتختفي في نظره آفاق البدائل، حدث ذلك مع الفاشية في إيطاليا والنازية في ألمانيا والشيوعية في الاتحاد السوفيتي وغيرها. وأثناء استمرارها في التطور والنمو يصعد إلى قمتها قادة أكثر كفاءة في في السيطرة عليها، وأكثر شدة في استعمال العنف دفاعًا عن مكتسباتها.
كان المصريون ومازالوا على إدراك تام بالخراب الذي أحدثتة المنظومة الفاشية العسكرية في البلاد التي وضع أساسها البكباشي المهزوم. هناك نكتة شاعت في أيامه ضمن النكت الشائعة، تقول إنه حكي للمشير عامر أنه حلم الليلة الماضية: كان يجلس على ربوة عالية وبجواره كلبان أحدهما على يمينه والآخر على يساره، فقال له المشير إن الحلم يفسر نفسه وهو: إنك خربتها وقعدت على تلَّها يا كلب يا ابن الكلب.
منظومة الخراب هذه، مازالت تحكم مصر منذ ما يربو على 70 عاما، وتمكنت من هدم الطبقة الوسطى في المجتمع وتفريغ وتجريف الساحة السياسية تمامًا من جميع القوى الحزبية والنقابية والطبقية والاجتماعية. وأفضى تطورها التاريخي خلال هذا الزمن الطويل إلى اعتلاء قمتها الإله الحالي (الجنرال عبد الفتاح السيسي)، وهو إله شرير ومخادع، ليواصل مسيرتها ويتقن أساليبها ويحافظ على مصالحا الخاصة وينمي مكتسباتها على حساب الشعب.
وعقب اغتصابه السلطة في البلاد، جمعه لقاء مع إحد المذيعين المشهورين وزميلة له، وسألته ضمن أسئلتهما:
• إمتى المواطن يشعر ببعض التحسن في حياته سواء صحة أو تعليم أو حياته، حياته؟
• سنتين
• سنتين؟!
• آه طبعًا!
• دا معدل سريع؟!
• آه إنشاء الله، آه إنشاء الله
هذه الوعود الكاذبة اراحت الأغلبية العظمى من الشعب، ولم يفكر أحد أنه شرير ومخادع، ويحمل نوايا في غاية السوء. وكما فعل أسلافه السابقين، حرص على الظهور في وسائل الإعلام لآخر مرة بزي الجنرال، أمام الشعب وكأنه (السوبر مان)، تعلوه النجوم اللامعة والرتب والنياشين البرَّاقة، التي لا أساس لها، ولكنها ضرورية. ومن خلف نظارته السوداء راح يستجدي الشعب البائس ويطلب منه إعطاءه تفويضا للتصدي للإرهاب (المحتمل). لم يدرك أحد باستثناء القليلين العارفين ببواطن الأمور في المجتمع أن كلمة (المحتمل) هذه، تكشف عن نواياه الشريرة، وأنه بصدد صناعة إرهاب بشكل ما، ليستغله في سياساته المختلفة، وبعد سنتين من حكمه (نوفمبر 2016) جلس في أحد مؤتمراته مع سيدة من بسطاء الشعب هي “منى جبر” الشهيرة اعلاميا بلقب “سيدة البضائع“، وقالت له ببراءة فطرية : “ربنا يِدِّيك على قَدِّ نيتك”، ومع أنها مقولة شائعة، ولا تحمل مضمونا عدائيا، إلا انها تسببت في ”خلخلة“ ميزانه النفسي، وأظهرت أن نيته لم تكن سليمة، فاعترض عليها، وهو يخفي امتعاضه وراء ضحكته الصاخبة المعهودة.
وعندما خرج على الرئيس المدني المتأسلم، وتنكر له، تلقفه أحد دجاجلة الأزهر (الغير شريف بالمرة)، هو الدكتور سعد الدين الهلالي، ليقول: « ما كان لأحد من المصريين أن يتخيَّل أن هؤلاء من رسل الله عز وجل ولا يعلم جهود ربك إلا هو، خرج السيسي ومحمد إبراهيم».
إذن السيسي والسفاح وزير خارجيته من ”رسل الله“، مع أن الله قال في القران: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (الأحزاب 40)، إي أنه لا رسل ولا أنبياء من بعد محمد الذي يقتات الشيخ من الترويج له والدفاع عنه. بالطبع هذا الكلام المخادع يفرح الآلهة الجديدة على أساس أنه قربان يقدمه الهلالي لها، ولكنه لا يشبع غرورها، فهي آلهة شديدة السوء، تتسم بجنون العظمة والنرجسية المفرطة والبارانويا المدمرة (ذكرنا ذلك تفصيلا في مقالات سابقة).
***
لقد أمكن لهذا الإله الشرير المخادع أنَّ يعي الدرس من الأحداث التاريخية السابقة، فأوجد في نفسه هاجس لا يفارقه أبدًا، هو هاجس الخوف، رغم قوله: « هو إنتو فاكرين لما تكلموني بالباطل ح تخوفوني ولا إيه، لا أنا اعمل واعمل واعمل»، وهو يعمل ويعمل ما يشاء وأعماقه يملأها الخوف من انقلاب العسكر (الجيش أساسًا) عليه والخوف من انتفاضة الشعب ضده، وفي نفس الوقت وفي خضم الخوف، يدرك تمامًا أن قدراته النفسية والعلمية لا تؤهله لأي منافسة شريفة على المنصب، في جو من الحرية العامة والخاصة، ويعرف حق المعرفة أن ما يحدد بقاءه في السلطة ليس أصوات المواطنين الذين يحق لهم التصويت في صناديق الاقتراع، وإنما دعم العسكر الذين أوصلوه إلى السلطة، ولا يصوتون في تلك الصناديق، بل يحتكرون صناديق الأسلحة والذخائر، فكان عليه إيجاد معادلة سهلة يفهمها كل عسكري، للسيطرة المباشرة والكاملة على البلاد ويتعامل مع ما ومن عليها كما لو كانت مزرعة دواجن خاصة له ولأسرته.
ولكي يعالج الخوف من العسكر، يجب أن يبقى هو الداعم والمانح والواهب الوحيد لهم، وأن يتخذ موقفًا حادا تجاه أي عسكري ينافسه في ذلك، حتى وإن كانت له شعبية كبيرة (الفريق سامي عنان والفريق احمد شفيق مثالا)، وأن يُقيل كل رفقائه في المجلس العسكري من مناصبهم الهامة، ويرسلهم إلى بيوتهم أو إلى أماكن تبعدهم عن الاتصال بصغار الضباط.
كانت حماية رئيس الدولة من مهمة سلاح الحرس الجمهوري، ولكن كما هو معروف، رفض هذا السلاح تقديم الحماية لمبارك من الانتفاضة الشعبية، بإيعاز من المجلس العسكري، ثم انقلب فيما بعد على الرئيس المدني المتأسلم وألقى القبض عليه وإودعه السجن حتى مات. لذلك عكف خلال الستة أشهر الأخيرة التي قضاها وزيرًا للدفاع على تشكيل جيش خاص موازي للجيش المصري المعتاد، يختار قياداته وضباطه على أساس الانتماء له بعيدا عن البيروقراطية العسكرية، والهيمنة الدستورية، لحمايته وحماية أسرته في حال حدوث انقلاب عليه. أطلق عليه اسم قوات التدخل السريع، وتم تسليحها بأحدث المعدات والذخائر التي لا يملك الكثير منها الجيش المصري نفسه. وفي نفس الوقت راح يغدق الأموال والعطايا والألقاب والمزايا المادية الأخرى لكل من يرتدي حلة عسكرية، ولكن إذا كان كل من يرتدي حلة عسكرية يقف بكامل قوته مع قيادته خلف هذا الإله الشرير، فماذا يضمن له أن يستمر هذا الدعم دون نقصان أو تغيير، وماذا يضمن له أن يصل هذا الدعم إلى ضباط الصفوف الدنيا والجنود المساكين؟ لأجل ذلك اتخذ خطوات لضمان استمرار دعمهم له، فأنشاء لهم جمهويتهم الخاصة تعزلهم اقتصاديا عن الشعب وتحظى بقوانينهم الخاصة ومحاكمهم الخاصة ومستشفياتهم وأماكن سكنهم وترفيهم وحياتهم الخاصة، وسخَّر لهم الجنود الذين ياتون من مدن وقرى مصر للعمل لديهم وفي المشروعات التي تدر مليارات الجنيهات على جنرالات الجيش وحدهم. بخلاف الزيادات المباشرة للبدلات والمرتبات التي وصلت إلى 15 زيادة خلال بضع سنوات في ظل تسريح الموظفين الحكوميين وتقليل من مستحقاتهم، في المحصلة المسلحون حوله يزدادون غنىً في الوقت الذي ينزل فيه مصريون جدد يوميا تحت خط الفقر بسبب سياسة "هتدفع يعني هتدفع" المطبقة على المدنيين العزل دون غيرهم.
راجه الكتيب التالي، وهو دراسة علمية واقعية لجمهورية الضباط في مصر:
https://www.noor-book.com/كتاب-فوق-الدولة-جمهورية-الضباط-في-مصر-pdf
***
إلى الآن تمكن الإله الحالي من استعمال الجزرة مع العسكر، واستعمال العصا مع الشعب، وهو الطرف الثاني الذي يخاف من انقلابه عليه والانتفاضة ضده. العصا التي يستعملها ضد الشعب ليست عصًا خشبية، بل حديدية غليظة وثقيلة، لا يقوى على حملها سوى الذي يوالونه ويطيعونه طاعة حمقاء، وهم في الغالب الأعم وزارة الداخلية والقضاء والبرلمان ووسائل الإعلام المختلفة. وبحكم تربيتها النفسية والعملية، لا يقبل قط أن يعترض عليه أحد، ولا تهدأ نفسه قط مالم تنفذ أوامرها بلا تردد أو تباطؤ. الطاعة هي المبدأ الوحيد الذي يفهمه. رغم قراءتنا للدكتور الراحل فؤاد زكريا في كتابه “خطاب إلى العقل العربي“، الذي صدر لأول مرة في عام 1987، قوله:« إذا كانت هناك أسباب معنوية لتخلفنا وتراجعنا واستسلامنا أمام التحديات، فإن الطاعة تأتي على رأس هذه الأسباب.
إنها بغير تحفظ رذيلتنا الأولى، وفيها تتبلور سائر عيوبنا ونقائصنا. إنك حين تطيع لا تكون ذاتك، بل تمحو فرديتك وتستسلم لغيرك». كتاب خطاب إلى العقل العربي، مؤسسة هنداوي المملكة المتحدة 2918 ص 67.
وضع الجيش تحت رحمته ورهن إشارته ليطلقه ضد الشعب في اللحضات الفارقة. نراه يكشف أثناء افتتاح ”بشاير الخير“ الإسكاني في منطقة "غيط العنب" العشوائية بالإسكندرية في 26 ديسمبر 2018، عن خطة موضوعة لنشر الجيش حتى القرى والنجوع في مصر خلال 6 ساعات فقط. فاندفع الحاضرون إلى التصفيق الحار، وسارع رؤساء تحرير الصحف الى الاحتفاء بخطته، والثناء عليها.
وفي عام 1995، كتب الروائي المصري خيري شلبي: "قُدر لي أن أشهد تجربة لا أنساها ما حييت؛ تلك هي عملية إنشاء طريق الأوتوستراد، فكانت البلدوزرات تشق قلب المقابر في قسوة جهنمية بشعة، بمحاريث تغوص في قلب التربة فترمي بعظام الموتى على الجانبين، لكي يجيء وابور الزلط فيدوس الأرض يبططها".
و"الأوتوستراد" أحد أكبر طرق القاهرة. لكن الدكتورة داليا وهدان أستاذة بالجامعة الأميركية في القاهرة تؤكد لوكالة ”فرانس برس“ أن ما حدث في عام 1995 اقتصر على إزالة "جزء صغير، ولم يكن بالقسوة التي نراها اليوم". وقالت:« إن السلطات ”أسست شرعيتها“ على المشروعات الكبرى ”لإبهار الناس بحركة بناء كثيفة وسريعة“، ومن ثم، منذ 2020، أزيلت آلاف القبور في جبانة القاهرة التاريخية، وتُعَدّ الأقدم في العالم الإسلامي، حتى إن اليونسكو أدرجتها على قائمتها للتراث العالمي».
https://www.alaraby.co.uk/economy/سياسة-البلدوزر-مشروعات-السيسي-تدكّ-الأحياء-والأموات-في-القاهرة
***
السؤال الآن: لماذا يبقى الأوباش متألهون في وجدان المصريين رغم كل هذا؟
الإجابة بمنتهى البساطة هي: لأن المصريين مقهورون باستمرار، وأن المنظومة التدميرية للآلهة الأوباش لم تحدث في عهد واحد، ولكنها اتخذت مسارا تصاعديا من عهد إلى آخر، الأمر الذي يؤكد صحة أن الوبش السابق كان أفضل من اللاحق. وقد تطرق إلى هذا ستيفن كوك، كبير الزملاء المتخصصين في أمور السياسة العربية وسياسات أمريكا تجاه الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك، حيث نشر في مجلة "فورين بوليسي" بتاريخ 19,12,2018، مقالا تحت عنوان "السيسي ليس مبارك بل هو أسوأ بكثير"، ويقول فيه إن « السيسي يواجه في الحس الأساسي أزمة في السلطة، وهو غير قادر على استخدام السلطة، ويحل أنصاره المشكلة من خلال منحه سلطة أوسع». 
 ويجد كوك أن القمع في مصر مستمر منذ عهد عبد الناصر، ويبين أن « الفرق التحليلي بين حكم السيسي والفترات التي سبقته هو مستوى القمع الذي استخدمته الدولة ضد الشعب، ولم يحصل السيسي على ولاء المصريين؛ نظرا لعدم تقديمه رؤية إيجابية، وعدم الوفاء بما وعد، ولهذا السبب أجبر الرئيس ومن معه للاعتماد على الاعتقالات والعنف، وحتى القتل، لتركيع المصريين أمام إرادتهم».
ويؤكد كوك على أنه "كان هناك قمع رهيب في ظل ناصر والسادات ومبارك، لكنه لم يكن مثل القمع المستدام الذي يميز فترة السيسي، ويدافع أنصاره عنه، بالزعم من أنه يقوم بحماية البلاد من الإخوان المسلمين والمتطرفين، إلا أن الرئيس وقواته الأمنية استهدفوا غيرهم، ولهذا فمصر السيسي في قمعها للطلاب والصحفيين والناشطين والأجانب، بالإضافة إلى الإخوان المسلمين، لا تختلف عن مصر في العهود السابقة، والفرق هو في المستوى، وكما لاحظ أحد المعارضين ساخرا، فإن (السيسي هو مبارك لكنه يأخذ المنشطات)". 
https://foreignpolicy.com/2018/12/19/sisi-isnt-mubarak-hes-much-worse/
وفي مقال حديث لكوك بتاريخ 9,8,2023، تحت عنوان: كيف دمَّر السيسي مصر؟ استقرت قناعته على أن السيسي هو الأسوأ في تاريخ مصر، وكتب يقول: « طوال معظم صيف 2013، كانت مصر بكاملها في قبضة ما يمكن وصفه بـ "هوس السيسي". أشادت الأغاني والشطائر ومقاطع الفيديو الموسيقية والقصائد وحتى ملابس النوم بعبد الفتاح السيسي، الضابط العسكري الذي أطاح للتو بالرئيس محمد مرسي.
من الخارج ، كان مشهدًا غريبًا حيث ابتهج ملايين المصريين بالتدخل العسكري القاسي والوحشي ضد جماعة الإخوان المسلمين الذين أصبحوا رئيسًا فقط قبل عام واحد، في يونيو 2012. حتى من يسمى بالثوار ومنتقدي مصر القدامى بدا أن النظام السياسي الاستبدادي يعشق بصدق القائد العسكري الضئيل الذي وعدهم ببداية جديدة بعد 18 شهرًا صاخبة بدأت بالانتفاضة ضد الزعيم القديم حسني مبارك في أواخر يناير 2011.
مع سجن مرسي ومقتل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أو اعتقالهم أو هروبهم، وعد السيسي المصريين بأيام أفضل، رغم أنه حذر مواطنيه من عدم التحلي بالصبر. … لكن بعد عقد من الزمان ، لم يكافئ السيسي المصريين على صبرهم. على العكس تمامًا: الرجل الذي كان من المفترض أن ينقذ مصر يشرف الآن على خرابها».
وواصل كوك استعراضه لمظاهر الخراب التي على على مصر بسبب تصرفات السيسي الحمقاء وسياساته البلهاء، واستطرد قائلا:
« لطالما أكد السيسي على أن المحن الاقتصادية في البلاد هي نتيجة قضايا خارجة عن إرادته، لا سيما جائحة COVID-19 وغزو روسيا لأوكرانيا. لا شك في أن هذه الأزمات خلقت تحديات اقتصادية كبيرة واجهت البلدان - بما في ذلك الولايات المتحدة - صعوبة في إدارتها. ومع ذلك، من الواضح أن حجج السيسي هذه، ما هي سوى استراتيجية خطابية للتقليل من مسؤوليته في المزيد من الفقر المدقع في مصر».
https://foreignpolicy.com/2023/08/09/egypt-economy-debt-imf-sisi-mega-projects/
بعد عشر سنوات من حكمه وبمساعدة أنصاف الآلهة من حوله، وبعدما شقت بلدوزراته قلب مقابر الأموات وأمعنت دون هوادة في شق قلب مقابر الأحياء، يمكن إيجاز النتائج على النحو التالي:
• هدم القيم في المجتمع، وتسفيه المبادئ، والحط من الأخلاق، وتزييف الوعي، وإفقار النفوس،...
• احتقار الشعب بكامله، والغدر بالمواطنين الشرفاء وبأقرب الناس إليه، تلميع الحقراء، وتقنين البلطجة، وصناعة نماذج بطولية من القوادين والسفلة ..
• تهميش القانون، واللعب بالدستور، وتسليع الإعلام، ومحاربة الموهوبين، وتصعيد الجهلاء، والتضييق على الشرفاء، وطرد العلماء، وتجهيل الناس، ومحو التاريخ ..
• السخرية من الشرف، وتغليب الفهلوة، واجتباء الفاشلين، وتخريب التعليم، ونشر الفساد في ربوع الوطن ..
• تدمير بنيان الإنسان، وقتل الضمير، وتحويل الشرف لسلعة تباع وتشترى، واتخاذ العُهر طريقًا للوصول، واتخاذ الفاسدين مَثَلا أعلى للنجاح، وتكريم اللصوص والقتلة، وتقدير الطغاة وتركيع الرجال، وتسليم المناصب لأكثرهم قدرة على تخريب الوطن ..
• إغتيال الماضي والحاضر والمستقبل، وطمس التاريخ، وتبرير التفريط في الأرض، وبيع آثار الأجداد، وتشويه العظماء والعلماء، وتسفيه القيمة والجودة، وتعظيم ونشر السفه والبذاءة، وفتح المجال ليسود الضعف والرخص والابتذال في جميع مناحي الحياة ...
***
هذا الإله مشبع بفكرة أسلافه في أن الآلهة لا تتخلى عن أماكنها إلا بالموت المفاجئ أو بالاغتيال أو بانتفاضة شعبية عارمة:
« بس خلو بالكو مش ح سيبكو مش ح سيبكو»
« العمر بتاع ربنا والمكان اللي أنا فيه ده بتاع ربنا لما يقوللي ياللا هـ أعظَّم وامشي، هيه»!
من الواضح أنه لن يتخلى عن مكان ربه إلا بأمر ربه وبعد تعظيمه (تصرف عسكري)، لن يحدث ذلك إلا بكارثة أو بمعجزة ما زالتا في علم الغيب.