أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ادهم ابراهيم - السلام بالقوة وهم خطير














المزيد.....

السلام بالقوة وهم خطير


ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)


الحوار المتمدن-العدد: 8505 - 2025 / 10 / 24 - 15:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


 السلام بالقوة.. وهم خطير

بعد سنتين من الحرب المدمّرة التي شنّتها إسرائيل على غزة والضفة الغربية، يبدو واضحًا أنّ النصر الذي كان يطمح إليه نتنياهو لم يتحقق، بل ازدادت أزماته الداخلية تعقيدًا، فحاول الهروب إلى الأمام عبر تصعيد عسكري لا طائل منه سوى المزيد من الدماء والدمار.

في هذا السياق، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في خطابه حول وقف إطلاق النار في غزة أنّه "سيواصل الترويج للسلام عبر القوة"، وهي عبارة تفتح بابًا واسعًا من الأسئلة حول إمكانيّة فرض السلام عنوة، وكأنّ السلاح والعنف يمكن أن يخلقا تفاهمًا أو يقيمَا عدلًا.

لقد أثبت التاريخ الحديث أنّ القوة لم تَجلب سلامًا حقيقيًا في أي مكان: لا في فيتنام، ولا في أفغانستان، ولا في العراق، ولا في سوريا أو ليبيا أو اليمن. جميعها محاولات فاشلة لفرض واقع سياسي بالقهر العسكري، سرعان ما انهار بمجرد زوال الضغط، تاركًا وراءه فوضى ودمارًا وبذورًا لصراعاتٍ جديدة.

الولايات المتحدة وإسرائيل دأبتا على بيع الأوهام باسم "السلام"، وتقديم حلول شكلية مثل "اتفاقيات إبراهام" المثيرة للجدل . غير أنّ هذه الأوهام سقطت أمام واقع الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، واحتلالها أراضٍ سورية، وتهديدها المستمر للبنان، ورفضها القاطع لأي حل يقوم على "حل الدولتين"، بل وانغماس بعض قادتها في استحضار روايات دينية توسعية عن "إسرائيل الكبرى" الممتدة من النيل إلى الفرات.

إنّ فرض السلام بالقوة لا يؤدي إلى استقرار حقيقي، بل إلى نظامٍ مصطنعٍ هشّ، يُجمّد الصراع مؤقتًا لكنه يزرع بذور الكراهية والانتقام. فالقوة قد تُسكت بعض الأصوات، لكنها لا تُطفئ الغضب الكامن في النفوس، ولا تُقيم عدلًا. وهكذا يصبح ما يُسمّى "سلامًا" مجرّد قناعٍ لتكريس التسلّط، ومسرحًا يتنمّر فيه الأقوياء على الضعفاء بدلًا من أن يُعزز التفاهم والمصالحة.

لقد تحوّلت إسرائيل، بسياساتها العدوانية الأخيرة، إلى بؤرة خطيرة تهدد استقرار المنطقة ومستقبلها . صور المقابر الجماعية، والأطفال المحترقين تحت الأنقاض، وطوابير النازحين، ومشاهد التهجير القسري، كلّها كشفت زيف الادعاءات بأنّ القوة يمكن أن تصنع سلامًا.
يقول المثل الشائع : " انك تستطيع ان تقود الحصان إلى النهر، ولكنك لا تستطيع أجباره على ان يشرب."

فالسلام الحقيقي لا يُفرض، بل يُبنى على العدالة والاحترام المتبادل. أمّا الادعاء بأنّ السلام يمكن أن يُفرض على العرب بالقوة فهو انعكاس لنظرة استعلائية معادية، تنكر حقوق الشعوب وتتجاوز سيادتها .

وقد عبّر الاتحاد الأوروبي عن هذا الموقف بوضوح، إذ أكّد ممثلوه أنّ "السلام لا يمكن فرضه بالوسائل العسكرية، بل يجب أن يكون نتيجةً للمفاوضات". وأعربت إسبانيا ودول أوروبية أخرى عن أسفها الشديد لما خلّفته الحرب من ضحايا أبرياء ودمارٍ للبنية التحتية، مشددة على ضرورة إطلاق عملية سلام حقيقية برعاية الأمم المتحدة والدول العربية الفاعلة.

ستبقى ذاكرة الإنسانية طويلًا تحمل ما جرى في غزة كوصمة عارٍ على جبين من استخدموا "السلام" ذريعةً للكراهية واللاإنسانية. فالقوة لا تُنتج إلا عنفًا جديدًا . وكما قال ألبرت أينشتاين: "لا يمكن فرض السلام بالقوة، وإنما يتحقق فقط من خلال التفاهم المتبادل."

إنّ فكرة "السلام بالقوة" التي يروّج لها ترامب ونتنياهو ليست سوى قناعٍ جديدٍ للحرب، إذ يُستخدم شعار "السلام" لتبرير استمرار الصراع، لا لإنهائه. فإجبار الآخرين على التصالح ليس سلامًا، بل إكراهٌ وإلغاءٌ للحرية والإرادة.

السلام الحقيقي في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا عبر استئناف المفاوضات الجادة على أساس حلّ الدولتين، وضمن إطارٍ قانوني يحفظ الحقوق والسيادة، ويستند إلى قرارات الشرعية الدولية. وعلى العرب أن يتحركوا بجدية على الساحة الدولية، ويضغطوا عبر الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية لفرض مسار سلام عادل وملزم.

فالسلام الذي يُباع دون عدالةٍ أو كرامةٍ ليس سلامًا، بل خدعة سياسية تُجمّل وجه الاحتلال وتُكرّس الظلم. وكما قال الشاعر العربي:
لا تأمننَّ قوماً ظلمتهمُ وبدأتَهمُ بالشتمِ والرَّغمِ .
أدهم إبراهيم 



#ادهم_ابراهيم (هاشتاغ)       Adham_Ibraheem#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة
- قراءة في خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة
- تداعيات العقوبات الدولية تجاه إيران وأثرها على العراق
- الطبقة الوسطى بيضة القبان في العراق
- شرق أوسط جديد صراع القوى وفراغ الرؤية العربية
- إسرائيل على منحدر العزلة
- الفقر يدفع الشباب العراقي إلى أتون الحرب الروسية الأوكرانية
- الذكاء الاصطناعي قوة حضارية أم اداة للهيمنة الرقمية
- قانون الحشد الشعبي. . حجر الزاوية لمستقبل النظام في العراق
- قراة في التغول الإسرائيلي
- الطائفية السياسية ودكتاتورية الأغلبية
- الشرق الأوسط من يرسم خرائطه
- شرعية مجلس النواب العراقي في ظل هيمنة الأحزاب المسلحة
- سيناريو المواجهة ومستقبل النظام الإيراني
- اشكالية استقلال القضاء في العراق. .
- المشهد الانتخابي في العراق. . أزمة ثقة وتكرار الفشل
- فشل القمة العربية في بغداد وتحديات العمل العربي
- المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران. . التداعيات ا ...
- الصراع في اليمن.. حينما تعجز البنادق عن صناعة السلام
- جذور أزمة الميليشيات العراقية


المزيد.....




- المؤثرون وحراك -جيل زد- .. تحولات في الإعلام المغربي
- متحف اللوفر ينقل بعضا من أثمن مجوهراته إلى بنك فرنسا عقب سرق ...
- إسرائيل تؤجّل النظر بدخول الصحفيين الأجانب لغزة للمرة السابع ...
- قتيل ومصاب في غارة إسرائيلية على سيارة جنوبي لبنان
- متحف اللوفر ينقل مجوهرات إلى بنك فرنسا بعد عملية السرقة
- غوتيريش: 90% من جرائم قتل الصحفيين لم تُحل وغزة المكان الأكث ...
- -بيل 505? و-كاراكال- مروحيات أميركية وفرنسية لتطوير سلاح الج ...
- أمريكا: كامالا هاريس تلمح إلى احتمال ترشحها للرئاسة مرة أخرى ...
- في موسم قطافه: زيتون الضفة الغربية ينزف تحت ضربات المستوطنين ...
- هل انتهى دور جامعة الدول العربية؟ 


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ادهم ابراهيم - السلام بالقوة وهم خطير