أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - حسين خليفة - ممدوح عدوان في «حيونة الانسان» . .. سيرة الوجع الانساني














المزيد.....

ممدوح عدوان في «حيونة الانسان» . .. سيرة الوجع الانساني


حسين خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 1761 - 2006 / 12 / 11 - 07:21
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


تمر هذه الايام الذكرى السنوية لرحيل الكبير ممدوح عدوان، وقد كرم الراحل في مهرجان دمشق الأخير بنشر اعماله المسرحية الكاملة من قبل زوجته السيدة الهام التي تدير دار عدوان للنشر.
في ذكرى رحيل هذا المبدع الشامل الذي أخلص لقلمه ووطنه أقرأ أحد كتبه المهمة تحية له ولعطائه الثر.
«المسألة إني أرى أن عالم القمع، المنظم منه والعشوائي، الذي يعيشه إنسان هذا العصر لا يصلح للإنسان ولا لنمو إنسانيته، بل هو عالم يعمل على حيونة الإنسان، أي تحويله إلى حيوان»
هكذا يقدم الراحل ممدوح عدوان لكتابه الممتع «حيونة الإنسان».
هو في كتابه هذا أديب باحث، باحث يتعمق في تحليل ظاهرة القمع وتشيوء الإنسان في ظل القوى القامعة لإرادته وآرائه ورغباته، وتسلط الذين يريدون التفكير نيابة عن الناس بل والتصرف بمصائرهم باعتبارهم الأفهم والأحرص على مصالح «الشعب والوطن»!!
يبحث في ورطة الإنسان الأعزل أمام سطوة القوة الغاشمة حيث كانت (فروات رؤوس الهنود الحمر تؤخذ للذكرى لتعلق في بيوت الأرستقراطية الأوربية والأمريكية الراقية والديمقراطية بينما نساؤها يغمى عليهن عند رؤيتهن لفأر)
وكأديب يستحضر حشدا من الأعمال الأدبية وكبار الكتاب والمفكرين الذين عرفهم تاريخ البشرية، ويقتطف أجزاء من نتاجهم الإبداعي(مسرح، رواية، سينما،شعر . . . ) ليضيء موضوعه بعين الكاتب الناقد، ليحاول إظهار الصيرورة التي تودي بالإنسان الى درك أدنى من الحيوان حيث الأخير لا يأكل لحم أبناء جنسه، لا يعرف الاغتصاب والشذوذ وغيرها من «إبداعات» الإنسان في مسيرته الطويلة باتجاه . . . . . الحيونة!!تحت ذرائع ومقولات شتى(دينية، قومية، أيديولوجية . . . . ).
يأتي كتابه هذه وكأنه استكمال لكتابه النثري الذي أصدره في بداية ثمانينيات القرن المنصرم (دفاعا عن الجنون) أو إنه ينتمي الى نفس «الجنس الأدبي»، فعلى غلاف الكتاب السابق نقرأ:
(كان لدى الإنسان حلم جميل. . .. لكن تتالي الأحوال فتح في هذا الحلم جرحا . . . . وبين الحين والآخر ينتبه الإنسان إلى خسارته الفاجعة هذه، فيدرك أنه صار يجهد لمنع نفسه من الانحدار عن مستواه الإنساني إلى مستوى الحيوان، وحين يقاوم تتخذ مقاومته نوعا من أنواع الجنون).
تتنوع فصول الكتاب مع تشعب الموضوع عمقا في التاريخ والفلسفة والأدب، فمن ورطة الإنسان الأعزل الى الدكتاتور مرورا بـ«صناعة الوحش.. صناعة الإنسان»، مسؤولية الضحايا، القامع والمقموع، الجلاد الذي ينتقم من ماضيه، «السلبطة» كظاهرة ملموسة في مجتمعات القمع، أصل العنف، الدين والحكم، الحاشية، و«قلت للطاغية».
يتكرر في اكثر من مناسبة الاستشهاد بقصة العسكري الأسود ليوسف إدريس كنموذج لأدب السجون، حيث التشوه الذي يصيب الإنسان في طرفي المعادلة السجين والسجان، كان عباس (الجلاد) يصل في توحده مع مهنته في تعذيب السجناء درجة يفقد معها وعيه وصوابه، لذلك كان بجانبه أثناء عملية التعذيب رقيبان عملهما التدخل في الوقت المناسب لانتزاع المتهم من براثن عباس.
في «مسؤولية الضحية» يذكر بالحكمة الريفية التي تقول أن الإنسان الذي يخاف من الوحوش يغريها لافتراسه، وكأن للخوف رائحة مهيجة، (قد تمر بكلب فيهر عليك بصوت عادي أو استفزازي، فإذا تابعت سيرك على نحو طبيعي فإنه قلما يهاجمك، ولكنك إذا ركضت أمامه فكأنك تدعوه الى مطاردتك ومهاجمتك). وفي «الجلاد الذي ينتقم من ماضيه» يحضر سارتر وسعيد حورانية و الدكتور مصطفى حجازي (صاحب «سيكولوجية الإنسان المقهور») ويقارن بين وضع المقهور الذي حين ينتصر ينقلب الى صورة أخرى لجلاده وبين ظاهرة الأثرياء الجدد الذين (يريدون في كل حركة من حركاتهم ان يثبتوا لأنفسهم قبل الآخرين بأنهم أثرياء حقا).
ويدخل في أعماق شخصية الإنسان المتنمر الذي هو في مكان آخر، عند ولي نعمته، قط جبان يتلقى الإهانات ويرضى بأتفه الأعمال طالما هي تكسبه رضى «المعلم» ويستشهد من بين الاستشهادات الكثيرة بقول عبد الرحمن الكواكبي: (وكلما كان المستبد حريصا على العسف احتاج الى زيادة جيش المتمجدين العاملين له والمحافظين عليه، واحتاج الى الدقة في اتخاذهم من أسفل السافلين الذين لا أثر عندهم لدين أو وجدان).
لا يتسع المجال في هذه العجالة للدخول أكثر في عوالم هذا الكتاب الغني والممتع، لكن لا بد من الإشارة الى أن ممدوح عدوان الذي جعل الحرية هاجسه الأول في كل ما أبدعه من شعر ومسرح ورواية و أعمال تلفزيونية ومقالات لم يفترق عن هذا الهاجس في كتابه هذا الذي يمكن اعتباره مرجعا هاما في توثيق التدهور المريع في أحوال الإنسان، في رصد الدرك العميق الذي وصلت إليه الإنسانية رغم كل ما نسمعه في الإعلام من شعارات عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ورغم العشرات من المنظمات والهيئات التي تجعل الإنسان محور اهتمامها لكن المصالح حين تتعارض لا يبقى هناك أثر لما قيل منذ قليل عن المحبة والتسامح والتعاون، حين يحس الكبار أن الخطر يتهدد علياءهم لا يبقى الا الكشف عن الوحش المختبئ في الأعماق الكامنة للإنسان، والأمر هنا مرتبط بالظروف الاجتماعية الاقتصادية والنشأة ومنظومة القيم السائدة في المجتمع، لكن كل هذا في النهاية لا يصمد كما قلنا أمام لغة المصالح (الاقتصادية خاصة) .
ممدوح عدوان كعادته دائما يدق ناقوس الخطر. . . . إننا نعيش في غابة، والمسافة بين الإنسان والوحش صغيرة لدرجة أن أيّاً منا يمكن أن يكون الضحية أو الجلاد.



#حسين_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعب المرن
- اقتصاد الجوع الاجتماعي
- أربعة وأربعون عاماً على مأساة أجانب الجزيرة
- أبتمرقوش
- الرئيس الزاهد
- كارل ماركس وابن لادن ونظرية المؤامرة
- المفاضلة العامة للجامعات السورية . . . . التكرار الذي يعلم ا ...
- السنيورة يبكي . . . . أي دمعة حزن؟!!
- يوسا في دمشق:أليست الرواية فعلا سياسيا بامتياز؟
- من مسرح العبث تخفيضات خليوية
- شاكيرا والملك والبابا


المزيد.....




- -كيف يمكنك أن تكون حراً إذا لم تتمكن من العودة إلى بلدك؟-
- شرق ألمانيا: حلول إبداعية لمواجهة مشكلة تراجع عدد السكان
- -ريبوبليكا-: إيطاليا تعرض على حفتر صفقة لكي ترفض ليبيا العمل ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تواجه عطلا بمدرج مطار اسطنبول وتهبط ...
- الرئيس الروماني يكشف موقف بلاده من إرسال أنظمة -باتريوت- إلى ...
- -التعاون الإسلامي-: اجتياح رفح قد يوسع نطاق التوتر في المنطق ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد لا يتبنى موقفا موحدا بشأن الاعتراف بال ...
- الشرطة الألمانية تقمع تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في جامعة برلي ...
- دونيتسك وذكرى النصر على النازية
- الجيش الإسرائيلي يعلن حصيلة ضحاياه منذ 7 أكتوبر


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - حسين خليفة - ممدوح عدوان في «حيونة الانسان» . .. سيرة الوجع الانساني