أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالجواد سيد - شواطئ الستينات-مقتطفات من السيرة الذاتية














المزيد.....

شواطئ الستينات-مقتطفات من السيرة الذاتية


عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)


الحوار المتمدن-العدد: 5243 - 2016 / 8 / 3 - 19:52
المحور: الادب والفن
    


شواطئ الستينات - مقتطفات من السيرة الذاتية
كان هناك هواية أثيرة أخرى من هوايات الصبا ، قد توارت إلى الأبد خلال تلك المرحلة من عمرى، كانت تلك هى هواية صيد السمك. لاأعرف كيف بدأت ولا متى بالتحديد قد نشأت هذه الهواية ، لكنها كانت هواية شائعة فى ذلك الزمن، بين الصغار والكبار، وكان زحف هواة الصيد القادمين من حى باكوس إلى شاطئ جليم عند الفجر ظاهرة يومية، ولم يكن ذلك قاصراً على باكوس وجليم ، فقد كان فجر الإسكندرية فى الستينات صفوفاً من الصيادين على كل الشواطئ. كان سمير، الأخ الأكبر لصديقى رفعت رسمى، صياداًً ماهراً ، وذلك بحكم نشأته الأولى بحى جليم ، ولذا فقد كنا نتبعه هو وأصدقائه فى البداية ، حتى تعلمنا بعد ذلك أن نذهب بمفردنا ، أنا ورفعت وكمال. كانت الشواطئ فسيحة تمتلئ بكثير من الأسماك ، قبل أن تهدمها يد العمران ، أسماك مختلفة الأحجام والأنواع ، وكان للجميع نصيب منها ، الصغار والكبار، الهواة والمحترفون. كان هناك محل صغير فى شارع عمر طوسون، الواقع بين حى باكوس وحى جليم ، والذى كان يعرف أيضاً ، بشارع الإذاعة ، كان يبيع كل مستلزمات الصيد من الأدوات ، حتى طعم الصيد، فكنا نصحو عند الفجر ونتوجه إلى شارع عمر طوسون ونشترى من حسين صاحب المحل ما نحتاجه من شعر أو سنانير أو فلل وكمية الطعم التى نحتاجها من الجمبرى الصغير، ثم نتوجه إلى شاطئ جليم يحدونا الأمل بصيد وفير.كان الفجر جميلاً ساحراً وكان هواء البحر، وعندما يهب علينا ونحن نقترب من حى جليم، يخبرنا بإذا ماكان البحر هادئاً أم ثائراً. كانت أيام هدوء البحر أكثر متعة، حيث كانت فرص الصيد تبدو أكبر، وكذلك الإستمتاع بالسباحة، كما كانت تكشف قاعه الجميل ، الذى يبعث فى النفس شعوراً بالراحة والسعادة ، وذلك بعكس أيام ثورانه ، إذ كانت فرص الصيد فيها أقل، وكذلك فرص نزول البحر للسباحة ، ومع ذلك أذكرأن شباب حى جليم الأصليين ، ومنهم سمير أخو رفعت ، كانوا يرون عكس ذلك ، فقد كانوا ينتهزون فرص تلك الأيام التى يكون فيها البحر ثائراً، ليتحدوا راية التحذير السوداء ، التى تنهى عن نزول البحر ، وينزلون بالفعل، ويتوجهون إلى الجزيرة الكبيرة ، ومنها يسبحون ذهاباً وإياباً إلى شاطئ سان إستفانو القريب ، فى خضم هدير الأمواج المرتفعة. كانوا سباحين مهرة ، وقد نشأوا على حب البحر والمخاطرة بالسباحة فيه فى الأيام الصعبة ، وكنا نراقبهم بإهتمام وإعجاب أثناء سباحتهم الخطرة ، التى كانت تشعل الشاطئ إثارة ، لكننا لم نجرؤ على أن نفعل مثلهم أبداً.
كانت أسعد اللحظات تلك هى التى تلتقط فيها الصنارة سمكة، كان هناك صيادون مهرة يلتقطون رمية مع كل سمكة ، ولكن حتى صغار الصيادين أمثالنا ، كان لهم أيضا نصيب من لحظات الفرح الغامرة ، التى يبعثها إلتقاط سمكة. كان هناك أسماك مشهورة ، مثل الميرمار والدنيس والشرغوش والكحلة والموزة والبطاطا، وكان للموزة والبطاطا مواسم تهاجم فيها الشواطئ بأعداد غفيرة، وكانت سمكة البطاطا تتميز بلونها البنى المائل إلى السواد وبقدرتها على شد السنارة لدرجة تجعلك تتصور أنك قد إلتقطت سمكة ضخمة ، ثم تكتشف فى النهاية أنها مجرد سمكة صغيرة. أما سمك الموزة فكان يهاجم الشواطئ بأعداد غفيرة فى فصل الصيف وكان سمكا أصفر اللون، رفيع مستطيل ، يعلق بالصنانير بسهولة وكثيراً ماكان يعلق بأكثر من صنارة فى الرمية الواحدة. كان سمكاً ساذجاً وكان حظ الجميع معه حسناً . كان الدنيس هو أحب الأسماك إلى قلبى ، لاأعرف لماذا ، كان يقترب من الشواطئ عند الفجر ثم يهرب إلى الأعماق عندما تبدأ الشمس فى الشروق مثله مثل معظم الأسماك. وأذكر إننى ذات مرة قد حصلت على كمية كبيرة منه من شاطئ البحر الصغير، تجاوزت الثمانى سمكات، وكانت تلك أكبر كمية سمك نجحت فى إصطيادها فى حياتى ، وذات مرة وبشكل مشابه ، حصل صديقى كمال على كمية كبيرة من سمك البطاطا، لكن تلك المصادفات السعيدة ، ظلت مجرد مصادفات ، فلم ينجح ثلاثتنا أبداً ، أنا ورفعت وكمال ، فى أن نكون صيادين مهرة ، ظللنا هكذا منذ البداية وحتى النهاية ، مجرد هواة. كان هناك نوع آخر من الأسماك إسمه الصرب ، كان أشهر الأسماك ، حيث كان ضخم الحجم بالنسبة لباقى الأسماك ، ذا لون أبيض يميل إلى الصفار، وكان يحتاج إلى مهارة خاصة لإصطياده ، فلم يكن يقترب من الشواطئ فى العادة ، كباقى الأسماك ، فكان يجب إصطياده من الجزيرة الصغيرة أو الكبيرة وكان له ُطعم خاص، يتكون من أعشاب البحر ذاته ، وله صنارة خاصة ، فكان إصطياده من نصيب الكبار فقط. ظللت أحلم طوال فترة عشقى للصيد بصيد سمكة صرب واحدة ، لكن ذلك الحلم لم يتحقق أبدا. كانت أتعس اللحظات عندما تعلق سمكة بالصنارة ثم وعندما تبدأ فى محاولة إخراجها تفلت منك وتهرب فى البحر. كانت لحظات ندم تخيم على باقى اليوم، تجعلك تظل تفكر كيف ياترى كان حجم ونوع تلك السمكة ؟
وأحيانا كنا، وعندما لايحالفنا الحظ فى شاطئ جليم، نتوجه إلى الشواطئ القريبة ، سواء إلى شاطئ الخربان المجاور، أو إلى شاطئ سان إستفانو، وهناك كنا نجرب حظنا مرة أخرى، ولكن البحر كان واحداً فى معظم الأحيان، فإذا كان كريماً فى أحد شواطئه فإنه فى العادة يكون كريماً فى باقى الشواطئ، وإذا بخل على شاطئ فإنه فى العادة كان يبخل على باقى الشواطئ. وهكذا كان إنتقالنا من شاطئ إلى شاطئ يدل على أن يوم الصيد قد فشل. وكنا إذا فشلنا فى الصيد ، نلقى بعصا الصيد على الرمال ، ونقضى باقى اليوم فى اللعب والسباحة ، أما فى حالة نجاحنا فى الحصول على صيد وفير، كما كنا نراه ، فكنا نعود به إلى منازلنا مبكرين، فرحين بصيدنا الوفير، وأحيانا كنا نحمل كمية أسماكنا كلها إلى أم بسيونى لتعده لنا ، ونجلس جميعا لتناوله مستمتعين بطعمه الطازج اللذيد، وبشعورنا الفخور أمام أم بسيونى بأننا قد أصبحنا صيادين ، مثل شباب الحى الكبار. وهكذا ففى هذه السنوات من عمرى، وصل عشقى لصيد السمك ذراه، ثم خفت وإختفى مع بداية المرحلة الثانوية ، لكن ذكراه ظلت حية فى نفسى حتى اليوم ، أسترجعها كلما رغبت فى لحظة راحة من هموم الحياة!!!



#عبدالجواد_سيد (هاشتاغ)       Abdelgawad_Sayed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفاعاً عن الجيش التركى
- الثورة الشيعية-ستانلى لين بول -ترجمة عبدالجواد سيد
- تاريخ البابوية القبطية المبكر-ستيفن ديفيز-ترجمة عبدالجواد سي ...
- تركيا وروسيا وإسرائيل ، ثورة دبلوماسية، أم مؤامرة جديدة؟
- وداعاً 30يونيو
- الإتحاد الأوربى والمشروع الإسلامى
- حضارة بابل وخرافات الخمينى
- عصر الأنوار والحروب الدينية
- مصر والبحر المتوسط
- فى ذكرى جيفارا المصرى، شهدى عطية الشافعى
- أقليات الشرق وخداع الحداثة
- الشرق الأوسط وصراع الحضارات
- مابعد الدين والقومية
- تاريخ الشرق الأوسط-تأليف بيتر مانسفيلد-ترجمة عبدالجواد سيد
- ملحمة جلجاميش وجذور الفكر الدينى
- مختصر تاريخ مصر فى العصور القديمة
- الحلف السعودى الإسرائيلى المصرى والشرق الأوسط الجديد
- ثورة المعرفة والصراع الطبقى
- المسيحية من الإستبداد ، إلى الإصلاح ، الى الثورة العلمانية
- أساطير العهد القديم وأصل الإسلام


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالجواد سيد - شواطئ الستينات-مقتطفات من السيرة الذاتية