أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح محسن جاسم - – الفقد – في ( بيجمان) الذي رأى نصف وجهها ، للأديبة بلقيس الملحم















المزيد.....

– الفقد – في ( بيجمان) الذي رأى نصف وجهها ، للأديبة بلقيس الملحم


صباح محسن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5833 - 2018 / 4 / 2 - 22:17
المحور: الادب والفن
    


عن الدار العربية للعلوم ناشرون- بيروت 2015 م ، صدر للروائية بلقيس الملحم روايتها – بيجمان – " الذي رأى نصف وجهها ".
صمم الغلاف الفنان (علي القهوجي) بخلفية قاتمة وتشكيلٍ ذكي الدلالة .
تتلخص ثيمة الرواية في الكشف عن جرائم ارتكبت ضد الأنسانية خلال الحرب على البوسنة تسعينيات القرن الماضي بشلالات من الدم، وترحيل مليون ونصف مليون بوسني. " في عملية تطهير عرقي لأقامة دولة صربية على حساب البوسنة " مشاهد التمثيل بالجثث والرؤوس التي " كان الجيش الصربي يلعب بها كرة القدم على مرأى من العالم الخارجي "
تأتي الرواية على توثيق سردي لأشكالية الفقد التي ترتكب بحق البراءة، حالٌ شدّ ما تعاني منها شعوبٌ ادخلت دائرة صراعات شركات دول الرأسمال العالمي في محنة الإبادة العرقية والتطهير الذي طال شعب البوسنة على ايدي الصرب الذين كانوا " يحصدون قتلاهم بأسم الرب"- ص200.
رواية تعتمد اللغة الشعرية النافذة برؤية فلسفية تجترح الأيمان بالحب وسيلة لبلوغ الحقيقة.من على لسان صحفي أيراني سجين ، تردد الكاتبة رسالتها وتختصر فيها رحلة العذاب بالبحث عن الشخصية – سابينا – التي تمثل براءة الصرب.
في دهاليز السرد
تستهل الكاتبة روايتها بسلسلة من الأستذكارات تدور حول المتخيّل لحدث في الماضي القريب ، عبر خمسة اجزاء بمدخل استفزازي .
رواية تسجيلية لآلام شعب من الشعوب بفضل الجهل والتطرّف الديني تذكّر بإسلوب ( عشرة أيام هزّت العالم ) للصحفي الأمريكي جون ريد الذي وثّق لثورة اكتوبر.فالكاتبة جوّابة آفاق تنكش الآلام بغية اجتثاثها فتتابع بمبضعها حيث يتوارى الألم المتناسل.
تجمع الوثائق والأخبار، وتدونها على دفتر جيب الشخصية الثانية – بيجمان - التي تدور على لسانها الأحداث.
تبدأ الأحداث بمحاولة انتحار الصحفي. واستذكار حبه الأول للفاتنة – سابينا – طالبة الكلية التي لم يبق منها سوى " مشطها وقرطها" لدى اختها أمينة و " رائحتها" لدى حبيبها (بيجمان).
تقدم الكاتبة لروايتها باسلوب الخبير ، منوهة " ... أرسم في مخيلتي بطلة لقصة قد اكتبها غدا " ولا تجد مناصا من بري قلمها امام فوبيا الرعب والصراخ من داخل سراديب السجون " صراخ الرضيع الذي ولد في مرحاض السجن... وقهقهة العساكر أمام الديدان التي اضطر بعضنا لأكلها" ص 81
" سابينا " المفقودة منذ عام 1993 ، زميلة الدراسة الأولى، " هي وبقية من صورتها الجانبية حيث " نصف وجهها الخجول" والتأسيس لنصف الوجه – في عنوان الرواية – نتلمسه من خلال السرد " فالشاب الثلاثيني الذي كان يغني للعاشقين " وُجد .. مشطوراً بالطول"." كم كنت غبيا حين نظرت إلى نصف وجهه ، ...". من ثم مشهد سابينا عند شباك زنزانة – بيجمان - ،" تغطي نصف وجهها بجناح" ، شابة لمع خيالها في الظلام خاتمة الرواية بشالها الذي يغطي نصف وجهها الأبيض.
يأخذ الوصف مداه حين تضع الكاتبة واحدة من صورها المتناقضة المتقابلة " في دار المسنين .... أرواح من كانوا ينتظرون الموت. دون أن تهز توسلاتهم شفقة المدفعية الصربية!" والحديقة ما عادت تضم أشجارها بل صارت " حديقة الموت" .مثلما تلهب الذاكرة صور الأستعارة " وفي الأوقات الهادئة نضطر أن نصادق المعاول والحديد." واخرى " لكني اكتشفت أنه ما كان ينبغي أن أثق بالشجرة العاقر لأحكي لها قصتي، ولا بالنهر اليابس" ص25.
للأنسان بقية داخل رحم الأرض
رواية تمثلت في البحث عن بقايا انسان، ومن خلال شبح (سابينا) تنبثق الأحداث ومعها تتداعى وقصص الحب التي تختنق ثيماتها من موقع لآخر.
تستخدم الروائية شخصيات فيها الكثير من ملامحها ، تلك الباحثة بقلق عن (فقد) شخص عزيز.. شخص بريء في جوهره ، فشاعرة مثلها تتمتع بحساسية بالغة أزاء ايقاع ما تدونه، مدونةً منطقةً تعاني من أسر التطرّف والعنصرية.
تقدم الكاتبة الأحداث بدقّة ، تستدعي الأنتباه إلى الأسلوبية في الأنتقال من حدث لآخر بوقائع متضادة متداخلة. كما يتحرك السرد من خلال بعض العناوين. احساس يتناغم بين السارد للأحداث والبطل، بذلك تؤكد الكاتبة عن ادراك مبكر بشروط ومتطلبات الميتا- سردي. اذ شكلت مواضيع الأستهتار بحياة الناس غالبية محطات السرد. احالة غير مباشرة الى واقع ما تعانيه المرأة.
ولتلخص الكاتبة رسالتها " الحرب لم تقتلنا سيدتي، لكنها أماتت فينا أجمل ما نملك وطعنت إيماننا بالحياة!".
البيئة الأدبية وموسيقى الضد
وأمام كل القوى الضاغطة تستعين الكاتبة باغنية " آه لو تكرّمت" وتتيح للسارد استئذان جسد سراييفو المطوق بجبال الألب الدينارية، لإلقاء جسده في النهر فيعوم وسط احلام تثلم فيها الأسماك فيمتد الخطر إلى انتشار الأرهاب عبر التصفية الجينوسية والتشرّد.
اسلوب نادر عبر توظيف عنصر الموسيقى الذهنية في استجلاء وسائل الشفاء وسط مشاغل البحث عن معنى للحرب مقابل المعنى الإلق للحياة.
من ثم تعود لتحدثنا أن الشابّة التي افلتت من براثن الموت عادت اليوم إلى قريتها زارعةً " البصل والسبانخ وبعض الزهور" ص 134 ، لكنها ليست ( سابينا) بل مَن تمثلت فيها " سابينا الحياة ".
البيئة الفنية
تكبر الأشياء عبر موسيقى الطبيعة وتشرع العيون تميّز " بريق الذهب ودماء الختان " فيما تزوغ ذائبة في " الحمامات ذات البخار الفاضح" مثلما تتابع حاسة السمع " الأنّات " و نقيق الضفادع، والشم وهي تتعقب " رسالة سابينا الأولى " .وحاسة اللمس وهي تغطس " في اريكة ملئت بالوسائد الناعمة ".
وإذ تنقلنا الأحداث في معمعة الإيغال في امتهان الإنسان لأخيه تتلألأ موسيقى الحب بخيطها اللئلائي لتقول ما تقول من أن الحرب هي سوأة الفعل الأولى منذ فعل قابيل.
انشطارات صوب نصف الوجه
تستأنف عملية السرد رصدها لمرتكزات البراءة فتحيل المدرسة إلى وجه ملائكي رقيق سرعان ما يذبل حين يأمر الصرب من في الفصل من التلاميذ " بالخروج إلى الساحة ثم أطلقوا النار على الجميع .. " وحيث تتضرج دماء الطفلة ومدرّسة الموسيقى في مجزرة المدرسة.
وهو يستذكر الشارع يوم خروجه من السجن يلوم بيجمان طهران التي غدرت به "... لا احد يسمع قشعريرتي" ص90 انهم الغزاة الجدد الذين استحوذوا على كل شيء بتدبير.
خاتمة
شعشعة الحب لم تقتصر على ) الفقد) فحسب بل الكيفية التي ينبض فيها الحب ودوام دفقه وإن غُيبت عناصر معادلته.
أرواح المغدورين تستعيد كياناتها أخيرا عبر قلق البطل المعادل مقابل " سابينا" الحاضرة والمؤثرة دون أن تنطق كلمة واحدة، وهو ما يحسب لصالح الاسلوبية.
استكانت الرواية الى مبدأ الانتقام من المجرمين دون السقوط في آلية التقليدي ، فختم فصل (الجزاء) ليضيء ما خلف كواليس المحاكم الدولية من انحيازيات " لأوثق بعض الجراح وبعض العجز" بيجمان ص210 .
أما – نصف وجهها – الآخر فيتحقق خاتمة الرواية عبر تماهي المحب – بيجمان – بذكرى حبيبته.
وكما توحي العبارة الأخيرة " لم ينتهِ كل شيء " فسيبقى حضور الكاتبة الشفاف مفتوحاً خلل تلافيف الدماغ السردي وتخوم شغاف القص.



#صباح_محسن_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بابل - بوابة الإله - التي ستبقى مفتوحة امام نزهاء الفقراء وش ...
- لا تحاول - الشاعر تشارلز بوكوفسكي - ( 1920- 1994) Charles Bu ...
- الصحافة الإستقصائية – وقانون المعلوماتية
- مَنْ أسرَّ إلى الرغيف ؟...
- - سأسأة- الشبيب وميديا السرد
- بَصْمَة
- آخذُنا إليه
- الخطوةُ الأخرى - استكناهٌ للغربة وتثويرٌ للسرد المضاد
- همسني - هوهوبا- ثم اختفى
- -عربةُ يالطا -.. تقانةُ صورِ المخْيالِ صوبَ تخومِ الشِعْرية
- شيّ الطين في -شياطين- غالب الشابندر ، منحى للأرتقاء
- هداياك في مزاد
- -وديعة إبرام- للروائي طه حامد الشبيب ، جوابٌ على ما ضُيّعَ د ...
- بي كادُد ..القرنفلة السوداء ، مائة عام وإصرار على الغناء
- دون رجْع
- المربد الشعري في دورته السادسة .. لما يزل حنجرة الديك
- مرام المصري في كرزة حمراء على بلاطة بيضاء
- كفاح الأمين يدعو لما بعد زمن الكتابة !
- هل من تساؤل ٍ للبرق ؟
- الصحافة العراقية .. إعادة اكتشاف أبي القاسم الطنبوري


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح محسن جاسم - – الفقد – في ( بيجمان) الذي رأى نصف وجهها ، للأديبة بلقيس الملحم