أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - إشكالية الدين والقومية














المزيد.....

إشكالية الدين والقومية


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6563 - 2020 / 5 / 13 - 19:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإشكاليات الصعبة التي تؤسس لها العلاقة ما بين الديني والقومي نجده في الغالب ونحن نتحدث عن العرب والفرس. فالتاريخ العربي السياسي مرتبط تماما, لا بل ومتفاعل, مع قضية الإسلام, بدايته وتكونه وإنتشاره وثقافته ورموزه.
بالمقارنة مع المسيحية مثلا, فإنه لا توجد أمة من الأمم بإمكانها أن تدعي قربها من الدين المسيحي أو ريادتها له. الأمم التي تمسحت كانت موجودة قبل إنتشار المسيحية فيها. الفرنسيون ليس بإمكانهم الإدعاء أنهم اقرب إلى المسيحية من الألمان, وكذلك فإن ما من امة بإمكانها أن تدعي ابوتها للمسيح, ولذلك فإن الصراعات السياسية بين الأمم المسيحية التي أدت إلى هيمنة بعضها على البعض الآخر لم تتم من خلال صراعات دينية عامة ولكن مذهبية, فإن لم يدخل الدين الواحد على ساحات الفرقة والإقتتال من الأبواب فقد دخل عليها من الشباك.
عموما يمكن القول, وبسبب الطبيعة التبشيرية لإنتشار المسيحية في أوروبا أن علاقلات القربى القومية مع المسيحية هي واحدة, إذ لا توجد قومية أوروبية او عرقية أو أثنية تدعي انها اقرب إلى المسيحية سياسيا من غيرها.
إن الدول والأمم كانت هناك وقد تمسحت بتمسح ملوكها ( وليس عن طريق الفتوحات كما حدث مع العرب والإسلام, فالمسيح لم يحمل سيفا ليبني دولة ولا قام أنصاره وحواريوه بمعارك وفتوحات أدت إلى نشوء دولة بعنوان ديني وبهوية قومية معينة, لذلك لا توجد قومية او اثنية أوروبية تدعي أنها اقرب إلى المسيحية من غيرها, لكن الحروب التوسعية أو الرامية إلى الإقصاء والهيمنة وذات الطبيعة الإجتماعية والإقتصادية غالبا ما تحتاج إلى أغطية وعناوين أخلاقية وروحية, لذلك لم تترك المسيحية كثقافة للجميع والتجميع وذات منشأ وإنتشار تبشيري, بل سرعان ما تمت عسكرتها عن طريق تفعيل الصراعات الإقطاعية والقومية والأثنية مذهبيا.
في المراحل الدينية للعالم آنذاك ويوم نشات المسيحية بمعزل عن الفتوحات والقهر والإنكسارات القومية, اي أنها كثقافة كانت على مسافة واحدة ما بين الأقوام, كان لا بد من تنشيط العامل المذهبي لكي يكون عنوانا أخلاقيا وروحيا للفتوحات المسيحين المسيحية, اي الأوروبية - الأوروبية (حرب الثلاثين عاما بين الكاثوليك والبروتسانت) بموازاة الحروب الصليبية بين أوروبا المسيحية والمسلمين.
ثمة حقيقة هامة سيكون لها شأنا كبيرا على السلوك العربي , وفي المقابل على العلاقة الإيرانية بالعرب وبداية من العراق. هذه الحقيقة تقول ان الأمة العربية, ممثلة بدولة الراشدين ومن ثم بالدولتين الأموية والعباسية, قد تكونت عبر تفاعل جدلي ما بين الإسلام والقومية حتى صار من الصعب الفصل بين المكونين, فالعرب قبل الإسلام لم يكونوا أمة في حين أن الفرس كانوا قبلها أمة تقاسمت العالم مع الرومان. هذا سيضعنا أمام المشهد التاريخي الخطير الذي ما أظنه فارق العلاقة بين الأمتين, بل لعله ظل يطبعها بسلبية تطغى على كل عامل آخر. من جهة هناك أمة (عربية) تكونت من خلال الإسلام مقابل امة (فارسية) قوضها الإسلام
بالنسبة للدول (المسيحية) فإن لا أحد من بينها كان قد خاض الصراع السيادي أو التوسعي تحت راية الدين, وليس هناك قومية أوروبية كانت نمت بفضله على حساب اخرى أو أنها إكتسحت غيرها من دول الجوار تحت راياته, فالجميع كان على مسافة واحدة من المسيحية التي كانت قد إنتشرت عن طريق التبشير ولم تنتشر عن طريق الغزو والقهر القومي.
إن التاريخ السياسي, توسع وحروب وإنهيار دول أو نشوئها وتوسها, كان قد تم تحت راية المذاهب. ولغرض أن يكون الغطاء المذهبي سميكا بما يكفي للقهر السياسي فقد تم النفخ في إختلافات تلك المذاهب لكي يمتلك الصراع السياسي مشروعيته الدينية . ويمكن لنا ان نراجع تاريخ الحروب الأوروبية ما قبل إنتصار العلمانية لكي نعلم حجم المآسي المدمرة التي تكبدتها المجتمعات الأوروبية, فنتيجة لحرب الثلاثين عاما بين الكاثوليك والبروتستانت التي بدأت عام 1606 فقدت أوروبا نصف عدد إجمالي سكانها البالغ آنذاك خمس وأربعين مليونا نسمة.
اليوم فإن المنطقة الإقليمية تمر بأسوا حالاتها ليس بسبب الإنغلاق الحضاري الذي يتسبب به التطبيق المتعنت للإسلام داخل كل مجتمع على حدة وإنما أيضا بسبب التوسعات الإقليمية لإعادة بناء الأمم على اساس ديني مذهبي ينعكس بدوره على المجتمعات العربية الهشة ليشطرها إلى مثنى وثلاث ورباع خماس متشكلة من قوميات ومذاهب تتقوى بالأخ الإقليمي على حساب الأخ الوطني.
ولقد خرجت أوروبا من صراعاتها المذهبية الدموية بقوة الفصل ما بين الدين والدولة وسوف لن تجد منطقتنا الإقليمية طريقها إلى التآخي والتعايش ما لم تفصل بين الدين والسياسية وتنتهج الديمقراطية, ليس لأنها تضمن للناس حرية الإختيار والتعبير فحسب, وإنما لكونها تساهم أيضا بحماية السلم الوطني والإقليمي وتفتح الطريق واسعا نحو تجمعات إقليمية بعيدة عن الشحن القومي أو الديني او المذهبي.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كاريزما صدام وشجاعته
- الحب في زمن الكورونا ... (4)
- التشرينوفوبيا .. كزار, كل عوامل النجاح كانت معه إلا واحدة*
- في العراق إذا إجتمعت السياسة والدين يكون الشيطان ثالثهما
- الحب في زمن الكورونا ... (3)
- من هو شهيدنا ومن هو شهيدكم
- سنة وشيعة ... و ... عراق
- الحب في زمن الكورونا
- الولادة العراقية الجديدة
- أردوغان .. من تصفير المشاكل إلى خلقها وتفعيلها
- وجهة نظر .. لماذا فشل السيد محمد توفيق علاوي*
- سياج بيتي
- محمد توفيق علاوي وأسلحته السرية
- حديث لرجل عاد من المستقبل وسيرجع إليه
- المسؤول الحقيقي عن قتل عبدالخالق السامرائي.
- دولة فرانكشتاين في بغداد
- عبدالخالق .. حينما يكون الزهد مثلبة سياسية وليس إمتياز*
- الوطني في مواجهة الإقليمي
- عشرة دنانير*
- بإمكانك أن تكون أمريكيا وعراقيا في ذات اللحظة


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - إشكالية الدين والقومية