أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - حامد تركي هيكل - مستقبل الفضاء الحضري بعد كورونا














المزيد.....

مستقبل الفضاء الحضري بعد كورونا


حامد تركي هيكل

الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 30 - 21:08
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


إحتل الفضاء الحضري مكانة مهمة في تاريخ التخطيط الحضري منذ فجر الحضارة الى يومنا هذا. منذ شارع الموكب في مدينة بابل، والأگورا في مدن الأغريق حتى الساحة الحمراء في موسكو، الى شوارع وساحات المدن المعاصرة. وازداد الاهتمام به مؤخرا من خلال التصاميم المعمارية للمحلات السكنية ضمن توجهات الاستدامة عبر التأكيد على الشارع القابل للمشي . فنيومان قسم الفضاءات العامة الى درجات ، عام وشبه عام وشبه خاص وخاص. وجين جاكوب انتقدت العزل والتنطيق الذي اعتمدته الحداثة فأوصت أن تكون الفعاليات متنوعة لضمان الحيوية . وقديما قالوا ان الانسان اجتماعي بطبعه، وقد نشأ علم الاجتماع من مفردة اجتماع الناس . السؤال الذي أطرحه الآن : هل سيغير كورونا نظرتنا للفضاء العام ؟ هل سيصبح اجتماع الناس أمرا غير مرغوب فيه؟ وكيف سنصمم للمجتمعات بعد اليوم؟ وهل سنضطر لترك مفردة الاجتماع والمجتمع ؟ وهل سيطور المصممون الحضريون والمعماريون نظرتهم للفضاء الحضري ؟ هل سيكون هدف المصمم تحقيق اعلى درجة من العزل بعد أن كان همه تحقيق أقصى درجة من التفاعل الإجتماعي؟ هل ستنظر البشرية لقاعات الموسيقى والمسارح والملاعب الرياضية والمطاعم الكبرى والجوامع والكنائس كفضاءات من الماضي ؟ وهل ستختفي قاعات الاجتماعات والسمنارات والقاعات متعددة الأغراض من برامج التصميم المعماري ؟ كيف سيكون شكل الممرات في الأبنية؟ وكيف سيكون تصميم المصاعد الكهربائية؟ هل ستكون المصاعد عبارة عن حجرة لشخص واحد يتم تعريضها اوتوماتيكيا لأشعة فوق بنفسجية بعد كل استعمال لتطهيرها؟ هذا طبعا اذا كان مقدرا لنا أن ننجو من كورونا .
حين طرحت هذه الأسئلة على أصدقاءي ، اختلفت اجاباتهم.
زعم أحد الأصدقاء وهو استاذ كبير في نظرية العمارة ، ان أيّا من ذلك لن يحدث . وأكد ان البشر ومن خلال تقدمهم العلمي غير المسبوق سرعان ما سيتوصلون الى علاج ولقاح لهذا المرض الخطير. وان كل ما يتعين علينا في هذه اللحظة هو الانتظار في بيوتنا فحسب . أما زميلي الاستاذ في العمارة الأسلامية فقد كتب لي قائلا ان هذه ليست الا لحظة عابرة في تاريخ البشرية ستجتازها لامحال. وضرب مثلا، زاعما أننا اذ نشاهد ما تركه لنا البشر من شواخص قائمة متمثلة بابداعاتهم المعمارية المعروفة فاننا لا نلحظ عليها تغيرا قد نشأ من جراء الأوبئة التي طالما عصفت بالبشر عبر تاريخهم الطويل. ولم يقف عند هذا الحد ، بل أنه ذهب بعيدا في الحديث عن السنن الكونية التي تنظّم ايقاع مسيرة البشر ، مما لا أفهمه كثيرا. أما زميلة شابة لي في القسم الذي أدرّس فيه ، فقد اقتربت هي الأخرى من وجهة النظر القائلة بان الأوبئة ما كانت لتدمغ حياة البشر ، ولا تحكم سلوكهم . على الأقل هذا ما حصل في الماضي ، فما الذي يجعل هذه الجائحة تكتسب قصب السبق في تأثيراتها على البشر في حين عجزت الأوبئة السابقة عن فعل ذلك . أما أحد أصدقاءي وهو شاعر كبير فقد أصابته أسئلتي بالهلع رغم أنه وجدها مهمة ومبررة .
ولكنني أضمرت في نفسي أفكارا تعزز موقفي الذي دفعني لطرح تلك الأسئلة ، وتفند بعض ما قال أصدقاءي. ومن بين تلك الأفكار: أن كل ما نحن عليه الآن ما هو الا استجابات البشر لأزمات وكوارث كانت قد عصفت بهم . فبعد حريق لندن صار استعمال الخشب غير مرحبا به ، وصار لزاما أن تتسع الشوارع لمرور العربات التي تنقل الماء لأطفاء الحرائق ان نشبت مرة أخرى. وعندما احترقت شيكاغو مثلا ، ظهرت قوانين بناء جديدة ، ولزم أن تتباعد الأبنية عن بعضها كيما لا تحترق الواحدة باحتراق الأخرى. وقاد ذلك الى ظهور الأبنية متعددة الطوابق ، الذي قاد بدوره الى ظهور المصعد الكهربائي . أليس ذلك ما يشكل صورة مدننا اليوم؟
وعندما واجه العالم أحداث الحادي عشر من أيلول ، تبع ذلك تقييدات على نظم العبور والمرور والطيران وما الى ذلك مما بدا اليوم مألوفا للجميع.
وقديما كانت المدن تحاط بأسوار ، وتلك الأسوار كانت رد فعل لكوارث عانت منها المدن من جراء اجتياحها من قبل الاعداء . أختفت الأسوار عندما أخترع الأنسان البارود. وقديما جدا أضطر العراقيون لحرق اللبن المصنوع من الطين كي يكون أكثر صلابة وأقوى على مقاومة الفيضان بعد أن شهدوا كيف أذابت مياه الفيضانات المتكررة بيوتهم ومعابد آلهتهم. واخترعوا الزقورة لرفع معابد الآلهة عاليا لتكون في منأى عن الغرق . أليست هذه هي الكوارث التي دمغت تاريخ البشر وعمارتهم.
وثمة فكرة أخرى ، اذ قد تكون هذه الجائحة وباء لم تشهده البشرية من قبل ، وبالتالي سيكون لها ما لم يكن لغيرها من الأوبئة . ولا أقصدهنا بطبيعة الحال عدد الذين سيقضون ، ولكنني أشير الى مسألة أخرى . فالوعي الذي تشكل في عقول البشر حول هذه الجائحة من خلال تطور وسائل التواصل ، والقدر الكبير من المعرفة بوجودها الذي تحقق للتو هو بالتأكيد يختلف كليا عن ذلك القدر من الوعي الذي تحقق في ذاكرتهم عن أي وباء آخر. فضخامة الحدث لا تقاس بابعاده الثلاث ، بل بعدد من تذكروه وعرفوه . وبهذا فقد اجتاحت كورونا عقول البشر كما لم تفعل أية جائحة أخرى ، ولهذا سيكون لها الأثر الذي لم يكن لغيرها. أو على الأقل هذا ما أظن.



#حامد_تركي_هيكل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كورونا والفضاء الخاص: مقالة في الوباء والعمارة
- الحمام ..مشاغلة في التراث والكلمات
- غسل الرأس
- أم جابر
- حكاية من محلة الباشا
- في ساعة فجر
- غضب
- للحكاية أكثر من وجه
- آخر ليلة في حياة كبش
- آباء وأمهات
- عيدية العيد
- عصابة الكف الأسود
- غطاء الرأس .. وظيفته ورمزيته
- الحرب على الأرهاب: الدروس المستفادة من منظور حضري


المزيد.....




- في السعودية.. مصور يوثق طيران طيور الفلامنجو -بشكلٍ منظم- في ...
- عدد من غادر رفح بـ48 ساعة استجابة لأمر الإخلاء الإسرائيلي وأ ...
- كفى لا أريد سماع المزيد!. القاضي يمنع دانيالز من مواصلة سرد ...
- الرئيس الصيني يصل إلى بلغراد ثاني محطة له ضمن جولته الأوروبي ...
- طائرة شحن تهبط اضطرارياً بمطار إسطنبول بعد تعطل جهاز الهبوط ...
- المواصي..-مخيم دون خيام- يعيش فيه النازحون في ظروف قاسية
- -إجراء احترازي-.. الجمهوريون بمجلس النواب الأمريكي يحضرون عق ...
- بكين: الصين وروسيا تواصلان تعزيز التعددية القطبية
- إعلام عبري: اجتياح -فيلادلفيا- دمر مفاوضات تركيب أجهزة الاست ...
- مركبة -ستارلاينر- الفضائية تعكس مشاكل إدارية تعاني منها شركة ...


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - حامد تركي هيكل - مستقبل الفضاء الحضري بعد كورونا