أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - القصيدة المتوحشة - الفصل السّابع في رواية














المزيد.....

القصيدة المتوحشة - الفصل السّابع في رواية


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 5574 - 2017 / 7 / 7 - 07:54
المحور: الادب والفن
    


-7-
في الغد..
لم يأتِ وليد فقد كان آخر يوم في سنة 2000.
طلبتُ منه أن نغادر المنزل لنشاهد الاحتفالات في شارع بن غوريون حيث الإحتفالات فوافق.
تنفسّتث الصعداء. يجب أن أساعد فيصل على تحرير نفسه من العصبيّة ومن قمقم العُزلة الذي حكم به على علاقتنا.
سرنا بين المحتفلين بالعيد تبهرني الأضواء والموسيقى والعُشّاق الذين هيمنوا برومانسيتهم على المشهد. ا
نقبض قلبي.
تمنيت لو يدعوني للجلوس في أحد مقاهي المكان..!
لو يحضنني. .!
لويقول: أحبّكِ!
طلبتُ منه أن نجلس في مقهى ما فقد بدأت أشعر بظمأ شديد وتعبتُ من الوقوف . وافق. جلسنا على باب المقهى المزدحم بالمحتفلين بالدقائق الأخيرة من السنة.
مرّت دقائق. لم يأتِ النادل إلينا فقد كان مشغولا بالانتقال كالنّحلة من زبون لآخر. ظلّ فيصل يراقبه بغضب دون أن ينبس ببنت شفة.
تمام الساعة الثانية عشرة غضبًا..
مرّ النادل بنا فناداه وراحَ يكيل عليه الشتائم متزامنا مع صوت أبواق السنة الجديدة وقبلات العُشاق.
شعرتُ بالذُلّ.
تركته يعربد والنادل يعتذر له وهو يتمادى في نوبة الغضب التي سيطَرَت عليه.
خرجتُ للشارع..
تدفَقَ دمعي مالحا مِدرارا.
نظرتُ إلى السّماء.
دوّت صرخة داخلَ كياني المُرهَق:
يااا ربّ. ضاقتْ بي الدنيا . إلى متى هذا العذاب..!
شعرتُ بانكسار في عمقِ أعماقي.
شعرتُ كما يشعر جنديّ عاد من الحرب مهزومًا..
مطعونًا في عُمْقِ أعماقه.
بعد دقائق ..
لحقَ فيصل بي.
أتى كالطاووس المفتخر برجولته وهو يلعن النادل..والمقاهي.. وأجواء العيد.
احتفظتُ بصمتي الذي صار خبزي اليوميّ.
اتجهنا نحو السّيارة.
كان الزّحام شديدا..
راح يكيلُ الشّتائمَ على هذا وذاك من السّائقين والمُشاة كعادته كلّما قاد السيّارة:
- يا عرص زيح مِن وجهي.
- يا ابن الشرموطة!
يا.. يااااااا.....ياااااااا...
هو يلعن هذا وذاك من المُشاة والسائقين، وأنا أمسحُ بصمتٍ
دموعي أخشى أن يراني فيبدأ سيناريو التعنيف.
وصلنا البيت.
اتجهتُ توًّا نحو السرير.
لم أستبدلْ ثوبي الأسود بمَنَامة.
داخل محارتي بسرعةٍ دخلتُ.
آهٍ كيفَ اتّسَعَتْ مَحارتي منذ أول يوم عثرت فيه عليها!
استسلمتُ لغيبوبةٍ صارت مَنِّي وسَلْوَايَ اليومِيّ.
رأيتُهُ..
مِن بين الأمواج أتى إليّ. كانَ الدّمعُ دما في عينَيْهِ.
كفّتا يَديهِ ما زالتا تنزفانِ دما نقيا.. طاهرًا.
اقتربَ منّي.
ربّتَ على كَتِفي بحنو أبٍ وأهداني الشّمسَ التي كانتْ على راحةِ يده اليُمنى.
راحَ بصوته الذي يُشبهُ أصوات خرير مياه كثيرة يُرَتِّلُ لي :

إن ضاقتْ الدُنيا قصادَي ..
واتقفلتْ الأبواب.. انتَ يا ربّي فاتح ليّا أعظم باب.

أنا نفسي أقرّب ليك. تشدّني بإيديك. تفتّح ليَّ عِنيّا.
أتْقَوى يا ربّ بيك.

أخذتُ أرتِّل اللازمة معه:

إن ضاقتْ الدُنيا قصادَي..
واتقفلتْ الأبواب.. انتَ يا ربّي فاتح ليّا أعظم باب.

أكملَ لوحده:

يوسف لمّا خَدُوه إخواته مِن أبُوه. إنتَ يا ربِّ ما سِبتوش بَعْدِ ما رَاحُوا بَاعوه.

رتّلنا معا:

إن ضاقتْ الدُنيا قصادَي ..
واتقفلتْ الأبواب.. انتَ يا ربّي فاتح ليّا أعظم باب.

انفرجتْ اساريرُهُ.تابعَ:

دانيال كان موجود جوّة جُبّ الأسود. وانتَ يا ربِّ اللي حميتُه. حُبَّك فاق الحُدود.

معا رَتَّلنا:

إن ضاقتْ الدُنيا قصادَي..
واتقفلتْ الأبواب.. إنتَ يا ربّي فاتح ليّا أعظم باب.

*
في صباح اليوم الأول من سنة 2001 لم أشأ أن أنهضَ باكرا من سريري .
عندما استيقظت ظُهرا كانَ دُوارٌ كدوار البَحرِ قد تمكَنَّ من رأسي المُثقلْ بأوجاعِ الذكريات.
اتجهتُ فورا نحو خيوطِ العنكبوت.
منذ وطئتُ هذا البيت وأنا أراقب هذا العنكبوت وأتغاضى عن شِباكِهِ في بيتي!.
أمسكتُ منديلاً ورقيّا..
وبإصرارٍ مُباغت
مسحتُـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهُ من حياتي.



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصيدة المتوحشة - الفصل السادس في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الخامس في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الرابع في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثالث في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثاني من رواية
- القصيدة المتوحشة-الفصل الأول من رواية
- قصيدة الهايكو haiku
- تبًّا لنا
- وَمَضَاتٌ مُفَخَخَّة
- خولة سالم وعنفوان الأنثى الثائرة على الجرح
- أن أصيرٙ فٙرٙاشٙة
- كم مرّةً أخبرتُكَ
- قراءة انطباعيّة في رواية -زمن وضحة-
- شرنقة ُ الحُبِّ ... ومضات
- في انتظاره-قصة قصيرة
- سيمفونية العودة- المشهد الأخير
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-6
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-5
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-4
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-3


المزيد.....




- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - القصيدة المتوحشة - الفصل السّابع في رواية