أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن العاصي - موسم خارج الشجر














المزيد.....

موسم خارج الشجر


حسن العاصي
باحث وكاتب

(Hassan Assi)


الحوار المتمدن-العدد: 5942 - 2018 / 7 / 23 - 01:10
المحور: الادب والفن
    


حين كان والدي شيخاً قوياً
لم أكن أعلم في فيض هبوب المطر
يذروني الفقد كالقفار
بلا ماء ولا كلأ ولا جدار
أن ساقيتي مبتورة
بقلبٍ يرقب مواسم الجفاف
وأنني كنت معلقاً من ساقي المجنونة
على درب السفر
ليس لي سوى حذاء كسيح
وفراشة ترابط قرب هامة الضوء
كنت أغفو مثل قط القرية
خلف قرميد الطاحون
حين تعلمتُ الخطو
انتصبتُ على ضفة النهر
كبتلة رمّان
تتعثّر بي فوانيس البيت
لتنجو من هلاك
تتآمر حماقتي ومكر الأشقاء
يكون نصيبي منها خيبات
تنبت صباراً فوق وسادتي
ويصبح خدي لوح تعليم
لسادة القوم
أجنحتي لم تألف ريش الأتقياء
فصرت ضالاً صغيراً منحرفاً
يستحق الجَلْد لمعصيته
لم أكن وجه والدي
فنصب لي كتاباً مقفلاً
أقرأُ فيه معلّقة الطاعة
صرتُ ألام كلما عانق
جسدي الطري السوط
ويكشف صراخي عورة القبيلة
تصبح المسافة بين الوجع والضلوع
طحالباً سوداء وأنفاً عنيداً
كنت أداوي بالأحلام ضعفي
في الغابة الكئيبة
أُطعم اصابعي لعصافير السرو
أبحث عن وعد مغلق
كنت بسيطاً مثل الأطفال
وحزيناً مثل نوافذ الانتظار
أقام أبي الحدَّ عليَّ دهراً
لا أجنحتي أطلقتني
ولا دموعي طهرتني
لم أجد رملي
في لون البستان ولكن
صادفني الشجن منكفئ على وجهه
حثَّ بي الخطى نحو ظمأ المروج
فما سر هذه العتمة الصغرى
ومن أين يأتي كل هذا اليباس؟
كنت مع والدي غريباً كسيحاً
في هذا الصقيع المتورّم
بقيت هنا غريباً إلا من بياض بليد
موسوماً على عزلة الحياة
تتسطّح الصور يا أبي
في المسافة بين عينيك واحتراقي
حتى يصبح الدرب رمادي البصر
لذلك هذا الحزن باقٍ
أعلّل الحزن بالحزن
ولا يترجّل قلبي
أنام ويظل مستيقظاً
ينادي في غفلة الأحلام
لا تلمني يا أبي
إذا ما ضاق غيمي
وتعثّر حقلي
أنا المنهك حد الخدر
أرنو إلى هامتك طفلاً
يحرس حلقات الضوء
أبصرُ خطّ النعش
وتعب العابرون
ولا أرى قبراً
يا أبي
من أين يبزغ الأرق؟
ولماذا تنتفض شروخ قلبي؟
وفي كل صدعٍ موطئاً لريح سوداء
هذا طيفكَ موشوم على ظلّي
يستمطر نحري متوثباً
حيث طفولتي المربكة تغتسل بالحمم
ضرير يا ربّي هذا الغيم
الرمل يطوف فيه والماء يغرق
والأحلام الصغيرة صارت
أفاعٍ بأجنحة يتعثّر الدرب بها
ما زلت أراكَ أبي في بقايا الأمس
حبلاً فاغراً حرابه يتأرجح
في كل ليلة تأتي في عتمة الوقت
تُطلق عصافير بحركَ
كيف لي أنا المنكسر بلا شاطئ
فارغاً كالعدم
أن أهدهد موجك الصاخب
لأنعتق من الخطايا
مثل نخيل الواحات
هكذا ذات عجاف
أغلق الشجر طيور التراب
وتعب البستان من عشبه
في حلكة العصف
رحل والدي إلى رقود طويل
لا زلت عند ازدحام الخطى قرب القبور
يخالط دمعي تراب المسافة
بين حنظل ضلوعي
وذاك الأفق المتدلي في الخلد
مثل قطوف لا تنتهي
أكرهكَ كنتُ وأحبكَ الآن
وأعلم أنني واهن
وأن ليلي يختنق بقطرات تتدحرج
وغمّي لا يمضي
صرت أبكيك مرتين
ولا زال
صباح وجهك يُبدي الاحتضار
لم يبقى يا أبي من الوقت
سوى موسم خارج الشجر
تتدلّى خطاه نحو كوة النور
كريحٍ حزينةٍ
بينها وبين سور المقبرة
موعد أغلق زمنه وظل ينتظر



#حسن_العاصي (هاشتاغ)       Hassan_Assi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليمين الأوروبي المتعصب وسوسيولوجيا التطرف .. هل تعود الفاشي ...
- نستولوجيا اليسار العربي.. احتضار الأيديولوجية وأممية السقوط
- المثقف والسياسي .. وصاية أم انفلات.. مقاربة غير متأنية
- المثقف والسياسي .. وصاية أم انفلات .. مقاربة غير متأنية
- قارة الصراع الصهيوني-الغربي-العالمي على النفوذ.. أفريقيا ضمي ...
- قارة الصراع على النفوذ.. أفريقيا ضمير فلسطين الحاضر المتصل
- العلاقات الفلسطينية-الإفريقية في عالم متحول
- كي نبرأ من اليباس
- فلسطين في التجاذبات الافريقية-الإسرائيلية
- يعانق الثوب مني الحجارة
- قراءة أولية في العلاقات التركية-الافريقية .. شراكة استراتيجي ...
- ما زلت في جنون العرائش صغيراً
- سلام عليك يا قدس/ Peace be upon you, Jerusalem
- لشوكها المتهدّل شُرفة
- وتكابدكَ سُرّة الغيم
- الاستقصاء الصحفي فن تحريري شاق وخطر
- مكتظ بالطحالب الضريرة
- ذرفت نهري وطيوري
- حتى يُشرق البحر
- سلام عليك يا قدس


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن العاصي - موسم خارج الشجر