أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - دعوة حزب الله لانشاء -دولة قوية، قادرة وعادلة- وجامعة الدول السايكس بيكوية!!















المزيد.....



دعوة حزب الله لانشاء -دولة قوية، قادرة وعادلة- وجامعة الدول السايكس بيكوية!!


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 1728 - 2006 / 11 / 8 - 11:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مقالة سابقة طرحنا للنقاش مفهوم "حكومة الوحدة الوطنية" التي دعا اليها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في احتفال النصر في 22 ايلول الفائت.
وهو طرح تلك الدعوة، كمدخل لشعار بناء "دولة قوية، قادرة وعادلة".
اننا نأسف اشد الاسف ان ينزلق حزب الله بهذه السرعة الى مشاريع "الدولة" ـ ايا كانت الصفات التي تطلق عليها ـ مما نخشى ان تصح معه في هذه الحالة بعض الامثال الشعبية اللبنانية الحكيمة مثل: "زبـّب قبل ان يحصرم" او "ما متت، ما شفت مين مات"!
ونسمح لانفسنا بالتساؤل: ماذا تعني هذه الدعوة الى انشاء "دولة قوية، قادرة وعادلة"؟
وهل تستجيب تطلعات "حزب الله" الى بناء دولة قوية وقادرة، تؤمن المواجهة العسكرية مع اسرائيل، والتنمية والعدالة الاجتماعية للشعب اللبناني، بمشاركة "هذه الدولة اللبنانية" وفي ظل "منظومة سايكس ـ بيكو" العربية ـ الاسرائيلية، وخصوصا اذا كان ذلك بالتعاون مع النظام الدكتاتوري السوري العميل الذي سلم الجولان الى اسرائيل بدون قتال وقضى، بالنيابة عن اسرائيل، على "جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية"، وعجز في حينه عن القضاء على "المقاومة الاسلامية"؟
ХХХ
مع كل غنى وعظمة وحتى قدسية تجربة "المقاومة الاسلامية" و"حزب الله"، فإنه لا بد من التأكيد ان هذه التجربة لم تأت من فراغ، ولم تبدأ من صفر. بل هي، وايا كان نوع الايديولوجية او الوعي الذاتي لـ"حزب الله" لنفسه، استكمال لتجربة الحركة الوطنية والتقدمية العربية برمتها.
واذا كان حزب الله قد تأسس في اعقاب الاجتياح الاسرائيلي في 1982، تحت تأثير نجاح الثورة الاسلامية في ايران ووكرد فعل على الاجتياح الاسرائيلي للبنان، فبالامس فقط فإن الحزب الشيوعي اللبناني، مؤسس "جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية" والحليف الوطني الحقيقي والشريك الصادق لـ"حزب الله" المقاوم، قام بالاحتفال بالذكرى السنوية الـ82 لتأسيسه. وبهذه المناسبة يمكن ايراد الحقيقة البسيطة التالية: قبل ظهور حزب الله، فإن اجيالا واجيالا من الثوريين والمناضلين في لبنان والبلدان العربية الاخرى، التقدميين والشيوعيين والقوميين والاسلاميين الواعين والشرفاء، من المحيط الى الخليج، قد افنوا اعمارهم وقدموا دماءهم وحيواتهم في الكفاح ضد الامبريالية والصهيونية والرجعية ولاجل بناء "اوطان!" عربية مستقلة، متقدمة ودمقراطية. ومن حق "حزب الله" أن "يستفيد"، كما ومن واجبه أن يأخذ في الاعتبار كل دروس وعبر هذه التجربة العظيمة، المأساوية وشديدة الغنى.
وحينما يطرح "حزب الله" اليوم شعار "الدولة القوية، القادرة والعادلة" لا بد ان نتذكر:
ـ تجربة كمال جنبلاط والشيوعيين اللبنانيين والحركة الوطنية اللبنانية، السابقة على المقاومة الاسلامية، والتي بدونها لم يكن الان من وجود لأي وطني وعروبي يمكنه ان يرفع رأسه في لبنان، ولم يكن من وجود لحزب الله ذاته.
ـ الثورة المصرية والتأميم والتصنيع والاصلاح الزراعي وبناء السد العالي وشعار "الاشتراكية العربية" و"الدمقراطية الاجتماعية" للناصرية.
ـ ثورة 14 تموز 1958 وانجازاتها التحررية والاصلاحية والدمقراطية في العراق.
ـ ثورة المليون ونصف المليون شهيد، والتحرير وتجربة الدمقراطية المباشرة والتسيير الذاتي في الجزائر.
ـ الثورة وحرب التحرير الشعبية ضد الاستعمار البريطاني، وتجربة بناء "الاشتراكية" على النمط السوفياتي في اليمن الجنوبية.
ـ الثورة الفلسطينية والعمل الفدائي والمقاومة الفلسطينية العظيمة التي ضربت ولا تزال تضرب في صميم اسرائيل ـ العصب الحساس او النخاع الشوكي لآلية الطغيان المزدوجة الامبريالية الاميركية ـ الصهيونية.
ـ التجربة البعثية لبناء الدولة القوية في سوريا.
ـ وحتى التجربة البعثية لبناء الدولة القوية والغنية في العراق.
ـ وغير ذلك من حركات التحرير والاصلاح في مختلف الاقطار العربية.
ـ ناهيك عن تجارب "الاصلاح" و"العصرنة" وبناء المجتمعات الاستهلاكية المرفهة في "جزر" المشيخات العربية العائمة على بحور النفط.
فإلى ماذا انتهت كل هذه التجارب؟
ـ تواطأت اميركا ومنظومة سايكس ـ بيكو (وحجر الاساس فيها:اسرائيل) على تلزيم "الساحة" اللبنانية للنظام الدكتاتوري السوري، الذي تولى تصفية كمال جنبلاط، والتواطؤ لـ"إخفاء" الامام موسى الصدر، وضرب الحركة الوطنية والمقاومة وجماهير الشعب الفلسطيني في لبنان.
ـ مصر الناصرية انتهت لان تتحول اليوم الى مدى حيوي لاسرائيل ومركز نفوذ للصهيونية العالمية والامبريالية الاميركية.
ـ تحطمت تجربة الجزائر، وقضى بن بله نفسه 14 سنة بدون محاكمة في سجن "دولته الدمقراطية الشعبية"، وتحولت سلطة الجيش الذي كان تابعا لجبهة التحرير الوطني الجزائرية الى نموذج للفساد المالي والاخلاقي والعهر السياسي، مما شجع التيارات الاسلامية التكفيرية العمياء التي لا تجد من "قضية لها" سوى بعض المسائل الثانوية والسطحية مثل تبرج المرأة والحجاب وما الى ذلك، ولا تجد من متنفس لغضبها المشروع او غير المشروع، سوى الفقراء والمساكين الذين تطالهم يدها من الاطفال والنساء والعجزة من آباء وامهات رجال الدرك والجيش البسطاء والموظفين الصغار في "الدولة الكافرة".
ـ بيعت الثورة التحررية الاصلاحية في عمان والخليج ببعض الوظائف السلطانية وبأقل من ثلاثين من الفضة.
ـ اقتتلت عشائر "الرفاق الماركسيين" في اليمن الجنوبية، وتبخرت احلام "الاشتراكية"، وبقيت تحلق عاليا فقط احلام القات واسعاره الخيالية التي، جنبا الى جنب الدعوات الدينية التخديرية، تزيد ابناء الشعب اليمني الفقير فقرا وتسطيلا.
ـ وفيما العلم الاسرائيلي يرفرف عاليا في مرتفعات الجولان منذ 40 سنة، والسياح الاسرائيليين يتنعمون بالاستحمام في مياه الحمة المعدنية، فإن رستم غزاله ورنا قليلات والبعث الاسدي كله، في حماه وتدمر وسراديب عنجر و"بنك المدينة" وكل مدينة ودسكرة في سوريا ولبنان، بالوا على شعارات "وحدة، حرية، اشتراكية". ولكنه ـ اي البعث الاسدي ـ ظل يرنو بحسرة الى مزارع شبعا التي يريد ان يستردها له المقاومون اللبنانيون، لا لشيء الا لاننا "شعب واحد في دولتين" تريد ان تتحكم به عصابة بعثية واحدة ـ ذات رسالة "خالدة".
ـ غرق الثورة الفلسطينية في مستنقع "اوسلو" وما يسمى "السلطة الوطنية الفلسطينية" التي تسير او تسيّر على "خارطة طريق" لا لتحرير اي شبر من فلسطين المحتلة، بل لتضليل وتمزيق الشعب الفلسطيني البطل ودفعه الى الحرب الاهلية فيما بين الاشقاء والاستسلام "السلمي" امام العدو.
ـ تحول العراق الى قاعدة للاحتلال الاميركي، وسجن عام للشعب العراقي المظلوم، الذي أنزل الاميركيون عن ظهره عميلهم السابق "المحروق" الدكتاتور صدام حسين ليضعوا بدلا عنه عصابة جديدة من الحكام الدمى ـ الخونة، الى جانب عصابات من القتلة الطائفيين المسعورين الذين يستميتون، كل من جهته، لحرف المقاومة الوطنية ضد الاحتلال عن طريقها الصحيح، ولتقطيع اوصال العراق و"فدرلته" ودفعه الى الحرب الاهلية وتحويله الى مقبرة جماعية للشعب العراقي الابي.
ـ وقد ترافقت كل هذه المآسي، طبعا، مع الهزائم المخجلة امام الجيش الاسرائيلي في الحروب الاسرائيلية ـ العربية السابقة.
ـ وحتى شيوخ النفط اصبحوا ـ لمجرد كونهم مسلمين وعربا، بمجرد الولادة ـ موضع هزء وشماتة وابتزاز واتهام بدعم ما يسمى "الارهاب الاسلامي"، في العالم الغربي "المتمدن" الذي يلوذون بأذياله، اكثر مما كانوا في اي وقت مضى.
ـ ولم ينجُ بجلده من الغرق في نفطه سوى النظام الليبي، الذي لم يكن يرضى بأقل من قيادة العالم الى "الطريق الثالث"، طريق "الكتاب الاخضر"، مجهول الاصل والفصل، فلم يبق لهذا النظام الا التعلق مع حرسه النسوي بطوق نجاة "الاستسلام الدمقراطي" الذي القت له به السي آي ايه والموساد.
طبعا ان القوى الوطنية المناضلة، اليسارية والقومية والاسلامية الشريفة، تتحمل مسؤوليتها في النكسات التي حلت بالحركة الوطنية العربية، في كل بلد عربي على حدة.
ولكن من غير المنطقي ان تكون القوى الوطنية المناضلة العربية، كلها بدون استثناء، ضحية للهزائم. وحينما تكون الهزائم والردات، ايا كانت الاشكال التي تتخذها، شاملة لكل الاقطار العربية، فهذا يعني ان هناك شيئا مشتركا يدفع دفعا الى الاستنتاج المنطقي البسيط بأن التركيبة "الدولوية" ذاتها للاقطار العربية تساهم في جعلها عرضة للهزيمة والردة.
وبكلمات اخرى، ان الدول العربية، التي تحتل موقعا ستراتيجيا حساسا في النظام الدولي برمته، وتغطي مساحة جغرافية واسعة تمتد اكثر من 13 مليون كلم مربع، اي انها تزيد على مساحة اوروبا او اميركا، وتحتوي القسم الاعظم من احتياط الطاقة (النفط والغاز الطبيعي) في العالم، ـ هذه الدول، التي اخذت بالتبلور والظهور في نهاية العهد العثماني، وخصوصا بعد انهيار الامبراطورية العثمانية، قد جرى "تركيبها" من قبل "اقوياء العصر"، بطريقة تجعلها هشة وسهلة الاختراق ومعرضة لكل اشكال الهزيمة والردة، الداخلية والخارجية.
واذا كانت اي دولة ـ امة، او دولة ـ شعب، او دولة وحسب، في العالم، قد نشأت بفضل نضال جماهير امتها او شعبها، او بنتيجة صراع الطبقات السائدة في هذه المنطقة او تلك، هذا البلد او ذاك، فإن "المفتاح الرئيسي" لتكوين هذه الدول القطرية العربية هي انها قد نشأت لا بارادة امتها او شعبها او شعوبها، ولا بارادة الطبقات السائدة فيها ذاتها، بل بارادة المستعمرين الاجانب، من العثمانيين الى الاستعمار الاوروبي والاميركي والماسونية والصهيونية العالمية. ويكفي ان نعيد النظر هنا في صفحتين من التاريخ العربي و"اللبناني"، هما: صفحة فخرالدين المعني الثاني في لبنان، وصفحة محمد علي باشا الالباني في مصر. فحينما اراد كل من هذين الحاكمين المحليين اقامة "امارة" او "سلطنة" عربية، اكبر من "المسموح به" لكل منهما، تواطأت اوروبا مع العثمانيين على اعادتهما الى "حجمهما"، ومع ان فخر الدين كان قد عقد حلفا اقتصاديا ـ سياسيا وعسكريا مع اوروبا، فإنها تركت العثمانيين يهزمونه ثم يقتلونه خنقا مع اولاده، لأنها ـ اي اوروبا الاستعمارية ـ وجدت ان الامارة العربية الموسعة ستكون خطرا عليها اشد من خطر الامبراطورية العثمانية التي كانت تحتل اجزاء من اوروبا.
وحينما يأتي حزب الله الى طرح بناء "الدولة القوية، القادرة والعادلة"، فإن حاله يكون ـ كما يقول المثل ـ كحال من "يروح الى الحج والناس راجعة".
في الحرب الاخيرة، وقف حزب الله، بوجه اسرائيل، كقوة ندية لها، بوصفها "دولة"، بل الدولة الاقوى في المنطقة. اما حزب الله فقد برز لا كدولة، بل بوصفه قوة مقاومة شعبية. ولو ان حزب الله كان "دولة"، او جزءا مميزا من "الدولة اللبنانية" او حتى من تحالف "دولوي" سوري ـ لبناني، لما امكنه تحقيق ما حققه، بل لكان مكشوف الجانب سياسيا وعسكريا وامنيا، ولاصيب بالهزيمة مثله مثل كل الجيوش العربية في المعارك السابقة. وهذا بحد ذاته يستدعي، من حزب الله بالاخص، ومن جميع القوى الوطنية اللبنانية والعربية، إجراء مراجعة لاسباب فشل الدول العربية حتى الان في مواجهة اسرائيل، وذلك من اجل تلمس مدى واقعية طرح حزب الله حول "الدولة القوية...." وتجنب ذهابه هو ايضا الى الفشل، عبر الاستغراق في الطريق "الدولوي".
XXX
ان الدول العربية الحالية قد نشأت كنتيجة للاستعمار العثماني المتخلف وتقسيمه الوطن العربي الى ولايات، ومن ثم، بالاخص، كنتيجة لاتفاقية سايكس ـ بيكو التي قامت بموجبها الدول الاستعمارية الغربية (بالاضافة الى روسيا القيصرية في حينه) بتكريس التقسيم الولاياتي التركي الذي خلفته الامبراطورية العثمانية البائدة، وبالاضافة عليه تقسيم تركة "الرجل المريض" في المشرق العربي.
فور انتهاء مجزرة الحرب الاستعمارية العالمية الاولى، التي كلفت الجماهير العمالية والشعبية في اوروبا ملايين الضحايا، كشفت الحركات الشيوعية والتقدمية في اوروبا والعالم ان الدمقراطية البرجوازية لم تكن سوى برقع كاذب لتغييب الارادة الحقيقية للجماهير، وان سياسة الحكومات الاستعمارية التي ادت الى الحرب لم تكن تستجيب لارادة الناخبين، وان تلك الحكومات كانت تلجأ الى ما يسمى "الدبلوماسية السرية" وكانت تنفذ ما تتفق عليه طغم اللصوص وقطاع الطرق الاستعماريين، في الخفاء وفي الغرف السوداء، وليس ما تقرره البرلمانات المنتخبة، وان تلك البرلمانات كانت توضع امام "الامر الواقع" الذي تريده الاوساط الاستعمارية. وفي المظاهرات والانتفاضات والهبات الشعبية التي قامت في اوروبا في اعقاب تلك الحرب الوحشية، رفعت الجماهير شعارات مثل "تسقط الدبلوماسية السرية".
ولا بد ان نشير هنا الى ان الماسونية التي تشكل "ناديا تآمريا" دوليا يقوم بدور حلقة وصل بين الطغمة المالية اليهودية العليا ومختلف الكتل المالية الاحتكارية من مختلف القوميات، كانت ولا تزال تقبع في عين الاخطبوط الامبريالي العالمي، بعيدا عن اعين الجماهير الشعبية، وهي التي تلعب الدور الاول في "الدبلوماسية السرية" التي تحرك السياسة الامبريالية على المسرح الدولي.
ولا شك انها ـ اي الماسونية ـ قد اضطلعت بدور مركزي في التحضير "لما بعد الامبراطورية العثمانية". ويتبين ذلك في العديد من الوقائع ومنها:
أ ـ كانت الطبقات المتسلطة في الدول الاستعمارية (والمحافل الماسونية في الصميم منها، ومنها المحفل المشهور "محفل الشرق العظيم") تعمل في كل الاتجاهات، مع السلطنة العثمانية وضدها، مع الحركات الاصلاحية والاستقلالية في السلطنة وضدها، من اجل منع قيام دولة عربية قوية موحدة ـ خصوصا، ومنع قيام اي دولة وطنية قوية (قطرية عربية، ارمنية، كردية، الخ) ـ عموما،على انقاض الدولة العثمانية. ولذلك فإنها ـ اي الدول الاستعمارية والماسونية ـ كانت تعمل لاضعاف السلطنة العثمانية، ولاضعاف الحركات المعارضة لها، الاصلاحية والاستقلالية، في الوقت نفسه.
ب ـ ان السلطان عبدالحميد نفسه كان ماسونيا او تحت التأثير الماسوني. وان المصلح الاسلامي جمال الدين الافغاني كان كذلك ماسونيا او تحت التأثير الماسوني. وهذا ما يفسر موافقة جمال الدين الافغاني على قبول دعوة السلطان الاحمر لملازمته من اجل "توحيد صفوف الامة" و"اسداء النصح والمشورة، لاصلاح حال الامة". وكانت النتيجة قتل الافغاني بالسم، و ـ بذلك ـ توجيه ضربة قاصمة للمعارضة العربية والاسلامية للسلطنة.
ج ـ كانت الماسونية ذات باع طويل في "الانقلاب الدستوري" على السلطان عبدالحميد في 1908. وكانت جمعية "الاتحاد والترقي" (التي انبثقت عنها حركة "تركيا الفتاة"، التي انبثقت عنها بدورها الظاهرة الطاعونية الاتاتوركية) ألعوبة بيد الماسونيين والصهاينة. وكانت غالبية رموزها القيادية من الماسونيين. بل ويشاع بأن مصطفى كمال (اتاتورك) كان من يهود الدونمه (اليهود المتسترين بالاسلام، عملا بمبدأ "التقية" الشرقي القديم).
د ـ حينما قام جمال باشا السفاح سنة 1915 و1916، باعتقال عدد من رواد النهضة من الصحفيين والادباء العرب وجرت محاكمتهم في المجلس العرفي في عاليه، وحكم على من حكم منهم بالاعدام، تم نقل "السوريين" لاعدامهم في ساحة المرجة في دمشق، و"اللبنانيين" لاعدامهم في ساحة البرج في بيروت. ومعلوم ان جمال باشا السفاح كان عميلا للحلفاء، وكان يهيئ نفسه كي يصبح هو رئيس "الجمهورية التركية" القادمة، قبل اتاتورك. فهل كان هذا السفاح ورفاقه من الماسونيين الاتراك على اطلاع مسبق على تقسيمات اتفاقية سايكس ـ بيكو، قبل ان تكون؟!
هـ ـ ان جماعة "تركيا الفتاة" الماسونيين، وبالتخطيط والدعم والمباركة التامة من قبل الماسونية العالمية، هم الذين نفذوا المجازر ضد المسيحيين الشرقيين (الارمن، والسريان والأثوريين، واللبنانيين) الذين كانوا يطرحون خطابا تحرريا وطنيا واجتماعيا، حضاريا متطورا، مما كانت تخشاه الدول الاستعمارية اشد الخشية، وخاصة كانت تخشى تحول المسيحيين الشرقيين على نطاق واسع الى جسر جماهيري للعلاقة مع الثورة الشيوعية الروسية، من جهة، ومع الحركات التقدمية والعلمانية في اوروبا الغربية، من جهة ثانية، في قلب المنطقة العربية والشرقية. وقد اعتمدت الدول الاستعمارية والماسونية في تنفيذ هذه المذابح على الاتراك الفتيان، الذين اعتمدوا جزئيا في ذلك على بعض زعماء العشائر الكردية المتخلفين. كما انها ـ اي الدول الاستعمارية ـ تواطأت مع اتاتورك لهزيمة اليونانيين واستكمال طردهم من اراضيهم التاريخية. وقد تبرعت الدول الاوروبية حينذاك بإرسال الاسلحة سرا الى اتاتورك والبواخر لنقل مليون يوناني هاربين من المجازر. ثم ان الاتاتوركيين انقلبوا على الاكراد ونظموا ضدهم المذابح وعلقوا المشانق لقياداتهم في 1925 وما بعد، بدعم من الدول الاستعمارية ذاتها، التي تخلت عن اتفاقية سيفر (1920) التي تعترف بمنطقتين كردية وارمنية، واستبدلتها باتفاقية لوزان (1924) التي تلغي هذا الاعتراف لمصلحة تركيا الاتاتوركية.
و ـ ان الاصابع الماسونية والصهيونية هي التي حركت المفاوضات التي اسفرت عن اتفاقية "سايكس ـ بيكو"، و"وعد بلفور" و"مراسلات حسين ـ مكماهون". ولا تزال هذه الايادي الماسونية والصهيونية ذاتها هي التي تدبر الانقلابات وتحرك خيوط الحكم في مختلف الانظمة العربية السايكس ـ بيكوية، ايا كانت واجهاتها السياسية، الملكية او الجمهورية، الرجعية او "الوطنية" و"الثورية": "القومية" و"الاسلامية" و"التقدمية".
XXX
نذكر هذه الوقائع للتأكيد ان تأسيس الدول العربية الحالية كان بكليته جزءا لا يتجزأ من الدبلوماسية السرية للدول الاستعمارية قبل واثناء الحرب العالمية الاولى وبعدها. وقد تم ذلك من خلف ظهر الامة العربية وشعوب المنطقة، ومن خلف ظهر الشعوب الاوروبية والغربية ذاتها، التي لم يكن لها اي مصلحة حقيقية في تقسيم واستعداء واستعمار شعوب الشرق. وقد شمل هذا التقسيم قرار انشاء الكيان الصهيوني، الذي كان اول من نادى به نابوليون بونابرت بعد هزيمته على اسوار عكا، كما تفيد المصادر التاريخية ان الدبلوماسيين البريطانيين كانوا قد نشطوا في البلاط العثماني لأخذ "امتياز يمهد الطريق لإقامة دولة حكم ذاتي يهودية في الأراضي المقدسة". وذلك ما تحقق عمليا بإصدار السلطان عبدالمجيد سنة 1849 فرمانا يجيز لليهود امتلاك الأراضي في فلسطين. وفي سنة 1852 أقام القنصل الأمريكي بالقدس واردو كريسون أول مستعمرة زراعية يهودية في فلسطين، معتبرا إياها "البداية الأولى "لفلسطين الجديدة، حيث ستقيم الأمة اليهودية وتزدهر". وهو ما تكرس لاحقا في "وعد بلفور"، وهو يكذب تماما الدعاية الامبريالية والصهيونية خلال الحرب العالمية الثانية، ان لجوء اليهود الى فلسطين، ومن ثم انشاء "اسرائيل" انما تم لايوائهم وحمايتهم من اضطهاد الحكم النازي الذي لم يكن قد ظهر بعد. وبالرغم من اي مظهر خادع، كـ"الدمقراطية" في البلدان الغربية، او قوة انظمة الاستبداد والدكتاتورية في البلدان العربية، فإن الحقيقة التي لا يجب التغاضي عنها للحظة، هي ان كل ما يجري من احداث في البلدان العربية، وكل ما يطبق من سياسات، معادية لمصلحة الجماهير الشعبية المظلومة، انما يخطط ويرسم حتى اليوم في الغرف السوداء للدبلوماسية السرية، وما ينتج عنها من اتفاقات بين الاوساط الامبريالية والصهيونية والكتل الاحتكارية العالمية وبين الانظمة الحاكمة والقوى السياسية والكتل الطبقية المتسلطة في البلدان العربية.
ويعرف تلامذة الصفوف الابتدائية ان الدول العربية قد نشأت في اعقاب الحرب العالمية الاولى، واكتسبت "شرعيتها الدولية"، بنتيجة ما يسمى "اتفاقية سايكس ـ بيكو"، التي هي مؤامرة لصوصية، دبرت في ليل، بين الضواري الاستعمارية، لتقاسم "تركة الرجل المريض". وكان من المحتمل ان تبقى هذه الاتفاقية طي الكتمان، وان لا نتعرف الا الى نتائجها على الارض، لو لم تقم بفضحها واعلانها على الملأ الثورة الاشتراكية في روسيا سنة 1917.
وهنا تجب الاشارة، وهو ما يغيب عن بال الكثير من المحللين، ان اتفاقية سايكس ـ بيكو، كـ"وثيقة تعاقدية" دولية سرية، لا تقتصر عليها وحدها، بل هي جزء لا يتجزأ من عملية "دبلوماسية سرية" اوسع تتألف من ثلاث "وثائق تعاقدية" مترابطة هي:
1 ـ اتفاقية سايكس ـ بيكو ذاتها، التي تم التوقيع عليها من قبل فرنسا وبريطانيا في ايار 1916، وانضمت اليها روسيا القيصرية، وتتعلق بتقاسم تركة الامبراطورية العثمانية في المشرق العربي.
2 ـ مراسلات حسين ـ مكماهون (1915 ـ 1916)، والوعود التي اغدقتها بريطانيا على الشريف حسين لاقامة مملكة عربية مشرقية بزعامته، مقابل انضمام العرب الى الحلفاء.
3 ـ "وعد بلفور" الوزير البريطاني الصهيوني، حول انشاء "الوطن القومي اليهودي" في فلسطين، وقد صدر في 1917.
ان هذه الوثائق ـ العقود هي ثلاثة وجوه لعملية تعاقدية واحدة تتضمن العناصر التالية:
اولا ـ اتفاق الدول الاستعمارية على تكريس واستكمال تقسيم البلاد العربية لمنع قيام دولة عربية قوية واحدة تتحكم بهذه المنطقة ذات الاهمية الستراتيجية الاستثنائية، جغرافيا واقتصاديا وسياسيا وعسكريا، على المستوى الدولي برمته.
ثانيا ـ تقاسم هذه البلاد فيما بين الدول الاستعمارية والصهيونية العالمية، لنهب خيراتها ومنعها من التقدم والرقي بعد نهاية حقبة السلطنة العثمانية التي كانت تحقق المصلحة الغربية في منع نهوض وتقدم العرب وجميع شعوب المنطقة.
ثالثا ـ اخذ موافقة الشريف حسين، ابرز زعيم عربي حينذاك (واستطرادا جميع الطغم الاقطاعية والرأسمالية العربية الحاكمة)، على تقسيم البلاد العربية، إذ أنه بموافقته على اقامة "مملكته العربية المشرقية" على جزء من الارض العربية، فهو قد شرّع ضمنا امكانية تقسيم الارض العربية كلها بما فيها "مملكته".
رابعا ـ اخذ موافقة الشريف حسين على اقامة "الوطن القومي اليهودي" في فلسطين حتى قبل صدور "وعد بلفور". بل يمكن القول ان "وعد بلفور" لم يكن ليصدر الا بعد اخذ موافقة الشريف حسين، بما يعنيه ذلك ضمنا من موافقة مسبقة للقيادات العربية الاخرى على قيام اسرائيل. ولا يقلل من اهمية هذه الموافقة جهل حسين فيما يعنيه تعبير "الوطن القومي اليهودي": هل يعني منح حق المواطنة وحرية العبادة لليهود في فلسطين (وكم منهم حينذاك) او منح فلسطين لليهود الصهاينة. وحينذاك تبرز النقطة الجوهرية: ما هي حدود فلسطين التي يريدها اليهود الصهاينة؟ هل هي من البحر الى النهر، ام من الفرات الى النيل، ام هي كل ارض عربية وطأتها قدم يهودية فيما مضى من لبنان الى مكة ويثرب والعراق (مدينة اور التي جاء منها النبي ابرهيم) الى مصر (التي حكمها يوما ما عزيز مصر يوسف) وطبعا فلسطين التاريخية.
خامسا ـ ان "المراسلات" و"الاتفاقية" و"الوعد" جعلت من الدول الاستعمارية هي المرجع الفعلي، العسكري والسياسي والقانوني، لكل شؤون المنطقة. وقد تكرست هذه "المرجعية" على ارض الواقع في ان المؤتمرات والاتفاقات والمعاهدات والمؤسسات الدولية اللاحقة (مؤتمرات الصلح، عصبة الامم، الخ.) قد كرست وصدقت ما أنجزته تلك الوثائق ـ العقود المحققة والمبرمة على طريقة "الدبلوماسية السرية" الاستعمارية.
سادسا ـ ان جميع كيانات "سايكس ـ بيكو"، اي الدول العربية و"الوطن القومي اليهودي"، هي في حالة تعاقد تأسيسي ووجودي مشروط بشرطين:
ا ـ الموافقة على وجود "الوطن القومي اليهودي" اي اسرائيل. واي دولة سايكس ـ بيكوية، سابقة او لاحقة، لا تعترف ضمنا او جهرا بالكيان الاسرائيلي، تخسر "شرعية وجودها" الدولي بالذات، وتواجه المحاربة والحصار، بمختلف الاشكال، من كافة اطراف دول سايكس ـ بيكو، ومما يسمى "المجتمع الدولي" الذي تسيطر عليه الدول الاستعمارية والماسونية والصهيونية العالمية.
ب ـ "التكافل والتضامن الوجودي" فيما بين جميع انظمة سايكس ـ بيكو، اولا لمنع اي منها من الاخلال بشروط هذا التعاقد؛ وثانيا لنجدة بعضها البعض اذا ما تعرض اي منها لاي خطر يخل بهذا التعاقد. وفي لبنان رأينا بأم العين كيف تواطأت ما يسمى "جامعة الدول العربية" على ترك لبنان ينزف مدة ثلاثين عاما، وكيف تواطأت اسرائيل والنظام السوري، في الفترة ذاتها، على "تقاسم النفوذ" في لبنان، للوقوف بوجه الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية. وقد رأينا كيف سمحت اسرائيل لوزراء الخارجية العرب بالحضور لعقد اجتماعهم في بيروت اثناء الحرب الاخيرة، لمحاولة ايجاد مخرج للمأزق الاسرائيلي في لبنان. ونحن نرى الان كيف يهب إيهود اولمرت للدفاع الحار عن حكومة السنيورة وكأنهم "شركة واحدة في دولتين" او كأن اسرائيل "عضو شرف" في جامعة الدول العربية.
والطابع التعاقدي لاتفاقية سايكس ـ بيكو، التي ولدت على اساسها جميع الدول العربية الراهنة، يعني ليس فقط موافقة جميع الدول (الكيانات القطرية) العربية على قيام اسرائيل، بل اكثر من ذلك يعني:
أ ـ موافقة جميع الكيانات العربية على توسيع حدود اسرائيل، اي قيام اسرائيل بالحدود التي تريدها هي اينما تشاء وساعة تشاء. ونذكر هنا ما اورده احمد الشقيري في كتابه "الجامعة العربية...": "وفي مايو (أيار) 1944 ناقش حزب العمال البريطاني في مؤتمره السنوي القضية الفلسطينية، وأصدر قراره الشهير باتخاذ الوسائل اللازمة لتشجيع الشعب الفلسطيني على الرحيل عن وطنه، ليحل محلهم المهاجرون اليهود، والسعي لإنشاء الدولة اليهودية، ذلك أن العرب، حسبما أعلن القرار البريطاني، "يملكون أراضي شاسعة ولا يحق لهم أن يستبعدوا اليهود عن فلسطين، وهي أرض صغيرة أقل مساحة من مقاطعة ويلز، بل إن الواقع يقتضي النظر في توسع الحدود الفلسطينية الحاضرة بالاتفاق مع سورية ومصر والأردن"..
ب ـ ان الدول العربية توافق ضمنا على اقامة اسرائيل متوسعة الحدود، بمجرد موافقتها على الانضمام الى الامم المتحدة جنبا الى جنب اسرائيل التي هي الدولة الوحيدة في الامم المتحدة التي لم تحدد حدودا نهائية لها. وجميع الدول العربية تسكت عن هذه المخالفة، التي ليست مخالفة اجرائية لنظم الامم المتحدة وحسب، بل هي ضمنا "اعلان نوايا" حيال الاراضي العربية المحيطة باسرائيل، لان اسرائيل لن توسع حدودها على حساب سويسرا او اميركا، بل على حساب الاراضي العربية المجاورة. فلماذا لا تنسحب الدول العربية من الامم المتحدة وتدعو الى مقاطعة جميع الدول التي تعترف باسرائيل "غير محددة الحدود" اي التي تزمع توسيع حدودها على حساب العرب؟
XXX
واذا صرفنا النظر عن النوايا الطيبة (وفي القول المأثور ان طريق جهنم مفروش دائما بالنوايا الطيبة)، فإن التاريخ السياسي المعاصر لجميع انظمة سايكس ـ بيكو العربية، كبيرها وصغيرها، قديمها وحديثها، يؤكد "التزام" هذه الكيانات بالصفة التعاقدية لسايكس ـ بيكو، بمعنى ان حيازة كل من هذه الكيانات على "شرعيته الدولية"، وحيازة الطبقات العربية الحاكمة على رضا القوى العظمى، كان يقتضي الالتزام بشرعية كل كيانات سايكس ـ بيكو، وعلى رأسها اسرائيل "غير المحددة الحدود"، بل و"مساعدتها" على توسيع حدودها. ونكتفي بايراد الامثلة التالية:
1 ـ يقول احمد الشقيري في كتابه "الجامعة العربية..." إن الدول العربية قد فوتت خمس فرص ذهبية في حرب 1948 ـ 1949 لمنع تقسيم فلسطين، ومنع قيام الدولة الصهيونية وعلى الاقل الاقتصار على اقامة منطقة يهودية محدودة ذات حكم ذاتي ضمن دولة فلسطينية عربية دمقراطية موحدة. ولكن الدول العربية خاضت تلك الحرب بالشكل الذي يساعد على اقامة وتوسيع الرقعة التي يسيطر عليها الصهاينة.
2 ـ بعد قيام الثورة المصرية، وفي ظروف المواجهة حول قناة السويس، كسر جمال عبدالناصر "احتكار السلاح" وعقد صفقة الاسلحة الشهيرة مع تشيكوسلوفاكيا في 1955 وامم قناة السويس، وسمح للوطنيين الفلسطينيين في غزة بالشروع في العمليات الفدائية ضد اسرائيل. ولكن بعد العدوان الثلاثي على مصر، وانذار بولغانين، انعقد المؤتمر الدولي في لندن سنة 1957، تحت شعار حل ازمة السويس. وفي هذا المؤتمر:
ـ وافق عبدالناصر على معاهدة لندن لسنة 1888 حول اعلان قناة السويس ممرا دوليا، وبالتالي حق اسرائيل في استخدامها، بدون رفع العلم الاسرائيلي.
ـ ووافق على فتح مضائق تيران للملاحة الاسرائيلية ونشأت بعد ذلك مدينة ايلات في خليج العقبة.
ـ كما انه منع العمل الفدائي الفلسطيني ضد اسرائيل، الذي كان قد سمح به قبلا. والعناصر الوطنية الفلسطينية التي رفضت الانصياع للمنع، تم اعتقالها او تصفيتها جسديا. واذكر (راجع اعداد جريدة "الاخبار" اللبنانية لتلك الفترة) ان احد قادة هؤلاء الوطنيين الفلسطينيين كان اسمه محمود الفار، وقد تربص به زبانية المخابرات المصرية وهو عائد من الارض المحتلة، وقتلوه طعنا بالسكاكين امام بيته في غزة.
وبعد قيام الوحدة بين مصر وسوريا في 1958، وبدلا من ان يستغل النظام الناصري هذا الواقع الجديد للالتفاف حول العقبة الستراتيجية التي تمثلها صحراء سيناء ولتجميع مئات ألوف الجيش المصري واسلحته في سوريا وخصوصا في الجولان، لشن معركة كاسحة ضد اسرائيل، بدلا من ذلك فإن "المستشار" المسموع الكلمة (صديق كيسنجر وغيره من القيادات الصهيونية والامبريالية العالمية) محمد حسنين هيكل عمد الى رفع شعار "انتهت المعركة مع الاستعمار، وبدأت المعركة مع الشيوعية". وبدلا من الانشغال باسرائيل، انصرف النظام الناصري بقضه وقضيضه لمحاربة الشيوعيين والتقدميين والدمقراطيين، وجرى زج عشرات الالوف في السجون وممارسة ابشع انواع التعذيب ضدهم، وقتل بعضهم تحت التعذيب، واولهم الشهيد الكبير فرج الله الحلو. وقد انعكس ذلك اسوأ انعكاس على العراق، بعد ثورة 14 تموز، الامر الذي استغلته المخابرات الاميركية افضل استغلال للمجيء بالبعثيين الفاشست الى السلطة. وحينما جاءت صبيحة 5 حزيران 1967، وبدأ الطيران الاسرائيلي في ضرب وتدمير الطائرات المصرية في جميع المطارات وهي رابضة في مكانها، كان الطيارون الحربيون المصريون، الذين حضروا تلك الليلة سهرة عامرة امتدت الى ساعات الصباح الاولى، كانوا لا يزالون نياما عملا بشعار هيكل "انتهت المعركة مع الاستعمار، وبدأت المعركة مع الشيوعية" وهي معركة لا تتطلب الطيارين والطائرات التي لم يكن قد دفع ثمنها بعد الى السوفيات، بل تتطلب الايديولوجيين من امثال هيكل والمخبرين والجلادين والسياط واجهزة التعذيب والاسيد والكلاب المدربة والافاعي.
3 ـ في اواسط الستينات كان الدكتاتور الدوري لسوريا القيادي البعثي الفريق امين الحافظ. وفي مؤتمر القمة العربي في 1964، الذي كان يبحث في سبل مواجهة التهديدات الاسرائيلية، هدد امين الحافظ بازالة اسرائيل في 24 ساعة. وبالطبع ان الحضور اخذوا هذا التهديد على محمل المزايدة، الى درجة ان الرئيس عبدالناصر اقترح تعليق المؤتمر مدة 24 ساعة لاعطاء فرصة لامين الحافظ كي ينفذ تهديده وينهي مشكلة اسرائيل ويعود بعدها المؤتمر للانعقاد. ولكن تهديد امين الحافظ لم يكن كله مزايدة كلامية وحسب. اذ انه، وهو العسكري المحترف، كان يعلم تماما خطورة الموقع الستراتيجي لمرتفعات الجولان السورية وما تشكله، بما كان يحتشد فيها من طيران ومدفعية وصواريخ وغيرها من الاسلحة السوفياتية، من تهديد مميت لوسط وشمال اسرائيل بما في ذلك تل ابيب ذاتها. وبالرغم من روح النكتة المصرية التي ابداها الرئيس عبدالناصر حيال تهديدات "ابو عبدو"، الا ان اسرائيل ذاتها لم تكن تنام على حرير حيال مثل هذه التهديدات. وفي تلك الفترة ذاتها، ارسلت اسرائيل الى سوريا الجاسوس الشهير الياهو كوهين ("الرفيق" كمال امين ثابت)، الذي كان على معرفة شخصية مع امين الحافظ حينما كان الاخير ملحقا عسكريا في السفارة السورية في الارجنتين. وقصة الياهو كوهين معروفة، خصوصا لجهة "اندماجه الرفاقي" مع القيادات السياسية والعسكرية في سوريا والتعرف على كل منهم مباشرة وارساله تقاريره بذلك الى قيادة الموساد. والى جانب التعرف على نوعية رجالات القيادة السورية، كانت احدى ابرز مهماته الاطلاع على طبيعة الاسلحة والحشد العسكري السوري في مرتفعات الجولان التي قام كوهين بزيارتها وتصوير مواقعها. ولما كانت اسرائيل تحضر لحرب حزيران 1967، فقد ادركت ان خاصرتها الرخوة او نقطة الضعف القاتلة لديها هي مرتفعات الجولان. فعملت بالتعاون مع اميركا والمخابرات الدولية والعربية المعنية للتخلص من هذه الاشكالية. وبالرغم من اعدام كوهين، فقد تتالت بعد ذلك سلسلة من "الصدف":
ـ "صدفة" الانقلاب في شباط 1966 في سوريا ضد نظام امين الحافظ،
ـ ثم "صدفة" قيام الانقلابيين الجدد بتعيين حافظ الاسد بالتحديد وزيرا للدفاع وعبدالحليم خدام بالتحديد محافظا لمدينة القنيطرة الستراتيجية عاصمة الجولان،
وحينما اندلعت حرب 5 حزيران 1967، كانت:
ـ "صدفة" اعلان وزير الدفاع الانسحاب الكيفي للـ70 الف جندي سوري بدون قتال من الجولان،
ـ و"صدفة" اعلان محافظ القنيطرة سقوطها بيد الجيش الاسرائيلي قبل وصوله اليها،
ثم، بعد مجزرة ايلول الاسود في الاردن كانـت:
ـ "صدفة" ان يصبح هذا الوزير الدفاع، وهذا المحافظ للقنيطرة، الاول رئيسا للجمهورية السورية والثاني نائبا للرئيس،
ـ واخيرا لا آخر جاءت "صدفة" ان تصبح سوريا جمهورية وراثية، ويصبح ابن حافظ الاسد رئيسا للجمهورية وقائدا عاما للقوات المسلحة السورية وامينا عاما للحزب الحاكم.
ومن عهد امين الحافظ الى عهد بشار الاسد، وبنتيجة هذه "الصدف"، تدرج النظام البعثي السوري من المزايدة المنادية بتدمير اسرائيل وتحرير فلسطين، الى "العقلانية" المنادية بـ"التوازن الستراتيجي مع العدو"، واخيرا الى الاستخذاء اللاهث خلف سراب "السلام العادل والشامل" مع اسرائيل. اما الجولان فقد اصبح في خبر كان، مثله مثل لواء الاسكندرون. ولكن حتى لا ننسى الفضل لاصحابه، فلا يزال النظام البعثي السوري يتمسك بقضية تحرير مزارع شبعا، نظرا لاهمية موقعها لاجل التهريب المثلث بين لبنان وسوريا واسرائيل (والتهريب وارباحه بالضبط هو ما دفع "اصحاب الشأن" في النظام السوري للسيطرة عليها في حينه وانتزاعها من لبنان). ولكنه ـ اي النظام البعثي السوري ـ يريد من اللبنانيين ان يناضلوا لتحرير مزارع شبعا وتسليمها له مجددا (لاننا شعب واحد في دولتين)، دون ان يكلف نفسه ان يقوم هو باطلاق طلقة واحدة ضد اسرائيل، كي يؤكد لمن يلزمه التأكيد على حرصه على لزوميات سايكس ـ بيكو وصدق دعوته الى "السلام العادل والشامل" مع الصهيونية والامبريالية الاميركية.
اننا نتفهم تماما الضرورات التكتيكية لحزب الله للتعاون مع النظام السوري. وتجربة حركات التحرير في اكثر من مكان في العالم تتكشف عن ضرورة التعاون احيانا مع من يمكن تسميتهم "حلفاء الحاجة". ومن خلال الاحتكاك الشخصي بالكثير من القواعد الشعبية لحزب الله يمكن ان نلمس ان هذه القواعد هي "غير مغشوشة" بطبيعة النظام الدكتاتوري السوري والدور المشبوه الذي اداه في لبنان، والذي كان في جملة ما قام به سابقا هو محاولة ضرب حزب الله ذاته وعلى الاقل تحجيمه، خاصة عن طريق الاشتباكات الشيعية ـ الشيعية بين منظمة امل وحزب الله في 1988 التي كانت "من نظم وتلحين" المخابرات السورية، تماما كما كانت الحرب التي شنتها امل في تلك الفترة على المخيمات الفلسطينية بحجة محاربة العرفاتيين. ومن غير المنطقي ان تكون القيادة الحكيمة لحزب الله "مغشوشة"، خلافا لقواعدها، بطبيعة النظام المكيافيلي السوري، بالرغم من كل مظاهر التحالف التكتيكي.
4 ـ ان الثورة الاريترية كانت تحظى بتأييد الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية وغيرهما، كما بدعم السودان والسعودية (للجناح الاسلامي "جبهة التحرير الاريترية" الذي كان يتزعمه المرحوم عثمان صالح سبي) والنظامين البعثيين السوري والعراقي (للجناح اليساري "الجبهة الشعبية لتحرير اريتريا" الذي كان يتزعمه اسياس افورقي رئيس الجمهورية الحالي في اريتريا). ومع ذلك فإن اول شيء قام به الكيان الاريتري بعد الحصول على الاستقلال في 1991 هو الاعتراف باسرائيل، للتعبير عن "الانضمام" الى مستلزمات سايكس ـ بيكو، وطمعا بالحصول على رضا الامبريالية العالمية والصهيونية.
5 ـ تعتبر موريتانيا من افقر الدول العربية وابعدها جغرافيا عن اسرائيل. ولكن على اثر اكتشاف النفط على ايدي الشركات الاميركية والفرنسية في العقد الاخير من القرن الماضي، عمد نظام معاوية ولد الطايع الى الاعتراف المكشوف باسرائيل سنة 1999 وفتح سفارة اسرائيلية في نواكشوط، من اجل الحصول على الدعم الاميركي لنظامه. وبالرغم من الاطاحة بولد الطايع في 2005 الا ان السفارة الاسرائيلية بقيت. تماما كما جرى عند الاطاحة بأنور السادات، ولكن كامب دايفيد بقيت.
XXX
ان اي ممانعة (وحرب!) رسمية عربية ضد اسرائيل لم تكن تعني في احسن الحالات سوى مساومة وصراع ارادات للحد من توسيع الحدود الاسرائيلية وليس لمنع قيام اسرائيل بتوسيع هذه الحدود.
وان "التدخل العربي" الرسمي في القضية الفلسطينية وفي مواجهة نشوء الوطن القومي اليهودي، ومن ثم قيام اسرائيل ومحاربتها منذ حرب 1948 حتى "حرب الـ33 يوما" الاخيرة ضد حزب الله، ان هذا التدخل كان على الدوام يتراوح بين حدين:
أ ـ المشاركة في مسرحيات حربية هدفها ذر الرماد في اعين الجماهير العربية، وامتصاص النقمة الجماهيرية العربية ضد الصهيونية والاستعمار والعمل بكل الوسائل "لاحتواء" و"تنفيس" هذه النقمة، وفي الاخير تيئيس الجماهير العربية من اي مواجهة جدية مع الاعداء ودفعها الى اليأس والتسليم بالامر الواقع.
ب ـ رفع المسؤولية التآمرية عن الانظمة السايكس ـ بيكوية، عن طريق هذه "المشاركة" وتقديم بعض الاموال او بعض التضحيات على حساب دماء الجنود والضباط العرب وكرامتهم ووطنيتهم، وهي "المشاركة" المرسومة الخواتيم سلفا بالهزيمة والاستسلام.
XXX
لقد عممت انظمة سايكس ـ بيكو اسطورة مفتعلة مفادها ان "الجيش الاسرائيلي لا يقهر"، وان الدول العربية هي ضعيفة حياله، بسبب الدعم الاميركي والصهيوني غير المحدود لاسرائيل.
لن نناقش هذه الاسطورة من جانبها السياسي، ونكتفي بأن نسأل الانظمة العربية الموالية لاميركا: اذن لماذا تستمرون في الزحف على البطون امام اميركا والصهيونية العالمية؟!
ولكننا سنبين كذب هذه الاسطورة على ارض الواقع، حتى من خلال اوضاع الانظمة العربية ذاتها:
1 ـ لقد كان العراق في عهد صدام حسين دولة عربية "قوية وقادرة"، بالمعنى العسكري والاقتصادي، وإن لم يكن دولة عادلة. وقد زاد في قوته وقدرته، في العقد التاسع من القرن الماضي، الدعم العسكري المفتوح الذي حصل عليه من الغرب (بما في ذلك السلاح الكيماوي)، والدعم المالي غير المحدود من قبل الانظمة النفطية العربية. ولكن كيف وجهت هذه القوة العراقية؟ ـ لقد جرى توجيهها ضد الثورة الاسلامية في ايران! وبعد توقف الحرب العراقية ـ الايرانية، جرى توريط النظام العراقي باحتلال الكويت، ومن ثم تدمير القوة العراقية. ولو جرى توجيه تلك القوة ضد اسرائيل لكانت اسرائيل وقعت في مشكلة كبرى لا يمكن تقدير مضاعفاتها على وجودها بالذات.
2 ـ ان السعودية وغيرها من دول النفط الخليجية تشتري اسلحة اميركية وغربية متطورة بعشرات، بل بمئات مليارات الدولارات، من اجل تخفيف الازمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية. واذا اجرينا مقارنة بين الاسلحة الميدانية التي استخدمها حزب الله في الحرب الاخيرة، وأقضت مضاجع اسرائيل، وبين الاسلحة التي تشتريها الدول العربية النفطية، لاستنتجنا ببساطة ان اسرائيل هي في مشكلة حقيقية اذا قدر لتلك الاسلحة ان توضع لا قيد الاستعمال، بل على الاقل قيد "التلويح" و"التهديد" بها، عن طريق اجراء اي مناورة استعراضية عربية مشتركة في الصحراء السورية، او في سيناء، او في البحر الاحمر، او في البحر الابيض المتوسط!
3 ـ بعد تحطيم القوة العراقية، فإن السياسة الاميركية لـ "الاحتواء المزدوج" حيال العراق وايران آلت الى الفشل الذريع. وانطلقت ايران نحو تعزيز استقلاليتها الاقتصادية والسياسية، وقوتها العسكرية، بالتعاون الضمني والمكشوف مع روسيا والصين وكوريا الشمالية. واتجهت مؤخرا لتطوير انتاج الطاقة النووية، على طريق كسر احتكار اسرائيل للسلاح النووي في المنطقة. كما طورت بشكل ملحوظ اسلحة الطيران والبحرية وغيرها، ولا سيما الصواريخ البالستيكية وارض ـ ارض، ارض ـ جو، ارض ـ بحر، وبحر ـ بحر، المؤهلة لحمل الرؤوس التقليدية وغير التقليدية، والقادرة على التعامل مع المواقع الاسرائيلية والاميركية والاطلسية في كل المنطقة الشرق أوسطية وفي كل المنطقة المحيطة بها، من الشرق الاقصى الى اوروبا الى غرب افريقيا. وبدأت لا اسرائيل وحدها، بل اميركا ذاتها، تحسب الف حساب للقوة الايرانية.
لقد كانت ايران ـ الشاه اسرائيل ثانية بالنسبة لاميركا ضد الامة العربية. الآن انعكست الآية، واصبحت ايران الاسلامية تمثل قوة جبارة لجانب العرب، والتحالف معها هو فرصة تاريخية للامة العربية للتحرر من التسلط الامبريالي الاميركي ـ الصهيوني. فكيف تتعامل منظومة دول سايكس ـ بيكو مع هذا الواقع؟ ـ انها ببساطة تنضم الى اسرائيل واميركا لمواجهة ايران، ولجعل الاراضي والمياه والاجواء العربية قواعد انطلاق وممرات سالكة للعدوان الاميركي ـ الاسرائيلي، الذي يجري التحضير له على قدم وساق، ضد الشعب الايراني الصديق.
نستنتج من ذلك ان اسطورة "الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر" هي من صنع منظومة دول سايكس ـ بيكو بامتياز. فهذه المنظومة قد بنيت من الاساس كي تكون رديفا لاسرائيل، وكي تتآمر سرا وتعمل علنا لتدمير اي قوة تهدد وجود اسرائيل.
XXX
والسؤال الذي يطرح نفسه بنفسه: هل ستسمح منظومة سايكس ـ بيكو بتحويل الكيان اللبناني، او اي كيان سايكس ـ بيكوي عربي آخر، الى "دولة قوية، قادرة وعادلة" ضد اسرائيل وسيدتها (حليفتها الستراتيجية) اميركا؟
ان هذا الطرح بحد ذاته لا يعدو كونه حلما! الا انه حلم من شأنه خلق الوهم والتضليل حول طبيعة منظومة دول سايكس ـ بيكو بأنه من الممكن لاحداها ـ كدولة ـ ان تتحول الى "دولة قوية، قادرة وعادلة" معادية لاسرائيل. والجماهير الوطنية اللبنانية والعربية ليست بحاجة الى زرع الاوهام حول هذه المنظومة، بل هي بحاجة الى التحرر منها وتقويضها.
ولو ان هذا الطرح التضليلي يطرحه اي طرف سياسي آخر، لهان الامر، على اهميته. اما ان يطرحه حزب الله بالتحديد، الذي اكتسب هذه الجماهيرية الكبرى، لبنانيا وعربيا، على اساس كونه قوة مقاومة شعبية ضد اسرائيل، بديلة ونقيضة لمنظومة سايكس ـ بيكو، فتلك الطامة الكبرى، وهو أشبه بموافقة منظمة التحرير الفلسطينية على صفقة اوسلو بل أسوأ.
فإذا كان حزب الله يطرح هذا الشعار الوهمي، كمناورة سياسية، فإنه الاجدى ان يجد الوسيلة للخروج من هذه الورطة السياسية التي وضع نفسه فيها، لأنه لا مانع لدى "الطرف الآخر": من الحكومة الاسرائيلية الى الادارة الاميركية الى جامعة الدول السايكس ـ بيكوية الى الطوابير الخامسة اللبنانية ان تطرح على حزب الله، بالمقابل، "الاندماج" في الدولة اللبنانية لـ"تقويتها"، ومن ثم عقد "سلام الشجعان" مع اسرائيل، التي ـ برأينا ـ لا مانع لديها من الانسحاب من مزارع شبعا (التي هي غير القدس) في سبيل اشباع "رغبة النصر" لدى "الدولة اللبنانية القوية والقادرة" العتيدة، مقابل التخلي عن الالتزام المباشر بالقضية الفلسطينية، وترك الشعب الفلسطيني لوحده يذبح ويذبح ويذبح حتى الرمق الاخير امام انظار "الاشقاء!!!" العرب، الذين سيأتي دور كل منهم بعد ذلك واحدا واحدا بدون استثناء. وهذا هو بيت القصيد في المرحلة الراهنة!!
XXX
لقد نشأت "جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية" بقيادة الشيوعيين، ومن ثم "المقاومة الاسلامية" بقيادة حزب الله، خارج اطار "الدولة اللبنانية". وهذا هو مصدر قوتها. وقد اثبتت التجربة التاريخية المريرة ان الامة العربية وجميع شعوب البلدان العربية هي بحاجة ليس الى "اعادة انتاج" دول سايكس ـ بيكو، بل الى نشوء المقاومة الشعبية الوطنية والاسلامية ضد الامبريالية العالمية الاميركية والصهيونية، خارج اطار منظومة دول سايكس ـ بيكو، والتي ـ اي المقاومة ـ تضع نصب عينيها كهدف استراتيجي رئيسي القضاء على الكيان الاسرائيلي، مما سيؤدي اوتوماتيكيا الى تقويض منظومة دول سايكس ـ بيكو التي اقامها وفرضها المستعمرون، وذلك كشرط ضروري لتحقيق الاستقلال الحقيقي وتقرير مصير الامة العربية وشعوب المنطقة ذاتها بذاتها.



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اي -حكومة وحدة وطنية- يريد السيد حسن نصرالله؟
- السقف المنخفض للوطنية القطرية في مواجهة اسرائيل
- وليد جنبلاط... اعتذار كلامي لا يكفي!
- لبنان اسرائيل: من سيقتلع من؟
- ....والافلاس التاريخي ل-الوطنية النظامية- العربية
- نصر...! وأما بعد...!
- الافلاس التاريخي لستراتيجية الحرب النظامية العربية
- الخطة الاميركية الاسرائيلية لتطويع لبنان... امام المفاجآت!!
- لبنان ليس الجولان ولن يكون ارمينيا
- العدوان لا يستهدف فقط لبنان
- المسيحية: البوتقة الايديولوجية القومية، الاولى والاساسية، ل ...
- ويبقى السؤال: من سلّم الجولان بدون قتال، وهادن الاحتلال، ولم ...
- المسيحية: الديانة القومية الاولى للعرب
- أول أيار والدور الاممي الخاص للطبقة العاملة العربية
- الارمن ضحية العنصرية التركية والتآمر الغربي على مسيحيي الشرق
- بكركي محاورا تاريخيا
- المأزق الوجودي لاسرائيل!
- بعد تجربة الاحتلال الاسرائيلي والهيمنة السورية: القوى الوطني ...
- الأكراد شعبنا الثاني
- الصفقة الاميركية السورية الجديدة: اعادة انتاج -سايكس بيكو- ...


المزيد.....




- قدمت نصائح وإرشادات للمسافرين.. -فلاي دبي-: إلغاء وتأخير بعض ...
- -شرطة الموضة-.. من يضع القواعد بشأن ما يُسمح بإرتدائه على مت ...
- رئيسي لبوتين: إيران لا تسعى للتصعيد في الشرق الأوسط
- إسرائيل.. إصابات جراء سقوط مسيّرتين أطلقتا من لبنان (فيديو + ...
- إسرائيل تغلق الطريق رقم 10 على الحدود المصرية
- 4 أسباب تستدعي تحذير الرجال من تناول الفياغرا دون الحاجة إلي ...
- لواء روسي: الحرب الإلكترونية الروسية تعتمد الذكاء الاصطناعي ...
- -سنتكوم-: تفجير مطار كابل عام 2021 استحال تفاديه
- الأمن الروسي يعتقل مشبوها خطط بتوجيه من كييف لأعمال تخريبية ...
- أوكرانيا تتسبب بنقص أنظمة الدفاع الجوي في الغرب


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - دعوة حزب الله لانشاء -دولة قوية، قادرة وعادلة- وجامعة الدول السايكس بيكوية!!