أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم البهرزي - الكوليرا في زمن الحب ....الكوليرا في زمن الكراهية














المزيد.....

الكوليرا في زمن الحب ....الكوليرا في زمن الكراهية


ابراهيم البهرزي

الحوار المتمدن-العدد: 2049 - 2007 / 9 / 25 - 12:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان العراقيون قد نسوا وباء الكوليرا ,الكبار منهم (ربما الذين قد تجاوزوا الخمسين) يتذكرون اطياف تلك السنوات التي كان يسود فيها الهلع لاقتراب طوطم الهيضة (او ابو زوعة على الاكثر شيوعا) وكان اخر مرور له بشكل وبائي ربما في منتصف عقد الستينات ,مما يلوح في الذاكرة انباء عن (حجر)عائلة فلان او علان ,وكان لوقع كلمة (الحجر)ايامذاك اثرا كريها يثير ذكرى كلمة(الاعتقال)التي راجت قبلها بقليل (كم هو القليل في حساب ذاكرة الطفولة؟اياما؟شهورا؟ سنينا؟ لا ادري..) فنفس المشهد يستعاد ,في النسخة الاولى تاتي سيارة جيب وتاخذجارنا المعلم الى حيث لا ادري وسط عويل ابنائه وبناته,اما في النسخة الثانية فتاتي سيارة بيضاء وتاخذ عائلة باكملها وسط صريخ الجيران والاقارب ,وفي الحالين ثمة من يحذر من الاقتراب من هاتين العائلتين علنا ,والتعاطف معهما سرا ,ويدوخ الطفل الصغير الذي لا يعرف الا وجها واحدا للمحبة او الكراهية ..ايكره هؤلاء (الموبوئين) ام يحبهم ..ايدنو من اطفالهم ام يبتعد عنهم؟!!!
ما يعلق في الذاكرة ذلك الحذر الشديد من الاشياء (الماء خصوصا ...وهو ماء النهر لا سواه)يغلى الماء مرارا وتكرارا وتضرب الجدة احفادها بقسوة اذا غافلوها وانسرحوا الى النهر ,تضربهم اذا قضموا الفاكهة او الخضار كعادتهم من غصن الشجرة الى الفم دون المرور بدورة الماء الساخن المزعجة والمفسدة لطعم الفاكهة بغبارها اللذيذ,وتضربهم اذا ما لاعبوا الطير (دجاجات المنزل او طيوره الداجنة )ولا اعرف ,لا زلت لا اعرف لماذا,وكان هنالك (بريد)يطوف المدينة الصغيرة ,وغالبا ما يكون احد مجانينها -من الطراز الوديع-يجوب الطرقات ناقلا اخبار (المحجورين)يتبعه حشد من المهولين الذين يميتون ويحيون على هواهم ,وفي المساء حين يلطو الصغار باجناب جداتهم وحيث يجعل الظلام من الوباء شيئا حقيقيا وطوطميا لا هازلا ضاحكا بثياب المجانين كما هو الحال في النهار ,ويعود الكبار من المقاهي ليهمسوا للنسوة: (فلانة )لا زلت الحمى تضرب براسها (وعلانة )قد تجاوزت مرحلة القيء والاسهال ,وينساب الانين البطيء للنسوة (عزا..اوي ..اسم الله ...سخام ..سور سليمان ),,يوم ..يومان ,ثم ينقشع الوباء عن حكايات لا اكثر ..فلا احد مات ...ثم تبتدا الزيارات للتهنئة ويبتدا المجانين الدوارين الذين كان الاصغاء لهم مهيبا ,يفقدون هيبة الرواة ويرجمون بالحجارة..
لم يكن النظام الصحي في العراق انذاك مشابها لنظام الرعاية الصحية في كندا الان,ففي المدينة الصغيرة كلها كان نفس المركز الصحي الذ1ي لم يتغير حتى الان كمكان ..وكان هنالك مضمد واحد لكل القرية يسمونه الطبيب ..جاء علي الطبيب ..راح علي الطبيب ..
كل ما كان موجودا هو ضمير حي لهذا المضمد والفة بين الناس وكانا كاعجوبة سرية تهزم المرض.
كان هذا (الطبيب)كالمكوك يدور بين المنازل و(القسطخانة )الوحيدة الموجودة في المدينة الكبيرة على دراجته الهوائية يحمل حقيبته السوداء ذات الحقن المعدنية ودلو الماء الحار لتعقيمها وهو يطمئن الناس المذعورين بوفرة الدواء وقدرته على حقن كل البلدة ان تطلب الامرذلك (حقا ام تهدئة للروع؟لا ادري..)
وكانت الكوليرا .في ستينيات القرن الماضي ..في ظل رجعية عارف كما يقولون ..وفي تخلف النظام الصحي كما يروجون ..وفي ظل انعدام الخدمات كما يؤرخون ,كانت الكوليرا (تزورنا)وتترك قليلا من المحمومين الذين سرعان ما يستردون عافيتهم بحذاقة ذلك (الطبيب )خريج الدراسة الابتدائية,تزور زورة البرء بعد طول سقام وترحل منسية الا في ضحكات المجانين .
الان
تدخل الكوليرا
تدخل الكوليرا صدفة مع الديمقراطية
تدخل الكوليرا والبلد قانونيا تحت (رعاية)اكبر بلد في كل شيء بما في ذلك مجال الصحة العامة
تدخل الكوليرا من اامن البقاع واكثرها استقرارا واوفرها تطورا صحيا واكثرها زحمة بالاطباء الهاربين اليها من بلد المقتول
تصيب ثلاثة الاف (راس) وتخمط سبعة ارواح (على اقل تقدير ..ومن اين ياتي التقدير اذا كان الخطا اليومي بتعداد القتلى يتجاوز الاصفار على يمين الارقام؟)ثم تقود راياتها الصفر (بحسب توصيف ماركيز )ضاربة في طول البلاد وعرضها بلا صداد ولا رداد (من يصد ..الدكتورة حسنة ملص..ام الصيدلانية احميدة ام اللبن؟)
تدخل الكوليرا والمبالغ المرصودة للقطاع الصحي حسب بيانات موازنة الدولة لعام 2007هي اعلى من موازنة الدولة كلها في كل عهد المرحوم عبد الرحمن عارف وربما تعبر الى ميزانية كل عهد اخيه الاصغر عبد السلام وربما تطخ ميزانية (الزعيم) ولا تجد درهما احمرا يبحلق في عينيها لاجل التخويف فحسب ,وهاهي جادة في مسيرها واثقة الخطوة تمشي ملكا في (بغداد)العليلة اصلا ..وغدا وبعد غد ستكتسح الجنوب العاري حتى البصرة المحمومة قبل العلة ,,
تدخل الكوليرا ويروي حكاياتها الجميع هذه المرة فالكل مجانين ,يروون بتشف همجي احيانا ما فتكت باهل اقليم الشمال (وما علينانحن في الجنوب؟)وما فتكت باقليم الجنوب (وما علينا نحن في الوسط؟)وما فتكت في (الغربية)وما علينا نحن في (الشرقية)؟وتفتك والمجانين يروون الحكايات ولكن :
من اين نجيء بذلك المضمد شبه الامي لينقذنا بدراجته الهوائيه؟
من اين نجيء بذلك الحب ليهون علينا مصائب الحمى و..
هبيني اخذت الثار فيك من العدا*********فكيف باخذ الثار فيك من الحمى ؟
اجبنا يا ابا الطيب
من اين نجيء بالناس وقد صار موتهم مضرب النكات ؟
اجبني يا ابا الطيب
من اين نجيء باله يسمع الصوت,يا سامعين الصوت؟
(مافي حدا .......لا تندهي مافي حدا!!!!!!)




#ابراهيم_البهرزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقائديون والغرام....وهكذا كما ترين يا حبيبتي, كل تراكم كمي ...
- ماركس لا يلعب النرد....الطبقة العاملة العراقية راس الرمح لمو ...
- قصائد
- ابشري يا بلاد الفرنجة ..لقد ارسلنا لك فاتحين لا مهاجرين
- العراقيون والرحيل المبكر....حكاية غرام
- اسمك الفرد...لا قبله ولا بعده
- عن الكتابة ايضا ...مشاعية الكتابة غاية الحضارة والتمدن
- القراء الاصحاء هم عماد الثقافة ..لا المرضى من كتبتها
- يوم القارعة....امريكا ماذا فعلت بنفسك؟
- دعوة لتجمع وطني عراقي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين ومقاومة الت ...
- دموعها في خريف النظر
- الاحتماء بالجنون....المجنون السياسي محكوما-3
- الاحتماء بالجنون...المجنون السياسي حاكما-2
- الاحتماء بالجنون..التداول السلمي للجنون بين الحاكم والمحكوم- ...
- TRY ME!
- اسرق واقتل واهرب الى امريكا!
- حين تقف الوثيقة ..بين الحرية والحقيقة
- لقد بقيت وحيدا ايها الذئب العجوز1
- اية اغنية ستحط على راسك لحظة الموت؟
- الاحتلال وتهديم النظام الاداري للدولة العراقية..تجربة شخصية


المزيد.....




- تتمتع بمهبط هليكوبتر وحانة.. عرض جزيرة في ساحل اسكتلندا للبي ...
- خبير الزلازل الهولندي الشهير يحذر من ظاهرة على سواحل المتوسط ...
- فيديو.. الشرطة الأميركية تباشر بتفكيك احتجاج مؤيد للفلسطينيي ...
- مزيد من التضييق على الحراك الطلابي؟ مجلس النواب الأمريكي يقر ...
- صحة غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 34596 قتيلا ...
- الجيش الأوكراني يحقق في أسباب خسائر كبيرة للواء رقم 67 في تش ...
- مسافر يهاجم أفراد طاقم طائرة تابعة لشركة -إلعال- الإسرائيلية ...
- الكرملين يعلق على مزاعم استخدام روسيا للأسلحة الكيميائية ضد ...
- بالفيديو.. طائرات عسكرية تزين سماء موسكو بألوان العلم الروسي ...
- مصر.. -جريمة مروعة وتفاصيل صادمة-.. أب يقتل ابنته ويقطع جثته ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم البهرزي - الكوليرا في زمن الحب ....الكوليرا في زمن الكراهية