أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد تركي هيكل - غضب














المزيد.....

غضب


حامد تركي هيكل

الحوار المتمدن-العدد: 6347 - 2019 / 9 / 10 - 03:15
المحور: الادب والفن
    


جلست متكاسلا أمام شاشة التلفاز ، بعد يومٍ متعِبٍ من التجوال في شوارع المنطقة الصناعية بحثا عن أدوات احتياطية لسيارتي القديمة التي أختفت مثيلاتها من شوارع المدينة وما عاد أحد من تجار الأدوات الاحتياطية مهتما بتوفير قطع الغيار التي تحتاجها. ألوك بغير اهتمام مني عشاءً وضعته أمامي حتى أنني لم أكلف نفسي لمعرفة مكوناته ، وأشاهد نشرة الأخبار .
متظاهرون شباب غاضبون يرتدون ملابس نظيفة ويضعون على أنوفهم وأفواههم كمامات ، يجوبون شوارع هونك كونك اللامعة ، بعضهم يحاول تحطيم زجاج أحدى البنايات الجميلة بمطارق كبيرة ، لكن الزجاج يصمد ولا تظهر عليه سوى تشققات. أفراد من الشرطة يتمترسون خلف ألواح زجاجية يحملون بأيديهم هراوات ألكترونية ويضعون على رؤوسهم قبعات بمقدمات زجاجية. فيما راح المذيع يقرأ في خلفية الصورة أن هؤلاء الشباب يعترضون على مشروع قانون يستشعرون أنه سيحد من حريتهم.
في خبر آخر تبدلت ألوان الصورة فبعد أن كانت زرقاء وفضية ومعدنية ، أمست ترابية مائلة الى الأصفر ، شباب غاضبون حفاة بملابس ممزقة يركضون على شوارع متربة مغطاة بالأزبال التي تذروها رياح فتدفعها بين أقدام الراكضين. وثمة عناصر من الشرطة يبدو على وجوههم الخوف والغضب يحمل بعضهم هراوات خشبية وحديدية ويحمل البعض الآخربنادق يطلقون النارمنها فوق رؤوس الراكضين. وفي أسفل الصورة ثمة كتابة تشير الى تجدد الغضب اثر انقطاع المساعدات الغذائية عن الناس الذين شردتهم موجة الجفاف التي ضربت مناطق واسعة من القارة الافريقية.
في صورة ثالثة ظهر رجال ونساء غاضبون يخوضون في الوحل ويدفعون عناصر الشرطة الذين بدت سراويلهم ملطخة بالطين إثر أمطار وفيضانات وانهيارات طينية اجتاحت مناطق من اندونيسيا ، فقد الناس بسببها بيوتهم وحقولهم .
سئمت من كل ذلك ، فأمسكت بلوح المفاتيح الخاص بالتلفاز ورحت أبحث عن قناة أخرى ، وحال ضغطي على زر الاختيار ، ظهرت على الشاشة صورة جديدة ، كانت مليئة بالألوان الزاهية للملابس التي يرتديها رجال ونساء غاضبون يحملون بأيديهم يافطات مكتوب عليها كلمات لم أتبين معانيها، وهم يسيرون في شوارع حسنة المظهر مشجرة تحيط بها أحواض الزهور وأعمدة الانارة ، وتحت الصورة ثمة جملة تشير الى ان اليمينين في إحدى الدول الأوربية غاضبون من بعض اجراءات الحكومة اليسارية.
أحسست بالقرف ، فاخترت قناة أخرى أظهرت صورة لشبان غاضبين قد تجمعوا في مساحة رملية جرداء على مبعدة من سياج معدني عال تظهر من وراءه دبابة تقف على تل تطلق رشقات من مدفع رشاش باتجاههم فيما راحت قنابل الدخان المسيل للدموع تنهمر على الغاضبين فتزيدهم غضبا ، يسقط عدد منهم جرحى فيحملهم زملاؤهم باتجاه سيارة اسعاف. كانت العبارة التي ظهرت على شريط أحمر أسفل الصورة تشير الى غزة.
أنقطعت الكهرباء وتحول التلفاز الى صندوق ميت ، فرحت أتلمس طريقي بصعوبة في ظلام الغرفة محاولا العثور على فراشي الذي أعهده مركونا في أحد أركانها. استلقيت عليه كما أفعل كل ليلة ، ووجدت نفسي أتمنى أن أجد غدا من يرشدني لمتجر يمكن أن أجد فيه القطع التي تحتاجها سيارتي العجوز كي تتحرك من جديد. حين غفوت حلمت انني أحمل هراوة غليضة وبغضب لم أعهد مثيلا له رحت أنقض على سيارتي المتوقفة هناك في ورشة من ورش المنطقة الصناعية فأحطم زجاجها وأشوه مقدمتها وأبوابها وسقفها الصدئ .



#حامد_تركي_هيكل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للحكاية أكثر من وجه
- آخر ليلة في حياة كبش
- آباء وأمهات
- عيدية العيد
- عصابة الكف الأسود
- غطاء الرأس .. وظيفته ورمزيته
- الحرب على الأرهاب: الدروس المستفادة من منظور حضري


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد تركي هيكل - غضب