أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - الدور المتنامي لحزب الله ومحاذير الاندماج بالدولة اللبنانية















المزيد.....



الدور المتنامي لحزب الله ومحاذير الاندماج بالدولة اللبنانية


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 1762 - 2006 / 12 / 12 - 11:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد تحرير جنوب لبنان والبقاع الغربي من الاحتلال الاسرائيلي، وبالرغم من استمرار "الوجود" السوري غير المرغوب فيه من قبل الغالبية الساحقة للبنانيين، بما في ذلك القاعدة الشعبية العريضة لحزب الله (بل والى حد كبير والقيادة الواعية للحزب، التي لم تكن يوما بعيدة عن المزاج الشعبي اللبناني، وان كانت تتمسك بتحالفاتها الاقليمية بمواجهة العدو الاسرائيلي)، ـ نقول: بعد التحرير في ايار 2000، اخذ الوضع في لبنان يتطور بشكل تدريجي بما لا يرضي القوى الدولية والاقليمية الكبرى، ولا سيما الادارة الاميركية واسرائيل والقيادة السورية، التي كانت تتحكم بالساحة اللبنانية.
وقد تبدى هذا "التطور اللبناني غير المرغوب فيه" في ثلاثة مظاهر:
1 ـ تنامي قوة وشعبية "المقاومة الاسلامية" بقيادة حزب الله، بما كان يقض مضاجع اسرائيل، خاصة، واميركا طبعا، وبما كان يزعج ضمنا النظام الدكتاتوري السوري، الذي ادرك "بعد فوات الاوان" ان حزب الله اصبح "خارج حدود السيطرة" بالنسبة له، وانه ـ اي النظام السوري ـ اصبح هو نفسه "احتياطيا خلفيا" لا اكثر لحزب الله، بينما هو كان ولا يزال يريد ان يكون حزب الله "اداة" له.
2 ـ تنامي قوة التيار الشعبي اللبناني، المناهض لـ"الوجود" السوري البغيض، وخصوصا تيار الجنرال عون. وفي لعبة "شد الحبال" مع اسرائيل واميركا، كان النظام الدكتاتوري السوري و"حلفاؤه" اللبنانيون، وخصوصا بتأثير حزب الله، مضطرين لمسايرة هذا التيار، ذي النزعة "السيادية" اللبنانية، بوجه الاجنحة "اللبنانية" المرتبطة مباشرة او غير مباشرة باسرائيل واميركا.
3 ـ تنامي قوة تيار الحريري، الممثل الاكبر للرأسمال الكومبرادوري اللبناني المرتبط بالرأسمال النفطي العربي، وجنوحه اكثر نحو "الاستقلال السياسي" عن الاملاءات الدولية والاقليمية، ولا سيما الاميركية (+الاسرائيلية ضمنا) والسورية. وقد اخذت قوة تيار الحريري تتنامى بشكل خاص بعد استقالة، او ابعاد، رفيق الحريري من الوزارة، غداة التمديد لاميل لحود، وابتعاده النسبي ـ اي الحريري ـ غير المسموح به عن دائرة التأثير (او الاملاء) المزدوج الاميركي ـ السوري. وباستقالة الحريري حينذاك، سجلت بداية عجز النظام السوري عن فرض ارادته كما يشاء، حتى على "حلفائه" انفسهم، في لبنان. وهذا ما دفع الاميركيين لأن يقطعوا للنظام السوري "بطاقة الاياب"، بعد ان كانوا قد "فوضوه" بالساحة اللبنانية منذ 1976.
وكان أخطر ما في هذا "التطور" للمجريات السياسية على الساحة اللبنانية، بعد التحرير، هو ان حزب الله بالتحديد، كان يمثل "محور" هذه المجريات.
ومما زاد من خطورة هذا "التطور"، من منظور مصالح القوى الدولية والاقليمية، هو التقارب، الموضوعي والمباشر، بين مختلف التيارات والكتل اللبنانية المذكورة وغيرها، وبين حزب الله، وقد تبدى ذلك بوضوح في عدة وقائع منها:
أ ـ كشف السيد حسن نصرالله في احدى خطبه انه كان يجري اللقاء بشكل مستمر بينه وبين الرئيس الاسبق رفيق الحريري قبل استشهاده. وهذا "العبء السياسي" (اي التنسيق مع حزب الله) الذي تركه رفيق الحريري لا يستطيع "تيار المستقبل" بزعامة سعد الحريري ان "يتحرر" منه بسهولة، مهما ذهب بعيدا الغزل المكشوف بين حكومة السنيورة وغونداليزا رايس واسرائيل، ومهما كان الدعم "العربي" لتلك الحكومة.
ب ـ لم ينس احد العلاقات الوثيقة التي كانت تربط حزب الله والكتلة الجنبلاطية، قبل ان يقطع وليد جنبلاط تماما مع تراث كمال جنبلاط وينتقل نهائيا الى الضفة "الغربية". وقد نشأ في تلك الفترة "المغفور له" ما سمي الحلف الرباعي (تحالف حزب الله وامل + تيار المستقبل + جنبلاط)، الذي بدونه لم يكن بالامكان ان توجد "الاكثرية النيابية" الحالية (والحكومة الناشئة عنها) وان تكون ما هي عليه اليوم.
ج ـ وبعمليات التقارب السياسي مع الكتلة الحريرية، ضَمَن حزب الله "تطمين" الاوساط الاقتصادية المعنية، ولا سيما الدول النفطية العربية المتأمركة، وعدم استخدام لعبة "الليرة ـ الدولار" وتقويض الاقتصاد الوطني بالضربة القاضية، كما جرى اكثر من مرة في السابق.
د ـ وبالعلاقات السياسية مع جنبلاط، وعبره بطريقة غير مباشرة، مع مختلف الاوساط المسيحية (غير العونية)، ضَمَن حزب الله ايضا اشاعة مناخ الاسترخاء على جبهة التوترات الطائفية، التي كانت اميركا واسرائيل تعمل على تسعيرها الى الحد الاقصى بعد الانسحاب المخجل من الجنوب، وبعد الغرق الاميركي في المستنقع العراقي.
هـ ـ كما انه الى تلك الفترة بالضبط تعود بداية الاتصالات والمباحثات المعمقة بين حزب الله وممثلي التيار الوطني الحر بزعامة الجنرال عون، بعيدا عن "انظار" المخابرات السورية، وهي الاتصالات التي اثمرت لاحقا ـ بعد الانسحاب السوري ـ ورقة التفاهم بين "الحزب" و"التيار" في 6/2/2006، والتعاون الوثيق الحالي بين الطرفين. والاهم والاخطر في علاقة حزب الله ـ التيار العوني، هو في غير المعلن، اكثر مما هو في المعلن. فالمعلوم ان التيار العوني له "امتداده"، المنظم او غير المنظم، داخل الجيش اللبناني. واخشى ما تخشاه اميركا واسرائيل، من جهة، والنظام السوري الذي سبق له وخاض معركة ضارية ضد الجيش اللبناني عند اسقاط عون في نهاية 1990، هو ان يكون للتعاون بين حزب الله والتيار العوني انعكاسه في الامتداد العوني في الجيش اللبناني ايضا.
XXX
وقد تلاقت، موضوعيا، مصلحة القوى الدولية والاقليمية، المؤثرة على الساحة اللبنانية، في "قطع استمرار" ذلك "التطور اللبناني غير المرغوب فيه". وجاء الاغتيال المفجع للرئيس الاسبق رفيق الحريري ليجسد على الارض ذلك "التلاقي"، وليحقق عملية "قطع الاستمرار" المرجوة.
وبصرف النظر عمن نفذ العملية بحد ذاتها، فقد كان اغتيال رفيق الحريري، حتى ذلك التاريخ، آخر عملية تعاون اميركي ـ سوري، على الساحة اللبنانية، بموجب صفقة كيسنجر ـ الاسد حول لبنان، التي شرع بتنفيذها في 1976. ومسرحية "الاراجوز" حول "التحقيق الدولي" و"كشف الحقيقة" وما يسمى المحكمة الدولية هي برهان ساطع على ان كل طرف من طرفي تلك "الصفقة" الاميركية ـ السورية، يريد ان يبعد المسؤولية عن نفسه ويلقيها على الطرف الاخر، إرضاء للسعودية (وآلية اقتصاد النفط) التي كان يرتبط بها الحريري بشكل وثيق.
وبهذه العملية الوحشية، الارهابية الدولية بكل المقاييس، سقطت "الصفقة الاميركية ـ السورية" السابقة. وهذا ما آل الى رفع الغطاء الاميركي ـ الدولي ـ الاقليمي ـ المحلي، نهائيا، عن "الوجود" السوري في لبنان، واصبح الخروج السوري محتما، وهو ما كان. في حينه قال الجنرال ميشال عون صراحة: "اميركا ادخلت السوريين الى لبنان، وهي تخرجهم". ولكن الادارة الاميركية لبوش، مفرطة الذكاء، ارادت ان تستصغر عقول اللبنانيين مرتين، وان تظهر على المسرح كـ"ام العروس" في ما سمي "ثورة الارز" ضد "الاحتلال" السوري الذي كانت هي الاصل والفصل فيه. وقد حاولت الادارة الاميركية ان تجعل لبنان "ساحة اختبار" لدمقراطيتها الجديدة، التي تبدأ بافيون افغانستان ولا تنتهي بحشيشة البقاع.
ولكن "الوجود" السوري السابق في لبنان، بكل سلبياته المعروفة، كان يمثل "العامل العربي" في لعبة التوازن الدولي ـ الاقليمي، الضروري لوجود الدولة اللبنانية، التي هي، منذ نشوئها، دولة مصطنعة، تقوم على التفاهم الدولي (الامبريالي الغربي) و"العربي" (النظامي). ولم تستطع الادارة الاميركية، ومعها فرنسا، بالرغم من كل الجهود التي بذلتها، واستضافتها مختلف القيادات اللبنانية "الصديقة"، من الحريري الى السنيورة الى جنبلاط الى البطريرك الماروني وغيرهم من الشخصيات، ـ لم تستطع ان تسد "الفراغ" السياسي الذي خلفه الانسحاب السوري، ولم تستطع كذلك ايجاد "بديل" عربي آخر له. ومع كل النشاط المحموم الذي قام ويقوم به السفير الاميركي فيلتمان، فإن نشاطه ذاته لم يسد هذه الثغرة، بل انه كشف اكثر واكثر عجز السياسة الاميركية عن التحرك المجدي على الساحة اللبنانية بدون "اداة" عربية.
وفي هذه المرحلة، وبالرغم من كل النشاط الذي قام به تيار المستقبل (الذي وُضع على رأسه بشكل ملفت للنظر الابن الاصغر لرفيق الحريري، وفؤاد السنيورة ـ بطل اكبر الفضائح المالية في تاريخ لبنان الحديث)، مستغلا اقصى استغلال اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فقد عجز عن استيعاب "الساحة اللبنانية". وسارت الريح بغير ما تشتهي السفن الاميركية والاسرائيلية، وربابنتها "اللبنانيون". واصبح حزب الله "اللاعب الاول" بلا منازع على هذه "الساحة"، وذهبت ادراج الرياح كل الضغوطات والمساعي الدولية والاقليمية والمحلية لنزع سلاحه، الذي يعود له الفضل الاول في ازاحة الاحتلال الاسرائيلي عام 2000، والذي كان يقف بالمرصاد لكل عدوان اسرائيلي جديد. وكان من الواضح ان اي عدوان لن يكون نزهة على الاطلاق. وان عقارب الساعة لا تسير مطلقا على الايقاع الاميركي.
واصبح التفجير الدموي للساحة اللبنانية من جديد، ضرورة لوقف عملية "الاحتواء" التدريجي من قبل حزب الله لـ"الشارع اللبناني" الذي لا ترتاح الادارة الاميركية لتوجهاته التحررية وتجربته الدمقراطية. فتتالت عمليات الاغتيال والتفجير، دون ان يتم الكشف عن اي منها، بالرغم من اعتقال "جنرالات لحود"، مما يدل بوضوح على وجود تناغم وتنسيق عملياتي ـ مخابراتي، اميركي ـ سوري، لتغطية تلك العمليات، وللتستير بعضهما على البعض.
وقد لعب الخط التهدوي لحزب الله، في الجبهة الداخلية، دوره المركزي في لجم الاوضاع الداخلية ومنعها من الانفجار، والذهاب من جديد الى الحرب الاهلية، التي من شأنها تضييع انتصار التحرير، وفتح الساحة اللبنانية من جديد لشتى اشكال التدخل السياسي والامني والعسكري، الدولي ـ الاسرائيلي و"العربي"، وخصوصا "السوري".
وظهرت اهمية وفاعلية هذا الدور التهدوي لحزب الله، في اعقاب احداث 5 شباط 2006، حيث قامت المظاهرة الاسلامية (السنية!) للاحتجاج على الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية المسيئة للاسلام، والمرخصة من قبل حكومة السنيورة، بمهاجمة احد الاحياء المسيحية في بيروت، والتعدي على المواطنين العاديين وممتلكاتهم واحراق احدى الكنائس. وكان الهدف واضحا: تلطيخ وجه الطائفة السنية الكريمة، والجر الى فتنة طائفية ـ مذهبية مركبة: اسلامية ـ مسيحية، وسنية ـ شيعية. ولكن لقاء نصرالله ـ عون في كنيسة مار مخايل بالشياح، في اليوم التالي تماما، اي في 6/2/2002، عرى تماما هذه المسرحية السوداء، و"قطع الطريق" على اللاعبين بالنار، مما اضطر وزير الداخلية نفسه، المحسوب على فريق الحريري ـ السنيورة، الى تقديم استقالته، للهروب من المسؤولية. ولكن السنيورة رفض قبول الاستقالة التي بقيت معلقة، وكلف وزير آخر، من الفريق نفسه، وهو الوزير فتفت، بالاشراف بالوكالة على وزارة الداخلية من اجل العمل على لفلفة الامور.
XXX
وحينما عجزت الادارة الاميركية عن التخلص من سلاح حزب الله، عن طريق الادوات "اللبنانية" و"العربية"، وبقيت القرارات "الدولية" بهذا الخصوص حبرا على ورق، اصبحت كل هيبة اميركا على المحك، واصبح كل مشروعها للهيمنة الشرق اوسطية مهددا بالفشل التام.
ومن جديد اضطرت اميركا للجوء الى خدمات دركيها الاقليمي: اسرائيل. وقد كشفت الصحافة الاميركية والغربية ان التحضير للهجوم على لبنان، لتصفية الحساب مع حزب الله، وازالة "العقبة اللبنانية" من امام مشروع الهيمنة الاقليمية الاميركية، هذا التحضير بدأ قبل وقت طويل من حرب تموز 2006. ولكن عملية اسر الجنديين الاسرائيليين في 12 تموز 2006، من قبل حزب الله، من اجل تحرير اسرى لبنانيين وفلسطينيين وعرب، والتي قتل فيها ثمانية جنود اسرائيليين آخرين، هذه العملية المفاجئة ادت الى لخبطة الاجندة الاميركية ـ الاسرائيلية:
ـ وباعتبار أن عملية اسر الجنديين تمت "عبر" ما يسمى "الخط الازرق"، فلو لم ترد اسرائيل على العملية فورا، لسقطت هيبتها سقطة كبرى، وفتحت الباب لتكرار مثل هذه العمليات، ولكان ذلك بمثابة اعتراف ضمني بـ"حق" المقاومة بالقيام بعملياتها داخل "الارض الاسرائيلية"، تماما كما تدعي اسرائيل "حق" القيام بعمليات الاستطلاع والعمليات العسكرية "الوقائية" داخل الاراضي اللبنانية.
ـ ولو قامت اسرائيل برد "محدود"، مهما كان عنيفا ووحشيا، لما ادى ذلك الى تحقيق الهدف المنشود، وهو "التحييد" النهائي لحزب الله؛ بل على العكس تماما، لادى ذلك الى استنفار كبير، عسكري وامني وسياسي من قبل حزب الله خاصة، ولبنانيا وعربيا ودوليا عامة؛ وكان من شأن ذلك الفشل المؤكد للخطة التي كان يجري التحضير لها لضرب حزب الله وتصفيته النهائية، وتحويل لبنان الى "مزرعة اميركية".
ـ وهكذا حصلت اسرائيل على الضوء الاخضر من اميركا للشروع في تنفيذ خطة تصفية حزب الله، قبل الوقت المحدد لها.
ونظرا الى "تجربة" الحروب السابقة الاسرائيلية ـ العربية، بما في ذلك اجتياح لبنان في 1982، كانت اميركا واسرائيل على ثقة تامة بأن الدول العربية ستقف، في اسوأ الاحتمالات، موقف المتفرج، بما في ذلك النظام السوري الذي ـ وتحت العين الاميركية ـ كان ولا يزال يلعب "لعبة مزدودجة". وكان الطيران الاسرائيلي قد قام اكثر من مرة بضرب مواقع سورية في لبنان (رادار المديرج مثلا) وفي داخل الاراضي السورية ذاتها (الغارة على مخيم عين الصاحب)، دون ان يحصل اي رد سوري. وهذا ما جعل قيام الطائرات الحربية الاسرائيلية بالتحليق فوق القصر الجمهوري لسيادة الرئيس بشار الاسد بمثابة "تحية خاصة" له، اكثر منها عملا عدوانيا. وبناء على ذلك، وبالاستناد الى المعلومات التي توفرها الاقمار الاصطناعية الاميركية وشبكات التجسس الواسعة في لبنان، من معلومات دقيقة لاسرائيل، فقد كانت الادارة الاميركية والقيادة الاسرائيلية تريدان ان تكون "العملية الجراحية" لاستئصال حزب الله عملية قصيرة المدى، لا تستغرق بضعة ايام، مما لا يشكل حرجا لـ"الاصدقاء" العرب، الذين كانوا يتوقعون بفارغ الصبر هذه العملية. وقد سارع هؤلاء "الاصدقاء" فورا، بمن فيهم دولة السنيورة، للكشف عن وجوههم، بالاسراع الى التبرؤ من حزب الله والاعلان عن ادانة "مغامرته"، وتحميله مسؤولية الحرب والتدمير الاسرائيليين، ودعم العملية الاسرائيلية، مما ادهش ايهود أولمرت نفسه.
ولكن، وكما يقول المثل اللبناني "فإن حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر"، وقد فوجئت اميركا، الى جانب القيادة الاسرائيلية، و"الاصدقاء" العرب، بفشل خطة الحرب الخاطفة ضد حزب الله. وهذا ما اوقع البلبلة في صفوف الاميركيين والاسرائيليين و"اصدقائهم". فجرى تأخير اصدار اي قرار عربي مشترك، يدين الاعتداء، واستخدمت اميركا نفوذها لتعطيل اعمال مجلس الامن، ولاعطاء فرصة اضافية، اسبوع اولا، ثم اكثر، لاسرائيل، كي تنجز "المهمة" المقررة. ولكن مع تزايد ايام الحرب، واتساعها، وبالرغم من كل التدمير الفظيع الذي حل بلبنان، الى درجة سال معها دمع السنيورة نفسه، وجدت اميركا واسرائيل انهما قد "وقعتا هما في الفخ"، وان استمرار الحرب، واحتمالات تحولها الى حرب طويلة الامد، ليست في صالحما البتة، بل تهدد بتفجير المنطقة كلها، وخصوصا بضرب معنويات الجيش و"المجتمع" الاسرائيليين، بكل ما يترتب عليه من تهديد لوجود اسرائيل ذاتها وتحقيق "نبوءة" احمدي نجاد حول ازالة اسرائيل، التي هزأ بها البعض، واعتبرها البعض الآخر لا اكثر من "عنتريات" على الطريقة "العربية" المعهودة. ولهذا سارعت حينذاك الادارة الاميركية الى اتخاذ القرار الاممي لما سمته "وقف العمليات الحربية" (وليس وقف اطلاق النار) لانقاذ اسرائيل بالذات. وهذه هي المرة الاولى، في تاريخ الحروب الاسرائيلية ـ العربية، التي توقف فيها اسرائيل "اطلاق النار" (وان كان تحت اسم آخر)، قبل الطرف الآخر. كما سارعت اميركا الى استخدام كل نفوذها لاجل ايجاد اوسع توليفة ممكنة من القوات الاممية، وخصوصا الاطلسية، للفصل بين حزب الله واسرائيل، طبعا ليس خوفا على حزب الله ولبنان، بل خوفا على اسرائيل ذاتها. ولتغطية هذا الفشل الستراتيجي، العسكري والسياسي معا، تمت الموافقة على ارسال الجيش اللبناني الى الجنوب، لمنح غطاء لبناني لـ"القوات الدولية" لحماية اسرائيل.
XXX
ان عملية الانتقام الوحشي ضد المدنيين اللبنانيين والبنية التحتية ومقومات الحياة في لبنان، هذه العملية بحد ذاتها لا تكشف الطبيعة اللاانسانية والفاشية للصهيونية والامبريالية الاميركية وحسب، بل ـ وبالاخص ـ تفضح اعتراف اميركا واسرائيل بالهزيمة، التي كانت بمثابة مفاجأة كبرى للبنتاغون الاميركي ولهيئة الاركان الاسرائيلية، عسكريا، ولكل القيادات الاميركية والاسرائيلية، سياسيا.
وفي التفاصيل، حملت هزيمة حرب الـ33 يوما لاميركا واسرائيل سلسلة متكاملة من المفاجآت، منها:
1 ـ اولا، ظهر "العملاق المتوحش" الاميركي ـ الاسرائيلي، بأنه عملاق "اعمى"، بالرغم من كل ما يملك من اقمار اصطناعية واجهزة مخابرات متطورة، وشبكات تجسس واسعة من الخونة والعملاء و"الاصدقاء". وبنتيجة هذا "العمى" لم يستطع الوصول الى اي هدف ستراتيجي، او اي هدف مهم، من الاهداف التي كان يريد ضربها وتصفيتها. حتى القناة التلفزيونية لحزب الله، "المنار"، التي ضرب مبناها المكشوف، لم يستطع اسكاتها. وحينما ارادوا اعتقال او اغتيال السيد حسن نصرالله، الذي هو شخصية معروفة تماما لا تخفى على احد، ارتكبوا "مهزلة" لا تليق باجهزة مخابراتية ينفق عليها مليارات الدولارات، حينما شنوا عملية عسكرية ـ مخابراتية مركبة لاعتقال راع بسيط، كل ذنبه ان اسمه حسن نصرالله، والحمد لله انهم لم يعثروا على معزاته التي يعتاش منها هو وافراد عائلته. وفي هذه الحالة لا يمكن سوى التساؤل عن مدى جدوى الاجهزة المخابراتية الاميركية ـ الاسرائيلية، ومدى غباء المواطن الاميركي و"الاسرائيلي" الذي يستمر في دفع الضرائب لتمويل مثل هذه الاجهزة.
2 ـ بالرغم من الصفة المذهبية الفئوية، اي الجزئية، لحزب الله، فقد فوجئت القيادتان الاميركية والاسرائيلية بالتعاطف الوطني اللبناني الواسع جدا معه، مما حال، من جهة، دون تأليب القوى "الصديقة" لاميركا ضد المقاومة، ومما يمكن ان يكون له "ترجمته الميدانية" ايضا، لوجستيا وعسكريا.
3 ـ فوجئ العدو بالاداء القتالي الاستثنائي لابطال المقاومة، وبنوعية الاسلحة، وبامتلاك استعمال تلك الاسلحة، مما يدل على وجود قوة مقاتلة محترفة، في مستوى واقوى من اقوى جيش في المنطقة، وهو الجيش الاسرائيلي، وهي قوة ثورية يسندها شعب باسره.
4 ـ وقعت القيادة الاسرائيلية في "الشكوك" حيال اداء القوات الدولية الموجودة، وحيال الجيش اللبناني الذي كان لديها ضمانات بـ"حياديته" (مما دلت عليه فضيحة ثكنة مرجعيون، التي استقبل فيها الاسرائيليون بالاعلام البيضاء واكواب الشاي). وهذه "الشكوك" هي ما يفسر قيام الطيران الاسرائيلي بضرب بعض مواقع قوات الامم المتحدة، وضرب المدنيين الذين كانوا يلجأون اليها، مما اصاب سمعة ومصداقية الامم المتحدة باضرار لا يمكن اصلاحها، ومما كشف تماما الطبيعة العدوانية والفاشية لاسرائيل. ولكن اخطر ما وقعت فيه القيادة الاسرائيلية على هذا الصعيد هو ضرب مواقع وافراد الجيش اللبناني، وهو ما ستندم عليه اسرائيل اشد الندم، في الايام القادمة الحبالى، وما سيندم عليه بالاخص "اصدقاء" اميركا واسرائيل في لبنان.
5 ـ فوجئت القيادة الاسرائيلية تمام المفاجأة بتكتيك حرب العصابات المتطور جدا، والمتقن جدا، الذي خاض بواسطته ابطال المقاومة معاركهم، والذي ظهر فيه الجيش الاسرائيلي كمجموعة مفككة من الغانغستر وقطاع الطرق والزعران، الذين لا يمتلكون من مقومات القتال سوى قتل الشيوخ والاطفال والابرياء ونسف البيوت والمساجد والكنائس، التي لا يأتيهم منها اي خطر. والقيادة الاسرائيلية (والاميركية!) "تحك رأسها" عشر مرات الان وتتساءل بحيرة: هل ان حزب الله (الاسلامي) يرسل كوادره العسكرية للتدرب في فيتنام وكوريا الشمالية وكوبا (الشيوعية)، لامتلاك اسس وقواعد واساليب الحرب الشعبية وحرب العصابات، في ارقى اشكالها؟! فإذا كان ذلك كذلك، فإن الجانب العسكري لحزب الله، الذي مرغ انف الجيش الاسرائيلي، هو مصيبة كبرى على اسرائيل واميركا؛ ولكن المصيبة الاكبر عليهما هو الجانب السياسي ـ الفكري والايديولوجي. فإذا كان حزب الله قد تجاوز "الهوة الايديولوجية" التي تفصل "الاسلاميين" عن "الشيوعيين"، وارسى بداية "اللقاء الميداني العملي"، النضالي والجهادي والكفاحي والقتالي العسكري، بين التيار الاسلامي الشريف المناضل ضد الامبريالية والصهيونية وبين الجناح غير الانتهازي في الحركة الشيوعية العالمية؛ اذا كان ذلك كذلك، فـ"ابشري" حينذاك يا اميركا، ويا امبريالية، ويا صهيونية عالمية!!
6 ـ من اخطر ما فوجئت به القيادة الاسرائيلية في حرب تموز 2006، هو الاسلحة المتطورة التي استخدمها حزب الله ضد تجمعات الجنود، والدبابات، والبوارج، مما ضيق بشكل خانق "حرية الحركة" و"المرونة الميدانية" لدى الجيش الاسرائيلي. واخطر ما في هذه المفاجأة هو: استعمال السلاح المناسب لـ"الهدف المناسب". مثلا: دبابة ميركافا من الجيل الرابع (مفخرة الجيش الاسرائيلي حتى الامس القريب)، المجهزة كي لا تؤثر فيها الصواريخ المعروفة المضادة للدروع. فقد استخدم ضد هذه الدبابة صاروخ خاص ذو انفجار متتال مزدوج: الانفجار الاول يفتح الثغرة المطلوبة في درع الدبابة، والانفجار الثاني يدخل الى قلب الدبابة ويعمل وليمة شاورما لحم صهيوني لاولمرت وبيرتس وجورج بوش وموناليزا رايس. والملفت ان هذا الصاروخ الخاص كان صاروخا "ذكيا" ايضا، لا يقل ذكاء عن صواريخ جورج بوش التي كانت تبحث عن اطفال لبنان لقتلهم، بحيث انه اذا كانت هناك دبابة ميركافا جيل رابع بين مجموعة دبابات اخرى، فإن هذا الصاروخ الذكي كان يتوجه بالتحديد الى تلك الدبابة دون غيرها. والاستنتاج العسكري "البسيط" من ذلك هو ان رجال المقاومة كانوا يمتلكون لا الصاروخ المحدد، المتطور، فقط؛ بل وكانوا يمتلكون ايضا "المعطيات الفنية" (بما في ذلك ربما شيفرة البث الالكتروني) للهدف المقصود، الميركافا الجيل الرابع، او الهيليكوبتر او البارجة. فاذا كان حصول حزب الله على السلاح (الصاروخ) "المطلوب" يشكل مشكلة كبرى لاسرائيل، فإن مشكلتها الاكبر، والاكبر جدا، هي كيفية حصول حزب الله على المعلومات "المطلوبة" من داخل اسرائيل وجيشها الذي لا يقهر. ان هذه الوقائع دفعت اسرائيل الى احضان الشك القاتل بوجود علاقة لحزب الله ليس فقط بسوريا وايران، كما تتشدق كل صباح ومساء، وبكل بلاهة، ابواق الدعاية الاميركية؛ بل وبوجود علاقة له بروسيا، سواء مباشرة (وهو الارجح، لأن الروس لن "يمزحوا" في مثل هذه الحالة الدقيقة) او "بالواسطة"، عبر "الفلتر" الايراني و"الفلتر" السوري الذي يعمل تماما تحت انف "الاميركي الغبي". وهذا الشك القاتل هو بالتحديد ما دفع إيهود اولمرت للاسراع بالطيران الى موسكو، ما ان وضعت الحرب اوزارها، للاطمئنان لا على مستقبله السياسي، بل بالتحديد على "مستقبل اسرائيل" الذي سيكون على جدول اعمال "البحث الجدي" اذا كان "الدب الروسي" قد بدأ من جديد يتحرك على شواطئ البحار الدافئة. وهو ما يذكر، مرة اخرى، بـ"نبوءة" احمدي نجاد حول زوال اسرائيل (كدولة عنصرية، وليس كناس مستغفلين. ونقول ذلك حتى نطمئن مفكرين تافهين و"ماركسيين" مزيفين، مثل العفيف الاخضر وكريم مروة وحتى "الحريري الجديد" الياس عطاالله الذي باع نفسه بثلاثين من التنك). وربما هذا ما دفع اولمرت لأن يتحالف مع العنصري الروسي ليبرمان، لاستمالة الكتلة اليهودية "الروسية" في اسرائيل. وهذا ـ استطرادا ـ ما يفرز واقعين سياسيين خطيرين في اسرائيل وهما:
اولا ـ ان القيادة الاسرائيلية بدأت تفلت من ايدي الاشكناز (اليهود البيض والغربيين) لتنتقل الى ايدي اليهود الشرقيين و"العرب" (باراك، بيرتس)، والان الى ايدي اليهود "الروس" (شارانسكي، ليبرمان).
ثانيا ـ اذا كان الحكام العرب من الضعف والتهافت والانبطاح امام اميركا انهم لا يستطيعون الافادة من هذه الظاهرة، لمد الجسور مع اليهود الشرقيين و"العرب" لنسف اسرائيل "من الداخل"؛ فإن روسيا ليست كذلك. والقيادة الروسية لن تتوانى عن استخدام الجالية اليهودية "الروسية" في اسرائيل، لاجل الانتزاع التدريجي للورقة الاسرائيلية من ايدي اميركا واستخدامها من ضمن مخططاتها هي الستراتيجية. وبالعلاقة المزدوجة لروسيا، مع العرب، من جهة، ومع الداخل الاسرائيلي، من جهة ثانية، فإن اسرائيل تصبح "مكشوفة الجانب"، سياسيا وامنيا وعسكريا، وتحت رحمة القيادة الروسية تماما. وطبعا ان "حالة" كهذه لن تغيب بتاتا عن نظر القيادة الحكيمة لحزب الله.
7 ـ امام هذه المفاجآت "عما كان" في حرب تموز ـ آب، فإن القيادة الاسرائيلية (والاميركية) لا بد ان تتساءلا عن المفاجآت التي "لم تكن" ويمكن "ان تكون". فماذا يمنع، مثلا، ان تكون كل الضجة القائمة حول تخصيب اليورانيوم وانتاج الطاقة النووية في ايران جزءا من عملية كاموفلاج او تغطية اعلامية، وسياسية ونفسية، لقيام روسيا او الصين ـ سرا بالطبع ـ (وكما تم ذلك مع كوريا الشمالية) بتسليم ايران القنبلة النووية الجاهزة؟؟؟ واكثر من ذلك: امكانيات انتاج القنابل الذرية التكتيكية الصغيرة، التي يمكن استخدامها ميدانيا من قبل مقاتلي حرب العصابات، سواء كحشوة صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، او كمتفجرات، او كأحزمة ناسفة لمقاتلين استشهاديين، معهم ايمانهم بالله وشعوبهم وكل شعوب العالم المظلومة. وماذا لو ان مثل هذه القنابل اصبحت الآن في حوزة مقاتلين مثل مقاتلي حزب الله، في الوقت الذي يلهو فيه البروفسور محمد البرادعي بالمسرحية اللامعقولة حول حرمان ايران من الطاقة النووية للاغراض السلمية في حين تنام اسرائيل على مئات القنابل النووية الموجهة ضد السد العالي وسد الرستن والبلدان العربية؟؟؟
XXX
وبعد ان فشلت الادارة الاميركية (والقيادة الاسرائيلية) في تصفية حزب الله وتركيع الشعب اللبناني في حرب تموز ـ آب، عادت الآنسة المحترمة جدا كونداليزا رايس لرفع شعار "الفوضى البناءة"، التي تطبقها اميركا بنجاح الان في العراق الذبيح. وتحت سمع وبصر اجهزة السنيورة وفتفت تم اغتيال الوزير الكتائبي بيار الجميل الحفيد، وتماما كما يفعل "اللص الظريف" بدأوا يتراكضون في كل الاتجاهات ويصيحون بهستيريا "اقبضوا على القاتل". وهم يسعون الآن بشكل محموم لاشعال فتنة مذهبية سنية ـ شيعية، وفتنة طائفية مسيحية ـ اسلامية. وللاسف انه يقف الى جانبهم بعض الاذناب من الوطنيين واليساريين السابقين مثل "خائن الشيوعية" و"النائب الحريري" الياس عطاالله، والزعيم الوطني السابق وليد جنبلاط، الذي تنكر تماما لكل تراث كمال جنبلاط وانتقل كليا الى معسكر اميركا واسرائيل والسعودية وجعجع والسنيورة، بالحجة الكاذبة: حجة الوقوف ضد النظام الدكتاتوري السوري الذي قتل كمال جنبلاط بأمر من اميركا، علما انه هو نفسه ـ اي وليد جنبلاط ـ كان على درجة عالية من الوطنية والرجولة والوفاء لابيه وللطائفة الدرزية الكريمة انه سبق وسار مع هذا النظام قبل ان يجف دم كمال جنبلاط.
ولكن امام اليقظة الوطنية العالية التي ابداها حزب الله والمعارضة الشعبية عامة، فإن مخطط ايقاظ الفتنة فشل فشل ذريعا الى الآن. ولكن من الخطأ الاعتقاد ان الخطر قد زال. وان ما يجري في العراق من جرائم وحشية يدل ان ارباب واذناب المخطط المرسوم ضد لبنان لن يتورعوا عن ارتكاب اي جريمة، مهما بلغ من وحشيتها.
وما يمنع القوى الوطنية والشعبية من تكسير ايدي وارجل ورؤوس المتآمرين على الشعب اللبناني وجعلهم عبرة لمن يعتبر ولا يعتبر، هو فقط خطر اندلاع الفتنة الطائفية والمذهبية وعودة الحرب الاهلية.
ولانقاذ لبنان من المخطط الجهنمي، دعا حزب الله وحلفاؤه الى الاعتصام السلمي في وسط بيروت، حيث تقوم "ثورة ارز" حقيقية ضد اميركا واسرائيل واذنابهما اللبنانيين في السلطة وخارجها. ويشارك في هذا الاعتصام مئات الالوف من ابناء الشعب اللبناني، من مختلف الطبقات والفئات الشعبية، ومختلف الاحزاب والاتجاهات السياسية والايديولوجية من الاسلاميين الى الشيوعيين والعلمانيين، ومختلف المذاهب والطوائف الدينية، وهو يستمر بنجاح منذ الاول من كانون الاول الجاري. وقد تميز الاعتصام بالوعي السياسي الرفيع والانضباط وعدم الانجرار الى الاستفزازات التي بلغت حد التعدي على بعض المعتصمين واغتيال احد الشبان وجرح العشرات. ولكن الجماهير ردت على هذه الاستفزازت المشبوهة بالمزيد من الوعي ورص الصفوف.
وقد طرحت المعارضة تشكيل "حكومة وفاقية" ("وطنية") يكون فيها للمعارضة (الاقلية النيابية) ما يسمى "الثلث المعطل" او "الثلث الضامن" لضمان المشاركة الفعلية في القرارات الرئيسية في شؤون الدولة. وقد طرح الجنرال عون، ومن ثم السيد حسن نصرالله في خطابين اخيرين، انه اذا لم ترض الاكثرية النيابية، التي لا تعبر اطلاقا عن الاكثرية الشعبية في البلاد، بهذا المطلب في الوقت المناسب، الذي تحدده المعارضة، فإنها ـ اي المعارضة ـ ستطرح شعار اسقاط الحكومة والمجيء بحكومة موقتة انتقالية مهمتها اجراء انتخابات نيابية مبكرة، على ان يقوم المجلس النيابي الجديد بتشكيل حكومة جديدة. وقال السيد حسن نصرالله انه من المؤكد ان الانتخابات النيابية الجديدة ستقلب الموازين وتأتي بالمعارضة الحالية الى الحكم، وقد طمأن "الاكثرية" الحالية بأن حزب الله وحلفاءه سيعطون الاقلية القادمة الثلث المعطل، ترسيخا لمبدأ "المشاركة" في الحكم لكل الاطياف السياسية والطائفية.
ويتضح الان يوما بعد يوم ان "السيارة مش عم تمشي" لا "بدفشه" ولا "بلا دفشه" (بالاذن من فيروز)، وان الحكم اصبح مجمدا تماما، وحكومة السنيورة المشبوهة (التي كشف السيد حسن نصرالله في خطبته الاخيرة ان بعض اركانها كانوا قد طلبوا ابان حرب تموز ـ آب استمرار الحرب حتى القضاء على حزب الله، وان بعضهم ايضا وبعض اجهزتها قد ترصدوا تحركات السيد حسن لارشاد الطيران الاسرائيلي الى مكان وجوده من اجل قصفه واغتياله)، ـ هذه الحكومة اصبحت في حكم الساقطة.
XXX
والمخرج من الازمة الحالية يتمثل فقط في:
ـ اما نجاح مخطط الفتنة، الذي تشارك فيه الاوساط المشبوهة في اجهزة السلطة القائمة.
ـ واما السير بخطة المعارضة ونجاحها.
وفي الحالة الاخيرة هناك سؤال مركزي له اهميته الستراتيجية الفاصلة، سياسيا وعسكريا:
ـ هل سيشارك حزب الله في السلطة، بما في ذلك اندماج المقاومة في الجيش والقوى المسلحة اللبنانية، عملا بورقة العمل الموقعة من قبل حزب الله والتيار العوني في 6/2/2006 ؟؟
في الظاهر، يبدو ذلك انتصارا ومكسبا وطنيا كبيرا.
ولكن في رأينا المتواضع ان مثل هذا التطور للمجريات هو اكبر خطر سيمر بلبنان والشعب اللبناني في المرحلة التاريخية الراهنة. فبعد ان عجز الجيش الاسرائيلي عن ضرب حزب الله، وعجز مخطط اشعال الفتنة عن اغراقه في المستنقع الطائفي والمذهبي الكريه، فإن دمج حزب الله في الدولة اللبنانية هو اكبر "فخ" سياسي وامني وعسكري ينصب لحزب الله وللبنان والشعب اللبناني.
فاذا تم، لا سمح الله، الوقوع في فخ دمج حزب الله في الدولة اللبنانية، فإنه سيقع لا محالة في المحاذير التالية:
1 ـ انه سيصبح ملزما بالسقف "الشرعي" اللبناني، تحت شعار "لبنان اولا" (الذي ليس "صدفة!" ان رفعه "حديث الكار بالسياسة" سعد الحريري، وهذا الشعار هو تكرار لشعار "مصر اولا" الذي سبق ورفعه السادات ليبرر كامب دايفيد، ثم رفعه النظام الاردني ليبرر الاتفاق مع اسرائيل، ويطبقه عمليا النظام السوري فيما ما يسمى اتفاقية فصل القوات التي وقعها هذا النظام مع اسرائيل سنة 1974، ولا يزال بموجبها يحمي احتلال اسرائيل للجولان).
لقد قامت القيامة ولم تقعد بعد حينما قام حزب الله بأسر الجنديين الاسرائيليين عبر الخط الازرق في 12 تموز 2006. وشنت الحرب الاسرائيلية تحت هذه الحجة. فإذا قامت اسرائيل بالانسحاب من بلدة الغجر ومن مزارع شبعا، وسلمتهما الى القوات الدولية، فهل سينتهي دور حزب الله كمقاومة شعبية عربية ـ اسلامية ضد اسرائيل؟ وهل سيترك الشعب الفلسطيني لوحده كي يواجه الآلة العدوانية الوحشية الاميركية ـ الاسرائيلية؟ وماذا سيكون رد الفعل لدى الشعب الفلسطيني حينذاك؟ سيفقد الايمان نهائيا بالعروبة وبوحدة الشعوب الاسلامية، وسينتصر اتجاه الاستسلام والتفاهم مع الدولة الاسرائيلية، وربما تتسابق بعض الفئات الفلسطينية الجائعة واليائسة والحاقدة للانضمام الى الجيش الاسرائيلي ذاته والقتال في صفوفه، تماما كما كان يفعل مئات الوف الجزائريين والمغاربة والسنغاليين والباكستانيين والهنود في الجيشين الفرنسي والانكليزي. وماذا سيكون عليه حينذاك مصير لبنان، واي دولة عربية اخرى. قبل ان ينسحب الاميركيون من الفيتنام حاولوا "فيتنمة" الحرب (اي ضرب الفيتناميين بالفيتناميين) وفشلوا. وهل هناك من يعتقد ان اسرائيل لن تحاول "تعريب" الصراع العربي ـ الاسرائيلي، بمساعدة الخونة العرب، وهم اكثر من الهم على القلب، وبمساعدة وتمويل النفط العربي، بحجة ضرب "الهلال الشيعي" او اي حجة قذرة اخرى؟؟
ان هذا لا يعني ان يعمد حزب الله، مهما كانت الظروف، ان ينصب صواريخه ويبدأ بقصف الاراضي المحتلة كيفما كان. ولكنه في الوقت نفسه لا يعني التبرؤ من الجوهر القومي للقضية الفلسطينية والصراع ضد الصهيونية العالمية والامبريالية الاميركية، وايجاد الاشكال المناسبة، في كل ظرف، لتعريب المعركة الوطنية لكل شعب عربي ضد الاعداء المشتركين الذين هم اعداء الامة العربية وشعوب العالم باسرها.
2 ـ اذا سلمنا جدلا بصوابية دمج المقاومة بالجيش (كما يحلم الرفيق وليد بك جنبلاط، الذي كان قد سلم كل اوراقه الى المرحوم غازي كنعان، ثم سلمها بعده الى الست غونداليزا رايس، ولا يريد ان يبقى احد خارج الزريبة الاميركية)؛ واذا سلمنا جدلا بصوابية التخلي عمليا عن فلسطين المحتلة والشعب الفلسطيني المظلوم، حتى لا نكون "كاثوليكيين اكثر من البابا"، وذلك اسوة بفخامة الرئيس الامجد محمود عباس افندي وزمرته المتأمركة، الذين تخلوا ويتخلون عن الناصرة وحيفا ويافا وتل ابيب والقدس؛ واذا سلمنا جدلا بصوابية الاكتفاء بسياسة "الدفاع" بل و"الدفاع الفعال" ضد العدوان الاسرائيلي على لبنان، فلمن سيكون قرار القتال حينذاك، للجيش المدموجة فيه المقاومة، ام للمقاومة التي يسير الجيش في معيتها؟؟ وهل ستطبق في مواجهة العدوان الاسرائيلي ستراتيجية الحرب النظامية؟؟ ام ستراتيجية حرب العصابات وحرب التحرير الشعبية؟؟
لا حاجة بنا للتذكير بما حل بنا في جميع الحروب التي خيضت على قاعدة ستراتيجية الحرب النظامية، والتي قدم فيها ارواحهم عبثا عشرات الوف الجنود والضباط العرب الشرفاء، الذين لا يسعنا الا ان نترحم عليهم، ونبدي الاسف لتضحيتهم بحياتهم ليس في سبيل لا شيء، بل في سبيل الهزائم المرة امام اسرائيل، وهو ما كانت ولا تزال تريده وتخطط له جميع الانظمة "العربية" السايكس ـ بيكوية، بما فيها طبعا النظام اللبناني، الذي ـ ككل تلك الانظمة ـ نشأ اساسا على الخيانة الوطنية والقومية، ايا كانت "العباءة" التي يمكن ان يلبسها.
3 ـ في حال اشتراك حزب الله في الدولة، بصورة عامة، وعلى المستوى العسكري خاصة، اي ايجاد صيغة تنسيق لقوات المقاومة مع الجيش اللبناني من ضمن تصور استراتيجي وطني موحد لمواجهة عدوان اسرائيل، كما ترى ورقة التفاهم بين حزب الله والتيار العوني الصادرة في 6/2/2006، ـ في هذه الحالة سينشأ بالتأكيد اكبر خطر لكشف وتصفية حزب الله تصفية كاملة او شبه كاملة، اما بمؤامرة داخلية تشارك فيها جميع الطوابير الخامسة، ذات الالوان الطائفية المختلفة، في لبنان، واما باخراج سيناريو عدوان اسرائيلي جديد يستهدف الكوادر الرئيسية والمواقع العسكرية والاعلامية واللوجستية والاجتماعية لحزب الله، بالتنسيق الكامل مع الطوابير الخامسة "اللبنانية". ذلك ان "الدولة اللبنانية" هي دولة "ملغومة" منذ نشوئها بأجهزة الاستخبارات المعادية، الفرنسية والانكليزية والاميركية و"العربية" وصولا الى الاسرائيلية، المندمجة بشكل عضوي مع الاجهزة الامنية "اللبنانية" التي تقوم مهمتها الرئيسية ليس على حماية لبنان من الاعداء الخارجيين، بل التعاون مع الاعداء الخارجيين ضد الاعداء "الداخليين" للدولة، اي ضد القوى الوطنية والتقدمية واليسارية والاسلامية الشريفة اللاطائفية. وحزب الله اليوم هو العدو الاكبر لهذه الاجهزة، وهي تتحين الفرص للفتك به وبكل حلفائه. وهذا ينطبق ايضا على النظام الدكتاتوري السوري، الذي فرض وصايته على لبنان حوالى ثلاثين سنة بتفويض اميركي. وقد عمل النظام السوري على ضرب المقاومة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية في لبنان، كما حاول القضاء على المقاومة الاسلامية منذ البداية، ولكنه فشل لاسباب سياسية ـ اقليمية لا مجال لمناقشتها الان. وقد استطاع حزب الله ان ينجو من التصفية لان تشكيلات المقاومة كانت تعمل بشكل سري، بعيدا عن الاجهزة الامنية والعسكرية اللبنانية والسورية وغيرها. ودمج حزب الله بالدولة، ومن ثم دمج المقاومة بالجيش والقوات المسلحة اللبنانية يعني ان حزب الله، ومعه الاتجاهات الوطنية اللبنانية بأسرها، يسيران بظلفهما الى حتفهما المحتوم. فهل سيرتكب حزب الله هذا الخطأ المميت؟ وفي حال تشكيل ما يسمى "حكومة وحدة وطنية" كما يطالب حزب الله وحلفاؤه، هل ترضى الاطراف الاخرى، بما في ذلك الجنرال عون وبعض حلفاء حزب الله الاخرين، بأن تحتفظ المقاومة الاسلامية والوطنية، لأي حزب كان، بالسرية التامة حيال الجيش اللبناني والاجهزة الامنية اللبنانية والعربية والاجنبية، من ضمن صيغة الستراتيجية الوطنية الموحدة لمواجهة العدوان الاسرائيلي؟؟
4 ـ والى جانب الخطر الامني على المقاومة، فإن المشاركة المباشرة في السلطة تنتج اوتوماتيكيا عدة مخاطر سياسية واجتماعية اهمها:
أ ـ ان حزب الله هو حزب ديني ـ مذهبي تنظيميا، ولكنه في الممارسة الكفاحية برز كحزب وطني بامتياز، ولهذا استقطب تعاطفا وطنيا شاملا، من كل المذاهب والطوائف. اما المشاركة في السلطة، في هذه الدولة اللبنانية ـ ذات الكيان "التوافقي الطائفي"، فإن حزب الله سيكون مضطرا للمشاركة من ضمن "الكوتا" الطائفية للطائفة الشيعية، وهذا ما سيضعفه الى اقصى حد لانه سيرسخ صفته الطائفية على حساب الطابع الوطني الذي اكتسبه كمقاومة.
ب ـ ان حزب الله لا يطرح (او لم يعد يطرح، او لا يطرح علنا في الوقت الحاضر من باب التكتيك السياسي) اقامة "جمهورية اسلامية ـ شيعية" في لبنان، وبالتالي القضاء على جهاز الدولة القائمة واقامة جهاز دولة اسلامية ـ شيعية لا يوافق عليها غالبية اللبنانيين. ولو كان يطرح مسالة افامة "دولة اسلامية ـ شيعية" لكان ينبغي مناقشته على هذا الاساس. الا انه يطرح "المشاركة" في الدولة الحالية. وهذه الدولة مبنية على الفساد، من اعلى مؤسسة الى اصغر موظف فيها. وهو فساد معشش من قبل ايام المتصرفية الى اليوم. فهل سيتعايش حزب الله وحلفاؤه مع هذا الفساد، وينزلقوا فيه ايضا، وان بأشكال "مخففة" تعتمد على "الاخلاق الفردية" لكل موظف؟ او هو سيشن حربا على الفساد في هذه الدولة؟ فاذا كان ذلك كذلك، فلماذا لا تبدأ الحملة ضد الفساد قبل "المشاركة"، حتى يكون الموقف من الفساد ذا مصداقية فعلية، وليس كما يجري الان، اي طرح بعض الكلمات العامة حول معارضة الفساد، بما يعني بعض المسؤولين الكبار فقط، وحتى هذا ليس طرحا جديا. وعدم فتح معركة شاملة ضد الفساد، ومحاسبة كل جهاز الدولة من رئيس الجمهورية الى الحاجب في اصغر دائرة، كشرط مسبق لـ"المشاركة" في الدولة، يعني فسح المجال لـ"المشاركة" في كعكة الفساد، اي فسح المجال لانصار حزب الله وحلفائه للانجرار هم ايضا الى مستنقع الفساد، تماما كما جرى للشهابية فيما مضى، وللجنبلاطيين وغيرهم من الوطنيين الذين "شاركوا" في هذه الدولة.
ج ـ ان السلطة، ايا كانت، لا يمكن ان تستقطب عامة الشعب. وحتى لو كانت سلطة شريفة وغير فاسدة فهي معرضة للاخطاء على مختلف المستويات العليا والدنيا. وبمشاركة حزب الله مباشرة في السلطة، فإنه حتما سيتحمل تبعات هذه الاخطاء والدفاع عن السلطة. وبالتالي فهو سيفتقد الالتفاف الشعبي الذي يحوزه كمقاومة، اي ان حزب الله ـ السلطة سيكون سببا رئيسيا لاضعاف شعبية حزب الله ـ المقاومة، والشعبية هي مصدر قوته الرئيسية.
د ـ ان مشاركة حزب الله وحلفائه في السلطة يعني افتقاد وجود "الرقيب الشعبي" ـ لا سيما المقاوم والثوري ـ على اداء السلطة. وقد اثبتت تجربة كل القوى "الثورية" العربية التي جاءت الى السلطة، ان "سلطتها" كانت بداية الطريق للانفصال عن الشعب، ولاضعاف ومن ثم لضرب المعارضة الشعبية للسلطة (بحجة ضرب المعارضة للمقاومة والثورة)، ومن ثم لانحراف تلك السلطة وبالاخص انحراف القوى "الثورية" فيها. وسيكون من باب الادعاء الفارغ، في رأينا، القول بأن حزب الله سيشذ عن هذه القاعدة المجربة، وسيستطيع ان يكون "سلطة دولة" و"معارضة شعبية" في الوقت ذاته.
XXX
في خطابه الاخير في 6/12/2006، الموجه الى جماهير المعتصمين في وسط بيروت، قال السيد حسن نصرالله: "إنني أعلن أمامكم بوضوح: إن المقاعد الوزارية التي تعطى لحزب الله في حكومة الوحدة الوطنية سنتخلى عنها ليشارك فيها حلفاؤنا في المعارضة. نحن لسنا طلاب سلطة ولا طلاب منصب، نحن أصحاب قضية".
وهذا طرح في غاية الاهمية. ولكن السؤال:
ـ هل هذا تعبير عن "التواضع السياسي" و"التطمين السياسي"، العابر والمؤقت؟! وهذا يدل على وطنية صادقة و"اخلاق سياسية" رفيعة، انما لا يغير في جوهر الامور شيئا.
ـ ام هو تعبير عن فهم جديد لموضوعة السلطة، وعلاقة "المقاومة" و"الثورة" و"التنظيم الثوري" بالدولة؟! وهذا شيء جديد تماما على الساحة العربية برمتها، وربما في العالم اجمع.
وفي هذه الحالة يتوجب على حزب الله ان يطرح هذا المفهوم للمناقشة علنا وبصدق وتوسع، وبمشروع سياسي واضح، كي يكون مادة تثقيف جماهيري واسع النطاق، وكي يكون برنامجا ملزما، كشرط ضروري لامكانية نجاح هذا الطرح "الثوري" الجديد.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ـ* كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخاطر تجديد الحرب الاهلية في لبنان والمسؤولية التاريخية لحزب ...
- هل ينجح -حزب الله- في اجتياز حقل الالغام الداخلي؟
- دعوة حزب الله لانشاء -دولة قوية، قادرة وعادلة- وجامعة الدول ...
- اي -حكومة وحدة وطنية- يريد السيد حسن نصرالله؟
- السقف المنخفض للوطنية القطرية في مواجهة اسرائيل
- وليد جنبلاط... اعتذار كلامي لا يكفي!
- لبنان اسرائيل: من سيقتلع من؟
- ....والافلاس التاريخي ل-الوطنية النظامية- العربية
- نصر...! وأما بعد...!
- الافلاس التاريخي لستراتيجية الحرب النظامية العربية
- الخطة الاميركية الاسرائيلية لتطويع لبنان... امام المفاجآت!!
- لبنان ليس الجولان ولن يكون ارمينيا
- العدوان لا يستهدف فقط لبنان
- المسيحية: البوتقة الايديولوجية القومية، الاولى والاساسية، ل ...
- ويبقى السؤال: من سلّم الجولان بدون قتال، وهادن الاحتلال، ولم ...
- المسيحية: الديانة القومية الاولى للعرب
- أول أيار والدور الاممي الخاص للطبقة العاملة العربية
- الارمن ضحية العنصرية التركية والتآمر الغربي على مسيحيي الشرق
- بكركي محاورا تاريخيا
- المأزق الوجودي لاسرائيل!


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - الدور المتنامي لحزب الله ومحاذير الاندماج بالدولة اللبنانية