أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم زهوري - خيمة تضاريس بعيدة














المزيد.....

خيمة تضاريس بعيدة


ابراهيم زهوري

الحوار المتمدن-العدد: 6531 - 2020 / 4 / 7 - 04:44
المحور: الادب والفن
    


ليس من قبيل المبالغة إعتباري كل مكان أزوره هو وطني الذي الذي كنت أتمنى أن أولد وأترعرع فيه و أنا الذي كنت من يوم مولدي مهجوسا بفكرة المنفى وإطلالة العيش المؤقت في مخيم للاجئين وتحديدا في تلك اللحظة عندما تسلقنا أنا وأقراني حبل العامود الخشبي وقفزنا داخل دائرة النار في معسكر الأشبال عند أطراف السهل , نعم أسرتني نافورة فتنتها كل الأمكنة , هكذا كان شعوري عندما زرت بلدة مصياف جنديا إلزاميا رغم أنفه وفي يديه أغلال دورية الشرطة العسكرية التي ساقتني موجودا ً , وحدهم أبناء المخيمات فقط على ظهورهم العارية يستلقون في أسرتهم مثل جبل هموم لا ينهزم , يقرأون في ضجر الظهيرة " النمور في اليوم العاشر " ويفتحون طاقة في الجدار الطويل تحمل وتحتمل عبور أجسادهم النحيلة و نحو البحر يهرعون في نضج اكتمال الثمالة و انفراط عناقيد الجنون , في البلدة كان لي فيها أصدقاء ينشدون غنى الحياة في غنى الطبيعة برونق بساطتها ويهربون كيفما اتفق من غول الجوع ,اضطهاد الفقر وقبح ملامحه ويحرقون بشرور أسبابه كل أسباب الشرائع و تلابيبها,و هكذا من قبل في سنواتي الجامعية الأولى عندما تعرفت على مجموعة من شباب بلدة بنش الأدلبية , الذين كانوا منذ ذلك الوقت يغمرهم رغبة التفرد في إطلاق تسمية المستقلة كلما نطق لسانهم أسم بلدتهم التي يشقها الطريق المؤدي إلى المدينة الريفية إلى نصفين متعادلين , منهم من سكن دمشق واستفاد من مزايا ثقافته ومن فوائد وظيفة الشهادة الجامعية ومنهم من استوطن كرم زيتون أبيه وأطلق لحيته الطويلة إلا صديقي العذب المعذب هرب من يتمه المؤبد وترك مقاعد الدراسة,كان ناصري الهوى إشتراكي الثقافة, عرفني على مؤلفات عصمت سيف الدولة واستشهد في الجنوب اللبناني إثر عملية عسكرية ضمن مجموعة فدائية فلسطينية .
وهكذا كانت محبتي للناس في القرية البدوية مهبط الوظيفة الرسمية الأولى , أوسّع ُ فضاءاتها كلما اتسع الثوب الأخضر في الربيع واحتضن نهوض صدر البادية كلما أينع ورد السهوب الأصفر ونقش إمتداد النظر ببقع ألوان الله على شظف عيش البشر , عرفت كيف أكون عضوا مسالما مطيعا من آلهة الجمال والخصب قرب موطئ هلاك النهر الذي لا نزوره في قيظ ولا نقدم له النذور إن غمرنا ماؤه في لحظة بناء سد ومحاولة حبس ماء بخيل تردد في المجيء وبقي خلف الحدود يقتنص سحابة ثلج منتظراً , وهكذا كان عندما عرفت إتضاح حقيقة نفسي الأمارة بالسوء في تأمل ضخامة اتساع وجه القدر , وكم كان حجمي ضئيلا ضئيلا عند قمة الجبل كلما أمعنت ليلا إلى وضوح شبابيك القمر وكلما صعدت في الخطى وحدي إلى الأعلى عائدا من رحلة تلوث الزحمة واكتظاظ الناس عندما نزعت عن أكتافي الرتبة العسكرية وهرعت نحو القمة حينها لأرى أضواء مدينتي السليبة صفد في مساء يحتضر خلف الجبل , عند الظهيرة أتوجه نحو شجرة الكستناء تحت ظلها الواسع شاركت طعام ذلك العجوز في استراحته مرحبا وسؤاله عن منعطفات التاريخ البعيد والقريب وعن إخوان الصفا وخلان الوفا وعن آخر كتاب رافقني وعن أحوال آخر صديق , هكذا حسمت أمري أتنقل على طول الجبهة وعرضها أجمع تواقيع التسريح في براءة الذمة وأنقشها مستقبلا ومودعا كل هدوء القرى وصمت الوديان وغرة القمم , تفاح السفح وغزل أشعة الشمس , تعاريج الثلج كومة ظل يبتسم لشبح طارئ ويختفي , ثلاثة كلمات من اسمي على ساعد البندقية بكت و قلبي مع عناقيد الكرز على حضن حجري اشتكى , دكان "بوقعسم "* الوحيد غنى على جانبي الصبر مواله وأثمر في الوداع عنبر النشيد , الوداع يا جبل الشيخ ,في جعبة ظهرية أحزم كل ذلك في يوم ما كان وفي سنة ما كانت في جنوب الجنوب,وأهلا للمرة الثانية في شمال الشمال يا مدخل المخيم .
* بوقعسم : قرية صغيرة على سفح جبل الشيخ



#ابراهيم_زهوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من التراب وإليه نعود
- زهرة تقاوم الجن .
- إحتفال الأجراس في حصان هارب
- نشيد الفراغ جمر
- ليس في الأجراس معاول
- ظل الذهول الأخير
- وجهي على حجر الكلام
- حنيني في شوط الخيال
- يوميات التجوال الأخير
- هنا لا يحتفل القمر
- حيرة التأويل صنوبرة الكلمات
- هذيان رياح البحر و لون المنحدرات
- مجاز منفاي لحاء ذئب
- أرى ما يراه النائم
- غرب المنفى نهاية الأرض
- واجمة نواقيس القصيدة
- يكتمل ظلي مع هذا النشيد
- تتشابه أصابع العنبر .. رماد تعاويذ الجهات
- تلف الحناء تأوه العسل
- هناك حيث تكابد الأعراف


المزيد.....




- رعب وأبطال خارقون ومخلوقات خطيرة.. 8 أفلام تعرض في يوليو
- -كاسونغو-.. قصة فقدان وحب تختبئ خلف الإيقاعات الراقصة
- -كاسونغو-.. قصة فقدان وحب تختبئ خلف الإيقاعات الراقصة
- العمود الثامن: في حكاية الشيخ والشاعر !!
- الاحتفاء بالشاعر والمترجم ياسين طه حافظ بمناسبة اختياره رمزً ...
- جاهزون يا أطفال .. أحلى الأفلام الكارتونية على تردد قناة سبي ...
- مجزرة النصيرات في فيلم استقصائي على -الجزيرة 360-
- مجزرة النصيرات في فيلم استقصائي على -الجزيرة 360-
- يحصل على جائزة أفضل فيلم صيفي لعام 2025 “فيلم مشروع أكس”
- رابط مباشر نتيجة الدبلومات الفنية الدور الاول برقم الجلوس فو ...


المزيد.....

- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم زهوري - خيمة تضاريس بعيدة