|
منا تعلموا هدر حقوق الانسان
رضا محافظي
الحوار المتمدن-العدد: 1581 - 2006 / 6 / 14 - 08:47
المحور:
حقوق الانسان
ليس غريبا أن أن يكون صوت الأمة العربية " الرسمية " خافتا جدا ، بل يكاد يكون معدوما ، حينما يتعلق الأمر بحقوق الانسان المهدورة في العراق من طرف القوات الامريكية و القوات المتحالفة معها بدءا من جرائم أبو غريب الى حديثة و مرورا بالعشرات من الحوادث التي عرفها العراق بعد دخول القوات الأجنبية اليه في ربيع سنة 2003 م ناهيك عن الجرائم السابقة في حرب الخليج الثانية و الحصار الرهيب الذي أعقبها و خلف وراءه الآلاف من الضحايا . السبب بسيط و لا يحتاج الى نباهة و قوة تفكير . عدد كبير من الأنظمة العربية يمارس باقتدار - تحسده عليه القوى العظمى المتعطشة للسيطرة - عملية هضم الحقوق الفردية و الجمـاعيـة السياسيـــــة و غير السياسية و يتفنن في أنواع القهر و الاذلال بمختلف الانواع على الشعوب . و بما أن حالها كذلك ، كيف لها أن ترفع صوتهـا أمـام الولايات المتحدة الامريكية أو غيـرها تنديـدا بما اقترفته و تقترفه من جرائم في العراق و في غير العراق و هي التي لم يبق لها الا ورقة توت واحدة تسترها لو أسقطتها لانفضح أمرها .
تدرك الولايات المتحدة الامريكية جيدا هذه الحقيقة و لها من المعطيات و الدلائل ما تستطيع به تكميم أفواه سادة العرب و المسلمين متى شاءت ، و لها على أراضيها من الأمثلة الحية من المقهورين سياسيا أو اجتماعيا أو ثقافيا أو غير ذلك العشرات - بل المئات - من الأفراد و الأسر . نفس الشيء حاصل مع بريطانيا ، الحاضنة التقليدية لكل الهاربين من بلدانهم ، و مع غيرها من البلدان الأوربية . ما كانت الولايات المتحدة الأمريكية ليجرأ على استباحة أرض العراق و قبلها أراضي أخرى ، و تدعم قوى الغطرسة هنا و هناك و تمكنها لتجثم على صدورنا لو أنها و جدت أمامها مجتمعات متماسكة يرتبط رأس هرمها بقاعدته برباط من العدل و الطاعة و الوفاء معا .
مباشرة بعد دخول القوات الامريكية الى العراق ، راحت تروج لأشرطة بصرية تظهر أناسا يتعرضون للتعذيب في سجون النظام العراقي السابق فتحت المجال أمام العشرات من الشهادات من هذا النوع ، رامية بذلك الى اظهار أنها قوة محررة للشعب العـراقي من قيادة لطخت كرامته و استباحت حرمته و أذلته أيما الاذلال . و هي ستلجأ الى تلك الطريقة مع كل نظام عربي أو مسلم يحاول التفكير في الانتفاض على السيطرة الأمريكية و لن تعدم الوسائل و الحجج بالتأكيد حتى مع النظام العراقي الحالي الذي مكنت له بأيديها و أسست لعهده و وضعت أركان حكمه . هذا الأخير ، و بالرغم من الصورة التي يريد أن يعطيها عن نفسه للعراقيين و للعالم أجمع ، فانه ملطخ بما يلطخ كل الأنظمة العربية .
لم يكن مفاجئا جدا ما اتى به احد النواب الاردنيين من صور و معلومات عن انتهاكات صارخة لحقوق الانسان في أحد السجون التابعة للداخلية العراقية ببعقوبـة ، من هتك للأعراض و اعتداء على المساجين - معنويا و جسديا – بما فيهم الأطفال بأخس ما يمكن ان يتصوره البشر من أجل انتزاع اعترافات محددة مسبقا . و هذه ليست هي المرة الأولى التي يشار فيها بالبنان الى السلطة الجديدة في العراق على أنها صارت هي بدورها مصدر طغيان و ظلم و استبداد ، و لن تكون الاخيرة ما دام أصل المرض لا يزال موجودا . ما هي القوة التي يملكها نظام مثل هذا في قول كلمة لا للأمريكان و هو بهذا التعفن ؟ هل اهتزت أركان البيت الأبيض الامريكي عندما صرح نائب الرئيس العراقي ، السيد طارق الهاشمي ، في بداية شهر يونيو و قال " نشاطر العراقيين كافة صدمتهم في تلك الجرائم الفظيعة . كنا نأمل و نعتقد أن فضيحة سجن ابو غريب ستكون نهاية المطلق ، لكن يبدو أن سجل قوات الاحتلال زاخر بانتهاكات حقوق الانسان في العراق " ، و هل هرول بوش الى الرئيس العراقي طلبا للعفو و المغفرة و قدم جنوده المتهمين بارتكاب مجازر في حق المدنيين في " حديثة " و غيرها قربانا لنيل رضا العرب و المسلمين ؟ أبدا .
لقد صدق من قال أن الولايات المتحدة الامريكية تعلمت من الأنظمة العربية الكثير في مجال انتهاك حقوق الانسان و ها هي قد جاءت تمارس في الميدان ما تعلمته نظريا دون حرج و لا وجل . و ستظل في ارض العراق تستبيح أهله و خيراته في وضح النهار الى أن تجد أمامها أمة يتساوى فيها الرئيس و المرؤوس و الحاكم و المحكوم و يقودها رجال لا يحرجهم شيء و لا يخفون من أمور تسيير شؤون الحكم شيء و يرفعون أصواتهم أمام المحتل بقوة دون خوف من مستور فاضح .
#رضا_محافظي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هجرة أدمغتنا الى فرنسا
-
مصداقية المؤرخ و مهنية الصحفي
-
من لافريقيا ؟
-
الجزائر تعانق فلسطين
-
هوان على هوان
-
قوقل يقود حرب الخصوصية…فهل يربحها ؟؟؟
-
تجار الموت
-
تجار الموت
-
التغيير من الخارج
-
عندما يرعبنا … طير
-
الوتر الثامن
-
لا بدّ من رضاهم
-
الديمقراطية الملكية
-
تاريخنا يغور في الأرض عبر القبور
-
أمة مسلوبة الارادة
-
بأي ذنب …. أولبرايت ؟
-
رسالة العقاد و رسالتهم
-
لا تزال النفس العربية رخيصة
-
لويزات ايغيل أحريز و شرف الجزائريات
-
اعتراف فرنسا بالذنب ؟؟؟
المزيد.....
-
مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
-
-حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص
...
-
تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة
...
-
اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
-
عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف
...
-
منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ
...
-
ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
-
الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين
...
-
المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى
...
-
الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|