أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالجواد سيد - مصر والغاز والمستقبل















المزيد.....

مصر والغاز والمستقبل


عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)


الحوار المتمدن-العدد: 5315 - 2016 / 10 / 15 - 01:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مصر والغاز والمستقبل
زرعنا ثلاث شجرات زيتون فى سيناء ، وسوف نزرع الآلآف ، كلمة رومانسية مست شغاف القلوب ، نطق بها رئيس وزاء اليونان ، أليكسيس تسيبراس ، فى مؤتمر القمة الثلاثى ، الذى جمع مصر واليونان وقبرص فى القاهرة فى 11 أكتوبرهذا. لكن الواقع أنها أكثر من مجرد كلمة رومانسية قيلت فى مناسبة دبلوماسية، أنها كلمة تعبر عن حقيقة جديدة ، ترسم خيوطها على أرض الواقع ، فى عالم شرق المتوسط. كلمة خطيرة تفتح المجال لحديث خطير.
هذا التعاون الثلاثى ليس وليد اليوم ، لقد بدأ فى صمت وهدوء خلال سنة 2014، لكنه اليوم يعلن عن نفسه بقوة أكثر، وذلك فى خمس مقررات أساسية ، الرغبة فى ترسيم الحدود البحرية ، أوالمناطق الإقتصادية ، بدء المشاورات حول تصدير الغاز المصرى إلى أوربا عبر قبرص واليونان ، موقف موحد من القضية القبرصية ، موقف موحد من القضية الفلسطينية ، تعهد بموقف موحد من سائر القضايا الدولية الأخرى التى قد تطرأ. نحن إذن أمام أكثر من مجرد مشروع تعاون إقتصادى ، نحن أمام تحالف إقليمى شرق متوسطى يشق طريقه بهدوء وثقة ، ليحملنا إلى قلب أوربا فى المستقبل القريب ، ويحقق لنا بالإقتصاد ماعجزت عنه السياسة. مكان فى عالم الأغنياء.
الغاز المصرى ليس قطن محمد على ، ليس مجرد دولارات ، إنه سلعة إستراتيجية ، تمنحك الدولارات ومعها المكانة الدولية فى عالم يتصارع على مصادر الطاقة صراع الوحوش ، إنه المشاركة فى تحرير أوربا من الإعتماد على الغاز الروسى المعتدى البغيض ، إنها منفعة تجلب معها منافع أخرى، إستثمار يجلب معه مزيد من الإستثمارات ، ومعها تفاعل تدريجى على المستوى الحضارى بكل جوانبه ، بين جنوب وشمال أوربا ، ولعل ذلك على المدى البعيد يكون أهم النتائج والتداعيات ، العودة إلى الإنتماء لنطاق حضارى راق ، ليس بمجرد الأمانى والإستجداد ، ولكن بالمشاركة الفعلية ، وصدق من قال الإقتصاد محرك التاريخ ، نحن إذن أمام مولود قوى جميل ، وهبته لنا الطبيعة ، وماعلينا سوى أن نعتنى به ونرعاه ونحميه حتى يشب عن الطوق ويرد لنا الجميل ، وهنا يكمن العبأ الثقيل، ولكن ممن نحميه ؟
يتصارع على إنتزاع شرق المتوسط من أصحابه عدوان خبيثان ، أحدهما صغير وتافه ، والآخر فائق القوة جبار ، الأول أردوجان ،المتخبط بين الشرق والغرب والذى لم يعد له قوة حقيقية ، حيث تنحصر إمكاناته الفعلية فى المضايقات ، والمؤامرات ، والدسائس ، والثانى هو حلف شنغهاى ، أو حلف المغول ، أو الحلف الإيرانى الروسى الصينى ، سمه ماشئت ، لكنه بالفعل عدو ، خبيث ، جبار فائق القوة ، والنفاذ من يديه الملطخة بالدماء ، لن يكون مهمة سهلة أبداً ، ففضلاً عن قوته الجبارة ، فهو يملك أيضاً فى المنطقة أصدقاء ، غوغاء ، فاقدى العقل والضمير.
تأسست منظمة شنغهاى سنة 2001 من ست دول أعضاء هى الصين ، وروسيا ، وكازاخستان، وقيرغيزيا ، وأوزباكستان ، وطاجيكستان ، وكانت فى البداية ذا أهداف داخلية محدودة تتلخص فى التعاون فى مواجهة الإرهاب، ومحاربة الحركات الإنفصالية ، وتجارة المخدرات ، بالإضافة إلى التعاون الإقتصادى بين الدول الأعضاء، لكنها سرعان ماتحولت إلى طموحات أوسع وأخطر تهدف إلى مواجهة الغرب والسيطرة على العالم ، ومنها نشأ المشروعين الآسيوين الكبيرين ، إحياء طريق الحرير الصينى القديم إلى المتوسط ، والذى أعلن عنه سنة 2014 بإسم مبادرة الحزام والطريق ، والإتحاد الأوراسى الروسى ، الذى أعلن عنه فى نفس السنة ، والذى يهدف إلى إسترجاع حدود الإتحاد السوفيتى السابق فى مواجهة الإتحاد الأوربى، وقد تلاقت أهداف المشروعين مع أهداف إيران فى محاولة السيطرة على الشرق الأوسط، فشكلوا معاً ذلك الحلف الثلاثى، الذى يهاجم سوريا الآن، بحجة مكافحة الإرهاب الظاهرية، والتى تخفى تحتها أهدافهم الإستعمارية فى السيطرة على طرق التجارة إلى أسواق أوربا الغنية، ومصادر الطاقة فى شرق المتوسط.
لسنا فى حاجة لإثبات ذلك ، فالحقائق تستطيع التحدث عن نفسها ، فلا يمكن لكل هذه الجيوش والأساطيل والطائرات ، التى تضرب ليل نهار، أن تكون وراء مجرد الإرهاب ، ولايمكن أن يكون كل هذا التمسك ببقاء مخلوق واحد إسمه بشار من أجل كونه الوحيد القادر على صنع السلام ، فالواقع أنه الوحيد القادر بالقبول على كل هذا الخراب، ولايمكن أن يكون رفض التعاون مع قيادة التحالف الدولى فى سوريا والعراق ، إلا بهدف الإستيلاء المنفرد على الكنز السورى الكامن فى شواطئ وأعماق البحار، ولايمكن أن يكون كل هذا الإستعجال فى حسم المعارك عسكرياً على حساب أرواح المدنيين ، وبعكس الحال فى العراق ، إلا خشية من رئيس أمريكى قادم ، قد يغير سياسة إنسحاب أوباما ، إلى سياسة مواجهة غير محمودة العواقب ، ولايمكن أن تكون كل هذه الضغوط والمساومات على مصر من أجل إعادة السياحة الروسية ، بهدف تأمين المطارات ، بل بهدف القبول بإقامة قاعدة عسكرية روسية على شواطئها فى جنوب المتوسط ، حتى يكتمل حصار بحر الغاز ، بحر الغاز الذى يهدد موقع روسيا كمنتج أول فى العالم ، والمحتكر لثلث إستهلاك السوق الأوربى ، وإيران المنتج الثانى ، الطامح للمجد والعظمة الإمبراطورية ، والطامح أيضاً إلى الوصول إلى نفس السوق ، كما لايمكن أن يكون التأييد الصينى الأعمى للعدوان الروسى الإيرانى بمجرد حكم الصداقة والإخوة الآسيوية ، أو حتى بالهدف المشترك فى الإستيلاء على طرق التجارة وإحياء طريق الحرير، بل مقابل التأييد الروسى الأعمى أيضاً ، لبلطجة مماثلة ، تقوم بها الصين ، المستهلك الأول للغاز ، من أجل الإستيلاء على بحر الصين الجنوبى ، الغنى بالغاز ، على حساب مصالح جيرانها الآسيويين ، وضد قوانين التحكيم الدولية. إن المشهد الواسع لهذه البلطجة السياسية يؤكد أن منظمة شنغهاى للتعاون ، قد تحولت إلى عصابة شنغهاى للنهب والإستعمار.
وبإفتراض صحة ذلك التوصيف الكئيب، فإننا وفى مقابل ذلك العدوان الغاشم ، يجب أن نستعد لحماية ثروتنا ، ومستقبل أبنائنا ، يجب أن نقيم خطوط دفاعنا وننشئ تحالفاننا ، مع السعودى والإسرائيلى والكوردى والأوربى والأمريكى ، وحتى مع الشيطان. إن دعوة البعض لتسليم مصر للروس والإيرانيين نكاية فى السعودية جريمة كبرى ، السعودية ليست مركز العالم ، حتى نحدد سياساتنا بناء على طبيعة العلاقة معها ، السعودية ليست سوى ترس صغير فى آلة كبيرة تقودها الدول الكبرى، ترس صغير بمجرد أن تتحرر مصر من ضعفها الإقتصادى تتحرر من ضغطه الثقيل ، وتعود كما كانت سيدة فى العالم العربى والشرق الأوسط ، كما أن الشرق الذى عاش فى ضمائرنا موطناً للإشتراكية وتجارب العدالة الكبرى فى التاريخ، لم يعد هو نفس الشرق ، بل تحول إلى إمبراطوريات رجعية تستند إلى نزعات القومية والدين، وذلك فى مفارقة كبرى مع أوربا الإستعمارية، التى أصبحت أرض سلام وموطناً للإشتراكية الديموقراطية. مصر فى هذه اللحظة التاريخية تحتاج إلى الرشاد السياسى ، وإجتثاث الضلال الذى غرسه فينا تراث ناصر وحسن البنا، فالإقتصاد الكبير، يحتاج إلى سياسة كبيرة ، وليس إلى سياسات العزلة والفرقة والشتات ، أننا أمام فرصة تاريخية كبرى وهبها لنا بحرنا المتوسط ، فرصة تاريخية لابد من إنتهازها، فقد لاتتكرر مرة أخرى!!!



#عبدالجواد_سيد (هاشتاغ)       Abdelgawad_Sayed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب أكتوبر-مقطتفات من السيرة الذاتية
- رحيل بابا جمال-مقتطفات من السيرة الذاتية
- العدوان الإيرانى الروسى ، وميراث الكراهية الأمريكى السعودى
- شعائر الحج ، وعبث التاريخ
- آسيا رمضان عنتر ، أنجلينا جولى الأكراد
- مصر الحديثة ، بين الخطر المسلم ، والخطر المسيحى
- إزدراء الأديان ، أم إزدراء الجهل والإستبداد؟
- نابوليون ، وليس محمد على
- تركيا كمان وكمان
- شواطئ الستينات-مقتطفات من السيرة الذاتية
- دفاعاً عن الجيش التركى
- الثورة الشيعية-ستانلى لين بول -ترجمة عبدالجواد سيد
- تاريخ البابوية القبطية المبكر-ستيفن ديفيز-ترجمة عبدالجواد سي ...
- تركيا وروسيا وإسرائيل ، ثورة دبلوماسية، أم مؤامرة جديدة؟
- وداعاً 30يونيو
- الإتحاد الأوربى والمشروع الإسلامى
- حضارة بابل وخرافات الخمينى
- عصر الأنوار والحروب الدينية
- مصر والبحر المتوسط
- فى ذكرى جيفارا المصرى، شهدى عطية الشافعى


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالجواد سيد - مصر والغاز والمستقبل