أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - فلورنس غزلان - الطفولة العربية، واقع مجحف ومستقبل مجهول!















المزيد.....

الطفولة العربية، واقع مجحف ومستقبل مجهول!


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 1492 - 2006 / 3 / 17 - 11:54
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


عندما قال رحمه الله أديبنا الكبير" جبران خليل جبران "ــ أولادكم أبناء الحياة ــ وعاد الشاعر ليقول :
" أكبادنا تمشي على الأرض "، لم تأت أقوالهم عن عبث، بل صقلتهم تجارب الحياة فقدموها لنا لنعتبر
لكن المريع والمؤسف، هو فداحة الجهل والتجهيل التي تعيشها مجتمعاتنا العربية، ربما يقول أحدهم ..مالذي تقوله هذه السيدة، وقد انتشر التعليم في كل بقعة من أرضنا، وها هي الأمية تنحسر ولا تكاد ترى على الأرض...لكن ، هل يكفي أن نتعلم في المدرسة ونحمل شهادات جامعية ونحصل على مراكز حساسة في دوائر الدولة.. لنصبح فعلا آباء وأمهات يفخز بنا أولادنا ونفخر نحن بإنتاجنا؟..وليس الفخر ما أقصده بتعريفنا العربي ..وهو أن أبنائي كلهم من المتفوقين والحائزين على مراكز ووظائف وووو
لا أبدا...هل أفخر فعلا بأني بنيت بيتا سليما ومنيعا ..جدارا صلبا ..أخوة متحابة متفاهمة واعية ..والأهم
من كل هذا ..نوعية العلاقة التي بنيتها بيني وبينهم ، هل هي علاقة قائمة قبل كل شيء على الحب.؟؟؟
هل يحبني أبنائي وأحبهم؟؟ هل يحبون بعضهم بعضاً؟، ولا أقصد الحب المظهري المفروض اجتماعياً ، وبحكم الرابط الدموي ...لا بل الحب الحقيقي ..دون زيف ..الحب الحقيقي ..دون بهارات العادات ودون طلاء الواجب ... زرعت حباً ..وأجني حباً ...مبنيا على التفاهم ..على الحوار ..على الصداقة . على الثقة.. .دون أن تكون علاقة خوف ورهبة..علاقة طاعة..يسمونها احتراما أبوياً ، أو احتراما أموياً ..الاحترام ..يأتي متبادلا ..يأتي طبيعيا وعفويا ..يأتي نتيجة...ويبدأ من السنوات الأولى..يبدأ من البسمة الأولى للطفل ..
يبدأها مع خطوته الأولى نحوك ..أباً كنت أم أماً.. موقفك من هذه البسمة ..استقبالك لها..بأجمل ..احتضانك لها بحنان وحب أكبر ..شعورك المتبادل معها...بعيون تحمل كل معاني الحب الأبوي ..كن على يقين أنه يقرأها منذ شهوره الأولى ...يفهم نبرة صوتك من لحظاته الأولى بين ذراعيك...يعرفك ويفهمك ..قبل أن تقول وقبل أن يتقن القول...للطفل لغته ..للطفل عالمه الذي يعتقد الكثيرون ...ويزعمون ..حين يتفوهون ويرفعون الصوت ..ويزعقون معتقدين ..أنه" مازال طفلا ...لا يفهم!!!"
أعتقد هنا ..ليس الطفل من لا يفهم...من هذه اللحظات تبدأ العلاقة بينك وبينه..تبنى أساساً عليك ..أنت صانعها..أنت من يفبركها..أنت من يخطط لها ويرسم طبيعتها..أنت من يصقلها .. ويمنحها الذكاء يمنحها كل ما تحتاج إليه ..انه بذارك..يحتاج لرعايتك وعنايتك الفائقة والدقيقة ...فان أحسنت صنعاً وعرفت الطريق ..أقصد طريقك أنت ، فطريقه سيعرفها لاحقاً ..إن لم تحشر أنفك فيها وتحاول تدميرها وتخريبها بتدخلاتك بسبب ودون سبب..فقط كونك أباً!!..أن تترك له دوره كطفل ..أن يعيش حياة الطفوله بكل معانيها ... دون أن تقضمها رويدا رويدا..وتجعلها تتآكل .. وتنزلق من بين يديه ...بحجة أنك تريده " رجلاً !!!" ، لا تلغي طفولته ..لا تدفنها، لا تنتقم من طفولتك المحرومة بطفولته ..بل عوضه ما فاتك ..لا تجعله يعيش آلامك
بحجة المشاركة ...سيكون له آلامه ...جنبه ..إن استطعت ..كل مالا تريده لنفسك..اعترف أمام نفسك .أنه جيل غير جيلك .. أن له حياته المختلفة .. وزمنه المختلف ، له ميوله التي لا تشبه ميولك..وخصاله التي لا تتطابق مع خصالك ..له شخصيته ..هو ابنك نعم ..لكنه ليس صورة عنك ..ليس نسخة منك.. له كيانه ..له خياله ..ماله ليس لك ..وليس بالضرورة مالك له ... هناك الكثير من الآباء الغير بيولوجيين
قدموا بمئات المرات أكثر مما يقدمه الأب البيولوجي ..فالأبوة يمكنها أن تكون مكتسبة ..أيضاً ..بحكم العشرة ..بحكم الحب والحنان.. بحكم الحاجة ..كل إنسان يحتاج ليكون أباً ..وكل ابن يحتاج لأب..لكن سلطة الأبوة في بلادنا العربية ..تشبه سلطة حكوماتنا..قمع وديكتاتوريات ..عسكر ..في البيت وخارجه "..نفذ ثم اعترض "، وربما لا يحق له الاعتراض أحيانا ..عليه فقط الطاعة وان لم يفلح فهذا يعني أنه عنيد ..كبغل ..أو كثور ..لا يهم ... والألفاظ البعيدة عن التهذيب ، والتي تفتقر إلى احترام مشاعره ..كثيرا ما تسبب له الحرج ، بل التقوقع والمرض ..فكم من حالات التأتأة ..وكم من العاهات ..والعجز ..والخجل ..والتراجع في التحصيل المدرسي ..والتمرد أحياناً ..وأحيانا يؤدي إلى الهروب من البيت مبكرا..أو التهرب من المدرسة ...والأب ..كل ما يفعله ..يزيد من حدته وقسوته ..اعتقادا منه ..أنه الحل الأنسب ..والوحيد ..أمام اصرار الطفل ...أو أمام تهربه ..ويمكن لجوئه للسرقة ..دون أن يدري أن ما يفعله طفله هو لشد انتباهه ..هو لمعاقبة إهمال والده . .. أو لمعاقبة الوالد حين يقسو على الأم ..أو لاعتراضه على نوع العلاقة القائمة بين والديه.!!......الخ.
من منا لا يحمل في طيات ذاكرته الكثير من الغصات .. ويتمنى لو نسيها، لو أنها لا تنخر أعماق ذاته ..فتخرج عند منحنيات الزمن ..عند منعطفات الأوجاع ..وكم من لوحات الجمال الطفولي ..يتمنى أن تحضر كل يوم ..ويطويها بألوان زاهية في ذاكرة عينيه ويديه ..يعيد روايتها لأولاده وأحفاده ..دون كلل
لأنها تحمل تجارب يفخر بها ..صقلته ..ربته ..منحته صور الحياة المليئة بالمعاني ..صور الحياة المليئة بالتضحيات والمسؤولية... وبنفس الوقت ..هناك صور الوجع الخاطيء ...الذي يأتينا كالصاعقة ..الخطأ الذي لا نريد تكراره ..الخطأ الذي لا نريد لأبنائنا أن يحملوه كما حملناه.. سواء الخطأ الذي عشناه على الصعيد الصغير أسريا ..أو على الصعيد العام ...وطنيا ..ومجتمعيا ... كي لا نكرر مآسينا... كي لا نجتر أحزاننا..كي لا نلغي مسؤوليتنا .. كي لا نعلن ونعترف بفشلنا... وألا نحمل كل نقائصنا ..لأطفالنا.. ألا نسلبهم حريتهم ..أسريا ..كما هي حريتنا مسلوبة في المجتمع ..ألا نحمل عصا المجتمع ..وعصا البيت .
عصا السلطة ,,في الخارج ..وتقصيرها في المدارس ..في الشارع ...في الخدمات الحياتية ..في كل الامكانيات التي تخدم الطفولة ..
إذن كيف نكون مع الطفولة ...لا ضدها ؟؟؟ ..لا نلقي اللوم على الطفل ..ان لم يبدع ...دون أن نهيء له الفضاء الصالح للإبداع... كيف يبدع ..من يفتقر للحرية؟؟ كيف يبدع من تفتقر حياته لحوامل الابداع؟؟؟؟؟؟ كيف يبدع من لا يستطيع التعبير ..عن رغباته... من لا يستطيع أن يقول رأيه دون أن يقاطعه والده ويخرسه؟؟ كيف يبدع ويحقق حلمه ..دون أن توضع أمامه التسهيلات والامكانيات ...لتبرز مناحي الابداع عنده؟؟..ثم وهذا الأهم ..كيف ننشيء طفولة سوية ..لنحصل علىمجتمع سوي أيضا.
حين نعيش بدول ومجتمعات تسمى الدول النامية ، والمجتمعات الغير متطورة !! أو التي في طريقها للتطور .. هذا يعني أنها أيضا مجتمعات تحتوي على تفاوت في المستويات الأقتصادية والثقافية ..بين بيئة وأخرى ، أو بين شريحة وأخرى من شرائح المجتمع، والتي تبرز حدتها بشكل ظاهر ومؤسف في مجتمعاتنا العربية المشرقية، ففي الوقت الذي تتمتع فيه الدول النفطية بمستوى اقتصادي ينافس الدول المتقدمة والمتطورة لكنها تفتقر إلى الكثير من حوامل ا لتطور الثقافي الذي يتناسب طردا مع المستوى الاقتصادي..مما يحدث فجوة نوعية وفوارق مدهشة رغم كل وسائل التكنولوجيا الحديثة المتوفرة.. وذلك أيضا لانعدام القوانين المجتمعية التي تحمي الطفل ..نتيجة تحكم العادة والتقليد ذات الطابع العشائري والروابط القبلية السائدة .. التي تنعكس سلباً على حياة الأبناء ...رغم أنهم بصدد تلافيها
وتبقى ظاهريا أقل حدة من دولنا الشرق أوسطية الفقيرة بكل شيء ... وأهم ما نفتقر له .. هو احترامنا للانسان فينا...صغيرا ..وكبيرا ...في الأسرة وفي الحي ..في المدرسة ...في الجامعة ...في برامج التعليم
في طرق التعليم ...في وسائل الحياة ...في قوانين تحمي الأسرة ..تحمي الأم .(.مؤسسة الأسرة وعمادها)، في ظل سلطات تمارس سلطة السيف ...والعصا ..تقهر الرجل وبدوره يقهر زوجته ثم طفله..يسقط على عائلته ..فشله وضعفه أمام تهميشه كمواطن..فيهمش دور الزوجة والابن...ليكون على الأقل ...سيدا على هذه الفسحة الصغيرة " أسرته"، ودون وعي منه ...يحصد في النهاية ..كل الخسارات ..على كل الأصعدة ...في دوره السياسي ..صفر ..غير فاعل في القرار السياسي ..في البيت ..تضيع من يده الخيوط غالب الأحيان ...ومن هنا ...تعبث رياح الشرق بنا...بأطفالنا.
..فقط ما أتمناه ..أن نصحو ...أن نقرأ أنفسنا بصدق ...دون ثياب العادة والتقليد .. نحن من وضعها، ونحن من يغيرها، لأن الزمن لا يتوقف ..وطاحونته تدور ولا تنتظرنا...بل ستطحننا تحت رحاها...إن لم نتغير ونغير ..فلنبدأ من أنفسنا...دون أن نخاف التغيير ..دون أن نخاف الغد ..ودون أن نراه أسودا ..نحن من سيصنعه ..طالما عرفنا الوجع ..سنعرف الدواء... ألا نكون عبيدا للماضي ...لننظر نحو المستقبل ...ونحاول أن نبدأ بالحاضر..ودون أن ننسى ...أنه ليس هناك قدسية لكل شيء ..ويمكن للمقدس أن يكون إنسانيا.. متطورا..
فلورنس غزلان ــ باريس 15/03/2006



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملك الموت يعلن استقالته
- أزمة النظام السوري المركبة
- اعتقالات ...تستقبل انعقاد ..المؤتمرات للأحزاب العربية التضام ...
- لماذا لم تستطع المرأة العربية حتى اليوم أن تأخذ دورها في موق ...
- تدفقي
- كيف نرى العولمة؟ أين نحن من العولمة؟ وكيف نواجهها؟
- البحث في المناقب بين زيادة الرواتب وكثرة المصائب
- الدين لله .....لكن العراق لكم
- رؤية في جرائم الشرف في سورية، وموقف السيد البوطي منها
- لا تعودي
- الحكومة السورية الجديدة...هل هي حكومة رشيدة؟
- نبالة الزنديق بثوب الكاهن
- سان فا لانتان ....عيد الحب
- ماهو دور الرصيف في الشارع الوطني؟
- ماذا تخفي أعمال الشغب والحرائق للسفارات السكندينافية؟
- مع الديمقراطية حتى لو جاءت بألد أعدائي سياسياً أو أيديولوجيا ...
- خوف العلويين من فقدان السلطة مقالة مترجمة عن الفيغارو الفرن ...
- هل أحسّنا تربية أبنائنا؟ هل هم أحرار؟
- شهادة امرأة أفريقية
- المرأة العربية في مجتمعاتنا ...كموضوع للجنس


المزيد.....




- الأمم المتحدة: المساعدات محجوبة عن غزة والمخزون لا يكفي لأكث ...
- ذوي الأسرى الاسرائيليين يضغطون على نتنياهو للوصول الى إتفاق ...
- أزمة مياه الشرب تفاقم معاناة النازحين بالقضارف شرقي السودان ...
- مطبخ تضامني في العاصمة السودانية الخرطوم لمساعدة السكان المه ...
- أمين الأمم المتحدة: غلق معبري رفح وكرم أبو سالم أمر مدمر للو ...
- يونيسف: الهجوم الإسرائيلي على رفح يعقد إيصال المساعدات لقطاع ...
- الأمم المتحدة: مخزوننا من الوقود المخصص للعمليات الإنسانية ف ...
- شهيدان بطولكرم وحملة اعتقالات جديدة للاحتلال بالضفة
- الاحتلال الإسرائيلي يمنع الأمم المتحدة من الوصول لمعبر رفح ف ...
- الأمم المتحدة: إسرائيل تمنعنا من دخول معبر رفح


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - فلورنس غزلان - الطفولة العربية، واقع مجحف ومستقبل مجهول!