أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الجزء الأول من الرواية: أ / 3















المزيد.....

الجزء الأول من الرواية: أ / 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5317 - 2016 / 10 / 18 - 03:21
المحور: الادب والفن
    


لا يمكن للفنان أن ينظر إلى مراكش ( أو أيّ مدينة أخرى )، إلا كأمرأة. وقد تواطأت اللغة مع تلك النظرة الرمزية، بأن جعلت المدينةَ اسماً مؤنثاً. المرأة، وهيَ الأم قبل كل شيء، كانت قد هيمنت على حياتي في المدينة الأولى؛ كوني لم أعرف لي أباً.
لم يكن ممكناً لي، والحالة تلك، ألا أن أنحو منحى الفنان حينَ شروعي في استعادة صوَر من عرفتهم خلال عامين من إقامتي في مراكش. فلم يكن بلا مغزى، أن أستهلّ سيرتي هذه بذكر أسماء النساء دون الرجال: " خدّوج "، " سوسن "، " الشريفة "، " غزلان "، " لبنى "، " الأميرة ".. دون أن أغفل الإسم الأهم، " شيرين "؛ ليسَ لأنها رفيقة رحلتي الأولى حَسْب، بل وخصوصاً لكونها صاحبة الفضل في فكرة تدوين هذه السيرة.
يحقّ للقارئ التساؤل، عن معنى تعهّدي الإبحار في فلكٍ سبقَ لكلمات شقيقتي أن أجتازته؟.. وما إذا كنتُ بصدد الكتابة بدءاً من تلك النقطة، التي توقفت هيَ فيها عن السرد؟.. من الصعب الإجابة على السؤال الأخير، لسبب بسيط؛ وهوَ أنني بدأت تواً في الكتابة. ولكن، بما أنني ما أفتئ أراوح عند عتبة المتن، فمن الممكن الإجابة عن السؤال الأول: كما سلَفَ القول في مكانٍ آخر، فإنّ عليّ التسليم بكون مخطوطة " شيرين " هيَ بشكلٍ من الأشكال الكتابُ الأول من سيرة مراكش. هذا، وبصرف النظر عما إذا كانت المخطوطة ستظهر إلى النور في يومٍ ما أو أنها تبقى مفقودة. فلو أنّ الإحتمال الأول تحققَ، فإنه المبرر لي فيما يخصّ تدوين هذه السيرة. فالمخطوطة تبدأ بالتأكيد، أن شقيق مؤلفتها ( أي كاتب هذه السطور ) هوَ البطل الرئيس في السرد. من حُسن حظي، على الأقل، أنّ الأمرَ لم يكن كذلك. على أنني أستطيع الجزمَ منذ الآن، بكون " مراكش " البطل الرئيس لتلك السيرة الروائية، بحيث أن الشخصيات الأخرى بقيت تتحرّك حوله وضمن إطاره ـ كما هوَ أمرُ الكواكب الدائرة في فلك الشمس.
علينا أن نتفهّم وضعَ المؤلفة حينَ كانت تكتب سيرتها، كيلا نتوهّم بكونها قد جانبت الحقيقة مجاناً فيما أكّدته بخصوص بطلها، المفترض. فإننا ننشدّ للمكان بنفس قوة الجاذبية، التي تربطنا بالأرض. ومن المفهوم، بالنسبة لي دائماً، أن أكون الساكن شبه الوحيد في داخل " شيرين " لما بدأت خطّ أولى صفحات كتابها. على أنني لن ألبث أن أنتقل إلى موقعي الطبيعي والصحيح، ثمة في خلفية المشهد، مع توغل السرد في تغطية حياة الشخصيات الأخرى. وأتذكّر أنّ المؤلّفة، في مكان ما من سيرتها، كانت قد نوهّت بذلك الإشكال وبما يُشبه الإعتذار من القارئ. ولكن، هل كانت " شيرين " مُنصفة فيما يخصّ تلك الشخصيات؟.. ولا أعني الصدق في سرد الوقائع، فإنّ هذا ما لا يمكن إساءة الظن فيه إلا لناحية واحدة؛ وهيَ المتعلقة بماهية الفنّ من حيث كونه مؤسساً على الخيال بالدرجة الأولى. فما عنيته بإنصاف شخصيات السيرة الروائية، أحدده في قدرة المؤلفة على الحكم عليها بصواب لجهة المسلك والعقلية. في هكذا حالة، وبغض النظر عن مشروعية العمل، فأعتقدُ أنّ من الصعب على أيّ كاتب تقديم وجهة نظر أحادية تلتزم معايير الموضوعية. فإنّ أهواء الكاتب، فضلاً عن ميوله الفكرية، يُمكن أن تسقط أحياناً على العمل الفنيّ وتجعل شخصياته مربوطة به من خلال خيوط خفيّة ـ كالدمى على مسرح العرائس.
ولا يذهبنّ الظنّ بكم إلى محاولتي هنا، بكونها تقويماً لما كتبته شقيقتي في سيرتها الروائية أو إعادة إعتبار لبعض شخصياتها. فإنني أوضحتُ بما لا يدع مجالاً للّبس، بأنّ تلك السيرة كانت مجرّد محفّز لي كي أبادر بالكتابة بدَوري عن ذكريات المدينة الحمراء. قد يكون من المقبول، موضوعياً، القولُ بأننا في صدد رواية ـ توأم. والتوأم، عادةً، لا يعيش كثيراً بعد رحيل شقيقه. فلربما أنه إتفاقٌ محضٌ، في هذا المَجاز، ألا يُتاح لي أكثر من عامٍ واحد للإقامة في المدينة الحمراء على أثر موت " شيرين ". وإنه ذلك العام نفسه، مَن سيكون الزمن الآخر لنصيبي في الكتاب المراكشي، فيما العام الأول يبقى ظلاً له. ولكن، ماذا عن المكان؟
لقد كان من الصعب عليّ إستعادة صوَر مراكش، وأنا في شبه عزلة مع صديقة سويدية. كلانا كان قد تعرّفَ على الآخر، مُخلّفاً وراءه ذكريات أليمة؛ وكلانا كان يُضمّد جراحَ روحه. على الرغم من لطف " تينا " وثقافتها الراقية، إلا أنه كان من غير المجدي التحاور معها حول مشروع عملٍ أدبيّ تقع جغرافيته في عالمٍ لا يمتّ لعالمها. معرفتها بالمغرب، لم تتجاوز ما يعرفه السوّاح ثمة في أحسن الأحوال. فإنها كانت قد زارت مدينة أغادير قبل بضعة أعوام، برفقة شخص لا ترغبُ الآن قط ببعث ذكراه التعِسَة. من ناحية أخرى، فإنّ مراسلاتي مع " سوسن خانم " إنقطعت مذ الأشهر الأولى لوجودي في موسكو. ولعله من المفهوم لكم، دافعي من كتابة اسمها مرفقاً بالتكلّف؟
إنها امرأة سورية، من صنف رجال الأعمال، ستتعرّفون عليها في سياق هذا السرد. إنني مضطرٌ لإقحامها مبكراً هنا، بالنظر إلى كونها مسؤولة بشكلٍ كبير عن مشاكلي الأخيرة. كانت قد تمكّنت من إقناعي بالعودة إلى العمل لديها بصفة سكرتير، هناك في مراكش، كوني مررتُ آنذاك بظروف صعبة للغاية. من ناحيتي، عمدتُ إلى إنتزاع ابنتي الصغيرة من أمها والعهد بها لرعاية مواطنتي السورية. رحلة موسكو، كانت كذلك من بنات أفكار هذه المرأة. كان من المفترض أن تلحق بي، بعد ما تتمكن من تصفية أعمالها في مراكش. ولكنها ماطلت في الأمر، وما عتمت أن توقفت عن الإتصال معي سواء هاتفياً أو مراسلةً. في آخر رسالة وصلتني منها، أعلمتني بأنّ من دَعَتهم " أقارب للطفلة جديرين بالثقة " قد استلموها منها، وبدون أن تذكر أية تفاصيل. هدفُ " سوسن خانم " من الإحتفاظ بطفلتي لفترة من الزمن، كنتُ بحقيقة الأمر متواطئاً فيه. وكي لا أستبق الأحداث أكثر من ذلك، فإنني سأكفّ الآن عن الخوض في هذا الموضوع.
هأنذا أشرعُ بالكتابة عن ذكرياتي المراكشية، فيما أغوص ضمن شرنقة العزلة تحوطني شتى شياطين الأفكار السيئة. " تينا "، صديقتي السويدية الكبيرة القلب، هيَ من يزوّد سراجَ أيامي بزيت الأمل. إنهماكي في التخطيط لمشروع السيرة، ومن ثمّ البدء بكتابتها، كان من الطبيعي أن يجعلاني مشغولاً عن صديقتي. على أنّ " تينا "، برقتها ولطفها وعذوبتها وإيثارها، كانت تعمل جاهدة على تضييق مسافة العزلة فيما بيننا. إنني مدينٌ لهذه الفتاة الرائعة بالكثير، كونها أخرجتني من دائرة كآبة كادت أن تكون مهلكة ولم يكن قد نفعني فيها وصفات الطبيب النفسي.
ولكم أتمنى لو يُتاح لي طبع هذا الكتاب، عند الإنتهاء منه، لمجرّد أن أضع اسم صديقتي في صفحة الإهداء.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزء الأول من الرواية: أ / 2
- الجزء الأول من الرواية: أ / 1
- الفردوسُ الخلفيّ: تقديم 3
- الفردوسُ الخلفيّ: تقديم 2
- الفردوسُ الخلفيّ: تقديم 1
- غرناطة الثانية
- الرواية: ملحق
- خاتمة بقلم المحقق: 6
- خاتمة بقلم المحقق: 5
- خاتمة بقلم المحقق: 4
- خاتمة بقلم المحقق: 3
- خاتمة بقلم المحقق: 2
- خاتمة بقلم المحقق: 1
- سيرَة أُخرى 41
- الفصل السادس من الرواية: 7
- الفصل السادس من الرواية: 6
- الفصل السادس من الرواية: 5
- الفصل السادس من الرواية: 4
- الفصل السادس من الرواية: 3
- سبتة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الجزء الأول من الرواية: أ / 3