أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - المبرر الأخلاقي















المزيد.....

المبرر الأخلاقي


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 571 - 2003 / 8 / 25 - 03:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحت يافطة واسعة من المصطلحات السياسية تنتشر عبارات تواكب زمن الأحداث الكبرى .فلقد وقفت ملايين من البشر رافضة فكرة الحرب بكل نماذجها كحلول للنزاعات، ولم تكن الحرب الأخيرة التي قادتها الولايات المتحدة للإطاحة بصدام وزمرته الفاشية استثناءً من هذه الاعتراضات التي اجتاحت العالم .وكانت جل الاعتراضات تتركز حول استنكار الحرب كفعل تدميري وغير أخلاقي.
منذ انتهاء الحرب ودخول قوات الاحتلال الأراضي العراقية وهزيمة جحافل البعث الفاشي وقائدها المجرم صدام ، لم تحصل قوات الاحتلال ولحد الآن على مبرر الحرب الرئيس الذي روجت له واستندت أليه في مسعاها ذلك.وواجه الرئيس الأمريكي وحليفه رئيس الوزراء البريطاني ولازالا موجة من الانتقادات أثارها خصومهم السياسيون والصحافة، وتركزت تلك الاعتراضات والاتهامات على المبرر الأخلاقي للحرب .
 أن المعاني والمسميات لفعل ما ،تختلف بقدر قربها من الواقع المفترض و مدى علاقتها بالحدث المعني وتأثير وقعه على مجموعة البشر الذين طالهم .وقد كانت مقولة ((المبرر الأخلاقي)) مصدر خلاف بين مجموعات ذات منافع ومصالح متباينة ومتضاربة تتنازع حول وجهة المبررات ذاتها الذاهبة لتفسير المحتوى والمعنى العام للتسمية.وركز في موضوعة الحرب الأخيرة على موضوعة  واحدة ((أسلحة الدمار الشامل)) ولا زالت تلك الموضوعة مصدر خلاف رئيسي بين المتصارعين حول مبرر الحرب، وأهمل جانب حيوي وأساسي في مسألة ((المبرر الأخلاقي)) المتمثل  باكتشاف المجموعة الهائلة من المقابر الجماعية والآلاف العديدة من القتلى والمغيبين في العراق.
لقد أثيرت شكوك كثيرة من عدة أطراف عن حقيقة تلك المقابر وكان جلها قادما من العرب ذوي العلاقة بصدام وعلى خلفيات طائفية وعرقية أيضا ،لا زالت تمثل عصب التعامل السياسي في الخطاب العربي وبالذات عند المعادين للمذهب الشيعي ومخالفيه وكذلك من العروبيين الماقتين لتطلعات الشعب الكردي وهي ذات الأسباب التي حدت بهم للوقوف مع صدام أثناء غزوه للجمهورية الإيرانية،وصمتهم عن مجازر حلبجة والأنفال، ودفعتهم أيضا لنصرته ضد الجماهير المنتفضة  ربيع عام 1991 .
يبدو أن المبرر الأخلاقي في أجواء الالتباس السياسي العربي قابل للتحوير حسب الطلب و يخضع  لنزوات ورغبات المصالح الشخصية الآنويه والجماعية قبل أية موضوعة أخرى، وعبر مجموعة المصالح تلك تتوالف نوعية ردود الفعل لتنشئ خطابها السياسي الذي يسعى جاهدا لتبرير الوسائل وحرف الهدف لغرض تضليل الرأي العام العربي وحرفه عن مبدأ البحث التحليلي  لنوعية المبرر الأخلاقي المسوغ لمشروعية الحدث أو بعكسه.في ذات الوقت فأن الشارع العربي يبدوا حاضناً طبيعيا لتسريب تلك التشوهات والقبول بها.
بعد ظهور الكم المروع من المقابر الجماعية وقوائم المعدومين ومنظر الهياكل العظمية خرج السيد عمر موسى الأمين العام للجامعة العربية مستنكرا تلك الجرائم. وبتصريحات مقتضبة أكد على أن الجامعة العربية سوف تشكل لجنة لدراسة الآمر باعتباره جريمة تاريخية وعملاً بشعاً بحق الإنسانية والعروبة .حيينها لوحظ أن تصريحه ذاك جاء بعد وقت متأخر من اكتشاف مجموعة المقابر الجماعية ولكنه كان مواكبا لظهور قتلى مصريين بين مجموعة الجثث المكتشفة.
لقد عتمت السلطات المصرية وأهملت الأمر بعد أن أثارته مجموعة برلمانية مصرية، ثم بدأت ردود الفعل تختفي كليا من بين تصريحات المسئولين العرب في كافة الأقطار وبدأت تثار شكوك وتساؤلات من مجموعة كتاب ومسئولين عرب عن حقيقة تلك المقابر، ولم تصدر أية إدانة أو تعليق عن اجتماع وزراء الخارجية العرب، وإنما قيل أنهم اعترضوا على مجرد فكرة أثارتها.اختفت بعد ذلك كليا اللجنة التي شكلها السيد آمين الجامعة العربية عمر موسى ،وبالموازاة ركزت تصريحاته على أهمية خروج المحتل من العراق وتشكيل السلطة الوطنية وأضمرت لديه أية معلومة عن ((المبرر الأخلاقي)) للدفاع عن حق المواطنين العراقيين الذين طالهم الحيف في عهد الطاغية صدام ،وراح يركز في أحاديثه على عدم شرعية مجلس الحكم العراقي المؤقت متناسيا واجبه الأخلاقي أمام الحق الإنساني لذوي الضحايا باعتباره أمينا عاما للجامعة العربية .وحين يتم مسائلته عن سبب قبوله التعامل مع صدام سابقا ورفضه التعامل مع مجلس الحكم العراقي فأنه يبرر الأمر كون صدام كان يمثل سلطة وطنية مؤسساتية  وأن المجلس اليوم معين من قبل الأمريكان.ربما نوافقه بعض الشيء حول المجلس ونجافيه حول سلطة صدام. ولكن ليس من المعقول أن يختصر ذلك الأمر حصرا بالعراق وهو أدرى بأن جميع المحيطين به وبالذات الرئيس المصري الذي جيء به لسدة الحكم وفق حبكة أمريكية متقنة، ولازال يتربع ذلك العرش منذ أكثر من عشرين عاما ويتهيب من تعيين نائب له، كون المحروسة مصر أصبحت عاقرا بعد ولادته. وعلى ذات النمط من السلوك تربع الحكام العرب على كراسيهم وأكثرهم من رجالات الولايات المتحدة وخدم طيعين لها. ومجلس الحكم العراقي لو قارناه مع هؤلاء  لبزهم بالكثير من الخصال الرشيدة.فمجلس الحكم العراقي المؤقت يمثل شرائح كبيرة من الشعب العراقي وفيه الكثير من المناضلين ضد الدكتاتورية، وبعض من رجاله لهم الكثير من الخصال الشخصية التي يفتقدها حكام عرب معتوهين وفاسقين.والمقارنة تفترض التساؤل عن ((المبرر الأخلاقي)) الذي يجعل السيد عمر موسى يلوي عنق الحقيقة ليرأس مؤسسة عربية غير شرعية إطلاقا ومنذ بداية تشكيلها. فقد أسست وفق رغبة محتل ومن قبل حكومات غير شرعية كان الفضل في وجودها وسلطاتها قوات احتلال بعد زوال الاستعمار العثماني، ولم تمارس في أوطانها أية عملية اقتراع حقيقية للحكام منذ ذلك العهد ولحد الآن، وأن أجريت انتخابات فالسيد عمر موسى أدرى بنماذجها ونتائجها.والجامعة العربية لا تمتلك شرعية جماهيرية فلم يؤخذ رأي الشعوب العربية في الانضمام أليها مثلما حدث ويحدث في مجموعة الاتحاد الأوربي.وأنا هنا لا أدعو السيد أمين الجامعة العربية للاعتراف بمجلس الحكم العراقي ليقيني ومعرفتي  التامة بأن مجموعة مموليه سوف يأتون طوعا لمشيئة السيد الأمريكي ويتركونه يتخبط في مأزقه بالرغم من قدراته كمصري للإبقاء على بعض الخيوط المعلقة دون حرق المراكب جميعها.
أعود لأذكر السيد عمر موسى عن ((مبرره الأخلاقي)) الذي تم وفقه ترك أمر المقابر الجماعية التي ظهرت في العراق وكذلك المغيبين وغيرها من الجرائم التي أقترفها نظام صدام وحزبه الفاشي والتي لم تجعل السيد عمر موسى وأي حاكم عربي ولحد الآن، أن يتجرأ ويدين شخصية القاتل ونظامه الدموي .ولم تكن أغلب التصريحات غير إدانة الجريمة باستحياء، دون توجيه إصبع اتهام لجهة محددة وإنما أبقي الآمر لتعليل ربما يأتي لا حقاً وفق سياقات ((المبرر الأخلاقي الانتقائي)) الذي تمرس عليه العرب كتقليد وتراث باستثناء القلة.
اليوم قدم معمر القذافي اعترافا خطيا بمسئوليته المباشرة عن جريمة الطائرة الأمريكية التي أسقطت فوق لوكربي وقبلها مسئوليته عن جريمة تفجير الطائرة الفرنسية فوق النيجر .وحتما سوف يظهر التأريخ حين يذهب القذافي الى مزبلته بعد أن يدحر مثل صاحبه صدام مدى الفواجع التي كان يتجرعها الشعب الليبي بصمت. وسوف تطفوا فوق صحراء ليبيا الواسعة آلاف الهياكل العظمية وتلال المقابر الجماعية وبعد أن تهد سجون تاجورة وباب العزيزية والجديدة وغيرها من السجون الصحراوية السرية التي تعج بها الجماهيرية العربية العظمى.ولكن قبل هذا نتساءل نحن ما هو ((المبرر الأخلاقي)) الذي يجعل السيد عمر موسى وأصحابه الميامين يستجدون بقاء القذافي في جامعتهم العربية .ما الغاية التي يرجوها عمر موسى من صمته اللا أخلاقي على جرائم معمر القذافي بعد أن أعترف بها.وهل يستطيع تشكيل لجنة مسائلة للقذافي عن سبب ارتكابه لتلك الجرائم أم أن مقولة ( قتل النصارى واليهود ) واجب وسنه من سسن الدين الإسلامي وحسب وضع وهيئة المبرر الانتقائي، ليتغلب على مبدأ الأخلاق والشرف والضمير الإنساني . 
أن نوع المبرر الأخلاقي للسيد عمر موسى وصحبه من رؤساء وملوك وأمراء العرب لا يشبه حتماً أي نوع ظهر عند حشد الناس الذين عارضوا الحروب والجريمة المنظمة والقتل المجاني للبشر عبر كل العصور، وإنما يبقى المبرر الأخلاقي لهؤلاء هو استجداء النصرة لمقولة إدامة ما موجود لضمان الخلود وعد النقود.أن صمتهم على جرائم صدام ومقابره الجماعية وأيضا موقفهم من اعترافات صاحبهم قذاف الدم الليبي لوصمة عار في جبين عروبتهم وإنسانيتهم وأخلاقهم الشخصية، وإشارة على التواطؤ والمشاركة بالجريمة وتعدياً على حقوق ومشاعر شعوب العالم أجمع .وأمر الإدانة لا يقتصر على تلك المؤسسة المنخورة والحكام العرب بل يعمم على جميع الهيئات والمؤسسات والأحزاب العربية الحكومية وغير الحكومية .فبدون صدور إدانة كاملة من تلك المؤسسات والهيئات لجرائم صدام ومثيله معمر القذافي نبقى نرى فيهم حقيقة الأخلاق السيئة وانعدام الشعور بالمسئولية والرضا التام والمشاركة في تلك الجرائم مهما قدموا من أعذار.ونبقى نجد فيهم مشروعا مستقبليا للفساد والجريمة ونشر لغة التعديات وخرق حقوق الإنسان.    

 



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لوحة في المشهد العراقي ـ عودة صدام
- مصيدة الحكومة المؤقتة
- البحث والتوثيق لأسلحة الدمار الشامل الداخلية
- يوم عظيم ليس ككل الأيام ولكن …
- استدراج الكارثة …. استجداء الاحتلال أنها حروب الطاغية وليست ...
- مؤتمر شيعة العراق وأجندة السياسة الإيرانية
- أولى ثمار الحرب ومبادرة بريماكوف
- إيضاح
- السعوديون يدخلون الحرب من النافذة
- بغداد …أنهم يريدون أحراقها
- جريمة ودعوة للتطهير العرقي
- السلطة … الديمقراطية
- أيا دمعتي لا تتوقفي
- الى الأعزاء في صفحة الحوار المتمدن
- من يحرز الهدف الذهبي في الوقت الضائع
- معارك الطواحين المرادية
- في رثاء سحلية منقرضة - رد على مقال السيد باقر إبراهيم
- بعض من الشأن العراقي


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - المبرر الأخلاقي