أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - سوريالية الزمن العراقي الحزين














المزيد.....

سوريالية الزمن العراقي الحزين


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 4584 - 2014 / 9 / 24 - 06:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما الذي أمات روح التضامن الانساني لدى الفرد العراقي؛ وما الذي نحتاج اليه لقطع دابر الهلاك الجماعي للعراقيين في محارقهم المتفاقمة؟! لن نتحدث عن أمجاد غابرة يتحدث بها مولعون بمدونات التاريخ، و أساطيره، فتلك امور ليس لها علاقة بسعينا لتكريس انماط الحياة الاجتماعية التي نسعى اليها.

ان تجارب شعوب العالم، تبين لنا مقدار اتساع الهوة الكبيرة التي وقعنا فيها، وعجزنا عن تحقيق ابسط متطلبات الحياة الضرورية، فاختراع العراقيين القدماء للعجلة بحسب ما يقول المؤرخون؛ لم تنفع في ايصالنا الى الحاضر الذي نتمكن فيه من صناعة عجلة جديدة، بل بتنا نستوردها وعلى نطاق واسع من الصين .. اما مسلة حمورابي، التي قالوا انها تحفل بتشريعات العدالة؛ فحققت لنا العدالة في الموت، الذي اصبح يطال العراقيين صغارهم وكبارهم، رجالهم ونساءهم، أخيارهم و أشرارهم؛ وهكذا وقعنا في الالتباس العظيم و أصبحنا غير قادرين على الخروج من أسره، فتماهى الجميع مع الموت الذي يبدو ألا فكاك من سطوته!

سبقتنا شعوب أخر، كانت اكثر وحشية من أسلافنا، وسرعان ما ارتقت الى التحضر وافتتحت دروب السعادة في ظرف قرن او قرنين من الزمن، اما نحن فتراجعنا الى اطوار بدائية تحفل بالانتقام والتربص بالآخر، والغدر به والتجسس عليه؛ بل والفتك به بوحشية يندر ان تجد لها مثيلا .. فما السر في تمكن الهلاك منا؟!

قبل سنة 1066ميلادية كانت ما تسمى بشعوب الفايكينغ "التي تعني القرصان في اللغات الإسكندنافية القديمة"، الذين تشملهم الدول الاسكندنافية، وهي السويد والدنمارك والنرويج وآيسلندا، يعرفون بطبعهم السيئ وطبيعتهم الوحشية بحسب المصادر التاريخية؛ و كانوا يغزون الدول المحيطة بكل همجية، ولكنهم سرعان ما استقروا في الأراضي التي هاجموها، وبسبب اهتمامهم بالتجارة، بحسب ما يذكر المؤرخون شجع «الفايكنغ» النمو الحضاري، وأسسوا العديد من المدنِ والبلدات، مثل يورك في إنجلترا، ودبلن في أيرلندة، التي ظَهرت كمراكز تجارية بارزة.

وها نحن نرى احفاد هؤلاء المعاصرين في تلك الدول يمتلكون ارقى الفنون والآداب و المنجزات العلمية، بل ان طبائعهم النفسية والاجتماعية، قد ارتقت الى درجات عليا من الرفعة والسمو يحلم بها أي شعب يطمح لنيل السعادة والحبور في دنياه المعاصرة.

فكيف ارتقى هؤلاء سلم الانسانية، وتغلبوا على وحشيتهم وقسوتهم، في تلك المدة القصيرة من التاريخ، في حين رجعنا نحن القهقرى؛ لننشئ مدناً بائسة تحفل بقاطعي الرؤوس والقتلة والمجرمين، وتزخر بمظاهر الكره والقسوة والحقد وانعدام الشعور الانساني؟! بل ما معنى ان نتحدث عن منجزات السومريين والفراعنة، وغيرهم من الذين يفاخر البعض بالقول اننا احفادهم؛ اذا كان نتاج ذلك التاريخ، ضروباً من انعدام الضمير والقتل الجماعي والتهجير على نطاق واسع، ومحاولة فرض الرأي على الآخر، حتى اذا تطلب ذلك قتله بدعاوى تنفيذ قيم ما انزل الله بها من سلطان!

ان الادعاء بالفضائل والتميز، والتاريخ الوضاء، لن ينفع في بناء حياة معاصرة قويمة، وفي هذا يقول الفيلسوف و الشاعر ألالماني نيتشه «التوق الى السيادة.. تحت نظرهِ يزحف الإنسان ويركع وينحني ويخفض جناح الذُلّ.. ويغدو أحطّ من ثُعبان أو خنزير؛ الى أن يصعد صراخ الإحتقار الأكبر من داخلهِ بالنهاية ! ..تُعساء اُسمّي كلّ أولئك الذين لا خيارَ لهم سوى هذا الخَيار: أن يغدوا حيوانات شرسة ,أو مُدجني حيوانات شرسين .. أبداً لن أبني لي كوخاً للسكن بين هؤلاء !».

لقد اختصرت الشعوب الحية دروس وعبر التجارب والمحن، و استوعبتها و تعلمت منها جيداً، وادركت ان البقاء في اسار الماضي لن ينفعها، بل يتسبب في كوارث لا نهاية له، لأجيالهم اللاحقة، لذا نرى انهم في سعي حثيث لتكريس حياتهم الانسانية الجديدة، على انقاض الحروب، التي اثارها متوحشوهم ايضا في غفلة من التاريخ، ولكن تلك الشعوب لم تقبل ان تبقى اسيرة لوقائعه، فزمنهم هو غير أزمان التاريخ السابقة؛ ووجدوا ان البقاء في اطار الماضي يتسبب في هلاكهم لا محال، فتساموا عن ذلك وتجاوزوه الى حياتهم الراهنة.

نحن في العراق اصبحنا مثل «بلاع الموس» كما يقول المثل، فلا نحن استطعنا اكمال ابتلاعه، للانتقال الى المرحلة اللاحقة من معالجته، وليس باستطاعتنا دفعه الى الفم خارج البلعوم، وهكذا تأصلت محنتنا وتنامت وتفاقمت، فأصبحت سجايا الكراهية والحقد والقتل اليومي، لصيقة بهذا الزمن العراقي الحزين؛ الى الحد الذي احتار فيه الناس الى أي وجهة يتجهون، والى أي ملاذ يعتزلون؛ فزادت اعداد الموتى والنازحين والمهاجرين الى بلدان اخرى، واصبح الناس في حيرة من أمرهم، متى يأتي الخلاص.. وكيف؟ و بين هذا وذاك يتواصل الموت اليومي والخراب وغياب معالم الحياة الجميلة.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لجان مجلس النواب المتكاثرة قرينة الإخفاق
- متوالية الموت العراقي.. هل من نهاية؟
- الوزراء الجدد ..العبرة فقط في النتائج
- وزارة العبادي.. مخاض عسير وتنافس ضار
- دماء سبايكر ومساعي إخفاء دلائل الجريمة
- المطلوب وزراء مستقلون مختصون
- فضائح مسؤولينا وحنكة الآخرين
- -ماراثون- الموازنة..لا نقطة شروع و لا خط نهاية
- في سبيل 10 وزارات فقط
- تسويق وجوه عتيقة فاشلة
- صراع الحقائب الوزارية يعيدنا الى نقطة الصفر
- اضطراب السياسة العراقية و تواصل الأمل بالتغيير
- هل العبادي.. أمل جديد؟
- شوط الرئاسات العراقية يبدأ بالتعطيل فهل ينتهي؟
- العقدة العراقية والحل التونسي
- مقدمات الانهيار .. في صلب العملية السياسية
- عودة مظاهر الاستبداد
- الصدامية الخامسة الالكترونية.. تحقير مبتكر لكرامة الناس
- احتضار الدولة الدينية
- العراق .. مقبرة للأحياء .. و بلد في طريق الهلاك


المزيد.....




- قد تعرض حياتك للخطر.. كيف تتفادى الاصطدام بغزال شارد في أمري ...
- نواب ديمقراطيون يطالبون بالضغط على إسرائيل لزيادة مساعدات غز ...
- تعزيز الإجراءات الأمنية في القدس قبل انبثاق النار المقدسة
- سياسي فرنسي يحذر من تداعيات إرسال قوات من بلاده إلى أوكرانيا ...
- الجيش الأوكراني يشتكي من الحالة التقنية السيئة لراجمات الصوا ...
- ابتكار -بلاستيك حي- يحتوي على جراثيم تمكنه من التحلل
- طبيبة توضح فوائد وأضرار القهوة الصباحية
- وفد حماس ومدير CIA يصلان إلى القاهرة في إطار مفاوضات غزة
- رئيس لاوس يزور روسيا للمشاركة في احتفالات عيد النصر يوم 9 ما ...
- الدبلوماسية الأمريكية هالة هاريت تكشف دوافع استقالتها من وزا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - سوريالية الزمن العراقي الحزين