أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - حسين خليفة - باعة الوهم. . . اقتصاد العولمة الذي يغدق فقراً















المزيد.....

باعة الوهم. . . اقتصاد العولمة الذي يغدق فقراً


حسين خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 1932 - 2007 / 5 / 31 - 11:50
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


يتناول عالم الاقتصاد الالماني هورست أفهيلد في كتابه: «اقتصاد يغدق فقرا» النتائج التي ترتبت على تطبيق السياسات الاقتصادية المستقاة من الليبرالية الجديدة وسبل الخلاص من نتائجها المدمرة، وما يلفت النظر أن الكاتب ليس يساريا معاديا للرأسمالية كنظام لكنه على ضوء محاولات الامبريالية فرض نمط اقتصادي موحد على كل شعوب الأرض ونتائج هذه المحاولات من زيادة في الفقر على مستوى مجتمعاتها(ازدياد خرافي في ثروات قلة قليلة مقابل زيادة إفقار فئات أوسع) وعلى مستوى العالم (تفاقم الهوة السحيقة بين الشمال الغني والجنوب الفقير) يرى فيها خطرا محدقا يعيد إلى الأذهان (المرحلة التي مرت بها الأرجنتين والعديد من دول أمريكا الجنوبية في مطلع العصر الصناعي والهند إبان حقبة الاستعمار البريطاني، فقد دمرت حرية التجارة العالمية الصناعة في هذه البلدان وحولتها إلى أفقر دول العالم) ص10
فيقول في تمهيد الكتاب إن الناتج القومي الالماني ارتفع منذ عام 1970 إلى ما يزيد عن الضعف، لكن التناقض اللافت هو ارتفاع مديونية الحكومة الاتحادية وخواء الموازين المالية، واضطرار الحكومة إلى إغلاق الكثير من المدارس والمكتبات العامة بل ومراكز الشرطة ضغطا للنفقات! ويتساءل: من أي طينة هذا الاقتصاد الذي يتزامن فيه تضاعف الناتج القومي مع انتشار الفقر في المجتمع؟! وأين تسرب الفائض الذي حققه الاقتصاد الوطني في ظل عملية الإنتاج؟!
ويضيف: أينبغي بنا الركون إلى العقيدة الليبرالية المحدثة الزاعمة بأن السوق، هي فقط، القادرة على تأمين أكبر قدر ممكن من الرفاهية لمجمل الاقتصاد العالمي إذا ما تحررت هذه السوق كلية من العوائق؟ ص19
ويفند هذه العقيدة على لسان خبراء اقتصاديين أمريكيين بل ومستشارين سابقين في البنك الدولي عبر التركيز على النتائج الكارثية لسياسات تحرير التجارة وإطلاق العنان لقوى السوق وتخفيض تدخل الحكومة إلى أدنى حد ممكن.
بناء على هذا كله أمامنا خياران ـ يقول الكاتب ـ فإما أن نقبل بتفاقم الفقر بين صفوف الجزء الأكبر من مواطني الدول الأوربية أو أن نعمل المستحيل من اجل خلق صيغة جديدة للاقتصاد العالمي. ص25
أما اقتراح الحلول والسياسات الناظمة لهذه الصيغة الجديدة فسيأتي عليها الفصل الثالث من الباب الأول للكتاب المعنون بـ« وداعا أيتها الرفاهية»، فيدق جرس الإنذار بأن النمو السنوي في ألمانيا يوشك أن يلامس الصفر، وبهذا المعنى فان النمو الاقتصادي الذي تحقق في الربع الأخير من القرن العشرين جسد تناميا في الأزمة كما جسد تناميا في فقر القطاعين الحكومي والخاص.
ويلاحظ أن النمو الاقتصادي كان ولا يزال نموا خطيا في ألمانيا، أي انه في جوهره يمثل تراجعا في معدلات النمو بقياس المعدل الثابت للنمو بالناتج القومي المتزايد، أي حين نحتسبها كنسبة مئوية من الناتج القومي الإجمالي.
وهذا التوصيف ينطبق على معظم الدول الأوربية الصناعية الكبرى، ويشير إلى تعاقب أزمات الركود الدورية على الاقتصاد الالماني رابطا النمو الاقتصادي الحقيقي بتحسن مستوى معيشة المواطنين، ليؤكد استحالة تحقيق نمو متزايد(مستديم) في ظل تزايد البطالة لتصبح البطالة والإعسار المالي الحكومي وتفاقم اللامساواة هي الخصائص المميزة للازمة السائدة في «دولة التكافل الاجتماعي الألمانية». ص38
ومن مفارقات تجربة اقتصاد الليبرالية الجديدة هو عدم ترافق نمو الناتج القومي مع نمو في رفاهية المجتمع لأسباب كثيرة في مطلعها تعريف الناتج القومي نفسه(مجموع السلع والخدمات التي جرى إنتاجها في البلد المعني).
وفي استعراضه لآراء بعض الاقتصاديين الغربيين حول التجارب الأسيوية (الصين، كوريا الجنوبية، اليابان، تايوان. . . .) فإنها استطاعت أن تقرن النمو السريع بالمحافظة على تباين محدود في مستويات الأجور وإتاحة فرص التعليم الأساسية لكل المواطنين، ليصبح الهدف الاقتصادي هو نمو صافي الدخول الحقيقية التي يتقاضاها العاملون بأجر وليس نمو الناتج القومي الإجمالي. ص49
ولأن الدولة كانت هي الكفيل الأخير بخلق الشروط الضرورية لتحقيقي شيء من المساواة بين الفقراء والأغنياء، فان تقليص نشاطها يعني محاباة الأغنياء على حساب الفقراء.
من يتحمل الأعباء؟ راس المال أم العمل؟
يميز الكاتب العقد الأخير من القرن العشرين بانخفاض دخول العاملين بأجر وارتفاع عبئهم الضريبي من جهة، وارتفاع دخول أصحاب الثروة مع انخفاض العبء الضريبي عليهم أملا في إقناع أصحاب المشاريع بالبقاء داخل الحدود الوطنية بدل الهروب باتجاه أسواق العمالة الرخيصة دون جدوى، حتى تحولت بعض القرى والبلدات إلى «جنات ضريبية» لا تفرض أي ضريبة على المستثمرين مما اثر على موازنات المدن الكبرى وجعلها تضغط نفقاتها على حساب عنصر العمل طبعا (رواتب وتعويضات العاملين باجر وعددهم وحقوقهم)، يترافق هذا مع المزيد من انحدار الطبقة المتوسطة وتحطمها أمام المد الشرس للشركات الكبرى.
وتطرح أمام المجتمع الالماني والمجتمعات الأوربية مشكلة أخرى مهمة، وهي تراجع عدد السكان الأمر الذي يراه البعض فرصة ثمينة لإعادة عهد الرفاهية، في حين يعتبره البعض ناقوس خطر بسبب ازدياد نسبة الكهول في المجتمعات المقبلة (بعد 40 عاما سينخفض عدد الشباب دون العشرين من 17 مليون إلى 9.6 مليون، وسيقفز عدد المواطنين الذين تتجاوز أعمارهم 59 عاما من 19.5 مليون إلى 25.6 مليون) وبطبيعة الحال سيعيش الكهول من صناديق الضمان التي تموَّل من عمل هؤلاء الشباب، وهذا جذر المشكلة.
أما عن الحلول السياسية وإشكالية الحلول المقترحة، فينطلق الكاتب من بديهية أن الإنتاج يحتاج أولا إلى سوق تصريف، وضعف هذه السوق يولد ركودا ملموسا في النشاط الاقتصادي، ويرفض الكاتب إعادة سبب إحجام المستهلكين عن الشراء إلى أسباب سيكولوجية كما يروج البعض بل هناك عوامل موضوعية خاصة سياسات تجميد الأجور وبالتالي انخفاض قيمتها الشرائية مع الزمن.
ويفند اتجاه الليبرالية الجديدة عقب كل أزمة إلى تحميل القوى العاملة تبعاتها مؤكدا أن تسريح بعض العمال من شركة قد ينقذها مؤقتا لكنه ضار على المدى البعيد لمجمل الوضع الاقتصادي.
ويطرح تقليص ساعات العمل مثلا للقضاء على البطالة، حيث سيتيح تخفيض 10% منها ازدياد حاجة المشاريع إلى الأيدي العاملة بنفس النسبة، لكنها بنفس الوقت تخفض الدخول بسبب احتساب الراتب حسب ساعات العمل، لكنها بالمقابل تؤدي إلى ازدياد قوة النقابات وبالتالي فتح آفاق جديدة أمام تحسين أوضاع الطبقة العاملة.
أما معضلة تمويل التأمين والصحي والاجتماعي من عنصر العمل (40% مناصفة بين العامل ورب العمل) فيراها الكاتب ضارة بميزة التنافسية للمنتج مقارنة مع منتجات البلاد التي لا تتمتع بأنظمة ضمان صحي، وبعض الحلول التي يقترحها تحميل الاستهلاك أعباء هذه المدفوعات (ضريبة على المبيعات) وتخصيص جزء من الضرائب لتمويل هذا الجانب أو فرض ضرائب على الماكينات أو الطاقة المستهلكة. . .
كما يدخل في هذا الباب إمكانية خفض الدعم المالي الذي تقدمه الحكومة للقطاعات الاقتصادية المختلفة عبر إقامة مشاريع البنية التحتية (النقل مثلا) المكلفة تلبية لحاجة عدد محدود من أصحاب رؤوس الأموال أو الإعفاءات الضريبية والتسهيلات الكبيرة لهم، هذا كله يمكن اعتباره موردا هاما لتحرير العمل من أعباء الضمان الاجتماعي.
توزيع الثروة. . . كيف؟
سؤال يطرحه الكاتب قد يفاجىء الكثيرين، لكنه في ثنايا الإجابات يسارع دائما إلى تأكيد بعده و«براءته» من المفهوم الاشتراكي لتوزيع الثروة، فهو يبحث عن عدالة ممكنة ضمن ثوابت النظام الرأسمالي، وخاصة تقديس الملكية الخاصة ( وهي تختلف عن الملكية الفردية طبعا).
يجد الكاتب مع استحالة الاقتراب من أصل الثروة حتى لا يهرب الأثرياء أموالهم إلى خارج الحدود موردا هاما لإعادة توزيع الثروة في النظام الضريبي، ويؤكد أن سلاح الطبقة العاملة التقليدي (الإضراب) لم يعد ذا تأثير إلا بالكاد في مجتمع تسوده أسواق منفتحة عالميا ومحررة من القيود الحكومية. ص119
وعن تشجيع العاملين على ممارسة الأعمال الحرة يقر بفشل التجربة لا لانعدام روح المبادرة عند الأفراد وتفضيلهم العمل المأجور على المجازفة بتحمل تبعات العمل الحر، بل لأن هؤلاء الصغار لا يستطيعون الصمود أمام الشركات الكبيرة والاحتكارية ويضرب أمثلة على ذلك.
إذاً هل يمكن أن يكون هدف الإنتاج الرفاهية للجميع؟ يجيب الكاتب بنعم، لكن ليس في ظل السياسات النيوليبرالية التي تدفع بأموال الدعم الحكومي لصالح القلة الغنية بحجة دعم النمو الاقتصادي المزعوم فيما تبقى الكثرة الفقيرة تنتظر غودو (نتائج هذا النمو في تحسين معيشتها)، وتستطيع الحكومات إذا أخلصت لهذا الهدف أن تبتدع فرصا كثيرة للعمل لأصحاب الدخل المحدود فتساهم بتحسين دخولهم دون الحاجة إلى زيادة الرواتب.
أي بالمزيد من تدخل الدولة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية لكن أي دولة؟ إنها الدولة الديمقراطية التي تتوفر فيها للمواطنين رقعة واسعة للتأثير في القرارات الحكومية، ويرى بان الدولة أصبحت موهنة القوى لسببين: تنازلها لكثير من سيادتها للاتحاد الأوربي والقيود التي تفرضها عليها قوى السوق من جهة أخرى.
ويقارن بين ما يحصل في الدول الفقيرة حيث تقوم الشركات برشوة المسؤولين والزعماء السياسيين ـ من حساب بلدانهم طبعا ـ لتمرير صفقاتها، فيما انعكست الآية في ألمانيا إذ تقوم الحكومات برشوة الشركات لتعمل عندها ولا تهاجر إلى مناطق أريح ضريبيا وقانونيا.
يستشهد الكاتب بقول راينهارد فيندريش: (إلا أن الحرية تعني أيضا، وهذا أمر ينساه الكثيرون، أن القوي يفترس الضعيف.)
ويورد مثالا على تفاقم الاستقطاب الطبقي في المجتمعات الأوربية حي بيلبروك البائس في هامبورغ، وتخال نفسك وأنت تقرأ وصفه للحي في إحدى أحزمة الفقر المحيطة بمدن العالم الثالث.
نسبة الأجانب في الحي 77.2%، يعيش 265 من كل ألف نسمة من مدفوعات الرعاية الاجتماعية (4 أضعاف النسبة المتوسطة في ألمانيا)، 448 جريمة مقابل كل ألف نسمة، القمامة والصراصير، إنها حقا أوضاع مأساوية على هامش مجتمع الرفاهية. ص160
ورغم أن هذا الحي من الاستثناءات القليلة في ألمانيا فان خطر انحدار الطبقة الوسطى ينذر باتساع هذه الحالة في ظل انفلات راس المال وتواطئه مع السياسيين بل شرائه لهم.
اقتصاد عالمي غير مجدٍ
الباب الثاني يبدأ أيضا بسؤال: هل نحن بحاجة إلى نظام اقتصادي عالمي آخر؟
وفي محاولة الإجابة عن السؤال يستعرض انعكاسات السوق العالمية الحرة على الاقتصاد الالماني، فيؤكد إن هذه السوق التي يجري التغني بمحاسنها ليل نهار هي اكبر عائق أمام الإصلاح الاقتصادي، وبالتالي فان «عقيدة» فوكوياما القائلة بان الاقتصاد الحر الرأسمالي والتجارة الحرة هي نهاية التاريخ وأعلى مراحل تطور المجتمعات تفندها الوقائع على الأرض وما حصل في العقدين الأخيرين من اختلالات وكوارث على الاقتصاد العالمي.
فالسوق العالمية المحررة من القيود لم تكن فرصة ذهبية للدول التي تبنت الليبرالية الاقتصادية، ولم تؤدِّ إلى زيادة الدخول القومية المتحققة في البلدان المشاركة في التجارة العالمية، وتبين أن الأمل الذي بني على تحرير التجارة كان وهما وضلالا ص174
إضافة إلى فشل التجارة العالمية في رفع المستوى المعاشي الخاص بالمواطنين وما يسببه هذا من شرخ في وحدة المجتمع ناهيك عن الأضرار التي تسببها على البيئة وتكاليف البنى التحتية الهائلة.
والرابح الأكبر من هذه اللعبة هي الولايات المتحدة، فيما تتصدر إفريقيا قائمة الخاسرين ولا تختلف أمريكا الجنوبية عنها كثيرا ( بين عامي 1980 و2000 ارتفع عدد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر فيها من 120 مليون إلى 214 مليون)ومن الطبيعي أن تتحول تلك القارة إلى بؤرة مضطربة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا كما يقول الكاتب.
إذاً المطلوب حسب رأي الكاتب اقتصاد عالمي أفضل كفاءة، ويستشهد بمقطع من بيان حملة (Task Force) التي نظمها منتدى دافوس عام 2001 يشير إلى أن (الفقر يسمم حياة ما يقرب من نصف سكان المعمورة، فإضافة إلى دمار البيئة الذي يحطم قدرة الأرض على تقديم المتطلبات الضرورية لحضارة إنسانية، والأوبئة غير القابلة للمكافحة يئن ملايين البشر تحت وطأة تفاقم اللامساواة والاضطراب الاقتصادي والصراعات الدموية والإرهاب.).
فهل ينبغي أن نستمر في اعتبار «النمو الاقتصادي» هدفا أسمى وننسى ما يعترف به ممثلو الرأسماليات الكبرى في العالم، وإن كانوا هم السبب والنتيجة؟
من أين نبدأ؟
أما عن خصائص النظام الاقتصادي الكفيل بتحقيق الرفاهية للجميع فيمكن بناؤها على ثلاث ظواهر:
1 ـ إن ما هو صالح لاقتصاد معين وفي فترة محددة يمكن أن يكون كارثة بالنسبة لاقتصاديات أخرى
2 ـ إن أسواق السلع ورأس المال المنفتحة تنقل موجات الصدمة إلى كل الجهات بشكل عفوي
3 ـ في كل الحالات التي تم فيها تحرير التجارة الخارجية إلى ابعد مدى كانت النتيجة كارثة اقتصادية على العالم اجمع (كارثتي 1883 و1929).
وينقض الكثير من نظريات ادم سميث مؤسس الليبرالية، ليتوصل إلى ضرورة وجود قواعد للسوق إذا أريد منها تحقيق الخير العام، تسري على الجميع دون محاباة.
وفي خياره بين السوق والدولة يشرح منطق السوق القائم على المنطق الخاص لكل طرف فيه دون مراعاة لمتطلبات المجتمع، و«اليد الخفية» التي تحدث عنها آدم سميث بأنها هي التي تنظم هذه التصرفات الفردية وتوقفها عند حد المصلحة العامة هي محض وهم في زمننا الحاضر.
يختم الكتاب بتساؤل إلى أين يفضي الدرب فبينما أوربا أسيرة في فخ النظام الاقتصادي العالمي القائم على أسس الليبرالية المحدثة، ويصبح النمو وبالا على المجتمع بدل أن يزيد في رفاهيته بينما تتراجع الديمقراطية السياسية أيضا نتيجة لتحكم قوى السوق بالحكومات والانتخابات والقوانين فان الوضع يشبه قطارا يتجه نحو الهاوية يحاول البعض زيادة سرعته نحوها فيما يحاول الآخرون إبطاء سرعته ما أمكن ليبحثوا عن طرق أخرى.
إن بداية الطريق لوقف الانهيار، كما يرى الكاتب، هو في التراجع عن حرية التجارة فرادى أو جماعات، وتكاتف الدول الأوربية جميعا للتحرر من اسر الليبرالية الجديدة، وبدل الحرص على مصالح راس المال يجب التوجه نحو تحقيق مجتمع رفاهية فعلي وتقوية القطاع الحكومي ومساعدة الدول النامية في بناء اقتصادها الخاص وتطبيق استراتيجيات تنموية فيها.
لكنه يعود ويقول إن كل الحلول المذكورة تفترض تدخل السياسة وتغيير النظام الاقتصادي الدولي السائد حاليا.
ويجدد التأكيد على ضرورة مراعاة خصوصية كل شعب في بناء نموذجه الاقتصادي الأنسب له، مع بناء تكتلات اقتصادية بين الأنظمة المتقاربة يمكن إدارة كل منها سياسيا لتحقيق الرفاهية في كل بلد على حدة.
ويحلم الكاتب بأن تقوم الولايات المتحدة بضبط نفسها بنفسها كشرط ضروري لتأسيس منظمة دولية عادلة وديمقراطية!!
ويرى أن توازن القوى بين التكتلات الاقتصادية المقترحة سيقنع الولايات المتحدة بوجهة النظر هذه (أن تضبط نفسها)، ويتوقف عند الدور المطلوب من أوربا في إطار هذه التشكيلة العالمية المقترحة.
يبدو الكثير مما يطرحه أفهيلد في كتابه أفكاراً مثالية وأقرب إلى الأمنيات، لكن أهميتها تأتي من كونها شهادة واحد من العاملين في الحقل الاقتصادي والمقتنعين بإمكانيات تحويل النظام الرأسمالي إلى نظام أكثر إنسانية وعدلا دون المساس بأصل المشكلة، ملكية وسائل الإنتاج وما يستتبعها من فضل القيمة وشراء قوة العمل واستغلال الطبقة العاملة، لكنه رغم كل ذلك يطلق كل سهامه على اقتصاد السوق وحرية التجارة التي يهرول الكثيرون إليها ـ ومنهم شيوعيون سابقون ويساريون متقاعدون ـ متأخرين بعد أن جُرِّبَت عند غيرنا، وها هو أحد علمائهم يفضح عجزها وفشلها ونتائجها الكارثية، فهل يقرؤون؟!
الكتاب مليء بالأرقام والبيانات والأمثلة الواقعية التي تفيد القارىء في إضاءة الموضوع أكثر من هذا العرض المختصر.
ترجم الكتاب د.عدنان عباس علي، وهو من منشورات سلسلة عالم المعرفة، ويقع في 360 صفحة من القطع الوسط



#حسين_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «شهداء» السوبر ستار والشهيد الحي
- «المعلم الأول» لجنكيز إيتماتوف. . . . . حكاية عاشقة وشجرتي ح ...
- في عيد العمال العالمي عمالنا في لبنان. . . . . أنا سوري آه ي ...
- عن بيلوسي الحقيقية والدلع العربي
- مختارات من حملة مرشح سوري. . . .انتخبوني مالكون غيري
- الفيل يا ملك الزمان . .. . . . المذمة يا ملك الزمان
- المنطقة على شفا حرب امبريالية جديدة . . . . .أمريكا الامبريا ...
- أخبار و . . . أخ . . بار
- «شمس» وبوش و . . . . مثقفو الزمن البائس
- الجديد فلسطينيا في جولة رايس العربية . . . . دولة مؤقتة و. . ...
- العوجة . . . من قرية لقادة الدم الى مقبرة لهم . . . . أين خر ...
- ممدوح عدوان في «حيونة الانسان» . .. سيرة الوجع الانساني
- الشعب المرن
- اقتصاد الجوع الاجتماعي
- أربعة وأربعون عاماً على مأساة أجانب الجزيرة
- أبتمرقوش
- الرئيس الزاهد
- كارل ماركس وابن لادن ونظرية المؤامرة
- المفاضلة العامة للجامعات السورية . . . . التكرار الذي يعلم ا ...
- السنيورة يبكي . . . . أي دمعة حزن؟!!


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - حسين خليفة - باعة الوهم. . . اقتصاد العولمة الذي يغدق فقراً