أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جورج حداد - العدوان لا يستهدف فقط لبنان















المزيد.....

العدوان لا يستهدف فقط لبنان


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 1613 - 2006 / 7 / 16 - 00:05
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


منذ صباح 12/7/2006 يتعرض البلد الصغير المسالم، لبنان، لعدوان اسرائيلي واسع النطاق، يستهدف ليس بالدرجة الاولى، بل بشكل حصري تماما: المدنيين اللبنانيين، والبنى التحتية ـ الخدماتية المدنية.
وبشكل منهجي مخطط ومدروس، يقوم الطيران الاسرائيلي، والبحرية الاسرائيلية، وسلاح المدفعية والصواريخ الاسرائيلي، ولمدة ايام وليال متواصلة، بقصف مركز على مطار بيروت الدولي وغيره من المطارات المدنية في لبنان، وعلى المرافئ البحرية، وعلى الجسور والاوتوسترادات ومفاصل الطرق الدولية والداخلية الرئيسية والفرعية لقطع المواصلات وشل حركة النقل تماما.
وقد نجح العدو تماما في عزل لبنان عن العالم، جوا وبحرا، وفي تعطيل موسم السياحة الاصطيافية التي يعول عليها لبنان، والتي يعيش منها مئات الوف المواطنين اللبنانيين (استشهد سائحان كويتيان، وفي غضون يومين فقط، غادر لبنان برا اكثر من 12 الف سائح خليجي). كما نجح في تعطيل حركة النقل البري، الخارجي والداخلي، الاهلي عامة والتجاري خاصة، بكل ما يعنيه ذلك من إضرار بالاقتصاد الوطني للبنان وتعطيل اعمال المواطنين وشل المؤسسات والفعاليات الاجتماعية والصحية والتربوية والثقافية. ومن الامثلة على ذلك: ارجاء التحضير لمؤتمر بيروت الدولي لاجل تقديم المساعدات للبنان، تأجيل امتحانات الكولوكيوم، وتأجيل مهرجانات بعلبك الفنية ـ الثقافية الدولية، الى اجل غير مسمى.
ويعمل الجيش النازي الاسرائيلي على شن حرب نفسية ضد المواطنين اللبنانيين: ففي وقت تغرق فيه الطائرات الاسرائيلية المدن والبلدات والقرى اللبنانية الآمنة بالمنشورات، الموقعة باسم "دولة اسرائيل" الصهيونية، والتي تهدد اللبنانيين المسالمين وتدعوهم للابتعاد عن المواقع المزعومة للمقاومة، فإن الطائرات ذاتها تلقي قذائفها الثقيلة وصواريخها الذكية، اميركية الصنع، على محطات الكهرباء والوقود والماء، وعلى المنازل السكنية حيث تقتل عائلات بأسرها، ولا سيما الاطفال وحتى الرضع. وقد بلغ عدد الشهداء الذين اكتشفت جثامينهم الى الان العشرات. اغلبهم من الاطفال. في حين لا يزال العشرات الآخرون تحت الانقاض. والحرائق تشتعل في كل مكان، فوق القدرات المحدودة للرجال الشجعان في وحدات الاطفاء والدفاع المدني.
ان اهداف هذه الحملة العسكرية الغاشمة ضد لبنان والشعب اللبناني المسالم هي واضحة تماما، وهي تتلخص فيما يلي:
ـ الانتقام من الشعب اللبناني الذي سبق له وقاوم الاحتلال الاسرائيلي للبنان، الذي دام من 1978 حتى ايار 2000، والذي اجبر الجيش الاسرائيلي (الذي لا يقهر) على الانسحاب من غالبية الاراضي اللبنانية المحتلة بدون قيد ولا شرط.
ـ ارهاب المواطنين اللبنانيين وزرع الرعب في قلوبهم، لدفعهم الى التخلي عن المقاومة، والاستسلام ومهادنة احتلال جزء عزيز من ارض لبنان لا تزال اسرائيل تحتله (وهو مزارع شبعا) ونهب المياه اللبنانية في تلك المنطقة، على غرار المهادنة الفعلية لاحتلال اراض عربية اخرى، تقوم اسرائيل بضمها وزرع المستوطنات اليهودية فيها.
ـ تشجيع الطابور الخامس في لبنان، كالطوابير الخامسة الاميركية ـ الصهيونية في البلدان العربية الاخرى، لاخذ دوره في خدمة سياسة الهيمنة الاميركية على العالم، والحؤول دون تضامن وتقارب القوى الوطنية اللبنانية مع الشعوب العربية الشقيقة ومع الشعوب الصديقة لروسيا والصين واوروبا.
ـ عزل الشعب الفلسطيني المظلوم، ودفع الشعب اللبناني الابي لإغماض العين والسكوت عن الجرائم التي يندى لها جبين الانسانية، والتي ترتكبها العصابات الصهيونية يوميا بحق الاطفال والمدنيين الفلسطينيين.
ـ تجويع اللبنانيين واجبارهم على مغادرة ارض آبائهم واجدادهم، تسهيلا لاجتياح لبنان واحتلال اسرائيل لجزء من اراضيه من جديد، وتسليم الجزء الباقي لنظام وصاية جديد: دولي/اميركي ـ عربي/سوري.
ان هذا العداون على لبنان لم يأت فجأة كصاعقة في نهار صيفي صاف، بل جاء في سياق مؤلم طويل من الاعتداءات والمؤامرات، كانت ابرز محطاتها اغتيال رئيس الوزراء الاسبق الشهيد رفيق الحريري، والقائد الشيوعي جورج حاوي، والصحفي الدمقراطي سمير قصير، وغيرهم من الشخصيات، ومحاولة اغتيال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وكان آخرها اكتشاف شبكة الموساد التي نفذت عدة عمليات اغتيال وتخريب وتجسس على الارض اللبنانية. ومنذ الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان في ايار 2000، فإن الخروقات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية، برا وبحرا وجوا، لم تتوقف يوما واحدا. كما ترك المحتلون الاسرائيليون خلفهم حقولا كاملا من الاراضي الزراعية، مزروعة بالالغام ضد الافراد ( المحرمة دوليا)، التي ذهب ضحيتها حتى الان مئات الشهداء والمصابين. وترفض اسرائيل رفضا تاما تسليم خرائط حقول الموت هذه لقوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة.
كما جاء هذا العدوان كتوسيع و"تطوير" للحملة الوحشية اليومية التي تشنها العصابات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، الذي تمارس ضده سياسة ارهاب دولية مدروسة تهدف الى سحق ارادته الوطنية واجباره على التخلي عن قضيته وارضه وهويته، بحيث اصبحت صور الاطفال الفلسطينيين المقتولين ورؤوسهم البريئة المسحوقة لا تغيب عن شاشات التلفزيون وصفحات الصحف.
كما جاء على خلفية الارتكابات البشعة للاحتلال الاميركي، وعملائه و"حلفائه" العلنيين والسريين، في العراق. وذلك من اجل تخفيف الضغط عن الادارة الاميركية، وصرف النظر عن السياسة الاميركية المنهجية لتدمير المجتمع العراقي وتمزيقه وتقطيع اوصال العراق.
ومن دواعي العجب العجاب، ان اسرائيل تدعي انها انما تشن هذا العدوان الصارخ على لبنان، بحجة قيام المقاومة الوطنية الاسلامية اللبنانية بأسر اثنين من جنود الاحتلال، على اثر اشتباك مع وحدة عسكرية اسرائيلية قتل فيها (باعتراف القيادة الاسرائيلية) ثمانية من جنود الاحتلال. فماذا كان يفعل هؤلاء الجنود المحتلين الاوباش؟ هل كانوا يقومون بنزهة بريئة في حديقة عامة، ويوزعون السكاكر على الاطفال؟
ان حق اي شعب في مقاومة الاحتلال الاجنبي هو حق معترف به من قبل الامم المتحدة، وفي جميع القوانين المرعية. والشعوب الاوروبية جميعا تفتخر الى الان بمقاوماتها، واليهود الشرفاء انفسهم يفتخرون بالمقاومة للنازية والفاشية. ولكن اسرائيل الصهيونية (وريثة الهتلرية، وكهتلر تماما) تشرّع الغزو والعدوان والاحتلال، وتجرّم المقاومة المشروعة، وتصفها بالارهاب. ولكن هذا التجاوز الوقح على القوانين الدولية والحقوق الانسانية لن ينفع اسرائيل بشيء ولن يبيّض وجه الصهيونية الاسود. والشعب اللبناني الذي قاوم العبودية التركية مئات السنين، وقدم مئات الوف الشهداء ضد تلك العبودية، وقاوم الاحتلال الفرنسي، وقاوم الدكتاتورية السورية التي سبق وفرضها مجرم الحرب كيسنجر على لبنان، والذي انتصر على الاحتلال الاسرائيلي في ايار 2000، ـ هذا الشعب لن يستسلم لارادة الغزاة وسيتابع، اليوم اكثر من اي وقت مضى، مقاومة الاحتلال والعدوان الاسرائيلي والمؤامرات الاميركية ايا كانت.
وللاسف ان هذا العدوان الاسرائيلي انما يجري في جو من الصمت شبه التام من قبل المجتمع الدولي، وخصوصا المؤسسات الدولية المختصة، وعلى رأسها هيئة الامم المتحدة، المعنية مباشرة بالدفاع عن استقلال وسلامة اعضائها (ولبنان هو احد الاعضاء المؤسسين لهيئة الامم المتحدة، وشارك مندوبه في حينه ـ المفكر شارل مالك ـ في صياغة شرعة حقوق الانسان).
وبطبيعة الحال ان هذا "الصمت" انما يجري ارضاء للادارة الاميركية، التي تضع كل وزنها الى جانب سياسة الغزو والاحتلال وارهاب الدولة، التي تمارسها هي نفسها في العراق، وتمارسها اسرائيل نيابة عنها في لبنان وفلسطين.
فحينما تم اكتشاف شبكة الموساد التخريبية الاجرامية، حاول السفير الاميركي الضغط على لبنان للافراج عن افراد الشبكة، وطالب بوقاحة بحضور التحقيقات. وحينما اراد لبنان التقدم بشكوى ضد اسرائيل الى مجلس الامن بخصوص هذه الشبكة، استخدمت الادارة الاميركية كل نفوذها لعرقلة طرح القضية على مجلس الامن.
وفي 13 تموز الجاري، حينما وافق مجلس الامن الدولي، بأكثرية 10 اصوات، وامتناع 4 عن التصويت، على مشروع قرار بادانة ارتكابات اسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة، عمد المندوب الاميركي المجرم جون بولتون لاستخدام حق الفيتو لتعطيل هذا القرار.
وفي الوقت نفسه صرح الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش، اثناء زيارته الاخيرة لالمانيا، ان اسرائيل تملك "حق الدفاع عن نفسها"، في اشارة الى اسر الجنديين الاسرائيليين من قبل ابطال المقاومة الشعبية اللبنانية. لقد اصبح من المعروف في العالم اجمع ان الادارة الاميركية تتبع دوليا سياسة "الكيل بمكيالين". ولكنها في الحالة اللبنانية والفلسطينية الراهنة "ترتفع" بهذه السياسة الخرقاء الى مستوى "الكيل بالمقلوب"، بحيث ان أسر جندي او اكثر من جنود الاحتلال ـ قتلة الاطفال والمدنيين الابرياء، يصبح عملا "ارهابيا"، في حين ان قتل الاطفال والمدنيين واغتصاب الفتيات القاصرات وقتلهن مع اهاليهن، واعتقال عشرات الالوف من المواطنين العزل والوطنيين الشرفاء وسجنهم عشرات السنين في ظروف تأباها الحيوانات وتعذيبهم بسادية لا تصدر الا عن المجرمين الاميركيين والاسرائيليين واسلافهم الهتلريين، يصبح "دفاعا عن النفس" و"عملا انسانيا" مشروعا في نظر المدافعين عن "حقوق الانسان" و"الدمقراطية": جورج دبليو بوش، دونالد رامسفيلد، ايهود اولمرت و"الاشتراكي" عمير ميرتس وشركائهم.
وسيكون من السخف الشديد ان يعتقد احد ان العدوان على لبنان يستهدفه وحده، او يستهدفه الى جانب الشعب الفلسطيني فقط. فهذا العدوان هو مظهر من مظاهر الازمة العامة الحالية، للنظام الامبريالي العالمي، الذي تقف على رأسه الطغمة الاحتكارية الامبريالية الاميركية ـ الصهيونية. فالظروف التي يمر بها العالم اليوم تكاد تشبه الظروف التي مر بها العالم غداة الحرب العالمية الاولى. واذا كان التاريخ يعيد نفسه احيانا، على طريقة: في المرة الاولى يكون مأساة، وفي المرة الثانية يكون مهزلة، فإنه احيانا اخرى يعيد نفسه على طريقة: في المرأة الاولى يكون مأساة، وفي المرة الثانية يكون مهزلة كبيرة جدا الى درجة مأساة اكبر.
ـ فبعد الحرب العالمية الاولى، وقعت الازمة الاقتصادية الكبرى في 1929ـ1931. وفي تلك الظروف القاسية على شعوب العالم، فإن الكتل المالية الاحتكارية، ولا سيما المرتبطة بصناعة الاسلحة، ولاجل الخروج من ازمتها الاقتصادية التي كانت تهدد بانهيار النظام الامبريالي برمته، قامت بتشجيع الفاشية والنازية. فتم تشجيع اليابان على اجتياح الصين في 1931، وتشجيع موسوليني على غزو اثيوبيا في 1935، وتشجيع فرنكو على تدمير الجمهورية الاسبانية في 1936، وتشجيع هتلر على اكتساح تشيكوسلوفاكيا (اتفاق ميونيخ المخجل). وطبعا كانت النتيجة اشعال الحرب العالمية الثانية التي ذهب ضحيتها عشرات ملايين البشر، من اجل ان تعود خزائن الاحتكارات للامتلاء.
ـ واليوم، وامام صعود الاقتصاد الصيني والياباني والروسي وخصوصا الاوروبي الموحد، فإن اميركا ـ القطب الامبريالي الاكبر ـ تصبح اكبر دولة مدينة في العالم، وعلى وشك الافلاس والانهيار الاقتصادي بين ليلة وضحاها. وهذا ما يصيب الاحتكارات الاميركية ـ الصهيونية بالذعر الشديد، ويدفعها الى "الدفاع المشروع" عن نفسها عن طريق انتهاج سياسة المغامرة العسكرية التي تدفع العالم بأسره الى الحضيض. وكانت حرب يوغوسلافيا في 1999 مقدمة لهذه المغامرة، كما كانت عملية 11 ايلول 2001، بصرف النظر عن طريقة واطراف التنفيذ، مؤشر الانطلاق الواسع النطاق لهذه المغامرة.
وبدأت المغامرة في افغانستان، ثم انتقلت الى العراق، وتوسعت في فلسطين، وها هي تصل الى لبنان. وهي بالتأكيد لن تتوقف فيه.
ان الذي ادار سيناريو الاحداث الدولية ابان ازمة 1929 ـ 1931 والحرب العالمية الثانية، هو بشكل خاص الكارتل الصناعي ـ العسكري. اما الذي يدير سيناريو العدوان العولمي حاليا فهو تكتل احتكاري مؤلف من الكارتل الصناعي ـ العسكري، وكونسورسيوم النفط، وكارتل المخدرات. و"رجال دولة" مثل: جورج بوش الاب والابن، ديك تشيني، كونداليزا رايس، (الرئيس الافغاني) حامد قرضاي، كانوا موظفين في شركات النفط الاميركية. و(السفير الاميركي في العراق ـ الافغاني الاصل) زلماي خليل زاده، هو احد بارونات كارتل المخدرات، وهو يعمل بنشاط لتحويل العراق الى مقبرة جماعية، من جهة، والى سوق حقيقي واسع ومركز توزيع اقليمي للمخدرات، من جهة ثانية.
والهدف الاقرب لهذا التكتل الاحتكاري الاميركي ـ الصهيوني، الصناعي/العسكري ـ النفطي ـ المخدراتي هو: تجنب الانهيار الاقتصادي للقطب الاميركي. وهدفه الابعد هو: الهيمنة الاقتصادية ـ السياسية ـ العسكرية على العالم، بواسطة وفوق الاداة التي تشكلها بالنسبة له الدولة الاميركية.
ولتحقيق هذين الهدفين: الاقرب والابعد، فإن المؤامرات، واعمال التخريب والقتل والاغتيال، والانقلابات والحروب المحلية والاقليمية التي ينظمها ويمولها ويخوضها مباشرة او بالواسطة هذا التكتل الاحتكاري، انما تهدف الى السيطرة التامة على منابع وممرات ومصبات ومرافئ وصناعة وتسويق النفط، والى توسيع زراعة واسواق المخدرات، وتنشيط صناعة وتسويق الاسلحة الاميركية ـ الاسرائيلية. وقد كان من نتائج الاحتلال الاميركي لافغانستان زيادة زراعة الافيون 14 ضعفا، وزيادة تجارته 20 ضعفا، نتيجة "الاحتكار" الاميركي لهذه المادة السامة ورفع اسعارها. وكان من نتيجة احتلال العراق مضاعفة اسعار النفط. وفقط في اليومين او الثلاثة الاول التي تم فيها العدوان الاسرائيلي الاخير على لبنان ارتفعت اسعار النفط الى الرقم القياسي اكثر من 78$ للبرميل، ويخطط كونسرسيوم النفط (الذي يتشكل اساسا من الشركات الاميركية ـ الصهيونية) لرفع سعر البرميل الى 100$ واكثر في اقرب وقت ممكن، من اجل نهب الاقتصاد العالمي برمته وشعوب العالم بأسرها. وكان من نتيجة الحرب الاميركية ـ الاطلسية على الدولة الفدرالية اليوغوسلافية وتدميرها وتفكيكها، انشاء منطقة كوسوفو بوصفها "دولة عصابات اجرامية" حقيقية اخذت تضطلع بدور قاعدة اقليمية لمافيا المخدرات والدعارة والجريمة المنظمة وغسل الاموال، لكل اوروبا على الاطلاق، بحيث اصبحت المافيا الايطالية السابقة قزما ملحقا بالمافيا الالبانية التي يدعمها ويتزعمها الاميركيون والصهاينة. وكانت السي آي ايه والموساد تأملان في تحويل منطقة الشيشان ايضا الى "كوسوفو" ثانية لمنطقة القوقاز وروسيا والجمهوريات السوفياتية السابقة. وقد حصل الارهابيون "الاسلاميون!" المزيفون ـ قتلة المرضى والاطفال، من امثال شامل بسايف، على مساعدات مالية ولوجستية ومخابراتية، لا تقدر، من المليارديرية الصهاينة بيريزوفسكي وخودركوفسكي وغيرهما، كما من الاجهزة المخابراتية الاميركية والاسرائيلية. وبالرغم من ان المجتمع الروسي قد فشل الى الان في شفاء الجرح الشيشاني، الا ان محاولة خلق "كوسوفو" ثانية في الفدرالية الروسية قد فشلت ايضا. وهذا ما لن تغتفره الادارة الاميركية والقيادة الصهيونية لسلطة بوتين.
وعلى المستوى السياسي ـ العسكري، فإن التكتل الاحتكاري الاميركي ـ الصهيوني يمتلك الان ثلاثة اذرع او قوى رئيسية:
1 ـ الدولة الاميركية الديموفاشية (حسب تعبير الكاتب الماركسي الايطالي: فالتر بوتشي. اي الفاشية المغلفة بالدمقراطية الكاذبة).
2 ـ الدولة العنصرية الصهيونية الاسرائيلية.
3 ـ التيار "الاصولي الاسلامي!" المزيف، الذي يعوم على بحر "روحي" من التضليل الديني، وبحر "مادي" من البترولودولار والافيونودولار.
وقد زج التكتل الاحتكاري الاميركي ـ الصهيوني بهذه القوى جميعا في معركته اليائسة للهيمنة على العالم: من ادغال كولومبيا، الى جبال افغانستان، الى العراق وفلسطين ولبنان، والبلقان والقوقاز وغيرها وغيرها.
ولكن هذا التكتل هو واهم جدا اذا كان يعتقد انه سيستطيع ان يكسر ارادة الشعوب او يضللها بالاقنعة "الدمقراطية!" او "الاسلامية!" المزيفة. وحتى لو استطاع هذا التكتل جر العالم الى حرب عالمية ثالثة، فإن مصير الديموفاشية الاميركية، والصهيونية و"الاسلامية!" المزيفة، لن تكون بأفضل من مصير الفاشية والنازية. ومقاومة الشعب الفلسطيني الباسل، المستمرة منذ اكثر من نصف قرن، ومقاومة الشعب اللبناني الابي، الذي حقق اول انتصار عربي على العدو الاسرائيلي في ايار 2000، ترسم الخط البياني التاريخي الحقيقي للمعركة العالمية المفتوحة مع التكتل الاحتكاري الاميركي ـ الصهيوني.
والان، امام جثامين الاطفال الشهداء ـ قرابين الحرية، ننظر بازدراء الى بعض القيادات الوطنية السابقة، من امثال وليد جنبلاط، التي خانت مبادئها وتاريخها وتحولت الى قيادات سياسية ـ طائفية صغيرة، تلعب على حبال السياسة كراقصي السيرك.
كما ننظر باحتقار الى بعض "الماركسيين!" المزيفين، من امثال كريم مروة، الذين يبخرون للاحتلال ويكتشفون "حسناته" الدمقراطية، حيث يقول حرفيا في مقالة ـ زبالة له في موقع "الحوار المتمدن" الالكتروني، بتاريخ 12/7/2006 "ومن الطريف أن يحصل شعب العراق، في ظل الاحتلال، على قانون "إدارة الدولة" كدستور انتقالي وعلى النظام النسبي للانتخابات، وهما أفضل من كل ما هو موجود في كل البلدان العربية. لكن مخاض ولادة الديمقراطية ما زال شاقا. وسيكون طويلا." لعل كريم مروة ينتظر الاحتلال الاميركي ـ الاسرائيلي للبنان، كي يعبر فوق جثث الشهداء ليصبح نائبا، بانتخابات نسبية "دمقراطية"، في برلمان لبنان ـ المحمية الاسرائيلية التي لن تكون مهما كان الثمن.
وليطمئن هذا الخائن وامثاله، ان المقاومة الوطنية والاسلامية الشريفة، في لبنان، وفلسطين والعراق، ستستمر، بالتضامن مع جميع الشعوب العربية والاسلامية المكافحة، ومع الشرفاء في جميع انحاء العالم، لاسقاط التكتل الاحتكاري الامبريالي الاميركي ـ الصهيوني، مهما بلغت قوته، ومهما ارتكب من مجازر وفظاعات.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
* كاتب لبناني مستقل




#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسيحية: البوتقة الايديولوجية القومية، الاولى والاساسية، ل ...
- ويبقى السؤال: من سلّم الجولان بدون قتال، وهادن الاحتلال، ولم ...
- المسيحية: الديانة القومية الاولى للعرب
- أول أيار والدور الاممي الخاص للطبقة العاملة العربية
- الارمن ضحية العنصرية التركية والتآمر الغربي على مسيحيي الشرق
- بكركي محاورا تاريخيا
- المأزق الوجودي لاسرائيل!
- بعد تجربة الاحتلال الاسرائيلي والهيمنة السورية: القوى الوطني ...
- الأكراد شعبنا الثاني
- الصفقة الاميركية السورية الجديدة: اعادة انتاج -سايكس بيكو- ...
- الانقلاب الكياني في التركيبة اللبنانية
- من هم المرتدون الذين سيحاكمون لينين؟ كريم مروة واصحابه نموذج ...
- النظام الدولي المختل والدور التاريخي العتيد للمثلث الشرقي ال ...
- رد الى صديق كردي
- المحكمة الدولية ضرورة وطنية لبنانية وضمانة اولا لحزب الله
- المخاطر الحقيقية للوصاية على لبنان والمسؤولية الوطنية الاساس ...
- حزب الله: الهدف الاخير للخطة -الشيطانية- لتدمير لبنان
- ؛؛الوفاق الوطني؛؛ اللبناني ... الى أين؟؟
- ماذا يراد من لبنان الجديد في الشرق الاوسط الكبير الاميرك ...
- -الفأر الميت- للمعارضة السورية


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جورج حداد - العدوان لا يستهدف فقط لبنان