أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد تركي هيكل - عصابة الكف الأسود














المزيد.....

عصابة الكف الأسود


حامد تركي هيكل

الحوار المتمدن-العدد: 6248 - 2019 / 6 / 2 - 17:41
المحور: الادب والفن
    


في تسعينات القرن الماضي وفي أوج الحصارالذي فرض على العراق ، نشطت في البصرة عصابة من الشباب أطلقوا على انفسهم عصابة الكف الأسود.
كان عددهم يربو على عشرة من الشباب الأشداء مفتولي العضلات عريضي المناكب . وجوههم منوّرة بفضل التغذية الجيدة التي كانوا يحصلون عليها، في حين ان وجوه القوم كانت شاحبة تحت وطأة الحصار والجوع.
أدرك أعضاء تلك العصابة أن الحصار لن تجدِ معه الأعمال المعتادة ، ولابد لهم من أجل تجاوز آثاره من عمل من نوع خاص. فابتكروا فكرة انشاء عصابتهم وأسموها عصابة الكف الأسود ، واسمها مشتق من وظيفتها التي تعتمد على بطش أكفهم وأيغالها وتماديها فيما هم مقبلون على فعله دون تردد أو رحمة في قادم الأيام .
كان واجب كل منهم جمع الاخبار والمعلومات عن اهدافهم بدقة عالية . ومن ثم يتشاورون حول موقع الجريمة المقبل فضلا عن معلومات تفصيلية عن الضحايا المحتملين ، بما في ذلك موقعهم الاجتماعي ومستوى دخلهم وما الى غير ذلك من تفاصيل مهمة . كانوا يتبادلون المعلومات بشكل سري ، في وقت كان الناس ساهين ولم يكن أحد على دراية بواتس اب أو فايبر. وبقيت وسائل اتصالاتهم في طي الكتمان الى يومنا هذا.
وما أن يتم الأتفاق بينهم على ساعة الصفر لتنفيذ جريمتهم تلك في المكان المقصود حتى يباغتوا الضحية بشكل لا يدع لأحد فرصة للقيام بأي فعل سوى مراقبة تلك الأيدي الرهيبة والسواعد القوية والعيون الجريئة وهي تمارس فعلها المخطط له بدقة أمام أعين الناس وفي وضح النهار بلا خجل ولا وجل، بكل ما يتضمن ذلك الفعل من إمساك وإطباق وتقطيع وعض وما الى ذلك من أفعال هي الى الوحشية أقرب.
كان أفراد العصابة ينشطون في كل أحياء المدينة وأطرافها . من البراضعية الى كرمة علي ، ومن القبلة الى التنومة . وفي مراحل لاحقة وسعوا مجالهم ليشمل أبي الخصيب والزبير والهارثة. حتى بدأ الناس بتداول أخبارغريبة عنهم تكاد لاتصدق . فقد نقل عن بعض الناس قولهم أن أفراد العصابة شوهدوا في أكثر من مكان في الوقت عينه. وجادل البعض أن ذلك قد يكون بسبب أن أفراد العصابة لا يتواجدون جميعهم في المكان نفسه بل ربما يقسمون أنفسهم الى جماعات أصغر وينتشرون في أكثر من موقع ، وينفذون أكثر من جريمة . الا أن أشخاصا ومن أجل قطع الشك باليقين قاموا بعدّ أفراد العصابة عدّا ، والملفت للنظر أن العدد ربما كان عشرة في كل مرة، كما ذكر بعض الذين قاموا بالعدّ ، ولكنهم عادوا ليشككوا بصحة عملية العدّ تلك.
وقد جادل بعض الأشخاص أن أفراد هذه العصابة ربما كانوا من الجنّ. بينما رفض البعض الآخر مثل هذا الزعم ، مدعيا أنه على معرفة بعدد منهم ، وأنهم أصدقاؤه الذين يكنون له كل الحب والأحترام . الا ان أحدا لم يبين ما اذا كان يعرف أماكن سكنهم على وجه التحديد.
وفي غمرة هذا الجدل المحتدم عن أفراد تلك العصابة ، أدعى بعض الناس أنهم ربما يكونون من عناصر استخبارات الحكومة ، فيما صرح البعض أنه يعتقد أنهم عناصر تابعين للأمم المتحدة مهمتهم جمع المعلومات عن المستوى الاقتصادي للعوائل! وقد باءت جميع المحاولات للامساك بهم واستجوابهم عن كل ذلك ، ذلك لأن الوقت الذي يظهرون فيه للعيان وما يحيط بهذا الظهور من هرج ومرج وقلق، فضلا عن انشغال الناس في ذلك الوقت القصير الذي كان يمر كأنه البرق ، يضاف الى ذلك مخاوف أن يكونوا من الجنّ ، كل ذلك حال دون معرفة الحقيقة . وما أن تمر تلك الدقائق القليلة المشوبة بكل الأفكار والهواجس والانشغالات بأمور عدة وتفاصيل متشعبة ، حتى يكون الأمر قد تم ، وقد غادر أفراد العصابة موقع الجريمة على جناح السرعة مخلفين وراءهم آثارا قد لا يكون من اللائق وصفها .
بقي ان أقول ان ما كانوا يخططون له وينفذونه هو أن يقصدوا سرادق العزاء في يومها الثالث ليحظوا بوجبة دسمة. فقد جرت عادة البصريين أن يقدموا في اليوم الثالث من أيام العزاء لموتاهم ما لا يجب أن يقل عن أربعين صنف فاخر من أصناف الطعام بما في ذلك لحوم الخراف الشهية والدجاج المحمر والاسماك النهرية كالبني والقطان مشوية ، والاسماك البحرية كالزبيدي والشانق والهامور مقلية ، مضافة الى أطباق من الرزالمطبوخ بألوانه المعتادة من الأبيض والأصفر والأحمر ، فضلا عمّا لذ وطاب من صنوف الحلوى والفواكه.
مرحى للشباب المبدع اعضاء عصابة الكف الأسود.



#حامد_تركي_هيكل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غطاء الرأس .. وظيفته ورمزيته
- الحرب على الأرهاب: الدروس المستفادة من منظور حضري


المزيد.....




- وقائع واحداث منبجسة من نسيج الواقع.. وممضاة بدماء شهداء فلسط ...
- آراء متباينة حول الإعلان الترويجي لفيلم -الست- المرصع بالنجو ...
- -أفلام ميوز-.. ميلانيا ترامب تطلق شركة إنتاج قبل إصدار فيلم ...
- -الزمن تحت الخرسانة- المخيم كعدسة لقراءة المشروع الاستيطاني ...
- الاحتلال يخسر -الفضاء الأزرق-.. وصعود الرواية الفلسطينية يثي ...
- الثقافة: الفيلم المرشح للأوسكار
- إسبانيا: اعتقال الراهبة لورا غارسيا بتهمة تهريب الأعمال الفن ...
- الأمير مولاي رشيد: مهرجان الفيلم بمراكش منصة للحوار وإبراز ا ...
- كهوف الحرب وذاكرة الظلمات اليابانية الغارقة -تحت الأرض- في ق ...
- وفاة الممثلة الجزائرية بيونة عن 73 عاما


المزيد.....

- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد تركي هيكل - عصابة الكف الأسود